لا يجوز النفل على الراحلة لراكب التعاسيف .
لا يجوز التنقل على الراحلة لراكب التعاسيف وهو ركوب الفلاة وقطعها على غير صوب ذكره صاحب التلخيص و الرعاية و الفروع و ابن تميم وغيرهم .
قلت : فيعايي بها وهو مستثنى من كلام من أطلق .
قوله فإن أمكنه - أي الراكب - افتتاح الصلاة إلى القبلة فهل يلزمه ذلك ؟ على روايتين .
وأطلقهما في الشرح و الفائق وحكاهما في الكافي وجهين .
أحدهما : يلزمه وهو المذهب جزم به في الهداية و المذهب و المستوعب و الخلاصة و المحرر و الوجيز و المنور وغيرهم وصححه النظام قال أبو المعالي وغيره : وهي المذهب قال المجد في شرحه : هذا ظاهر المذهب قال في الفروع : ويلزم الراكب الإحرام إلى القبلة بلا مشقة نقله واختاره الأكثر قال ابن تميم : يلزمه في أظهر الروايتين قال في تجريد العناية : يلزمه على الأظهر وهو ظاهر كلام الخرقي وقدمه الزركشي .
والرواية الثانية : لا يلزمه واختاره أبو بكر وجزم به في الإرشاد وقدمه في الرعايتين وهذه الرواية خرجها أبو المعالي و المصنف من الرواية التي في صلاة الخوف وقد نقل أبو داود وصالح ( يعجبني ذلك ) .
فوائد .
الأولى : إذا أمكن الراكب فعلها راكعا وساجدا بلا مشقة لزمه ذلك على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل : لا يلزمه قال في الفروع : وذكره في الرعاية رواية للتساوي في الرخص العامة انتهى ولم أجده في الرعاية إلا قولا .
واختاره الآمدي و المجد في شرحه وأطلقهما في الفائق وتقدم نظيره في دورانه .
الثانية : لو عدلت به دابته عن جهة سيره لعجزه عنها أو لجماحها ونحوه أو عدل هو إلى غير القبلة غفلة أو نوما أو جهلا أو لظنه أنها جهة سيره وطال : بطلت على الصحيح من المذهب وقيل : لا تبطل فيسجد للسهو لأنه مغلوب كساه وأطلقهما ابن تميم و ابن حمدان في الرعاية وقيل : يسجد بعدوله هو وإن قصر لم تبطل ويسجد للسهو .
قلت : وحيث قلنا : يسجد لفعل الدابة فيعابى بها .
وإن كان غير معذور في ذلك بأن عدلت دابته وأمكنه ردها أو عدل إلى غير القبلة مع علمه : بطلت وإن انحراف عن جهة سيره فصار قفاه إلى القبلة عمدا : بطلت إلا أن يكون انحرافه إلى جهة القبلة ذكره القاضي وهي مسألة الالتفات المبطل .
الثالثة : متى لم يدم سيره فوقف لتعب دابته أو منتظرا للرفقة أو لم يسر كسيرهم أو نوى النزول ببلد دخله : استقبل القبلة .
الرابعة : يشترط في الراكب طهارة محله نحو سرج وركاب .
الخامسة : لو ركب المسافر النازل وهو يصلي في نفل : بطلت على الصحيح من المذهب وقيل : يتمه كركوب ماش فيه وإن نزل الراكب في أثنائها نزل مستقبلا وأتمها نص عليه .
تنبيهان .
أحدهما : الضمير في قوله فإن أمكنه عائد إلى الراكب فقط ولا يجوز عوده إلى الماشي ولا إلى الماشي والراكب قطعا لأن الماشي إذا قلنا يباح له التطوع فإنه يلزمه افتتاح الصلاة إلى القبلة قولا واحدا كما تقدم .
وأيضا فإن قوله فإن أمكنه فيه إشعار بأنه تارة يمكنه وتارة لا يمكنه وهذا لا يكون إلا في الراكب إذ الماشي لا يتصور أنه لا يمكنه .
ولا يصح عوده إليهما لعدم صحة الكلام .
فيتعين أنه عائد إلى الراكب وهو صحيح لكن قال ابن منجا في شرحه : في عوده إلى الراكب أيضا نظر لأن الروايتين المذكورتين إنما هما في حال المسايفة .
قال : ولقد أمعنت في المطالعة والمبالغة من أجل تصحيح كلام المصنف هنا .
قلت : ليس الأمر كما قال : فإن جماعة من الأصحاب صرحوا بالروايتين منهم الشارح و ابن تميم وصاحب الفروع و الفائق و تجريد العناية وغيرهم وقد تقدم أن أبا المعالي والمصنف خرجا رواية بعدم اللزوم فذكر المصنف الروايتين هنا اعتمادا على الرواية المخرجة فلا نظر في كلامه وإطلاق الرواية المخرجة من غير ذكر التخريج كثير في كلام الأصحاب .
وأيضا فقد قال في الفروع : نقل صالح وأبو داود ( يعجبني للراكب الإحرام إلى القبلة ) وجمهور الأصحاب أن ذلك للندب فلا يلزمه فهذه رواية بأنه لا يلزمه .
الثاني : مفهوم كلام المصنف : أنه إذا لم يمكنه الافتتاح إلى القبلة لا يلزمه قولا واحدا وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقال القاضي : يحتمل أن يلزمه ذكره عنه في الشرح