حكم المستحاضة .
قوله إلا أن يجاوز أكثر الحيض فتكون مستحاضة .
هذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب وجزم به كثير منهم وعند القاضي كل ملفقة غير معتادة لم يتصل دمها المجاور الأكثر بدم الأكثر فالنقاء بينهما فاصل بين الحيض والاستحاضة وأطلق بعض الأصحاب : أن الزائد استحاضة .
تنبيهان .
أحدهما : ظاهر قوله والمستحاضة تغسل فرجها وتعصبه وتتوضأ لوقت كل صلاة أنه لا يلزمها إعادة شده وغسل الدم لكل صلاة إذا لم تفرط وهو صحيح وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره وجزم به المصنف و الشارح وغيرهما وصححه المجد في شرحه و ابن عبيدان و صاحب مجمع البحرين و الفائق وغيرهم وقيل : يلزمها ذلك واطلقهما ابن تميم و ابن حمدان وقيل : يلزمها إن خرج شئ وإلا فلا .
الثاني : مراده بقوله وتتوضأ لوقت كل صلاة إذا خرج شئ بعد الوضوء فأما إذا لم يخرج شئ : فلا تتوضأ على الصحيح من المذهب وجزم به في المغني و الشرح وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره ونص عليه فيمن به سلس البول وقيل : يجب .
قلت : وهو ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب فيعايي بها .
قوله وتتوضأ لوقت كل صلاة .
وكذا قال في المغني و المحرر و الشرح و الرعايتين و الحاويين و الفروع و الفائق وغيرهم فلا يجوز الفرض قبل وقته على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقيل : يجوز حكاه في الرعاية .
إذا علمت ذلك فيحتمل أن يقال : ظاهر كلامهم : أنه لا يبطل طهرها إلا بدخول الوقت ولا يبطل بخروجه وهذا أحد وجهين قال المجد في شرحه : وهو ظاهر كلام أحمد قال : وهو أولى وكذا قال في مجمع البحرين وجزم به ناظم المفردات فقال .
( وبدخول الوقت طهر يبطل ... لمن بها استحاضة قد نقلوا ) .
( لا بالخروج منه لو تطهرت ... للفجر لم تبطل بشمس ظهرت ) .
وهي شبيهة بمسألة التيمم والصحيح فيه : أنه يبطل بخروج الوقت كما تقدم وقال القاضي : يبطل الوقت وبخروجه أيضا قال في الرعاية الكبرى : فإن توضأت قبل الوقت لغير فرض الوقت وقبل أوله : بطل بدخزله وتصلي قبله نفلا ثم قال : وإن توضأت فيه له أو لغيره بطل بخروجه في الأصح كما لو توضأت لصلاة الفجر بعد طلوعه ثم طلعت الشمس انتهى وهو ظاهر ما جزم به في المغني و الشرح في مكانين وقدمه في المستوعب و ابن تميم وهو ظاهر كلام المصنف على ما قدمه في الفروع وأطلقهما ابن تميم و ابن عبيدان و الزركشي .
قوله وتصلي ما شاءت من الصلوات .
هذا هو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعنه لا تجمع بين فرضين قال في الفروع : أطلقهما غير واحد وهي ظاهر كلامه في المستوعب وغيره وقيدها بعض الأصحاب فقال : لا تجمع بين فرضين بوضوء للأمر بالوضوء لكل صلاة ولخفة عذرها فإنها لا تصلي قائمة بخلاف المريض وقال ابن تميم : وظاهر كلام الشامري أن الاستحاضة لا تبيح الجمع انتهى .
قلت : قال في المستوعب والواجب عليها : أن تتوضأ لوقت كل صلاة ولها ان تصلي بتلك الطهارة ما شاءت من صلاة الوقت والفوائت والنوافل وتجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما ذكره القاضي في المجرد وقال : إن توضأت ودخل عليهاوقت صلاة أو خرج وقت صلاة : بطلت طهارتها وذكر الخرقي و ابن أبي موسى : أنها تتوضأ لكل صلاة .
وظاهر قولهما : أنه لا يجوز لها أن تصلي صلاتين في وقت واحد لا أداء ولا قضاء وقد حمل القاضي قول الخرقي لكل صلاة على أن معناه لوقت كل صلاة وعندي أنه محمول على ظاهره فيكون في المسألة روايتان كما في التيمم انتهى قال في المغني و الزركشي وغيرهم تجمع بالغسل لا تختلف الرواية فيه نقله المجد في شرحه و ابن تميم وغيرهما وقال في الجامع الكبير وإنما تجمع في وقت الثانية وقدمه في الرعاية الكبرى .
