لا تنعقد صلاة من نوى القصر خلف مقيم عالما .
فائدة : لو نوى المسافر القصر - حيث يحرم عليه - عالما به كمن نوى القصر خلف مقيم عالما فالصحيح من المذهب : أن صلاته لا تنعقد لنيته ترك المتابعة ابتداء كنية مقيم القصر ونية مسافر وعقد الظهر خلف إمام جمعة نص عليه .
وقيل : تنعقد لأنه لا يعتبر للإتمام تعيينه بنية فيتم تبعا كما لو كان غير عالم وإن صح القصر بلا نية قصر قال في الرعاية - وتابعه في الفروع وغيره - وتتخرج الصحة في العبد إن لم تجب عليه الجمعة وإن صلى المسافر خلف من يصلي الجمعة ونوى القصر : لزمه الإتمام على الصحيح من المذهب .
وقال أبو المعالي : يتجه أن تجزئه إن قلنا الجمعة ظهر مقصورة قال أبو المعالي وغيره : وإن ائتم من يقصر الظهر بمسافر أو مقيم يصلي الصبح : أتم .
قوله أو أحرم بصلاة يلزمه إتمامها ففسدت وأعادها لزمه أن يتم .
إذا أحرم بصلاة يلزمه إتمامها ففسدت إن كان فسادها عن غير حدث الإمام لزمه إتمامها قولا واحدا وإن كان فسادها لكون الإمام بان محدثا بعد السلام : لزمه الإتمام أيضا وإن بان محدثا قبل السلام : ففي لزوم الإتمام وجهان وأطلقهما في التلخيص و الفروع و ابن تميم و الرعايتين و الحاويين .
وقال في الرعاية الكبرى في موضع آخر : فله القصر في الأصح .
قال أبو المعالي : إن محدثا مقيما معا قصر وكذا إن با حدثه أولا لا عكسه .
فائدتان .
إحداهما : لو صلى مسافر خائف بالطائفة الأولى ركعة ثم أحدث واستخلف مقيما لزم الطائفة الثانية الإتمام لائتمامهم بمقيم وأما الطائفة الأولى : فإن نووا مفارقة الأول قصروا وإن لم ينووا مفارقته أتموا لائتمامهم بمقيم قاله في مجمع البحرين و الفروع وغيرهما .
الثانية : لو ائتم من له القصر جاهلا حدث نفسه بمقيم ثم علم حدث نفسه فله القصر لأنه باطل لا حكم له .
قوله أو لم ينو القصر يعني عند الإحرام لزمه أن يتم .
الصحيح من المذهب : أنه يشترط في جواز القصر : أن ينويه عند الإحرام وعليه جماهير الأصحاب وقال أبو بكر : لا يحتاج القصر والجمع إلى نية واختاره الشيخ تقي الدين واختاره جماعة من الأصحاب في القصر .
قال ابن رزين في شرحه : والنصوص صريحة في أن القصر أصل فلا حاجة إلى نيته قال في الفروع : والأشهر ولو نوى الاتمام ابتداء لأنه رخصة فيتخير مطلقا كالصوم .
قال الزركشي : قلت قد ينبني على ذلك فعل الأصل في صلاة المسافر الأربع وجوز له ترك ركعتين فإذا لم ينو القصر لزمه الأصل ووقعت الأربع فرضا أو أن الأصل في حقه ركعتان وجوز له أن يزيد ركعتين تطوعا فإذا لم ينو القصر فله فعل الأصل وهو ركعتان ؟ فيه روايتان المشهور منهما : الأول والثاني : أظنه اختيار أبي بكر .
وينبني على ذلك إذا ائتم به مقيم : هل يصح بلا خلاف أو هو كالمفترض خلف المتنفل ؟ .
ويشترط أيضا : أن يعلم إن إمامه إذن مسافر ولو بأمارة وعلامة كهيئة لباس لأن إمامه نوى القصر عملا بالظن لأنه يتعذر العلم ولو قال : إن قصر قصرت وإن أتم أتممت - : لم يضر .
