من أدرك مع الإمام ركعة أتمها جمعة .
قوله ومن أدرك مع الإمام منها ركعة أتمها جمعة .
بلا خلاف أعلمه وإن أدرك أقل من ذلك أتمها ظهرا إذا كان قد نوى الظهر في قول الخرقي وهو المذهب وروى عن أحمد حكاه ابن عقيل وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر و الفروع و النظم و المستوعب و الرعايتين و الحاويين و مجمع البحرين و الفائق و إدراك الغاية وغيرهم وصححه الحلواني قال ابن تميم و ابن مفلح في حواشيه : هذا أظهر الوجهين .
وقال أبو إسحاق بن شاقلا : ينوي جمعة ويتمها ظهرا وذكره ابن عقيل رواية عن أحمد وهي من مفردات قال القاضي في موضع من التعليق : هذا المذهب وهو ظاهر العمدة فإنه قال : فمن أدرك منها ركعة أتمها جمعة وإلا أتمها ظهرا انتهى .
قال المجد في شرحه وهو ضعيف : فإنه فرت من اختلاف النية ثم التزمته في البناء والواجب العكس أو التسوية ولم يقل أحد من العلماء بالبناء مع اختلاف يمنع الاقتداء انتهى .
قال في مجمع البحرين : قوله بعيد جدا ينقض بعضه بعضا وأطلقهما في الكافي و الهداية قال الزركشي : وقيل إن مبني الوجهين : أن الجمعة هل هي ظهر مقصورة أو صلاة مستقلة ؟ فيه وجهان على ما تقدم أول الباب .
وقيل : لا يجوز إتمامها ولا يصح لاختلافها النية قال ابن منجا وغيره : وقال بعض أصحابنا : لا يصليها مع الإمام لأنه إن نوى الظهر خالف نية إمامه وإن نوى الجمعة وأتمها ظهرا فقد صحت له الظهر من غير نيتها .
وقال ابن عقيل في عمد الأدلة أو الفنون : لا يجوز أن يصليها ولا ينويها ظهرا لأن الوقت لايصلح فإن دخل نوى جمعة وصلى ركعتين ولا يعتد بها .
تنبيهان .
أحدهما : قال ابن رجب في شرح الترمذي : إنما قال أبو إسحاق : ينوي جمعة ويتمها أربعا وهي جمعة لا ظهر لكن لما قال ( يتمها اربعا ) ظن الأصحاب أنها تكون ظهرا وإنما هي جمعة قال ابن رجب : وأنا وجدت له مصنفا في ذلك لأن صلاة الجمعة كصلاة العيد فصلاة العيد إذا فاتته صلاها أربعا انتهى .
الثاني : ظاهر قوله وإن أدرك أقل من ذلك أتمها ظهرا أنه لا يصح إتمامها جمعة وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب قال ابن عقيل : لا يختلف الأصحاب فيه قال في النكت : قطع به أكثر الأصحاب .
وعنه يتمها جمعة ذكرها أبو بكر و أبو حكيم في شرحه قديسا على غيرها من الصلوات ولأن من لزمه أن يبني على صلاة الإمام بإدراك ركعة لزمه بإدراك أقل منها كالمسافر يدرك المقيم .
وأجيب بأن المسافر إدراكه إدراك إلزام وهذا إدراك إسقاط للعدد فافترقا وبأن الظهر ليس من شرطها الجماعة بخلاف مسألتنا .
فائدة : إن كان الإمام صلى الجمعة قبل الزوال لم يصح دخول من فاتته معه على الصحيح من الوجهين جزم به في الشرح و التلخيص وغيرهما لأنها في حقه ظهرا ولا يجوز قبل الزوال فإن دخل انعقدت نفلا .
والوجه الثاني : يصح أن يدخل بنية الجمعة ثم يبني عليه ظهرا حكاه القاضي في الروايتين و الآمدي عن ابن شاقلا ويجب أن يصادف ابتداء صلاته زوال الشمس على هذا .
