مس المصحف .
وأما مس المصحف : فالصحيح من المذهب : أنه يحرم مس كتابته وجلده وحواشيه لشمول اسم المصحف له بدليل البيع ولو كان المس بصدره وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل : لا يحرم إلا مس كتابته فقط واختاره ابن عقيل في الفنون قال : لشمول اسم المصحف لجواز جلوسه على بساط على حواشيه كتابه قال في الفروع : كذا قال وقال القاضي في شرحه الصغير : للجنب مس ما ل قراءته وظاهر ما قدمه في الرعاية : جواز مس الجلد فإنه قال : لا يمس المحدث مصحفا وقيل : ولا جلده .
تنبيه ظاهر كلام المصنف : أنه لا يجوز للصبي مسه وهو تارة مس المصحف فلا يجوز على المذهب وعليه الأصحاب وذكر القاضي في موضع : رواية بالجواز وهو وجه في الرعاية وغيرها .
وتاره يمس المكتوب في الألواح فلا يجوز أيضا على الصحيح من المذهب وعنه يجوز وأطلقهما في التلخيص .
وتارة يمس اللوح أو يحمله فيجوز على الصحيح من المذهب صححه الناظم وقدمه ابن رزين في شرحه وهو ظاهر ما جزم به في التلخيص فإنه قال : وفي مس الصبيان كتابة القرآن روايتان واقتصر عليه وعنه لا يجوز وهو وجه ذكره في الرعاية والحاوي وغيرهما قال في الفروع : ويجوز في رواية مس صبي لوحا كتب فيه قال ابن رزين وهو أظهر وأطلقهما في المستوعب و المغني و الكافي و الشرح و ابن تميم و الرعايتين و الحاويين و الزركشي و الفائق و مجمع البحرين و ابن عبيدان وقال القاضي في مستدركه الصغير لا بأس يمسه لبعض القرآن ويمنع من جملته وقال في مجمع البحرين : ويحتمل أن يمنع من له عشر فصاعدا بناء على وجوب الصلاة عليه .
فوائد .
منها : لا يحرم حمله بعلاقته ولا في غلافته أو كمه أو تصفحه بكمه أو بعودا ومسه من وراء حائل على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور وقدمه في الفروع والشرح وابن عبيدان وغيرهم وصححه المصنف وغيره قال الزركشي هو المشهور وقطع به أبو الخطاب و ابن عبدوس وصاحب التلخيص واختاره القاضي و أبو محمد قال القاضي : وعنه يحرم وقيل : يحرم إلا لوراق لحاجته وعنه المنع من تصفحه بكمه وخرجه القاضي والمجد وغيرهما إلى بقية الحوائل وأبي ذلك طائفة من الأصحاب منهم المصنف في المغنى وفرق بأن كمه وعباءته متصلا به أشبهت أعضاءه وأطلق الروايتين في حمله بعلاقته أو في غلافه وتصفحه بكمه أو عود ونحوه في المستوعب و المحرر و ابن تميم و الرعايتين و الحاويين و مجمع البحرين و الفائق .
ومنها : هل يجوز مس ثوب رقم بالقرآن أو فضة نقشت به فيه وجهان أو روايتان روى ابن عبيدان في الثوب المطرز بالقرآن روايتان وقيل : وجهان وأطلقهما في الكافي والمغنى والشرح وابن تميم والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين وابن عبيدان والزركشي وأطلقهما في المستوعب والتلخيص في الفضة المنقوشة قال في الفروع : ويجوز في رواية مس ثوب رقم به وفضة نقشت به قال الزركشي : ظاهر كلامه الجواز قال في النظم عن الدرهم المنقوش : هذا المنصور وعنه لا يجوز وهو وجه في المغنى وغيره وقدمه ابن رزين في شرحه وقال : لأنه أبلغ من الكاغد وقال القاضي في التخريج : مالا يتعامل به غالبا لا يجوز مسه وإلا فوجهان وقال في النهاية : وقطع المجد بالجواز في مس الخاتم المرقوم فيه قرآن واختار في النهاية أنه لا يجوز لمحدث مس ثوب كتب فيه قرآن .
ومنها : يجوز حمل خرج فيه متاع وفيه مصحف على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وسواء كان فوق المتاع أو تحته وقيل : لا يجوز حمله وهو فيه .
ومنها : يجوز مس كتاب التفسير ونحوه على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وحكى القاضي رواية بالمنع وأطلقهما في الرعاية وقيل : فيه وجهان .
وقيل : روايتان أيضا في حمل كتب التفسير وقيل : في مس القرآن المكتوب فيه وذكر القاضي في الخلاف من ذلك : ما نقله أبو طالب في الرجل يكتب الحديث أو الكتاب للحاجة فيكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال بعضهم يكرهه وكأنه كرهه وقال الصحيح المنع من حمل ذلك ومسه انتهى .