ثم في قصره إن سبق إمامه الحدث قبل علمه بحاله وجهان لتعارض الأصل والظاهر وأطلقهما في الفروع ( و مختصر ابن تميم ) قال في الرعاية : وله القصر في الأصح ( وقدمه في المغني و الشرح ) .
فائدة : لو استخلف الإمام المسافر مقيما لزم المأمومين الإتمام لأنهم باقتدائهم التزموا حكم تحريمته ولأن قدوم السفينة بلده يوجب الاتمام وإن لم يلتزمه .
وتقدم إذا استخلف مسافر مقيما في الخوف وإذا استخلف مقيم مسافرا لم يكن معه : قصر .
فوائد .
منها : لو شك في الصلاة : هل نوى القصر أم لا ؟ لزمه الإتمام وإن ذكر فيما بعد أنه كان نوى لوجود ما يوجب الإتمام في بعضها فكذا في جميعها .
قاله الأصحاب وقال المجد : ينبغي عندي أن يقال فيه من التفصيل ما يقال فيمن شك هل أحرم بفرض أو نفل ؟ .
ومنها : لو ذكر من قام إلى ثالثة سهوا قطع فلو نوى الإتمام أتم وأتى له بركعتين سوى ما سها به فإنه يلغو ولو كان من سها إماما بمسافر تابعه إلا أن يعلم سهوه فتبطل صلاته بمتابعته ويتخرج لا تبطل .
ومنها : لو نوى القصر فأتم سهوا : ففرضه الركعتان والزيادة سهو يسجد لها على الصحيح من المذهب وقيل : لا .
قلت : فيعايي بها .
ومنها : لو نوى القصر ثم رفضه ونوى الإتمام جاز قال ابن عقيل : وتكون الأوليان فرضا وإن فعل ذلك عمدا مع بقاء نية القصر بطلت صلاته في أحد الوجهين وأطلقهما في مختصر ابن تميم و الفروع و الرعاية الكبرى .
قلت : الصواب الجواز وفعله دليل بطلان نية القصد .
قوله ومن له طريقان طريق بعيد وطريق قريب فسلك البعيد فله القصر .
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل : لا يقصر إلا لغرض لا في سلوكه سوى القصر وخرجه ابن عقيل وغيره على سفر النزهة ورده في الفروع قال في الرعاية : وقيل لا يقصر إن سلكه ليقصر فقط ثم قال وقلت : ومثله بقية رخص السفر .
قوله أو ذكر صلاة سفر في آخر فله القصر .
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع و المغني و الشرح وغيرهم وصححه الزركشي وغيره ونصره المجد وغيره وقيل : يلزمه الإتمام وهو احتمال في المغني وغيره وصححه في الرعاية الكبرى و نظم نهاية ابن رزين وأطلقهما ابن تميم و المحرر و الفائق و الرعاية الصغرى و الحاويين .
فائدة : قال في الفروع : لو ذكرها في إقامة متخللة أتم وقيل : يقصر لأنه لم يوجد ابتداء وجوبها فيه انتهى .
والذي يظهر : أن مراده بالإقامة المتخللة : التي يتم فيها الصلاة في أثناء سفره ومراده أيضا : إذا كان سفرا واحدا بدليل قوله قبل ذلك ( ومن ذكر صلاة حضر في سفر أو عكسه ) وقال في الرعاية : وإن نسيها في سفر ثم ذكرها في حضر ثم قضاها في سفر آخر : أتمها .
فيحتمل أن صاحب الفروع أراد هذا ويكون قوله ( ومن ذكر صلاة سفر في حضر وأراد قضاءها في الحضر ) .
تنبيهان .
