يحرم ركوع المأموم أو سجودة قبل إمامه عمدا .
قوله ومن ركع أو سجد قبل إمامه فعليه أن يرفع ليأتي به بعده .
اعلم أن ركوع المأموم أو سجوده أو غيرهما قبل إمامه عمدا محرم على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل : مكروه واختاره ابن عقيل .
فعلى المذهب : لا تبطل صلاته بمجرد ذلك على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور واختاره القاضي وغيره قال في الفصول : ذكر أصحابنا فيها روايتين والصحيح : لا تبطل قال في الفروع : والأشهر لا تبطل إن عاد إلى متابعته حتى أدركه فيه وعنه تبطل إذا فعله عمدا ذكرها الإمام أحمد في رسالته وقدمه الشارح فقال : وتبطل صلاته في ظاهر كلام الإمام أحمد فإنه قال : ليس لمن سبق الإمام صلاة لو كان له صلاة لرجي له الثواب ولم يخش عليه العقاب قال في الحواشي : اختاره بعض أصحابنا .
وأما إذا فعل سهوا أو جهلا فإنها لا تبطل على الصحيح من المذهب ولو قلنا تبطل بالعمدية وقيل : تبطل ذكره ابن حامد وغيره .
قوله فإن لم يفعل عمدا بطلت صلاته عند أصحابنا إلا القاضي .
يعني إذا ركع أو سجد قبل إمامه عمدا أو سهوا ثم ذكر فإن عليه أن يرفع ليأتي به بعد إمامه فإن لم يفعل عمدا حتى أدركه الإمام فيه قال الأصحاب : بطلت صلاته وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال في الفروع : اختاره الأكثر وقدمه هو وغيره وهو من المفردات .
وقال القاضي : لا تبطل واختاره جماعة من الأصحاب وصححه ابن الجوزي في المذهب وذكر في التلخيص : أنه المشهور وعلله القاضي وغيره بأن العادة أن المأموم يسبق الإمام بالقدر اليسير - يعني يعفي عنه - كفعله سهوا أو جهلا وقيل : تبطل بالركوع فقط وقال المجد : إذا تعمد سبقه إلى الركن عالما بالنهي - وقلنا : لا تبطل صلاته - لم يعد ومتى عاد بطلت صلاته على كلا الوجهين قال : لأنه قد زاد ركوعا أو سجودا عمدا وذلك يبطل عندنا قولا واحدا انتهى وهي من المفردات أيضا وجزم به ابن تميم على قول القاضي قال في الرعاية : وفيه بعد .
تنبيه : مفهوم كلام المصنف : انه إذا لم يعد سهوا أن صلاته لا تبطل وهو صحيح وهو المذهب وكذا الجاهل ويعتد به وقيل : تبطل منهما أيضا .
قوله وإن ركع ورفع قبل إمامه عالما عمدا فهل تبطل صلاته ؟ على وجهين .
وأطلقهما في الفروع و ابن تميم و الشرح و الهداية و المذهب و المستوعب و الخلاصة و شرح ابن منجا .
أحدهما : تبطل وهو الصحيح من المذهب نص عليه اختاره القاضي وصححه في التصحيح و النظم وجزم به في الوجيز و المحرر و المنور وقدمه في الرعايتين و الحاويين و الفائق .
الوجه الثاني : لا تبطل وذكر في التلخيص : أنه أشهر فعليه يعتد بتلك الركعة صرح به ابن تميم وهو ظاهر ما قطع به في الرعاية الكبرى وبنيا - هما وغيرهما - الخلاف في أصل المسألة على قولنا بالصحة فيما إذا اجتمع معه في الركوع في المسألة السابقة .
فائدة .
حكى الآمدي و السامري في المستوعب و ابن الجوزي في المذهب وصاحب الفروع وغيرهم الخلاف روايتين وحكاه في الهداية و الخلاصة و ابن تميم وغيرهم وجهين .
قوله وإن كان جاهلا أو ناسيا لم تبطل صلاته بلا نزاع وهل تبطل تلك الركعة ؟ على روايتين .
وأطلقهما في الهداية و المستوعب و الخلاصة و الفروع .
إحداهما : تبطل وهو المذهب قال في المذهب : لا يعتد له بتلك الركعة في أصح الروايتين قال في الرعايتين و الحاويين : ويعيد الركعة على الأصح وصححه في التصحيح و النظم وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر و المغني و الشرح و الفائق .
الرواية الثانية : لا تبطل قدمه ابن تميم قال في الفائق : وخرج منها صحة صلاته عمدا انتهى .
ومحل الخلاف في هذه المسألة : إذا لم يأت بها مع إمامه فأما إن أتى بذلك مع إمامه صحت ركعته جزم به ابن تميم قال ابن حمدان : يعيدها إن فاتته مع الإمام .
قوله وإن ركع أو رفع قبل ركوعه ثم سجد قبل رفعه بطلت صلاته إلا الجاهل والناسي تصح صلاتهما وتبطل تلك الركعة .
لعدم اقتدائه بإمامه فيها قال في الفروع : وتبطل الركعة ما لم يأت بذلك مع إمامه .
فوائد .
الأولى : مثال ما إذا سبقه بركن واحد كامل : أن يركع ويرفع قبل ركوع إمامه ومثال ما إذا سبقه بركنين : أن يركع ويرفع قبل ركوعه ثم يسجد قبل رفعه كما قاله المصنف فيهما .
الثانية : الركوع كركن على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وقيل : كركنين وقال في الرعاية : والسجدة وحدها كالركوع فيما قلنا وقيل : بل السجدتان .