ومنها : يجوز مس المنسوخ تلاوته والمأثور عن الله تعالى والتوراة والإنجيل على الصحيح من المذهب وقيل : لا يجوز ذلك .
قلت : والمنع من قراءة التوراة والإنجيل : أقوى وأولى .
ومنها : لو رفع الحدث عن عضو من أعضاء الوضوء ثم مس به المصحف : لم يجز على الصحيح من المذهب ولو قلنا : يرتفع الحدث عنه وقيل : لا يحرم إذا قلنا يرتفع عنه .
وأعلم أن في رفع الحدث عن العضو قبل الوضوء وجهان وأطلقهما في الفروع .
قلت : الذي يظهر أن يكون ذلك مراعى فإن كمله ارتفع وإلا فلا .
قال المصنف في المغني والشارح : لأنه لا يكون متطهرا إلا بعمل الجميع .
قال الزركشي لأن الماء غير طاهر على المذهب وقال في الرعاية : ولو رفع الحدث عن العضو لم يمسه به قبل إكمال الطهارة في الأصح قال ابن تميم ولو رفع الحدث عن عضو لم يمس به المصحف حتى يكمل طهارته .
ومنها : يحرم مس المصحف بعضو نجس على الصحيح من المذهب وقيل : لا يحرم .
قلت : هذا خطأ قطعا .
ومنها : لا يحرم مسه بعضو طاهر إذا كان على غيره نجاسة على الصحيح من المذهب وقيل : يحرم قال في الفروع عن هاتين المسألتين : قاله بعضهم .
قلت : صرح ابن تميم بالثانية و الزركشي بالأولى وذكر المسألتين في الرعاية وقال في التبصرة : لا تعتبر الطهارة من النجاسة لغير الصلاة والطواف .
ومنها : يجوز مس المصحف بطهارة التيمم مطلقا على الصحيح من المذهب .
وقيل : لا يجوز إلا عند الحاجة اختاره المصنف فإن عدم الماء لتكميل الوضوء تيمم للباقي ثم مسه على الصحيح من المذهب وقال ابن عقيل : له مسه قبل تكميلها بالتيمم بخلاف الماء قال ابن تميم وابن حمدان وهو سهو .
ومنها : يجوز كتابته من غير مس على الصحيح من المذهب جزم به المصنف وهو مقتضى كلام الخرقي وقاله القاضي وغيره وعنه يحرم وأطلقهما في الفروع وقيل : وهو كالتقليب بالعود وقيل : لا يجوز وإن جاز التقليب بالعود وللمجد احتمال بالجواز للمحدث دون الجنب وأطلقهن في الرعاية ومحل الخلاف إذا لم يحمله على مقتضى ما في التلخيص والرعاية وغيرهما .
تنبيه : خرج من كلام على الصحيح : الدمى لانتفاء الطهارة منه وعدم صحتها وهو صحيح لكن له نسخه على الصحيح من المذهب وقال ابن عقيل : بدون حمل ومس قاله القاضي في التعليق وغيره قال ابن عقيل في التذكرة : يجوز استئجار الكافر على كتابة المصحف إذا لم يحمله قال أبو بكر : لا يختلف قول أحمد : أن المصاحف يجوز أن يكتبها النصارى قال القاضي في الجامع : يحتمل قول أبي بكر يكتبه مكتبا بين يديه ولا يحمله وهو قياس المذهب أنه يجوز لأن مس القلم للحرف كمس العود للحرف وقيل لأحمد : يعجبك أن تكتب النصارى المصاحف ؟ قال : لا يعجبني قال الزركشي فأخذ من ذلك رواية بالمنع قال القاضي في خلافة : يمكن حملها على أنهم حملوا المصاحف في حال كتابتها وقال في الجامع : ظاهرة كراهة ذلك وكرهه للخلاف وقال في النهاية : يمنع منه وأطلق في الجواز وعدمه الروايتين في الفروع وابن تميم والرعاية ويمنع من قراءته على الصحيح من المذهب نص عليه .
قال القاضي : التخريج لا يمنع لكن لا يمكن من مسه انتهى ويمنع من تملكه فإن ملكه بإرث أو غيره ألزم بإزالة ملكه عنه .
فائدتان .
إحداهما : كره الإمام أحمد توسده وفي تخريجه وجهان واطلقهما في الفروع واختار في الرعاية التحريم وقطع به المصنف والمغنى والشارح قال في الآداب : وقدم هو عدم التحريم وهو الذي ذكره ابن تميم وجها .
وكذا كتب العلم التي فيها قرآن وإلا كره قال أحمد في كتب الحديث إن خاف سرقته فلا بأس قال في الفروع ولم يذكر أصحابنا مد الرجلين إلى جهة ذلك وتركه أولى أو يكره .
الثانية : يحرم السفر به إلى دار الحرب نص عليه وقيل : يحرم إلا مع غلبة السلامة وقال في المستوعب : يكره بدون غلبة السلامة .
ويأتي بقية أحكامه في البيع والرهن والإجارة