السنة أن يؤم القوم أقرؤهم ثم أفقههم .
قوله السنة أن يؤم القوم أقرؤهم أي لكتاب الله ثم أفقههم .
هذا المذهب بلا ريب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من المفردات وعنه يقدم الأفقه على الأقرأ إن قرأ ما يجزيء في الصلاة اختاره ابن عقيل وحكى ابن الزاغوني عن بعض الأصحاب : أنه رأى تقديم الفقيه على القاريء .
فائدتان .
إحداهما : يقدم الأقرأ الفقيه على الأفقه القاريء على الصحيح من المذهب قدمه في النظم وقيل : عكسه .
فعلى المذهب في أصل المسألة : يقدم الأجود قراءة على الأكثر قرآنا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع و الرعاية و الفائق و تجريد العناية و النظم وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره واختاره المصنف و المجد و الشارح و غيرهم .
وقيل : يقدم أكثرهم قرآنا اختاره صاحب روضة الفقه .
الثانية : من شرط تقديم الأقرأ - حيث قلنا به - أن يكون عالما فقه صلاته فقط حافظا للفاتحة وقيل : يشترط - مع ذلك - أن يعلم أحكام سجود السهو .
تنبيه : ظاهر كلام المصنف وغيره : لو كان القاريء جاهلا بما يحتاج إليه في الصلاة ولكن يأتي بها في العادة صحيحة : أنه يقدم على الفقيه قال الزركشي : هو ظاهر كلام الإمام أحمد و الخرقي والأكثرين وهو أحد الوجهين .
والوجه الثاني : أن الأفقه الحافظ من القرآن ما يجزئه في الصلاة يقدم على ذلك وهو المذهب نص عليه وهو ظاهر كلامه في الوجيز وجزم به في المحرر واختاره ابن عقيل وحسنه المجد في شرحه قال في مجمع البحرين : وهو أولى وقدمه في الفروع و الفائق وأطلقهما ابن تميم .
فائدة .
قوله ثم أفقههم يعني إذا استويا في القراءة قدم الأفقه وكذا لو استويا في الفقه قدم أقرأهما ولو استويا في جودة القراءة قدم أكثرهما قرآنا ولو استويا في الكثرة قدم أجودهما ولو كان أحد الفقيهين أفقه أو أعلم بأحكام الصلاة قدم ويقدم قاريء لا يعرف أحكام الصلاة على فقيه أمي .
قوله ثم أسنهم .
يعني إذا استووا في القراءة و الفقه قدم أسنهم وهذا المذهب وجزم به في الهداية و الإيضاح و المبهج و الخرقي و المذهب و المستوعب و الخلاصة و الوجيز و المنتخب و المذهب الأحمد و إدراك الغاية واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه ابن الجوزي في المذهب و مسبوك المذهب وقدمه في الفروع و الرعايتين و الحاويين .
وظاهر كلام الإمام أحمد : تقديم الأقدم هجرة على الأسن جزم به في الإفادات و النظم و تجريد العناية و المنور وقدمه في الكافي و المحرر و الفائق وصححه الشارح قال الزركشي : اختاره الشيخان وجزم به في النهاية و نظمها و تجريد العناية بتقديم الأقدم إسلاما على الأسن وقال ابن حامد : يقدم الأشرف ثم الأقدم هجرة ثم الأسن عكس ما قال المصنف هنا وأطلقهن ابن تميم .
قوله ثم أقدمهن هجرة ثم أشرفهم .
هذا أحد الوجوه حكاه في التلخيص وجزم به في المبهج و الإيضاح و النظم و الإفادات و تجريد العناية و المنور و المنتخب وقدمه في الفائق واختاره الشيخ تقي الدين و ابن عبدوس في تذكرته .
والوجه الثاني : يقدم الأشرف على الأقدم هجرة وهو المذهب وجزم به الخرقي و الهداية و المذهب و الخلاصة و الوجيز و المذهب الأحمد وقدمه في الفروع و المحرر و الرعايتين و الحاويين واختاره المصنف كما تقدم .
وقيل : تقدم الأتقى على الأشرف ولم يقدم الشيخ تقي الدين بالنسب ذكره عن أحمد وهو ظاهر كلامه في الإيضاح .