أحدهما : مفهوم كلام المصنف - وهو من مفهوم الموافقة - أنه لو ذكر الصلاة في ذلك السفر : أنه يقصر بطريق أولى وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقيل : يلزمه الإتمام لأنه مختص بالأداء كالجمعة ونقل المروذي ما يدل عليه قاله المجد وهو من المفردات .
الثاني : ظاهر قوله أو ذكر صلاة سفر أنه لو تعمد المسافر ترك الصلاة حتى خرج وقتها أو ضاف عنها : أنه لا يقصر وجزم به في المحرر و الرعاية الصغرى و الحاويين و المنور و نظم المفردات قدمه في الرعاية الكبرى و ابن تميم و الفائق وقاله المجد في شرحه و مجمع البحرين .
قال في الفروع : وأخذ صاحب المحرر من تقييد المسألة - يعني التي قبل هذه - بالناسي ومما ذكره ابن أبي موسى في التي قبلها - يعني إذا سافر بعد وجوبها عليه على ما تقدم - أنه يتم من تعمد تأخيرها بلا عذر حتى ضاق وقتها عنها وقاسه على السفر المحرم وقاله الحلواني فإنه اعتبر أن تفعل في وقتها .
وقال القاضي في التعليق - في وجوب الصلاة بأول الوقت - : إن سافر بعد خروج وقتها لم يقصرها لأنه مفرط ولا تثبت الرخصة مع التفريط في المرخص فيه انتهى .
قال شيخنا في حواشي الفروع : لا يصلح أن يكون ما ذكره الحلواني مأخذا لمسألة المحرر لأنه جزم بعدم قصرها وجزم بانه إذا نسى صلاة في سفر فذكرها : أنه يقصرها فعلم أنه لا يشترط للقصر كونها مؤداة لأنه لو اعتبره لم يصح قصر المنسية انتهى .
قلت : في قول شيخنا نظر لأنه إنما استدل على صاحب الفروع بما إذا نسيها وصاحب الفروع إنما قال ( إذا تركها عمدا ) وأنه مقاس على السفر المحرم وأن الحلواني قال ذلك ولا يلزم من تجويز الحلواني قصرها إذا نسيها : أن يقصرها إذا تركها عمدا .
قال ابن رجب : ولا يعرف في هذه المسألة كلام الأصحاب إلا أن بعض الأئمة المتأخرين ذكر أنه لا يجوز القصر واستشهد على ذلك بكلام جماعة من الأصحاب في مسائل وليس فيما ذكره حجة انتهى وأراد بذلك المجد .
قال في النكت : ولم أجد أحدا ذكرها قبل صاحب المحرر انتهى .
وقيل : له القصر ولو تعمد التأخير وهو احتمال في ابن تميم وقال : وهو ظاهر كلام الشيخ - يعني به المصنف - واختاره في الفائق وإليه ميل ابن رجب ونصره في النكت ورد ما استدل به المجد قال ابن البنا في شرح المجد : من أخر الصلاة عمدا في السفر وقضاها في السفر فله القصر كالناسي قال : فلم يفرق أصحابنا بينهما وإنما يختلفان في المأتم انتهى .
قال ابن رجب : وهو غريب جدا وذكر القاضي أبو يعلى الصغير في شرح المذهب نحوه وقال في النكت : وعموم كلام الأصحاب يدل على جواز القصر في هذه المسألة وصرح به بعضهم وذكره في الرعاية وجها وهو ظاهر اختياره في المغني وذكر عنه ما يدل على ذلك وجعل ناظم المفردات إتمام الصلاة إذا تركها عمدا حتى يخرج وقتها : من المفردات فقال : .
( وهكذا في الحكم من إذا ترك ... صلاته حتى إذا الوقت انفرك ) .
( وكان عمدا فرضه الإتمام ... وليس كالناسي يا غلام ) .
( وهو قد قال ( هيأتها على الصحيح الأشهر ) ... وكأنه اعتمد على ما في المحرر ) .
قوله إذا نوى الإقامة في بلد أكثر من إحدى وعشرين صلاة أتم وإلا قصر .
