الخامس : الاستطاعة .
قوله الخامس : الاستطاعة وهو أن يملك زاد وراحلة .
هذا المذهب من حيث الجملة وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم .
ونص عليه واعتبر ابن الجوزي ـ في كشف المشكل ـ الزاد والراحلة في حق من يحتاجهما فأما من أمكنه المشي والتكسب بالصنعة : فعليه الحج واختاره الشيخ عبد الحليم ـ ولد المجد ووالد الشيخ تقي الدين ـ في القدرة بالتكسب وقال : هذا ظاهر على أصلنا فإن عندنا يجبر المفلس على الكسب ولا يجبر على المسألة .
قال : ولو قيل بوجوب الحج عليه إذا كان قادرا على الكسب وإن بعدت المسافة : كان متوجها على أصلنا وقال القاضي : ما قاله في كشف المشكل وزاد .
فقال : من قدر أن يمشي من مكة مسافة القصر : لزمه الحج والعمرة لأنه مستطيع فيدخل في الآية ذكره في الرعاية .
فعلى المذهب : يستحب الحج لمن أمكنه المشي والتكسب بالصنعة ويكره لمن له حرفة المسألة قال أحمد : لا أحب له ذلك .
واختلف الأصحاب في قول أحمد لا أحب كذا هل هو للتحريم أو الكراهة ؟ على وجهين على ما يأتي في آخر الكتاب .
وعلى المذهب في أصل المسألة : يشترط الزاد سواء قربت المسافة أو بعدت .
قال في الفروع : والمراد إن احتاج إليه ولهذا قال ابن عقيل في الفنون : الحج .
بدني محض ولا يجوز دعوى أن المال شرط في وجوبه لأن الشرط لا يحصل المشروط بدونه وهو الصحيح للمشروط ومعلوم أن المكي يلزمه ولا مال له انتهى .
ويشترط ملك الزاد فإن لم يكن في المنازل لزمه حمله وإن وجده في المنازل لم يلزمه حمله إن كان بثمن مثله وإن وجده بزيادة : ففيه طريقان .
أحدهما : حكمه حكم شراء الماء للوضوء إذا عدم على ما تقدم في باب التيمم .
وهذا هو الصحيح من المذهب قدمه في المغني و الشرح و شرح المجد و الفروع .
والثاني : يلزمه هنا بذل الزيادة التي لا تجحف بماله ـ وإن منعناه في شراء الماء .
للوضوء ـ وهي طريقة أبي الخطاب وتبعه صاحب المستوعب و المصنف في الكافي و الرعايتين و الحاويين وغيرهم .
وفرقوا بين التيمم وبين هذا بأن الماء يتكرر عدمه والحج التزم فيه المشاق .
فكذا الزيادة في ثمنه إن كانت لا تجحف بماله لئلا يفوت نقله المجد في شرحه .
ويشترط أيضا : القدرة على وعاء الزاد لأنه لا بد منه .
وأما الراحلة : فيشترط القدرة عليها مع البعد وقدره مسافة القصر فقط إلا مع العجز كالشيخ الكبير ونحوه لأنه لا يمكنه وقال في الكافي : وإن عجز عن المشي وأمكنه الحبو لم يلزمه قال في الفروع : وهو مراد غيره