لو جرح بعض أعضائه .
قوله فإن كان بعض بدنه جريحا تيمم له وغسل الباقي .
الصحيح من المذهب أنه يكفيه التيمم للجرح إن لم يمكن مسح الجرح بالماء وعليه جمهور الأصحاب وقدمه في الفروع المستوعب و ابن تميم و الفائق و ابن عبيدان وقيل : يمسح الجرح بالتراب أيضا قاله القاضي في مقنعه قال ابن تميم وابن عبيدان وقيل : يمسح الجرح وفيه نظر وقال ابن حامد : ولو سافر لمعصية فأصابه جرح وخاف التلف بغسله : لم يبح له التيمم وأما إذا أمكنه مسحه بالماء فظاهر كلام المصنف : أنه يكفيه التيمم وحده وهو ظاهر كلام جماعة كثيرة وهو إحدى الرواية واختاره القاضي وقدمه في المذهب و المستوعب و الرعايتين و الشرح وقال : هو اختيار الخرقي وعنه يجزيه المسح فقط وهو الصحيح من المذهب نص عليه قال الشيخ تقي الدين : لو كان به جرح وخاف من غسله فمسحه بالماء : أولى من مسح الجبيرة وهو خير من التيمم ونقله الميموني واختاره هو و ابن عقيل وقدمه في التلخيص و الفائق وقيل : يتيمم .
قدمه ابن تميم وأطلقهما في الحاوي الكبير و ابن عبيدان و الزركشي وعنه يتيمم أيضا مع المسح قدمه ابن تميم وأطلقه في الحاوي الكبير و ابن عبيدان و الزركشي و الفروع وأطلق الأولى والأخيرة في التلخيص .
ومحل الخلاف عنده : إذا كان الجرح طاهرا أما أن كان نجسا : فلا يمسح عليه قولا واحدا وقال في الفروع : وظاهر نقل ابن هانئ : مسح البشرة لعذر كجريح واختاره شيخنا وهو اولى .
فوائد .
منها : لو كان على الجرح عصابة أو لصوق أو جبيرة كجبيرة الكسر : أجزأ المسح عليها على الصحيح من المذهب وعنه ويتيمم معه وتقدم ذلك في حكم الجبيرة في آخر باب المسح على الخفين مستوفى فليعاود .
ومنها : لو كان الجرح في بعض أعضاء الوضوء : لزمه مراعاة الترتيب والموالاة على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال في مجمع البحرين و الحاوي الكبير وابن عبيدان : يلزمه مراعاة الترتيب والموالاة عند أصحابنا .
قال الزركشي : أما الجريح المتوضئ فعند عامة الأصحاب : ويلزمه أن لا ينتقل إلى ما بعده ن حتى يتيمم للجرح نظرا للترتيب وأن يغسل الصحيح مع التيمم لكل صلة إن اعتبرت الموالاة وقال في التلخيص : هذا المشهور قال في الرعاية الكبرى : ويرتبه غير الجنب ونحوه ويواليه على المذهب فيهما إن جرح في أعضاء الوضوء وقدمه ابن رزين واختاره القاضي وغيره وجزم به في المستوعب وغيره .
وقيل : لا يجب ترتيب ولا موالاة اختاره المجد في شرحه وصاحب الحاوي الكبير قال ابن رزين في شرحه : وهو الأصح قال المصنف : ويحتمل أن لا يجب هذا الترتيب وعلله ومال إليه قال الشيخ تقي الدين : ينبغي أن لا يترتب وقال ايضا : لا يلزمه مراعاة الترتيب وهو الصحيح من مذهب أحمد وغيره وقال : الفصل بين أنها في أعضاء الوضوء تيمم ووجه وأطلقهما في الفروع و الفائق و ابن تميم .
فعلى المذهب : يجعل محل التيمم في مكان العضو الذي يتيمم بدلا عنه فلو كان الجرح في وجهه لزمه التيمم ثم يغسل صحيح وجه ثم يكمل الوضوء .
وإن كان الجرح في عضو آخر : لزمه غسل ما قبله ثم كان الحكم فيه على ما ذكرنا في الوجه وإن كان في وجهه ويديه ورجليه : احتاج في كل عضو إلى تيمم في محل غسله ليحصل الترتيب .
وعلى المذهب أيضا : يلزمه أن يغسل الصحيح مع التيمم لكل صلاة ويبطل تيممه مع وضوئه إذا خرج الوقت إن اعتبرت الموالاة صرح به الأصحاب .
واما إن كان الجنب جريحا فهو مخير إن شاء تيمم للجرح قبل غسل الصحيح وإن شاء غسل الصحيح وتيمم بعده .
قوله وإن وجد ماء يكفي بعض بدنه : لزمه استعماله ويتيمم للباقي إن كان جنبا .
وهو الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم قال القاضي في روايته : لا خلاف فيه في المذهب قال في التلخيص : يلزمه في الجنابة رواية واحدة وعنه لا يلزمه استعماله ويجزئه التيمم حكاها ابن الزاغوني فمن بعده .
