باب ذكر أهل الزكاة الفقراء والمساكين ومن هم ؟ .
قوله وهم ثمانية أصناف : الفقراء وهم الذين لا يجدون ما يقع موقعا من كفايتهم والثاني : المساكين وهم الذين يجدون معظم الكفاية .
الصحيح من المذهب : أن الفقير أسوأ حالا من المسكين وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم .
وعنه عكسه اختاره ثعلب اللغوي وهو من الأصحاب وصاحب الفائق .
وقال الشيخ تقي الدين : الفقر والمسكنة صفتان لموصوف واحد .
تنبيهات .
أحدها : قول المصنف عن المساكين هم الذين لا يجدون معظم الكفاية .
وكذا قال في الهداية و المذهب و مسبوك الذهب و المستوعب و التلخيص و الهادي و المنور و المنتخب وقال في المحرر و الرعاية الصغرى و الإفادات و الحاويين و الوجيز و الفائق وجماعة : هم الذين لهم أكثر الكفاية وقال الناظم : هم الذين يجدون جل الكفاية وقال في الكافي : هم الذين لهم ما يقع موقعا من كفايتهم وقال في المبهج و الإيضاح و العمدة : هم الذين لهم ما يقع موقعا من كفايتهم ولا يجدون تمام الكفاية وهو مراده في الكافي .
وقال ابن عقيل في التذكرة وصاحب الخلاصة و البلغة و إدراك الغاية : هم الذين يقدرون على بعض كفايتهم وقال ابن رزين : المسكين من لم يجد أكثر كفايته فلعله : من يجد بإسقاط لم أو أراد نصف الكفاية فقط .
وقال في الرعاية الكبرى : هم الذين لهم أكثر كفايتهم وهو معظمها أو ما يقع موقعا منها كنصفها وقال ابن تميم وصاحب الفروع : والمسكين من وجد أكثرها أو نصفها .
فتخلص من عباراتهم : أن المسكين من يجد معظم الكفاية ومعناه ـ والله أعلم ـ أكثرها وكذا جلها وقد فسر في الرعاية أكثرها بمعظمها لكن أعظمها وجلها في النظر أخص من أكثرها فإنه يطلق على أكثر من النصف ولو بيسير بخلاف جلها وقريب منه معظمها وفي عباراتهم من يقدر على بعضها ونصفها فيمكن حمل من ذكر بعضها على نصفها ويحتمل أن يكون أقل من النصف وأنها أقوال .
وأما الفقراء فهم الذين لا يجدون ما يقع موقعا من كفايتهم أولا يجدون شيئا ألبتة وقال في المبهج و الإيضاح : هم الذين لا صنعة لهم والمساكين : هم الذين لهم صنعة ولا مغنم بهم وقال الخرقي : الفقراء الزمني والمكافيف ولعلهم أرادوا : في الغالب وإلا حيث وجد من ليس معه شيء أو معه ولكن لا يقع موقعا من كفايتهم فهو فقير وإن كان له صنعة أو غير زمن ولا ضرير .
الثاني : قوله وهم ثمانية أصناف حصر من يستحق الزكاة في هذه الأصناف الثمانية وهو حصر المبتدأ في الخبر فلا يجوز لغيرهم الأخذ منها مطلقا .
على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب .
واختار الشيخ تقي الدين : جواز الأخذ من الزكاة لشراء كتب يشتغل فيها بما يحتاج إليه من كتب العلم التي لا بد منها لمصلحة دينه وديناه انتهى وهو الصواب .
فائدة : لو قدر على الكسب ولكن أراد الاشتغال بالعبادة لم يعط من الزكاة قولا واحدا .
قلت : والاشتغال بالكسب والحالة هذه أفضل من العبادات .
ولو أراد الاشتغال بالعلم وهو قادر على الكسب وتعذر الجمع بينهما فقال في التلخيص : لا أعلم لأصحابنا فيها قولا والذي أراه جواز الدفع إليه انتهى .
قلت : الجواز قطع به الناظم و ابن تميم و ابن حمدان في رعايته وقدمه في الفروع .
وقيل : لا يعطى إلا إذا كان الاشتغال بالعلم يلزمه .
الثالث : شمل قوله الفقراء والمساكين الذكر والأنثى والكبير والصغير .