هذا إحدى الروايات عن أحمد اختارها الخرقي و أبو بكر و المصنف قال في الكافي : هي المذهب قال في المغني : هذا المشهور عن أحمد ونصرها في مجمع البحرين قال ابن رجب في شرح البخاري : هذا مذهب أحمد المشهور عنه واختيار أصحابه وجعله أبو حفص البرمكي مذهب أحمد من غير خلاف عنه وتأول كل ما خالفه مما روى عنه وجزم به في العمدة و ناظم المفردات وهو منها وقدمه الناظم .
وعنه إن نوى الإقامة أكثر من عشرين صلاة أتم وإلا قصر وهذه الرواية هي المذهب قال ابن عقيل : هذا المذهب قال في عمدة الأدلة و القاضي في خلافه : هذه أصح الروايتين واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الإيضاح و الإفادات و الوجيز و المنور و نهاية ابن رزين و نظمها و منتخب الأدمي وقدمه في الفروع و الهداية و المستوعب و الخلاصة و التلخيص و ابن تميم و الرعاية الصغرى و الحاويين و الفائق وأطلقهما في المذهب و مسبوك الذهب و المحرر .
وعنه إن نوى الإقامة أكثر من تسعة عشر صلاة أتم وإلا قصر قدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهن في مجمع البحرين .
وقال في النصيحة : إن نوى الإقامة فوق ثلاثة أيام أتم ولا قصر .
فائدتان .
إحداهما : يحسب يوم الدخول والخروج من المدة على الصحيح من المذهب وعنه لا يحسبان منها .
الثانية : لو نوى المسافر إقامة مطلقة أو أقام ببادية لا يقام بها أو كانت لا تقام فيها الصلاة : لزمه الإتمام على الصحيح من المذهب جزم به في الفائق وغيره وقدمه في الفروع و ابن تميم و الرعاية وغيرهم .
وقيل : لا يلزمه الإتمام إلا أن يكون بموضع تقام فيه الجمعة وقيل : أو غيرها ذكره أبو المعالي وقال في التلخيص و البلغة : إقامة الجيش للغزو ولا تمنع الترخص وإن طالت لفعله عليه أفضل الصلاة والسلام .
قال في النكت : يشترط في الإقامة التي لا تقطع السفر إذا نواها : الإمكان بان يكون موضع لبث وقرار في العادة فعلى هذا : لو نوى الإقامة بموضع لا يمكن : لم يقصر لأن المانع نية الإقامة في بلدة ولم توجد وقال أبو المعالي في شرح الهداية : فإن كان لا يتصور الإقامة فيها أصلا كالمفازة ففيه وجهان انتهى .
وقال الشيخ تقي الدين وغيره : إن له القصر والفطر وإنه مسافر ما لم يجمع على إقامة ويستوطن .
قوله وإذا أقام لقضاء حاجة .
قصر أبدا يعني إذا لم ينو الإقامة ولا يعلم فراغ الحاجة قبل فراغ مدة القصر وهذه الصورة يجوز فيها القصر بلا خلاف وإن ظن أن الحاجة لا تنقضي إلا بعد مضي مدة القصر فالصحيح من المذهب : أنه لا يجوز له القصر قدمه في الفروع و الرعاية وقيل : له ذلك جزم به في الكافي و مختصر ابن تميم قال في الحواشي : وهو الذي ذكره ابن تميم وغيره .
فوائد .
إحداها : لو نوى إقامة بشرط مثل أن يقول : إن لقيت فلانا في هذا البلد أقمت فيه وإلا فلا : لم يصر مقيما بذلك ثم إن لم يلقه فلا كلام وإن لقيه صار مقيما إذا لم يفسخ نيته الأولى فإن فسخها قبل لقائه أو حال لقائه : فهو مسافر فيقصر بلا نزاع وإن فسخها بعد لقائه فهو كمن نوى الإقامة المانعة من القصر ثم نوى السفر قبل تمام الإقامة هل له القصر قبل شروعه في السفر ؟ على وجهين قال ابن تميم و الرعاية وقدمه في مجمع البحرين .