تنبيه : في قوله لزمه استعماله للباقي إشعار أن تيممه يكون بعد استعمال الماء وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقال ابن الجوزي في المذهب : فإن تيمم قبل استعمال الماء في الجنابة جاز وقال هو وغيره : يستعمله في أعضاء الوضوء وينوى به رفع الحدثين .
قوله وإن كان محدثا فهل يلزمه استعماله على وجهين .
وأطلقهما في الهداية و المذهب و الكافي و التلخيص و البلغة و النظم و الحاويين و الخلاصة و القواعد الفقهية و ابن عبيدان و ابن منجا في شرحه وغيرهم وحكى الجمهور الخلاف وجهين كالمصنف وفي النوادر والرعاية : روايتين .
إحداهما : يلزمه استعماله وهو المذهب وعليه الجمهور وجزم به في الوجيز و العمدة و الإفادات و المنور و المنتخب وغيرهم واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح و المغني و الشرح و الفروع و شرح المجد و المستوعب و ابن تميم و ابن رزين و مجمع البحرين و الفائق و تجريد العناية وغيرهم وقدمه في المحرر و الرعاية الكبرى و شرح ابن رزين وغيرهم قال الزركشي : هذا أشهر الوجهين واختاره القاضي وغيره .
والوجه الثاني : لا يلزمه استعماله اختاره أبو بكر و ابن أبي موسى وقدمه في الرعاية الصغرى .
تنبيه : قال بعضهم : أصل الوجهين : اختلاف الروايتين في الموالاة نقله ابن تميم وغيره وقال المجد : يلزمه استعماله وإن قلنا : تجب الموالاة فهو كالجنب .
وصححه ابن تميمم و صاحب مجمع البحرين وردوا بأصول كثيرة .
وقيل : هذا ينبنى على جواز تفريق النية على أعضاء الوضوء واختاره في الرعاية الكبرى فهذه ثلاث طرق .
وقال في القاعدة الثالثة والأربعين بعد المائة : على القول بان من مسح على الخف ثم خلعه : يجزيه غسل قدميه لو وجد الماء في هذه المسألة بعد تيممه : لم يلزمه إلا غسل باقي الأعضاء .
فوائد .
إحداها : فيعايي بها وسواء كان في الحدث الأكبر أو الأصغر وحكى ابن الزاغوني في الواضح في إراقته قبل تيممه روايتين .
الثانية : لو كان على بدنه نجاسة وهو محدث والماء يكفي أحدهما : غسل النجاسة وتيمم للحدث نص عليه قاله الأصحاب قال المجد : إلا أن تكون النجاسة في محل يصح تطهيره من الحدث فيستعمله فيه عنهما ولا يصح تيممه إلا بعد غسل النجاسة بالماء تحقيقا لشروطه ولو كانت النجاسة في ثوبه فكذلك في أصح الروايتين ويأتي ذلك في آخر الباب .
الثالثة : قال في الرعايتين : لو وجد ترابا لا يكفيه للتيمم فقلت : يستعمله من لزمه استعمال الماء القليل ثم يصلى ثم يعيد الصلاة إن وجد ما يكفيه من ماء أو تراب وإن تيمم في وجه ثم وجد ماءا طهورا يكفي بعض بدنه : بطل تيممه .
قلت : إن وجب استعماله بطل وإلا فلا انتهى .
قوله ومن عدم الماء لزمه طلبه في رحله وما قرب منه .
هذا المذهب بشروطه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه لا يلزمه الطلب اختاره أبو بكر عبد العزيز و أبو الحسن التميمي قاله ابن رجب في شرح البخارى .
تنبيه : محل الخلاف في لزوم الطلب : إذا احتمل وجود الماء وعدمه أما إن تحقق عدم الماء : فلا يلزم الطلب رواية واحدة قاله غير واحد منهم : ابن تميم وإن ظن وجوده : إما في رحله أو رأى خضرة ونحوها : وجب الطلب رواية واحدة قاله ابن تميم قال الزركشي : إجماعا وإن ظن عدم وجوده ن فالصحيح من المذهب : يلزمه الطل نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وعنه لا يلزمه الطلب والحالة هذه ذكرها في التبصرة .
فعلى المذهب وهو لزوم الطلب حيث قلنا به لو رأى ما يشك معه في الماء بطل تيممه على الصحيح من المذهب وقيل لا يبطل كما لو كان في صلاة قال في الفروع : جزم به الأصحاب خلافا لظاهر كلام بعضهم .
فائدتان .
إحداهما : يلزمه طلبه من رفيقه على الصحيح من المذهب وقيل : لا يلزمه .
اختاره ابن حامد وقيل : يلزمه إن دل عليه اختاره المصنف .
الثانية وقت الطلب : بعد دخول الوقت فلا أثر لطلبه قبل ذلك ويلزمه الطلب لوقت كل صلاة بشرطه .