فائدة : قيل الأقدم هجرة : من هاجر بنفسه جزم به في الكافي و المغني و الشرح و شرح ابن رزين وقيل : السبق بآبائه قال الآمدي : الهجرة منقطعة في وقتنا وإنما يقدم بها من كان لآبائه سبق وقيل : السبق بكل منهما قطع به في مجمع البحرين و الزركشي وقدمه ابن تميم و الرعاية الكبرى و الحاوي الكبير و الحواشي وأطلقهن في الفروع .
وأما الأشرف : فقال في الفروع : والمراد به القرشي وقاله المجد وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية وقدمه الزركشي قال في مجمع البحرين : ومعنى الشرف الأقرب فالأقرب منع عليه أفضل الصلاة والسلام فيقدم العرب على غيرهم ثم قريش ثم بنو هاشم وكذلك أبدا وقال ابن تميم : ومعنى الشرف : علو النسب والقدر قاله بعض أصحابنا واقتصر عليه .
قلت : وقطع به المغني و الكافي و الشرح و الفائق وغيرهم .
فائدة : السبق بالإسلام كالهجرة وقاله في الفروع وغيره .
قوله ثم أتقاهم .
يعني بعد الأسن والأشرف والأقدم هجرة : الأتقى وهذا المذهب جزم به في الهداية و المذهب و المستوعب و الخلاصة و الوجيز و الإفادات و الرعاية الصغرى و الحاويين و المذهب الأحمد وقدمه في الفروع و المغني و الشرح و الرعاية الكبرى وغيرهم وقيل : يقدم الأتقى على الأشرف كما تقدم وهو احتمال للمصنف واختاره الشيخ تقي الدين كما تقدم وهو الصواب .
وقيل : يقدم الأعمر للمسجد على الأتقى والأورع وجزم به في المبهج و الإيضاح و الفصول وزاد : أو يفضل على الجماعة المنعقدة قدمه في الرعاية وقيل : بل الأعمر للمسجد الراعي له والمتعاهد لأموره .
فائدة : ذكر في الهداية و المذهب و المستوعب و حواشي الفروع و الزركشي وغيرهم : أن الأتقى والأورع سواء وقال في الرعاية الكبرى : ثم الأتقى ثم الأورع ثم من قرع وعنه ينقسم بينهما .
قوله ثم من تقع له القرعة .
يعني بعد الأتقى وهو إحدى الروايتين وهو المذهب جزم به في الهداية و المذهب و مسبوك الذهب و الخلاصة و المذهب الأحمد و الكافي و التلخيص و البلغة و الوجيز و الحاوي الكبير و تجريد العناية و الإفادات و المنتخب واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الرعايتين و القواعد الفقهية وعنه يقدم من اختاره الجماعة على القرعة قدمه ابن تميم و الفائق و جزم به في المبهج و الإيضاح و النظم .
قال في المغني و الشرح : فإن استووا في التقوى أقرع بينهم نص عليه فإن كان أحدهما يقوم بعمارة المسجد وتعاهده فهو أحق به وكذلك إن رضى الجيران أحدهما دون الآخر .
قال الزركشي : فإن استووا في التقوى والورع قدم أعمرهم للمسجد وما رضي به الجيران أو أكثرهم فإن استووا في القرعة قال في مجمع البحرين : ثم بعد الأتقى من يختاره الجيران أو أكثرهم لمعنى مقصود شرعا ككونه أعمر للمسجد أو أنفع لجيرانه ونحوه مما يعود بصلاح المسجد وأهله ثم القرعة انتهى وأطلقهما في المستوعب و الحاوي الصغير و الفروع .
فعلى الرواية الثانية : لو اختلفوا في اختيارهم عمل باختيار الأكثر فإن استووا فقيل : يقرع .
قلت : وهو أولى .
وقيل : يختار السلطان الأولى وأطلقهما في الفروع .
فعلى القول باختيار السلطان : لا يتجاوز المختلف فيهما على الصحيح من المذهب قدمه في الرعاية الكبرى وقيل : للسطان أن يختار غيرهما ذكره في الرعاية وهما احتمالان مطلقان في الفروع .
