فصل ويلزمه العدل بين الخصمين .
ويلزمه العدل بين الخصمين في لحظه ولفظه ومجلسه والدخول عليه : إلا أن يكون أحدهما كافرا فيقدم المسلم عليه في الدخول ويرفعه في الجلوس أو يأذن له أحد الخصمين في رفع الخصم الآخر عليه في المجلس فيجوز وإذا سلم عليه أحدهما رد عليه ولا ينتظر سلام الثاني وله القيام السائغ وتركه لا مسارة أحدهما وتلقينه حجته وتضييفه إلا أن يضيف خصمه معه وتعليمه كيف يدعي إذا لم يلزم ذكره فإن لزم كشرط عقد أو سبب ونحوه ولم يذكره المدعي فله أن يسأل ليتحرى عنه وله أن يشفع إلى خصمه لينظره أو يضع عنه وله أن يزن عنه ويكون بعد انقضاء الحكم وينبغي أن يحضر مجلسه الفقهاء من كل مذهب إن أمكن : يشاورهم فيما أشكل عليه فإن حكم باجتهاده فليس لأحد منهم الاعتراض عليه وإن خالف اجتهاده إلا أن يحكم بما يخالف نصا أو إجماعا ويشاور الموافقين والمخالفين ويسألهم عن حججهم لاستخراج الأدلة وتعرف الحق بالاجتهاد قال أحمد Bه : ما أحسنه لو فعله الحكام يشاورون وينظرون فإن اتضح له الحكم وإلا أخره فلو حكم ولم يجتهد فأصاب الحق لم يصح ويحرم عليه تقليد غيره وإن كان أعلم منه ويحرم القضاء وهو غضبان كثيرا أو حاقن أو حاقب أو في شدة جوع أو عطش أو هم أو غم أو وجع أو نعاس أو برد مؤلم أو حر مزعج أو توقان جماع أو شدة مرض أو خوف أو فرح غالب أو ملل أو كسل ونحوه فإن حالف وحكم فوافق الحق نفذ ويحرم قبول رشوة - وهي ما يعطى بعد طلبه - ويحرم بذلها من الراشي ليحكم بباطل أو يدفع عنه حقا وإن رشاه ليدفع ظلمه ويجريه على واجبه فلا باس به في حقه ويحرم قبوله هدية بخلاف مفت وتقدم في الباب قبله وهي الدفع إليه ابتداء وظاهره ولو كان في غير عمله إلا ممن كان يهدي إليه قبل ولايته إن لم يكن له حكومة أو من ذوي رحم محرم منه لأنه لا يصح أن يحكم له وردها أولى واستعارته من غيره كالهدية لأن المنافع كالأعيان ومثله لو ختن ولده ونحوه فأهدى له ولو قلنا أنها للولد لأن ذلك وسيلة إلى الرشوة فإن تصدق عليه فالأولى أنه كالهدية وإن قبل حيث حرم القبول وجب ردها إلى صاحبها : كمقبوض بعقد فاسد وقال الشيخ فيمن تاب إن علم صاحبه دفعه إليه وإلا دفعه في مصالح المسلمين انتهى وتقدم لو بقيت في يده غصوب لا يعرف أربابها فإن أهدى لمن يشفع له عند السلطان ونحوه لم يجز أخذها ونص أحمد فيمن عنده وديعة فأداها فأهديت إليه هدية - أنه لا يقبلها إلا بنية المكافأة وحكم الهدية عند سائر الأمانات حكم الوديعة ويكره له : لا لمفت ولو في مجلس فتواه - أن يتولى البيع والشراء بنفسه ويستحب أن يوكل في ذلك من لا يعرف أنه وكيله وله عيادة المرضى وشهادة الجنائز وزيارة الأهل والصالحين والأخوان وتوديع الغازي والحاج : ما لم يشغله عن الحكم فإن شغله عنه فليس له ذلك وله حضور بعض دون بعض وله حضور الولائم فإن كثرت الولائم تركها واعتذر إليهم ولا يجيب بعضا دون بعض إلا أن يختص بعضها بعذر يمنعه مثل : أن يكون في إحداها منكر أو يشتغل بها زمنا طويلا والأخرى بخلافها فله الإجابة إليها لظهور عذره ويوصي الوكلاء والأعوان على بابه بالرفق بالخصوم وقلة الطمع ويجتهد أن يكونوا شيوخا أو كهولا من أهل الدين والفقه والصيانة ويتخذ حبسا لأنه قد يحتاج إليه لتأديب واستيفاء حق واحتفاظ بمن عليه قصاص ونحوه ويتخذ أصحاب مسائل يتعرف بهم أحوال من جهل عدالته من الشهود ويجب أن يكونوا عدولا برآء من الشحناء بعداء من العصبية في نسب أو مذهب ولا يسألوا عدولا ولا صديقا ويأتي بعضه في الباب بعده ويستحب له اتخاذ كاتب ويجب أن يكون مسلما مكلفا عدلا ينبغي أن يكون وافر العقل ورعا نزها متيقظا لينا فقيها حافظا جيد الخط لا يشتبه فيه سبعة بتسعة ونحو ذلك صحيح الضبط حرا يجلسه بحيث يشاهد مكتبه ويستحب أن يكون بين يديه للمشافهة بما يملي عليه وإن أمكن القاضي تولي الكتابة بنفسه جاز والأولى الاستنابة ويجعل القمطر مختوما بين يديه لينزل منه ما يجتمع من المحاضر والسجلات ويستحب أن لا يحكم إلا بحضرة الشهود بحيث يسمعون المتحاكمين وليس له أن يرتب شهودا لا يقبل غيرهم لكن له أن يرتب شهودا ليشهدهم الناس فيستغنون بإشهادهم عن تعديلهم ويستغني الحاكم عن الكشف عن أحوالهم ولا يجوز له منع الفقهاء من عقد العقود وكتابة الحجج وما يتعلق بأمور الشرع مما أباحه الله ورسوله إذا كان الكاتب فقيها عالما بأمور الشرع وشروطه مثل أن يزوج المرأة وليها بحضور شاهدين ويكتب كاتب عقدها أو يكتب رجل عقد بيع أو إجارة أو إقرار أو غير ذلك أو كان الكاتب مرتزقا بذلك وإذا منع القاضي ذلك ليصير إليه منافع هذه الأمور كان هذا من المكس نظير من يستأجر حانوتا من القرية على أن لا يبيع غيره وإن كان منع الجاهلين لئلا يعقد عقدا فاسدا فالطريق أن يفعل كما فعل الخلفاء الراشدون بتعزير من يعقد نكاحا فاسدا كما فعل عثمان Bه فيمن تموج بغير ولي وفيمن تزوج في العدة ولا يجوز ولا يصح أن يحكم لنفسه ولمن لا تقبل شهادته له له الحكم عليه ويحكم بينهم بعض خلفائه ويجوز أن يستخلف والده وولده كحكمه لغيره بشهادتهما ليس له أن يحكم على عدوه وله أن يفتي عليه