فإن أراد سفرا يحل الدين قبل مدته .
تنبيه : قوله فإن أراد سفرا يحل الدين قبل مدته : فلغريمه منعه إلا أن يوثقه برهن أو كفيل .
بلا نزاع لكن من شرط الكفيل : أن يكون مليئا ذكره الأصحاب وهو واضح .
قوله وإن كان لا يحل قبله : ففي منعه روايتان .
وأطلقهما في المغني وخصال ابن البنا و الشرح و الفائق و الحاوي و الزركشي وغيرهم .
إحداهما : له منعه وهو الصحيح من المذهب .
قال في الفروع : فله منعه علىالأصح وصححه في التصحيح وجزم به في البلغة و الوجيز و المنور واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في المحرر .
قال في المذهب : منع في ظاهر المذهب .
والثانية : ليس له منعه وهو ظاهر كلام الخرقي و العمدة واختاره القاضي وقدمه في الخلاصة و الهداية و التلخيص و الرعايتين و النظم و الحاوي الصغير .
تنبيه : ظاهر كلام المصنف : أن الروايتين في السفر سواء كان مخوفا أو غير مخوف وهو ظاهر كلامه في الهداية و الكافي و المذهب و الخلاصة وغيرهم ولعله الصواب .
ومحلهما - عند صاحب الفروع - إذا كان السفر مخوفا كالجهاد ونحوه .
وحكى في السفر غير الخوف وجهين .
قال في الرعاية الصفرى و الحاوي الصغير : فإن أراد سفرا قبل أجل الدين جاز كالجهاد .
وأدخل صاحب الواضح في السفر المخوف : الحج .
ومحلهما عند المصنف و ابن البنا وصاحب التلخيص و البلغة و الحرر و النظم و الشرح و الحاوي الكبير و الفائق و الزركشي : في غير الجهاد .
فأما في الجهاد : فيمنع حتى يوثقه برهن أو ضمين على رواية واحدة .
وظاهر كلامه في الرعاية الكبرى : أن محل الخلاف في غير الجهاد وأن الجهاد لا يمنع منه قولا واحدا لأنه قال : ومن عليه دين مؤجل فله السفر دون أجله .
وعنه لا يسافر غير مجاهد حتى يأتي برهن أو ضمين .
وتقدم كلامه في الرعاية الصغرى و الحاوي الصغير فإن ظاهره كذلك .
فلعلنهما أرادا إذا تعين عليه وإلا فبعيد .
وقد تقدم في أول الجهاد : أنه لا يجاهد من عليه دين ولا وفاء له إلا بإذن غريمه على الصحيح وذكرنا هناك الخلاف وأن لنا قولا : لا يستأذنه في الجهاد إذا كان الدين مؤجلا وقولا : إذا كان المديون جنديا موثوقا به لا يستأذنه ويستأذنه غيره .
ومحلهما - عند المصنف أيضا و الشارح وجماعة - : إذا كان السفر طويلا لأنهم عللوا رواية عدم المنع فقالوا : لأن هذا السفر ليس بأمارة على منع الحق في محه فلم يملك منعه منه كالسفر القصير ولعله أولى .
فهذه ست طرق في محل الخلاف .
فائدتان .
إحداهما : اختار الشيخ تقي الدين C أن من أراد سفرا وهو عاجز عن وفاء دينه : أن لغريمه منعه حتى يقيم كفيلا ببدنه .
قال في الفروع : وهو متجه .
قلت : من قواعد المذهب : أن العاجز عن وفاء دينه إذا كان له حرفة : يلزم بإيجار نفسه لقضاء الدين فلا يبعد أن يمنع ليعمل .
الثانية : لو طلب منه دين حال يقدر على وفائه فسافر قبل وفائه : لم يجز له أن يترخص على الصحيح من المذهب .
وقيل : يجوز .
وإن لم يطلب منه الدين الحال أو يحل في سفره فقيل : له القصر والترخص لئلا يحبس قبل ظلمه كحبس الحاكم .
وقيل : لا يجوز له ذلك إلا أن يوكل في قضائه لئلا يمنع به واجبا .
ذكر هذين الوجهين ابن عقيل وأطلقهما في القاعدة الثالثة والخمسين وأطلقهما ابن تميم في باب قصر الصلاة وكذا ابن حمدان .
وقيل : إن سافر وكيل في القضاء : لم يترخص .
قلت : يحتمل أن يبني الخلاف هنا على الخلاف في وجوب الدفع قبل الطلب وعدمه على ما تقدم في آخر باب القرض .
و المذهب : لا يجب قبل الطلب فله القصر وأطلقهن في الفروع