تنبيه : قولي في الرواية الثانية ( من اختاره الجماعة ) هكذا قال في الفروع ومختصر ابن تميم وغيرهما وقال في الرعاية الكبرى : من رضيه وأراده المصلون وقيل : الجماعة وقيل : الجيران وقيل : أكثرهم .
تنبيه : ظاهر كلام المصنف وغيره : أن القرعة بعد الأتقى والأورع أو من تختاره الجماعة على الرواية الأخرى وهو صحيح وقيل : يقدم بحسن خلقه جزم به في الرعاية في موضع وكذلك ابن تميم وقيل : يقدم أيضا بحسن الخلقة وأطلقهما ابن تميم .
فائدة : تحرير الصحيح من المذهب في الأولى بالتقديم في الإمامة فالأولى : الأقرأ أجودة العارف فقه صلاته ثم القاريء كذلك ثم الأفقه ثم الأسن ثم الأشرف ثم الأقدم هجرة والأسبق بالإسلام ثم الأتقى والأورع ثم من يختاره الجيران ثم القرعة .
واعلم أن الخلاف إنما هو في الأولوية لا في اشتراط ذلك ووجوبه على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر وقطعوا به ونص عليه ولكن يكره تقديم غير الأولى ويأتي بأتم من هذا قريبا .
قوله وصاحب البيت وإمام المسجد أحق بالإمامة .
يعني أنهما أحق بالإمامة من غيرهما ممن تقدم ذكره إذا كان ممن تصح إمامته قاله في مجمع البحرين و الزركشي وغيرهما قال في الرعاية : قلت : إن صلحا للإمامة بهم مطلقا وإن كان أفضل منهما وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقال ابن عقيل : هما أحق من غيرهما مع التساوي ووجه في الفروع أنه يستحب لهما أن يقدما أفضل منهما .
فائدة : لهما تقديم غيرهما ولا يكره نص عليه وعنه يكره تقديم أبويهما مطلقا فغيرهما أولى أن يكره وكذا الخلاف في إذن من استحق التقديم غيرهما ويأتي قريبا بأعم من هذا .
فائدة : المعير والمستأجر أحق بالإمامة من المستعير والمؤجر على الصحيح من المذهب وقيل : عكسه وقدم في الرعايتين و الحاويين أن المستعير أولى من المالك قال الزركشي : قلت : ويخرج أن المسعتير أولى إن قلنا : العارية هبة منفعة وأطلقهما ابن تميم في المؤجر والمستأجر .
قوله إلا أن يكون بعضهم ذا سلطان .
يعني فيكون أحق بالإمامة من صاحب البيت ومن إمام المسجد وهو الصحيح من المذهب وعليه الجمهور نص عليه وقيل : هما أحق منه واختاره ابن حامد في صاحب البيت وأطلقهما في التلخيص في صاحب البيت والسلطان .
فائدة : لو كان البيت لعبد فسيده أحق منه بالإمامة قاله في الكافي وغيره وهو واضح لأن السيد صاحب البيت ولو كان البيت للمكاتب كان أولى قال في الرعاية الكبرى وقيل : يقدمان في بيتهما على غير سيدهما .
قوله والحر أولى من العبد ومن المكاتب ومن بعضه حر .
وهو المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وجزم به في المغني و الشرح و المحرر و الفائق و الوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره وعنه لا يقدم عليه إلا إذا تساويا وقيل : إذا لم يكن أحدهما إماما راتبا ذكره في الرعاية .
فائدتان .
إحداهما : العبد المكلف أولى من الصبي إذا قلنا : تصح إمامته بالبالغين قاله في الرعاية .
الثانية : أفادنا المصنف - C - إن إمامه العبد صحيحة من حيث الجملة وهو صحيح لا أعلم فيه خلافا في المذهب إلا ما يأتي في إمامته في صلاة الجمعة بل ولا يكره بالأحرار نص عليه .
قوله والحاضر أولى من المسافر .
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المحرر و الوجيز و الفائق و شرح ابن منجا وغيرهم وقدمه في المغني و الشرح و الفروع و الرعاية وغيرهم وقال القاضي : إن كان فيهم إمام فهو أحق بالإمامة قال القاضي وإن كان مسافرا وجزم به ابن تميم