والصحيح من المذهب : أنه لا يجوز له القصر حتى يشرع في السفر ويكون كالمبتديء له كما لو تمت مدة الإقامة وعليه أكثر الأصحاب قاله المجد و مجمع البحرين .
قال في الفروع : واختار الأكثر : يقصر إذا سافر كما لو تمت مدة الإقامة .
والوجه الثاني : - ونقله صالح - : أنه يقصر من حين نوى السفر فأبطل النية الأولى بمجرد النية لأنها تثبت بها وأطلقهما في الفروع .
الثانية : لو مر بوطنه أتم مطلقا على الصحيح من المذهب ونص عليه وعنه يقصر إذا لم يكن له حاجة سوى المرور .
ولو مر ببلط له في امرأة أو تزوج فيه أتم على الصحيح من المذهب نص عليه وعنه يتم أيضا إذا مر ببلد له فيه أهل أو ماشية وهي من المفردات .
وقيل : أو مال .
وقال في عمد الأدلة : لا مال منقول وقيل : إن كان له به ولد أو والد أو دار : قصر وفي أهل غيرهما أو مال : وجهان .
الثالثة : لو فارق وطنه بنية رجوعه بقرب لحاجة : لم يترخص حتى يرجع ويفارقه نص عليه وكذا إن رجع عليه لغرض الاجتياز به فقط لكونه في طريق مقصده على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره قال المجد و مجمع البحرين : هذا ظاهر مذهبنا .
وأما على قولنا ( يقصر المجتاز على وطنه ) فيقصر هنا في خروجه منه أولا وعوده إليه واجتيازه به .
قال في مجمع البحرين قلت : وهو ظاهر عبارة الكافي انتهى .
وإذا فارق أو لا وطنه بنية المضي بلا عود ثم بدا له العود لحاجة فترخصه قبل نية عوده جائز وبعدها غير جائز لا في عوده ولا في بلده حتى يفارقه على الصحيح من المذهب قدمه في مجمع البحرين وقال : ذكره القاضي وقدمه في الفروع .
وعنه يترخص في عوده إليه لا فيه كنية طارئة للإقامة بقرية قريبة منه .
قال المجد : ويقوى عندي أنه لا يقصر إذا دخل وطنه ولكن يقصر في عوده إليه .
الرابعة : لا ينتهي حكم السفر ببلوغ البلد الذي يقصده إلا إذا لم ينو الإقامة هذا الصحيح من المذهب نص عليه قال في مجمع البحرين : اختاره أكثر الأصحاب قال الزركشي : هو المنصوص والمختار للأكثر وقيل : بلى .
الخامسة : لو سافر من ليس بمكاف - من كافر وحائض - سفرا طويلا ثم كلف بالصلاة في أثنائه فله القصر مطلقا فيما بقى وقيل : يقصر إن بقي مسافة القصر وإلا فلا واختاره في الرعايتين .
السادسة : لو رجع إلى بلد أقام به إقامة مانعة : ترخص مطلقا حتى فيه نص عليه لزوال نية إقامته كعوده مختارا على الصحيح من المذهب وقيل : كوطنه .
فائدة : كل من جاز له القصر جاز له الفطر ولا عكس لأن المريض ونحوه لا مشقة عليه في الصلاة بخلاف الصوم وقد ينوي المسافر مسيرة يومين ويقطعهما من الفجر إلى الزوال - مثلا - فيفطر وإن لم يقصر أشار إليه ابن عقيل لكنه لم يذكر الفطر قال في الفروع : فقد يعايي بها وقال أيضا : ولعل ظاهر ما سبق : أن من قصر جمع لكونه في حكم المسافر قال : وظاهر ما ذكروه في باب الجمع لا يجمع .