قوله ومن أحرم مع الإمام ثم زحم عن السجود سجد على ظهر إنسان أو رجله .
هذا المذهب يعني أنه يلزمه ذلك إن أمكنه نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الهداية و المستوعب و الكافي و المغني و الشرح و الوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع و الرعايتين و الحاويين وصححوه و مجمع البحرين و ابن تميم و ابن منجا في شرحه وغيرهم وقال ابن عقيل : لا يسجد على ظهر أحد ولا على رجله ويوميء غاية الإمكان .
وعنه إن شاء سجد على ظهره وإن شاء انتظر زوال الزحام والأفضل السجود ويحتمله كلام المصنف وغيره .
فائدتان .
إحداهما : لو احتاج إلى موضع يديه وركبتيه أيضا فهل يجوز وضعهما - إذا قلنا بجوازه في الجبهة - ؟ فيه وجهان .
أحدهما : لا يجوز قال المجد في شرحه هذا الأقوى عندي وهو قول إسحاق ابن راهويه .
والوجه الثاني : يجوز وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وقدمه في مجمع البحرين وأطلقهما في الفروع و ابن تميم و الرعاية الكبرى قال ابن تميم : والتفريع على الجواز قال أبو المعالي : وإن لم يمكنه السجود إلا على متاع غيره صحت كهذه المسألة وجعل طرف المصلي وذيل الثوب أصلا للجواز .
الثانية : الصحيح من المذهب أن التخلف عن السجود مع الإمام لمرض أو غفلة بنوم أو غيره أو سهو ونحوه : كالمختلف بالزحام واختار بعض الأصحاب الفرق بينهما فيسجد المزحوم إذا أمن فوات الثانية ولا يسجد الساهي بحال بل تلغى ركعته .
قوله فإن لم يمكنه سجد إذا زال الزحام .
بلا نزاع بشرطه .
قوله إلا أن يخاف فوت الثانية فيتابع الإمام فيها وتصير أولاه فتلغو الأولى ويتمها جمعة .
هذا المذهب والصحيح من الروايات جزم به في الهداية و المذهب و المستوعب و الكافي و المغني و التلخيص و الوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع و ابن منجا في شرحه و ابن تميم وقال : هذا أصح قال الشارح : هذا قياس المذهب : واقتصر عليه .
فوائد .
وعنه لا يتابعه بل يشتغل بسجود الأولى وعنه : رواية ثالثة تلغو الأولى ويتابع الإمام وإن لم يخف فوت الثانية ولا يشتغل بسجود .
ولو أدرك مع الإمام ما تنعقد به فأحرم ثم زحم عن السجود أو نسيه وأدرك القيام وزحم عن الركوع والسجود حتى سلم أو توضأ لحدث - وقلنا : يبنى ونحو ذلك - استأنف ظهرا على الصحيح من المذهب نص عليه أكثر الأصحاب منهم أبو بكر و ابن أبي موسى و الخرقي و القاضي قال الزركشي وعنه يتمها ظهرا وعنه جمعة واختاره الخلال في المسألة الأولى .
وعنه يتم جمعة من زحم عن سجود أو نسيه لإدراكه الركوع كمن أتى بالسجود قبل سلام إمامه على الصحيح من الروايتين لأنه أتى به في جماعة والإدراك الحكمي كالحقيقي كحمل الإمام السهو عنه وإن أحرم فزحم وصلى فذا لم تصح .
وإن أخرج في الثانية : فإن نوى مفارقته أتم جمعة وإلا فعنه يتم جمعة وعنه يعيد لأنه فذ في ركعة وأطلقهما في الفروع و الرعاية و المغني و الشرح .
تنبيه : قوله إلا أن يخاف فوت الثانية .
الاعتبار في فوت الثانية بغلبة الظن فمن غلب على ظنه الفوت فتابعه إمامه فيها ثم طول : لم يضره ذلك وإن غلب على ظنه عدم الفوت فبادر الإمام فركع : لم يضره الإمام قاله ابن تميم وغيره .