فوائد .
إحداها : لها أن تطوف مطلقا على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه ابن تميم و ابن حمدان ونقل صالح : لا تطوف إلا أن تطول استحاضتها قال أبو حفص البرمكي في مجموعه : لعله غلط .
الثانية : الأولى لها : أن تصلي عقيب طهارتها فإن اخرت لحاجة من انتظار جماعة أو لسترة أو توجه أو تنفل ونحوه أو لما لا بد منه : جاز وإن كان لغير ذلك جاز أيضا على الصحيح من المذهب صححه المجد في شرحه وابن تميم وفي مجمع البحرين وقدمه في الفروع وقيل : لا يجوز وأطلقهما في الرعايتين و الفائق .
الثالثة : لو كان لها عادة بانقطاعه في وقت يتسع لفعل الصلاة فبذا تعين فعل الصلاة فيه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعنه لا عبرة بانقطاعه اختاره جماعه منهم المجد وصاحب الفائق .
الرابعة : لو عرض هذا الانقطاع لمن عادتها الاتصال أبطل طهارتها فإن وجد قبل الدخول في الصلاة لم يجز الشروع فيها فإن خالفت وشرعت واستمر الانقطاع زمنا يتسع للوضوء والصلاة فيه فصلاتها باطلة وإن عاد قبل ذلك فطهارتها صحيحة وفي إعادة الصلاة وجهان وأطلقهما في المغني و الشرح قال في الفروع : وإن عرض هذا الانقطاع لمن عادتها الاتصال ففي بقاء طهرها وجهان أحدهما : يجب إعادتها وهو الصحيح صححه المجد وقدمه ابن تميم و الزركشي وفي مجمع البحرين وقدمه ابن رزين والوجه الثاني : لا تجب الإعادة .
الخامسة : لو عرض هذا الانقطاع المبطل للوضوء في أثناء الصلاة أبطلها مع الوضوء ولزمها استئنافهما على الصحيح من المذهب صححه المجد وقدمه ابن تيمم و ابن عبيدان و الزركشي وفيه وجه آخر : تخرج تتوضأ وتبنى وذكر ابن حامد وجها ثالثا : لا يبطل الوضوء ولا الصلاة بل تتمهما قال الشارح : انبنى على المتيمم يجد الماء في الصلاة ذكره ابن حامد واقتصر عليه الشارح وفرق المجد بينهما بان الحدث هنا متجدد ولم يوجد عنه بدل وتقدم ذلك ونظيره في التيمم عند قوله ويبطل التيمم بخروج الوقت .
السادسة : مجرد الانقطاع يوجب الانصراف على الصحيح من المذهب .
اختاره الأصحاب إلا أن تكون لها عادة بانقطاع يسير وقيل : لا تنصرف بمجرد الانقطاع اختاره المجد في شرحه فقال : وعندي لا تنصرف ما لم تمض مدة الاتساع واختاره في مجمع البحرين وأطلقهما ابن تميم و الرعايتين و الحاويين فعلى المذهب : لو خالفت ولم تنصرف بل مضت فعاد الدم قبل مدة الاتساع فعند الأصحاب : فيه الوجهان في الانقطاع قبل الشروع على ما تقدم .
السابعة : لو توضأت من لها عادة بانقطاع يسيره فاتصل الانقطاع حتى اتسع أو برأت : بطل وضوءها إن وجد منها دم معه أو بعده وإلا فلا .
الثامنة : لو كثر الانقطاع واختلفت بتقدم وتأخر وقلة وكثرة ووجد مرة وعدم أخرى ولم يكن لها هادة مستقيمة باتصال ولا بانقطاع : فهذه كم عادتها الاتصال عند الأصحاب في بطلان الوضوء بالانقطاع المتسع للوضوء والصلاة دون ما دونه وفي سائر ما تقدم إلا في فصل واحد وهو أنهالا تمنع من الدخول في الصلاة والمضي فيها بمجرد الانقطاع قبل تبين اتساعه وقال المجد في شرحه : والصحيح عندي هنا : أنه لا عبرة بهذا الانقطاع بل يكفي وجود الدم في شئ من الوقت قال : وهو ظاهر كلام أحمد في رواية أحمد بن القاسم واختاره الشارح واختاره في مجمع البحرين قال ابن تميم : وهو أصح إن شاء الله تعالى .
التاسعة : لا يكفيها نية رفع الحدث لأنه دائم ويكفي فيه الاستباحة فأما تعيين النية للفرض : فلا يعتبر على ظاهر كلام أصحابنا قاله ابن عبيدان والظاهر أنه كلام المجد