وقال القاضي - في الخلاف في بحث المسألة - إذا نوى إقامة أربعة أيام : له الجمع لا ما زاد وقيل للقاضي : إذا لم يجمع إقامة لا يقصر لأنه لا يجمع ؟ فقال : لا يسلم هذا بل له الجمع انتهى .
وقال في الفروع : وهل يمسح مسح مسافر من قصر ؟ قال الأصحاب - كالقاضي وغيره - هو مسافر ما لم يفسخ أو ينوي الإقامة أو يتزوج أو يقدر على أهل .
وقال الأصحاب - منهم ابن عقيل - الأحكام المتعلقة بالسفر الطويل أربعة : القصر والجمع والمسح ثلاثا والفطر قال ابن عقيل : فإن نوى إقامة تزيد على أربعة أيام صار مقيما وخرج عن رخصة السفر ويستبيح الرخص ولا يخرج عن حكم السفر إذا نوى ما دونها .
تنبيه : مفهوم قوله والملاح الذي معه أهله وليس له نية الإقامة ببلد ليس له الترخص أنه إذا لم يكن معه أهله : له الترخص وهو المذهب وهو صحيح وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم ولم يعتبر القاضي - في موضع من كلامه - في الملاح ومن في حكمه كون أهله معه فلا يترخص وحده قال في الفروع : وهو خلاف نصوصه .
فعلى قول القاضي وعلى المذهب أيضا - فيما إذا كان معه أهله مع عدم الترخص - من المفردات قال الأصحاب : لتفويت رمضان بلا فائدة لأنه يقضيه في السفر وكما تقعد امرأته مكانها كمقيم .
فائدة : قال في الرعاية : ومثل الملاح من لا أهل له ولا وطن ولا منزل يقصده ولا يقيم بمكان ولا يأوى إليه انتهى .
وتقدم أن الهائم و السائح والتائه لا يترخصون .
فائدتان .
إحداهما : المكاري والراعي والفيج والبريد ونحوهم : كالملاح لا يترخصون على الصحيح من المذهب ونص عليه وعليه أكثر الأصحاب وهو من المفردات وقيل : عنه يترخصون وإن لم يترخص الملاح اختاره المصنف وقال : سواء كان معه أهله أو لا لأنه مسافر مشقوق عليه بخلاف الملاح واختاره أيضا الشارح و أبو المعالي و ابن منجا وإليه ميل صاحب مجمع البحرين وأطلقهما في الرعايتين و الحاويين .
الثانية : الفيج - بالفاء المفتوحة والياء المثناة من تحت الساكنة والجيم - رسول السلطان مطلقا وقيل : رسول السلطان إذا كان راجلا وقيل : هو الساعي قاله أبو المعالي وقيل : هو البريد .
قوله فصل في الجمع ويجوز الجمع بين الظهر والعصر والعشاءين في وقت إحداهما لثلاثة أمور : السفر الطويل .
الصحيح من المذهب : أنه يشترط لجواز الجمع في السفر : أن تكون مدته مثل مدة القصر وعليه الأصحاب وقيل : ويجوز أيضا الجمع في السفر القصير ذكره في المبهج وأطلقهما .
تنبيه : يؤخذ من قول المصنف ( ويجوز الجمع ) أنه ليس بمستحب وهو كذلك بل تركه أفضل على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قاله المجد وصاحب مجمع البحرين ونص عليه وقدمه في الفروع وغيره وعنه الجمع أفضل اختاره أبو محمد الجوزي وغيره كجمعي عرفة ومزدلفة وعنه التوقف .
قوله في وقت إحداهما .
الصحيح من المذهب : جواز الجمع في وقت الأولى كالثانية وعليه جماهير الأصحاب قال الزركشي : هو المشهور المعمول به في المذهب قال في مجمع البحرين : هذا المشهور عن أحمد وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره .
وقيل : لا يجوز الجمع للمسافر إلا في وقت الثانية إذا كان سائرا في وقت الأولى اختاره الخرقي وحكاه ابن تميم وغيره رواية وحمله بعض الأصحاب على الاستحباب قاله في الحواشي .
وقيل : لا يجوز الجمع إلا لسائر مطلقا وقال ابن أبي موسى : الأظهر من مذهبه : أن صفة الجمع : فعل الأولى آخر وقتها وفعل الثانية أول وقتها .
وقال الشيخ تقي الدين : الجمع بين الصلاتين في السفر يختص بمحل الحاجة لا أنه من رخص السفر المطلقة كالقصر .
وقال أيضا : في جواز الجمع للمطر في وقت الثانية وجهان لأنا لا نثق بدوام المطر إلى وقتها .
وقيل : لا يصح جمع المستحاضة إلا في وقت الثانية فقط قاله في الرعاية .
تنبيه : ظاهر قوله السفر الطويل أنه لا يجوز الجمع للمكي ومن قاربه بعرفة ومزدلفة ومنى وهو صحيح وهو المذهب وعليه ( أكثر ) الأصحاب ونص عليه واختار أبو الخطاب في العبادات الخمس والمصنف و الشيخ تقي الدين : جواز الجمع لهم وتقدم ذلك قريبا أول الباب في القصر .
قوله والمرض الذي يلحقه بترك الجمع فيه مشقة وضعف .
الصحيح من المذهب : أنه يجوز الجمع للمرض بشرطه وعليه الأصحاب وعنه لا يجوز له الجمع ذكرها أبو الحسين في تمامه و ابن عقيل .
وقال بعضهم : إن جاز له ترك القيام جاز له الجمع وإلا فلا .
فوائد .
منها : يجوز الجمع للمرض للمشقة بكثرة النجاسة على الصحيح من المذهب نص عليه وذكر في الوسيلة رواية : لا يجوز وهو ظاهر كلام المصنف وغيره وقال أبو المعالي : هو كمريض .
ومنها : يجوز الجمع أيضا لعاجز عن الطهارة والتيمم لكل صلاة جزم به في الرعاية و الفروع .
ومنها : يجوز الجمع للمستحاضة ومن في معناها على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل : لا يجوز وعنه إن اغتسلت لذلك جازو إلا فلا .
وتقدم وجه أنه لا يجوز لها الجمع إلا في وقت الثانية .
ومنها : يجوز الجمع أيضا للعاجز عن معرفة الوقت كالأعمى ونحوه قال في الرعاية : أومأ إليه .
ومنها : ما قاله في الرعاية وغيرها : يجوز الجمع لمن له شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة كخوفه على نفسه أو حرمه أو ماله أو غير ذلك انتهى .
و قد قال أحمد في رواية محمد بن مشيش : الجمع في الحضر إذا كان عن ضرورة مثل مرض أو شغل قال القاضي : أراد بالشغل ما يجوز معه ترك الجمعة والجماعة من الخوف على نفسه أو ماله .
قال المجد في شرحه - وتبعه في مجمع البحرين - : وهذا من القاضي يدل على أن أعذر الجمعة والجماعة كلها تبيح الجمع .
وقالا أيضا : الخوف يبيح الجمع في ظاهر كلام الإمام أحمد كالمرض ونحوه وأولى للخوف على ذهاب النفس والمال من العدو قال في الفروع وشرحه ( ويتوجه أن ) مراد القاضي غير غلبة النعاس .
قلت : صرح بذلك في الوجيز فقال : ويجوز الجمع لمن له شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة عدا نعاس ونحوه .
وقال في الفائق - بعد كلام القاضي - قلت : إلا النعاس وجزم به في التسهيل بالجواز في كل ما يبيح ترك الجمعة .
واختار الشيخ تقي الدين جواز الجمع للطباخ والخباز ونحوهما ممن يخشى فساد ماله ومال غيره بترك الجمع