والغازي ما يحتاج إليه لغزوه ومن كان ذا عيال ما يكفيهم لا يعطى مع الغني إلا أربعة .
فائدة : قوله والغازي ما يحتاج إليه لغزوه .
وهذا بلا نزاع لكن لا يشتري رب المال ما يحتاج إليه الغازي ثم يدفعه على الصحيح من المذهب لأنه قيمة قال في الفروع : فيه روايتان ذكرهما أبو حفص الأشهر المنع ونقله صالح و عبد الله بن الحكم واختاره القاضي وغيره .
وعنه يجوز ونقله ابن الحكم أيضا وقدمه في الرعاية الكبرى فقال : ويجوز أن يشتري كل واحد من زكاته خيلا وسلاحا ويجعله في سبيل الله تعالى .
وعنه المنع منه انتهى وأطلقهما في الفروع وقال : ولا يجوز أن يشتري من الزكاة فرسا يصير حبيسا في الجهاد ولا دارا ولا ضيعة للرباط أو يقفقها على الغزاة ولا غزوة على فرس أخرجه من زكاته نص على ذلك كله لأنه لم يعطها لأحد ويجعل نفسه مصرفا ولا يغزى بها عنه وكذا لا يحج بها ولا يحج بها عنه .
وأما إذا اشترى الإمام فرسا بزكاة رجل : فله دفعها إليه يغزو عليها كما له أن يرد عليه زكاته لفقره أو غرمه .
قوله ومن كان ذا عيال أخذ ما يكفيهم .
تقدم قريبا في قوله ويعطى الفقير والمسكين ما يغنيه أن الصحيح من المذهب : أنه يأخذ تمام كفايته سنة وتقدم رواية : أنه لا يأخذ أكثر من خمسين درهما فعلى المذهب : يأخذ له ولعياله قدر كفايتهم سنة .
وعلى الرواية الأخرى : ياخذ له ولكل واحد من عياله خمسين خمسين .
قوله ولا يعطي أحد منهم مع الغني إلا أربعة : العامل والمؤلف والغارم لإصلاح ذات البين والغازي .
أما العامل : فلا يشترط فقره بل يعطى مع الغني على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وذكره المجد إجماعا .
وذكر ابن حامد وجها باشتراط فقره .
وتقدم ذلك عند قوله ولا شرط حريته ولا فقره .
وأما المؤلف : فيعطى مع غناه لا أعلم فيه خلافا .
وأما الغارم لإصلاح ذات البين : فيأخذ مع غناه على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقال ابن عقيل : لا يأخذ مع الغني ومحل هذا إذ لم يدفعها من ماله فإن دفعها لم يجز له الأخذ على ما يأتي قريبا .
وأما الغازي : فالصحيح من المذهب ـ وعليه الأصحاب ـ جواز أخذه مع غناه ونقل صالح إذا أوصى بفرس يدفع إلى من ليس له فرس أحب إلى إذا كان ثقة .
تنبيه : صرح المصنف أن بقية الأصناف لا يدفع إليهم من الزكاة مع غناهم وهو الصحيح .
أما الفقير والمسكين : فواضح وكذا ابن السبيل .
وأما المكاتب : فلا يعطى لفقره قال في الفروع : ذكره جماعة منهم المصنف في المغني و الشارح و ابن حمدان وغيرهم واقتصر عليه في الفروع لأنه عبد وتقدم ذلك .
وأما الغارم لنفسه في مباح : فالصحيح من المذهب : أنه لا يعطي إلا مع فقره .
وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم .
وقيل : يعطى مع غناه أيضا ونقله محمد بن الحكم وتأوله القاضي على أنه بقدر كفايته قال في الرعاية ـ عن هذا القول ـ وهو بعيد .
فعلى المذهب : لو كان فقيرا ولكنه قوي يكتسب جاز له الأخذ أيضا .
قاله القاضي في خلافه ابن عقيل في عمده في الزكاة وذكره أيضا في المجرد و الفصول في باب الكتابة وهو ظاهر كلام الإمام أحمد .
وقيل : لا يجوز وجزم به المجد في شرحه .
قلت : هذا المذهب وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب .
وأطلقهما في القاعدة الثانية والثلاثين بعد المائة وقال : هذا الخلاف راجع إلى الخلاف في إجباره على التكسب لوفاء دينه انتهى .
قلت : الصحيح من المذهب : الإجبار على ما يأتي في كلام المصنف في باب الحجر .
فائدة : لو غرم لضمان أو كفالة فهو كمن غرم لنفسه في مباح علىالصحيح من المذهب وقيل : هو كمن غرم لإصلاح ذات البين فيأخذ مع غناه بشرط أن يكون الأصيل معسرا ذكره الزركشي وغيره .
فائدة : إذا قلنا : الغنى من ملك خمسين درهما وملكها : لم يمنع ذلك من الأخذ بالغرم على الصحيح من المذهب والروايتين وعنه : يمنع .
فعلى المذهب : من له مائة وعليه مثلها أعطى خمسين وإن كان عليه أكثر من مائه ترك له مما معه خمسون وأعطى تمام دينه .
وعلى الرواية الثانية : لا يعطى شيئا حتى يصرف جميع ما في يده فيعطى ولا يزداد على خمسين فإذا صرفها في دينه أعطى مثلها مرة بعد أخرى حتى يقضى دينه