الثالثة : ذكر المصنف هنا حكم سبق المأموم في الأفعال فأما سبقه له في الأقوال : فلا يضر سوى بتكبيرة الإحرام وبالسلام .
فأما تكبيرة الإحرام : فإنه يشترط أن يأتي بها بعد إمامه فلو أتى بها معه لم يعتد بها على الصحيح من المذهب مطلقا وعنه يعتد بها إن كان سهوا .
وأما السلام : فإن سلم قبل إمامه عمدا بطلت وإن كان سهوا لم تبطل ولا يعتد بسلامه وتقدم ذلك في كلام المصنف في أول سجود السهو .
قال في الرعاية : ولا يعتد بسلامه وجها واحدا وقال في المستوعب : إذا سبق المأموم إمامه في جميع الأقوال لم يضره إلا تكبيرة الإحرام فإنه يشترط أن يأتي بها بعده والمستحب أن يتأخر عنه بما عداها .
الرابعة : الأولى أن يشرع المأموم في أفعال الصلاة بعد شروع الإمام قاله ابن تميم وغيره وقال المصنف في المغني و الشارح و ابن رزين في شرحه و ابن الجوزي في المذهب وغيرهم : يستحب أن يشرع المأموم في أفعال الصلاة بعد فراغ الإمام مما كان فيه انتهى .
فإن وافقه في غير تكبيرة الإحرام كره ولم تبطل صلاته على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال في المبهج : تبطل وقيل : تبطل بالركوع فقط وقيل : تبطل بسلامه مع إمامه واختاره في الرعاية إن سلم عمدا وتقدم سبقه في الأفعال والأقوال .
الخامسة : قال ابن رجب في شرح البخاري : الأولى أن يسلم المأموم عقيب فراغ الإمام من التسليمتين فإن سلم بعد الأولى جاز عند من يقول إن الثانية غير واجبة ولم يجز عند من يرى أن الثانية واجبة لا يخرج من الصلاة بدونها انتهى .
وظاهره مشكل ولعله أراد : أن الأولى سلام المأموم عقيب فراغ الإمام من كل تسليمه وأنه إن سلم المأموم الثانية بعد سلام الإمام وقبل الثانية ترتب الحكم الذي ذكره .
السادسة : في تخلف المأموم عن الإمام عكس ما تقدم قال في الفروع وغيره : وإن تخلف عنه بركن بلا عذر فكالسبق به على ما تقدم ولعذر يفعله ويلحقه وفي اعتداده بتلك الركعة الروايتان المتقدمتان في الجاهل والناسي في قوله وهل تبطل تلك الركعة ؟ على روايتين .
وإن تخلف عن إمامه بركنين بطلت صلاته إن كان لغير عذر وإن كان لعذر كنوم وسهو وزحام - إن أمن فوت الركعة الثانية - أتى بما تركه وتبعه وصحت ركعته وإن لم يأمن فوت الركعة الثانية تبع إمامه ولغت ركته والتي تليها عوض لتكميل ركعة مع إمامه على صفة ما صلاها وهذا الصحيح من المذهب وعنه يحتسب بالأولى .
قال الإمام أحمد في مزحوم أدرك الركوع ولم يسجد مع إمامه حتى فرغ قال : يسجد سجدتين للركعة الأولى ويقضي ركعة وسجدتين لصحة الاولى ابتداء فعلى الثاني كركوعين وعنه يتبعه مطلقا وجوبا وتلغو أولاه وعنه عكسه فيكمل الأولى وجوبا ويقضي الثانية بعد السلام كمسبوق وعنه يشتغل بما فاته إلا أن يستوي الإمام قائما في الثانية فتلغو الأولى قال ابن تميم : إذا تخلف عن الإمام بركنين فصاعدا بطلت صلاته وإن كان بركن واحد فثلاثة أوجه الثالث : إن كان ركوعا بطل وإلا فلا .
وعلى المذهب الأول : لو زال عذر من أدرك ركوع الأولى - وقد رفع إمامه من ركوع الثانية تباعه في السجود فتتم له ركعة ملفقة من ركعتي إمامه يدرك بها الجمعة .
قلت : فيعايي بها .
وقيل : لا يعتد له بهذا السجود فيأتي بسجدتين آخريتين والإمام في تشهده وإلا عند سلامه ثم في إدراك الجمعة الخلاف .
وإن ظن تحريم متابعة إمامه فسجد جهلا : اعتد له به كسجود من يظن إدراك المتابعة ففاتت وقيل : لا يعتد له لأن الفرصة الركوع ولا تبطل لجهله .
فعلى الأولى : إن أدركه في التشهد ففي إدراكه الجمعة الخلاف وإن أدركه في ركوع الثانية تبعه فيه وتمت جمعته وإن أدركه بعد رفعه منه تبعه وقضى كمسبوق يأتي بركعة فتتم له جمعة أو بثلاث تتم بها رباعية أو يستأنفها على الروايات المتقدمة .
وعلى الثاني : أنه لا يعتد بسجوده إن أتى به ثم أدركه في الركوع تبعه .
وصارت الثانية أولاه وأدرك بها جمعة وإن أدركه بعد رفعه تبعه في السجود فيحصل القضاء والمتابعة معا وتتم له ركعة يدرك بها الجمعة وقيل : لا يعتد به لأنه معتد به للإمام من ركعة فلو اعتد به للمأموم من غيرها : اختل معنى المتابعة فيأتي بسجود آخر وإمامه في التشهد وإلا بعد سلامه .
ومن ترك متابعة إمامه مع علمه بالتحريم بطلت صلاته وإن تخلف بركعة فأكثر لعذر تابعه وقضى كمسبوق وكما في صلاة الخوف وعنه تبطل