وهو صحيح فالذكر والأنثى الكبير لا خلاف في جواز الدفع إليه والصحيح من المذهب : جواز إعطاء الصغير مطلقا وعليه معظم الأصحاب .
وعنه يشترط فيه أن يأكل الطعام ذكرها المجد ونقلها صالح وغيره وهي قول في الرعايتين و الحاويين .
قال في المستوعب : قال القاضي : لا يجوز دفعها إلى صبي لم يأكل الطعام .
وقدمه ناظم المفردات ذكره في باب الظهار وهو من المفردات .
وحيث جاز الأخذ فإنها تصرف في أجرة رضاعته وكسوته ومالا بد منه إذا علمت ذلك فالذي يقبل ويقبض له الزكاة والهبة والكفارة : من يلي ماله وهو وليه من أب ووصى وحاكم وأمينه ووكيل الولي الأمين .
قال ابن منصور : قلت لأحمد : قال سفيان لا يقبض للصبي إلا الأب أو وصى أو قاض قال أحمد جيد .
وقيل له في رواية صالح : قبضت الأم وأبوه حاضر ؟ فقال : لا أعرف للأم قبضا ولا يكون إلا الأب .
قال في الفروع : ولم أجد عن أحمد تصريحا بأنه لا يصح قبض غير الولي مع عدمه مع أنه المشهور في المذهب .
وذكر الشيخ ـ يعني به المصنف ـ أنه لا يعلم فيه خلافا ثم ذكر أنه يحتمل أنه يصح قبض من يليه من أم أو قريب وغيرهما عند عدم الولي لأن حفظه من الضياع والهلاك أولى من مراعاة الولاية انتهى .
وذكر المجد : أن هذا منصوص أحمد .
نقل هارون الحمال في الصغار : يعطي أولياؤهم فقلت : ليس لهم ولي ؟ قال : يعطى من يعنى بأمرهم ونقل منها ـ في الصبي والمجنون يقبض له وليه .
قلت : ليس له ولي ؟ قال : يعطى الذي يقوم عليه .
وذكر المجد نصا ثالثا بصحة القبض مطلقا قال بكر بن محمد : يعطى من الزكاة الصبي الصغير ؟ قال : نعم يعطى أباه أو من يقوم بشأنه .
وذكر في الرعاية هذه الرواية ثم قال : قلت : إن تعذر وإلا فلا .
فائدة : يصح من المميز قبض الزكاة والهبة والكفارة ونحوها قدمه المجد في شرحه وقال : على ظاهر كلامه قال المروذي : قلت لأحمد : يعطى غلاما يتيما من الزكاة ؟ قال : نعم يدفعها إلى الغلام قلت : فإني أخاف أن يضيعه .
نقل هارون الحمال في الصغار : يعطى أولياؤهم فقلت : ليس لهم ولي ؟ قال : يعطى من يعنى بأمرهم ونقل منها - في الصبي والمجنون - يقبض له وليه قلت : ليس له ولي ؟ قال : يعطى الذي يقوم عليه .
وذكر المجد نصا ثالثا بصحة القبض مطلقا قال بكر بن محمد يعطى من الزكاة الصبي الصغير ؟ قال : نعم يعطى أباه أو من يقوم بشأنه .
وذكر في الرعاية هذه الرواية ثم قال : قلت : إن تعذر وإلا فلا .
فائدة : يصح من المميز قبض الزكاة والهبة والكفارة ونحوها قدمه المجد في شرحه وقال : على ظاهر كلامه قال المروذي قلت ل أحمد : يعطى غلاما يتيما من الزكاة ؟ قال : نعم يدفعها إلى الغلام قلت : فإني أخاف أن يضيعه قال : يدفعه إلى من يقوم بأمره وهذا اختيار المصنف و الحارثي .
قال في الفروع : والمميز كغيره وعنه ليس أهلا لقبض ذلك .
قال المجد في شرحه : ظاهر كلام أصحابنا : المنع من ذلك وأنه لا يصح قبضه بحال قال : وقد صرح به القاضي في تعليقه في كتاب المكاتب قال : وهو ظاهر كلام أحمد في رواية صالح و ابن منصور انتهى .
قال في القواعد الأصولية : في المسألة روايتان أشهرهما : ليس هو أهلا نص عليه في رواية ابن منصور وعليه معظم الأصحاب وأبدى في المغني احتمالا أن صحة قبضه تقف على إذن الولي دون القبول