فعلى المذهب من أصل المسألة : لو زال عذر من أدرك ركوع الأولى - وقد رفع إمامه من ركوع الثانية - تابعه في السجود فتتم له ركعة ملفقة من ركعتي إمامه يدرك بها الجمعة على الصحيح من المذهب فيعايي بها .
ولو لم نقل بالتلفيق فيمن نسي أربع سجدات من أربع ركعات لتحصيل الموالاة بين ركوع وسجود معتبر .
وقيل : لا يعتد له بهذا السجود وهو ظاهر كلام القاضي في المجرد فيأتي بسجدتين أخريين والإمام في تشهده وإلا عند سلامه ثم في إدراكه الجمعة الخلاف وتقدم ذلك في صلاة الجماعة بعد قوله إذا ركع ورفع قبل ركوعه .
فائدتان .
إحداهما : لو زحم عن الركوع والسجود فهو كالمزحوم عن السجود فيشتغل بقضاء ذلك ما لم يخف فوت الثانية على ما تقدم .
وفيه وجه تلغو ركعته بكل حال وعلى هذا الوجه : إن زحم عن الركوع وحده فوجهان .
أحدهما : يأتي به ويلحقه اختاره القاضي .
والثاني : تلغو ركعته وأطلقهما ابن تميم .
الثانية : لو زحم عن الجلوس للتشهد فقال ابن حامد : يأتي به قائما ويجزيه وقال ابن تميم : الأولى انتظار زوال الزحام وقدمه في الرعاية .
قوله فإن لم يتابعه عالما بتحريم ذلك بطلت صلاته .
بلا نزاع وإن جهل تحريمه فسجد ثم أدرك الإمام في التشهد أتى بركعة أخرى بعد سلامه وصحت جمعته .
وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعنه يتمها ظهرا وأطلقهما ابن تميم فعلى القول بأنه يتمها ظهرا : فهل يستأنف أو يبني ؟ على وجهين وأطلقهما ابن تميم قدم في الرعاية أنه يبني .
تنبيه : أفادنا المصنف - C - الاعتداد بسجوده وهو صحيح وهو المذهب كسجوده يظن إدراك المتابعة ففاتت واختار أبو الخطاب وغيره وقيل : لا يعتد به اختاره القاضي لأن فرضه الركوع ولم يبطل لجهله .
فعلى هذا القول : لو أتى بالسجود ثم أدركه في ركوع الثانية تبعه فصارت الثانية أولاه وأدرك بها الجمعة .
فوائد .
إحداها : لو سجد جاهلا تحريم المتابعة ثم أدركه في ركوع الثانية : تبعه فيه وتمت جمعته وإن أدركه بعد رفعه تبعه وقضي كمسبوق يأتي بركعة فتتم له جمعة قاله في الفروع وقال ابن تميم : إن أدرك معه السجود فيها هفل تكمل به الأولى ؟ على وجهين فإن قلنا : تكمل حصل له ركعة ويقضي أخرى بعد سلام الإمام وتصح جمعته انتهى .
الثانية : قال أبو الخطاب وجماعة : يسجد للسهو كذلك وقال المصنف وغيره : لا يسجد قال ابن أبي تميم : وهو أظهر قال في مجمع البحرين : خالف أبو الخطاب أكثر الأصحاب .
الثالثة : قال في الفروع : فإن أدركه بعد رفعه وتبعه في السجود فيحصل القضاء والمتابعة معا وتتم له ركعة يدرك بها الجمعة .
وقيل : لا يعتد اختاره القاضي في المجرد لأنه معتد به للإمام من ركعة فلو اعتد به المأموم من غيرها : احتمل معنى المتابعة فيأتي بسجود آخر وإمامه في التشهد وإلا بعد سلامه انتهى .
وتقدم ذلك كله بأبسط من هذا في باب صلاة جماعة