فائدة : قوله لزمه طلبه في رحله وما قرب منه صفة الطلب : أن يفتش في رحله ما يمكن أن يكون فيه ويسأل رفقته عن موارد ماء أو عن ماء معهم ليبيعوه له أو يبذلوه كما تقدم .
ومن صفته : أن يسعى عن يمينه وشماله وأمامه ووراءه إلى ما قرب منه .
مما عادة القوافل السعى إليه لطلب الماء والمرعى وإن رأى خضرة أو شيئا يدل على الماء : قصده فاستبرأه وإن رأى نشزا أو حائضا : قصده واستبان ما عنده فإن لم يجد فهو عادم له وإن كان سائرا طلبه أمامه قال في الرعاية : وإن ظنه فوق جبل بقربه علاه وإن ظنه وراءه فوجهان مع أمنه المذكور فيهما .
قوله فإن دل عليه قريبا لزمه قصده .
يعنى إذا دله ثقة وهذا صحيح لكن لو خاف فوات الوقت لم يلزمه على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وكلام المصنف مقيد بذلك وعنه يلزمه .
فائدة : القريب : ما عد قريبا عرفا على الصحيح جزم به في الفروع وتذكرة ابن رزين وقيل : ميل وقيل : فرسخ وهو ظاهر كلام أحمد وقيل : ما تتردد القوافل إليه في المرعى ونحوه قال المجد : وتبعه ابن عبيدان وصاحب مجمع البحرين وهو أظهر وفسروه بالعرف وقيل : ما يلحقه الفوت ذكر الأخيرين في التلخيص وذكر الأربعة ابن تميم وقيل : مد بصره ذكره في الرعاية تنبيه : مفهوم قوله قريبا أنه لا يلزمه قصده إذا كان بعيدا وهو صحيح وهو المذهب مطلقا وعنه يلزمه إن لم يخف فوات الوقت قال في التلخيص : ومن أصحابنا من اعتبر اشتراط القرب قال : وكلامه محمول عندي على القرب وقيل : وأطلقهما ابن تميم .
فوائد .
إحداها : لو خرج من بلده إلى أرض من اعماله لحاجة كالحراثة والاحتطاب والاحتشاش والصيد ونحو ذلك : حمل الماء على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل : لا يحمله فعلى المنصوص : يتيمم إن فاتت حاجته برجوعه على الصحيح وقيل : لا يجوز له التيمم وعلى القول بالتيمم : لا يعيد على الصحيح من المذهب .
يعيد لأنه كالمقيم .
ومحل هذا : إذا أمكنه حمله أما إذا لم يمكنه حمله ولا الرجوع للوضوء إلا بتفويت حاجته : فله التيمم ولا إعادة عليه على الصحيح من المذهب وقيل : بلى ولو كانت حاجته في أرض قرية أخرى فلا إعادة عليه ولو كانت قريبة قاله الزركشي وغيره .
الثانية : لو مر بماء قبل الوقت أو كان معه فأراقه ثم دخل الوقت وعدم الماء : صلى بالتيمم ولا إعادة عليه وإن مر به في الوقت وأمكنه الوضوء قال المجد وغيره : ويعلم أنه لا يجد غيره أو كان معه فأراقه في الوقت أو باعه في الوقت أو وهبه فيه حزم عليه ذلك بلا نزاع ولم يصح البيع والهبة على الصحيح من المذهب جزم به القاضي وابن الجوزي وابو المعالى والمجد وغيرهم واختاره القاضي والمصنف والشارح قال في الفروع : أشهرها لا يصح قال ابن تميم : لم يصح في أظهر الوجهين وذلك لتعلق حق الله به فهو عاجز عن تسلمه شرعا .
قلت : فيعايي بها .
وقيل : يصح البيع والهبة وهو احتمال لابن عقيل وأطلقهما في الفائق فيهما وأطلقهما في الهبة والتلخيص ويأتي إذا آثر أبويه بالماء آخر الباب .
الثالثة : لو تيمم وصلى بعد إعدام الماء في مسألة الإراقة والمرور والبيع والهبة أو وهب له ماء فلم يقبله وتيمم وصلى بعد ما تلف ففي الإعادة وجهان وأطلقهما في الفروع و ابن عبيدان و ابن رزين و المغني و الشرح .
وأطلقهما في الإراقة والهبة : في التلخيص و الرعاية الصغرى و الحاوي الصغير وأطلقهما في الإراقة والمرور : في الفائق و المغني و الشرح .
جزم في الإفادات بإعادة في الإراقة والهبة وصححه في المستوعب وقدمه في الرعاية الكبرى في المرور به والإراقة وفي الرعاية الصغرى في المرور به قال المصنف والشارح : فإن تيمم مع بقاء الماء : لم يصح وإن كان بعد تصرفه فهو كالإراقة ونص في مجمع البحرين على عدم الإعادة في الكل وقيل : يعيد إن أراقه ولا يعيد إن مر به وأطلقهن ابن تميم