باب الجعالة .
بتثليث الجيم ذكره ابن مالك : مشتقة من الجعل بمعنى التسمية لأن الجاعل يسمي الجعل للعامل أو من الجعل بمعنى الإيجاب يقال : جعلت له كذا أي أوجبت ويسمى ما يعطاه الإنسان على أمر يفعله : جعلا وجعالة وجعيلة قاله ابن فارس ويدل لمشروعيتها قوله تعالى : { ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم } وحديث اللديغ ولدعاء الحاجة إليها وهي شرعا جعل أي تسمية مال معلوم فلا يصح : من رد عبدي فله نصفه ونحوه لا إن كان من مال محارب أي حربي فيصح مجهولا كما تقدم في الجهاد لمن يعمل متعلق بجعل له أي الجاعل عملا مباحا بخلاف نحو زمر وزنا ولو كان العمل مجهولا كمن خاط لي هذا الثوب ونحوه فله كذا أو لمن يعمل له مدة ولو مجهولة كمن حرس زرعي أو أذن في هذا المسجد فله في كل شهر كذا و كمن رد لقطتي أو بنى لي هذا الحائط أو من أقرضني زيد بجاهه ألفا أو أذن بهدا المسجد شهرا فله كذا أو من فعله من مديني أي ممن لي عليه دين فهو بريء من كذا لأن الجعالة جائزة لكل منهما فسخها فلا يؤدي إلى أن يلزمه مجهول والجعالة نوع إجارة لوقوع العوض في نظير النقع وتتميز بكون العامل لم يلتزم العمل وكون العقد قد يقع مبهما لا مع معين وبجواز الجمع فيها بين تقدير المدة والعمل بخلاف الإجارة وصح ما ذكر مع كونه تعليقا لأنه في معنى المعاوضة لا تعليق محض ولذلك اشترط في الجعل أن يكون معلوما إن لم يكن من مال حربي لأنه يستقر بتمام العمل كالإجررة وإنما صحت في قوله : من أقرضني زيد بجهاهه ألفا لأن الجعل في مقابلة ما بذله من جاهه من غير تعلق له بالقرض واشتراط كون العمل للجاعل احتراز عمن ركب دابته ونحوه فله كذا فلا يصح لئلا يجتمع له الأمران فمن بلغه الجعل قبل فعله أي العمل المجعول له عليه ذلك العوض استحقه أي الجعل به أي العمل بعده لاستقراره بتمام العمل كالربح في المضاربة فان تلف فله مثل مثلي وقيمة غيره ولا يحبس العامل العين حتى يأخذه و من بلغه الجعل في أثنائه أي العمل ف له من الجعل حصة تمامه أي بقسط ما عمله بعد بلوغه إن أتمه بنية الجعل لأن عمله قبل بلوغه غيرمأذون فيه فلا يستحق عنه عوضا لتبرعه به و من بلغه بعده أي بعد تمام العمل لم يستحقه أي الجعل ولا شيئا منه لما سبق وحرم عليه أخذه الا إن تبرع له به ربه بعد إعلامه بالحال وإن اشترك جماعة في العمل اشتركوا في الجعل بخلاف من دخل هذا النقب فله دينار فكل من دخله استحق دينارا لدخوله كاملا بخلاف نحو رد لقطة فلم يفعله واحد منهم كاملا كما لو قال من نقب السور فله دينار فنقبه ثلاثة اشتركوا في الدينار وإن نقب كل واحد نقبا استحق كل واحد دينارا وإن جعل لزيد على رد آبقه دينارا ولعمرو على رده دينارين ولبكرثلاثة فردوه فلكل ثلث ما جعل له وإن جعل لزيد على رده معلوما ولآخرين مجهولا وردوه فلزيد ثلث ما جعل له وللآخرين اجرة عملهما وإن جعل لزيد على رده معلوما فرده هو وآخران معه فان قصدا إعانة زيد استحق زيد الجعل كله فان عمل غيره بقصد الجعل فلا شيء له ولزيد ثلث جعله وإن قال : من داوى لي هذا حتى يبرأ من جرحه أو رمده فله كذا لم يصح مطلقا و إن قال رب آبق من رد عبدي فله كذا وهو أي المسمى أقل من دينار أو أقل من إثني عشر درهما فضة اللذين قدرهما الشارع في رد الآبق فقيل : يصح ذلك وله أي الراد برده أي الآبق الجعل فقط قدمه في الفروع وهو ظاهر كلام غيره لأنه رده على ذلك فلا يستحق غيره وقيل : لا تصح التسمية وللراد ما قدره الشارع قطع به الحارثي وفي المباع و الإقناع : لاستقراره عليه كاملا بوجود سببه وما ذكره من أن الشارع قدر في رد الآبق دينارا أو إثني عشر درهما قال في الإنصاف : أنه المذهب سواء كان يساويهما أو لا لئلا يلتحق بدار الحرب أو يشتغل بالفساد وروي عن عمر وعن عمرو بن دينار و ابن أبي مليكه مرسلا [ أن النبي A جعل في رد الآبق إذا جاء به خارجا من الحرم دينارا ] ونقل ابن منصور : سئل أحمد عن جعل الآبق فقال : لا أدري قد تكلم الناس فيه لم يكن عندي فيه حديث صحيح ويستحق من سمى له جعل على رد آبق و رده من دون مسافة معينة القسط من المسمى فان كان المردود منه نصف المسافة استحق نصف المسمى وإن كان أقل أو أكثر فبحسابه و إن رده من أبعد من المسمى فله المسمى فقط لتبرعه بالزائد لعدم الإذن فيه و يستحق من رد أحد آبقين جوعل على ردهما نصفه أي الجعل عن ردهما لأنه رد نصفهما وتقدم أن الجعالة عقد جائز من الطرفين وبعد شروع عامل في عمل إن نسخ جاعل فعليه لعامل أجرة مثل عمله لأنه عمل بعوض لم يسلم له ولا شيء له لما يعمله بعد الفسخ لأنه غير مأذون فيه وإن فسخ عامل قبل تمام عمله فلا شيء له لإسقاطه حق نفسه حيث لم يوف ما شرط عليه وإن زاد جاعل في جعل أو نقص منه قبل شروع في عمل جاز وعمل به لأنه عقد جائز كالمضاربة ويصح الجمع بين تقدير مدة وعمل في جعالة كمن بنى لي هذا الحائط في يوم فله كذا لجوازها مع جهالة المدة والعمل للحاجة وإن نادى غير رب الضالة : من رد ضالة فلان فله كذا فردت فالعوض على المنادي لأنه ضمنه بخلاف قوله قال ربها : من ردها فله كذا وإن اختلفا أي الجاعل والعامل في أصل جعل ف القول قول من ينفيه منهما لأن الأصل عدمه و إن اختلفا في قدره أي الجعل أو في قدر مسافته بأن قال : جاعل جعلته لمن رده من بريدين وقال عامل : بل من بريد فقول جاعل لأنه منكر والأصل براءته مما لم يعترف به وكذا لو اختلفا في عين المجاعل عليه وإن عمل شخص ولو المعد لأخد أجرة على عمله لغيره عملا بلا إذن أو بلا جعل ممن عمل له فلا شيء له لتبرعه بعمله حيث بذله بلا عوض ولئلا يلزم الإنسان ما لم يلتزمه ولم تطب به نفسه إلا في تخليص متاع غيره ولو كان المتاع قنا من بحر أو فم سبع أو فلاة يظن هلاكه في تركه ف له أجرة مثله لأنه يخشى هلاكه وتلفه على مالكه بخلاف اللقطة وفيه حث وترغيب في انقاذ الأموال من الهلكة و إلا في رد آبق من قن ومدبر وأم ولد إن لم يكن الراد الإمام ف فلراده ما قدره الشارع سواء رده من المصر أو خارجه قربت المسافة أو بعدت ولوكان الراد زوجا للرقيق أو ذا رحم في عيال المالك وتقدم للحث على حفظه على سيده وصيانته عما يخاف منه من لحاقه بدار حرب والسعي في الأرض بالفساد بخلاف غيره من الحيوانات والمتاع ما لم يمت سيد مدبر خرج من الثلث أو أم ولد قبل وصول فيعتقا ولا شيء له لأن العمل لم يتم إذ العتيق لا يسمى آبقا أو يهرب الآبق من آخذه قبل وصوله لأنه لم يرد شيئا وكذا لو جعل له على رد الآبق جعل فهرب منه ونحوه أومات بيده فلا شىء له كسائرمن لم يسلم عمله ويأخذ واجده ما أنفق عليه أو على دابة يجوز إلتقاطها في قوت ولو هرب أو لم يستحق جعلا لرده من غير بلد سماه أو لم يستأذن مالكا مع قدرته على استئذانه لأنه مأذون فيه شرعا ولا يجوز استخدامه بنفقته كالمرهون ويؤخذان أي الجعل والنفقة من تركة سيد ميت كسائر الحقوق عليه ما لم ينو الراد التبرع بالفعل والنفقة فلا يرجع بشيء وله ذبح مأكول خيف موته ولا يضمن ما نقصه لأن العمل في مال الغير متى كان انقاذا له من التلف المشرف عليه كان جائزا بغير إذن مالكه ولا ضمان على المتصرف ان حصل به النقص ومن وجد فرسا لغيره مع البدو فأخذه منهم فله بيعه بل يجب عليه اذا مرض فلم يقدر على المشي ويحفظ ثمنه لربه ذكره في الإقناع عن الفتاوي المصرية ومن وجد آبقا أخذه لأنه لا يؤمن لحاقه بدار الحرب وارتداده واشتغاله بالفساد بخلاف الضوال التي تحفظ نفسها وهو أمانة عند آخذه إن تلف بغير تفريط لا ضمان فيه وليس لواجده بيعه ولا يملكه بتعريفه لأنه يتحفظ بنفسه كضوال الابل ومن ادعاه أي الآبق أي أنه ملكه بلا بينة فصدقه الآبق المكلف أخذه من واجده لأنه يستحقه بوصفه فبتصديقه أولى ولنائب إمام عنده آبق بيعه لمصلحة لإنتصابه لذلك فلو قال سيده كنت أعتقته قبل بيعه عمل به أي بقوله هذا ويلغو البيع لأنه لا يجر به الى نفسه نفعا ولا يدفع عنها ضررا ولم يصدر منه ما ينافيه