باب كتاب القاضي إلى القاضي .
لا يقبل في حد الله تعالى : كزنا ونحوه ويقل في كل حق آدمي من المال ما يقصد به المال : كالقرض والغصب والبيع والإجارة والرهن والصلح والوصية له وإليه وفي الجناية والقصاص والنكاح والطلاق والخلع والعتق والنسب والكتابة والتوكيل وحد القذف وفي هذه المسئلة ذكر الأصحاب أن كتاب القاضي حكمه كالشهادة على الشهادة لأنها شهادة على شهادة وذكروا فيما إذا تغيرت حال له أنه أصل ومن شهد عليه فرع فلا يسوغ نقض الحكم بإنكار القاضي الكاتب ولا يقدح في عدالة البينة بل يمنع إنكاره الحكم كما يمنع رجوع شهود الأصل الحكم فدل ذلك أنه فرع لمن شهد عنده وأصل لمن شهد عليه والمحكوم به إن كان عينا في بلد الحاكم فإن يسلمه إلى المدعي ولا حاجة إلى كتاب وإن كان دينا أو عينا في بلدة أخرى فيأمره أو يقف على الكتاب وهنا ثلاث مسائل متداخلات : مسئلة إحضار الخصم إذا كان غائبا ومسئلة الحكم على الغائب ومسئلة كتاب القاضي إلى القاضي وتقدم بعضه في الباب قبله في الحكم على الغائب ويقف فيما ثبت عنده ليحكم به : إلا في مسافة قصر فأكثر ولو سمع البينة ولم يعدلها وجعل تعديلها إلى الآخر جاز مع بعد المسافة وله أن يكتب إلى قاض معين ونصر أو قرية وإلى كل من يصل إليه من قضاة المسلمين ويشترط لقبوله أن يقرأ على عدلين وهما ناقلاه ويعتبر ضبطهما لمعناه وما يتعلق به الحكم فقط ثم يقول : هذا كتابي أو اشهدا على أن هذا كتابي إلى فلان ابن فلان وإن قال : اشهدا على بما فيه كان أولى ولا يشترط ويدفعه إليهما والأولى ختمه احتياطا ويقبضان الكتاب قبل أن يغيبا لئلا يدفع إليهما غيره فإذا وصلا إلى المكتوب إليه دفعا إليه الكتاب فقرأه الحاكم أو غيره عليهما فإذا سمعاه قالا : نشهد أن هذا كتاب فلان إليك كتبه بعمله ولا يشترط قولهما : قرئ علينا أو أشهدنا عليه وإن أشهدهما عليه مدروجا مختوما من غير أن يقرأ عليهما لم يصح ولا يكفي معرفة المكتوب إليه خط الكاتب وختمه كما لا يحكم بخط شاهد ميت وتقدم لو وجدت وصيته بخطه وتقدم العمل بخط أبيه بوديعة أو دين له أو عليه وكتابه في غير عمله أو بعد عزله كخبره كما تقدم في الباب قبله ويشترط أن يصل الكتاب إلى المكتوب إليه في موضع ولايته فإن وصله في غيره لم يكن له قبوله حتى يصير إلى موضع ولايته ولو ترافع إليه خصمان في غير محل ولايته لم يكن له الحكم بينهما بحكم ولايته فإن تراضيا به فكما لو حما رجلا يصلح للقضاء وسواء كان الخصمان من أهل عمله أو لا : إلا أن يأذن الإمام لقاض أن يحكم بين أهل ولايته حيث كانوا ويمنعه من الحكم بين غير أهل ولايته حيثما كان فيكون الأمر على ما أذن فيه أو منع منه ويقبل كتابه في حيوان وعبد وجارية بالصفة اكتفاء بها : كمشهور عليه لا له ولا يحكم باليمين الغائبة بالصفة فإن لم تثبت مشاركته في صفة - أخذه مدعيه بكفيل مختوما عنقه بخيط لا يخرج من رأسه وبعثه القاضي المكتوب إليه إلى القاضي الكاتب لتشهد البينة على عينه : فإذا شهدا عليه دفع إلى المشهود له به وكتب له كتابا ليبرأ كفيله وإن كان المدعي جارية سلمت إلى أمي يوصلها وإن لم يثبت له ما ادعاه لزمه رده ومؤنته تسلمه فهو فيه كغاصب في ضمانه وضمان نقصه ومنفعته ويلزمه أجرته إن كان له أجرة إلى أن يصل إلى صاحبه وإذا وصل الكتاب وأحضر الخصم المذكور فيه باسمه ونسبه وحليته : فإن اعترف بالحق لزمه أداؤه وإن قال : ما أنا المذكور في الكتاب - قبل قوله بيمينه : ما لم تقم ببينة فإن نكل قضى عليه وإن أقر بالاسم والنسب أو ثبت ببينة فقال : المحكوم عليه غيري لم يقبل إلا ببينة تشهد أن في البلد آخر كذلك ولو ميتا يقع به إشكال فإن كان حيا أحضره الحاكم وسأله عن الحق : فإن اعترف به ألزمه به وتخلص وإن أنكره وقف الحكم ويكتب إلى الحاكم الكاتب يعلمه الحال وما وقع من الإشكال حتى يحضر الشاهدان فيشهدا عنده بما يتميز به المشهود عليه منهما وإن مات القاضي الكاتب أو عزل لم يقدح كتابه وإن فسق قبل الحكم بكتابه لم يحكم به وإن فسق بعده لم يقدح فيه وإن تغيرت حال المكتوب إليه بموت أو عزل فعلى من وصل إليه الكتاب ممن قام مقامه العمل به اكتفاء بالبينة بدليل ما لو ضاع الكتاب أو انمحى وكانا يحفظان ما فيه : أي ما يتعلق به الحكم فإنه يجوز أن يشهدا بذلك ولو أدياه بالمعنى وكم لو شهدا بأن فلانا القاضي حكم بكذا لزمه إنفاذه ومتى قدم الخصم المثبت عليه بلد الكاتب فله الحكم عليه بلا إعادة شهادة