باب التعزير .
وهو التأديب وهو واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة : كاستمتاع لا يوجب الحد وإتيان المرأة المرأة واليمين الغموس لأنه لا كفارة فيها وكدعاء عليه ولعنه وليس لمن لعن ردها وكسرقة ما لا قطع فيه وجناية لا قصاص فيها والقذف بغير الزنا ونحوه وكنهب وغصب واختلاس وسب صحابي وغير ذلك ويأتي في باب المرتد سب الصحابي بأتم من هذا وتقدم في باب القذف جملة من ذلك فيعزر فيها المكلف وجوبا وتقدم قول صاحب الروضة : إذا زنى ابن عشر أو بنت تسع عزرا وقال الشيخ لا نزاع بين العلماء إن غير المكلف كالصبي المميز يعاقب على الفاحشة تعزيرا بليغا وكذا المجنون يضرب على ما فعل لنزجر لكن لا عقوبة بقتل أو قطع وفي الرعاية الصغرى وغيرها : ما أوجب حدا على مكلف عزر به المميز كالقذف انتهى وإن ظلم صبي صبيا أو مجنون مجنونا أو بهيمة بهيمة اقتص للمظلوم من الظالم وإن لم يكن في ذلك زجر : لكن لاقتصاص المظلوم وأخذ حقه وتقدم تأديب الصبي على الطهارة والصلاة وذلك ليتعود وكتأديبه على خط وقراءة وصناعة وشبهها قال القاضي ومن تبعه : إلا إذا شتم نفسه أو سبها فإنه لا يعزر وقال في الأحكام السلطانية : إذا تشاتم والد وولده لم يعزر الوالد لحق ولده ويعزر الولد لحقه ولا يجوز تعزيره إلا بمطالبة الوالد ولا يحتاج التعزير إلى مطالبة في هذه وإن تشاتما غيرهما عزر - قال الشيخ : ومن غضب فقال : ما نحن مسلمون : إن أراد ذم نفسه لنقص دينه فلا جرح فيه ولا عقوبة انتهى ويعزر بعشرين سوطا بشرب مسكر في نهار رمضان بفطره كما يدل عليه تعليلهم مع الحد فيجتمع الحد والتعزير في هذه الصورة ولو توجه عليه تعزيرات على معاص شتى : فإن تمحضت لله واتحد نوعها أو اختلف - تداخلت وإن كانت لآدمي وتعددت : كان سبه مرات ولو اختلف نوعها أو تعدد المستحق كسب أهل بلد فكذلك ومن وطئ أمة امرأته فعليه الحد إلا أن تكون أحلتها له فيجلد مائة ولا يرجم ولا يغرب إن أولدها لم يلحقه نسبه ولا يسقط الحد بالإباحة في غير هذا الموضع ولا يزاد في التعزير على عشر جلدات في غير هذا الموضع : إلا إذا وطئ جارية مشتركة فيعزر بمائة إلا سوطا وعنه ما كان سببه الوطء كوطئه جاريته المزوجة وجارية ولده أو أحد أبويه والمحرمة برضاع ووطء ميتة ونحوه عالما بتحريمه : إذا قلنا لا يحد فيهن - يعزر بمائة والعبد بخمسين إلا سوطا واختاره جماعة وكذا لو وجد مع امرأته رجلا ويجوز نقص التعزير عن عشر جلدات إذ ليس أقله مقدرا فيرجع إلى اجتهاد الإمام والحاكم فيما يراه وما يقتضيه حال الشخص ولا يجرد للضرب بل يكون عليه القميص والقميصان كالحد وذكر ابن الصيرفي أن من صلى في الأوقات المنهي عنها يضرب ثلاث ضربات ويكون بالضرب والحبس والصفع والتوبيخ والعزل عن الولاية وإن رأى الإمام العفو عنه جاز ولا يجوز قطع شيء منه ولا جرحه ولا أخذ شيء من ماله قال الشيخ : وقد يكون التعزير بالنيل من عرضه : مثل أن يقال له : يا ظالم يا معتدي وبإقامته من المجلس وقال التعزير بالمال سائغ إتلافا وأخذا وقول أبي محمد المقدسي : لا يجوز أخذ ماله منه - إلى ما يفعله الحكام الظلمة والتعزير يكون على فعل المحرمات وترك الواجبات : فمن جنس ترك الواجبات من كتم ما يجب بيانه : كالبائع المدلس والمؤجر والناكح وغيرهم من المعاملين وكذا الشاهد والمخبر والمفتي والحاكم ونحوهم فإن كتمان الحق سببه الضمان وعلى هذا لو كتم شهادة كتمانا أبطل به حق مسلم ضمنه : مثل أن يكون عليه حق ببينة وقد أداه حقه وله بينة بالأداء فتكتم الشهادة حتى يغرم ذلك الحق فظاهر نقل حنبل و ابن منصور سماع الدعوى والأعذار والتحليف في الشهادة ومن استمني بيده خوفا من الزنا أو خوفا على بدنه فلا شيء عليه إذا لم يقدر على نكاح ولو لأمة ولا يجد ثمن أمة وإلا حرم وعزر وحكم المرأة في ذلك حكم الرجل فتستعمل شيئا مثل الذكر وله أن يستمني بيد زوجته وجاريته ولو اضطر إلى جماع وليس ثم من يباح وطؤها حرم الوطء وإذا عزره الحاكم أشهره لمصلحة كشاهد الزور ويأتي ويحرم بحلق لحيته لا تسويد وجهه وصلبه حيا ولا يمنع من أكل ووضوء ويصلي بالإيماء ولا يعيد قال القاضي : ويجوز أن ينادى عليه بذنبه إذا تكرر منه ولم يقلع انتهى ومن لعن ذميا أدب أدبا خفيفا : إلا أن يكون صدر منه ما يقتضي ذلك وقال الشيخ : يعزر بما يردعه وقد يقال بقتله للحاجة وقال يقتل مبتدع داعية وذكره وجها وفاقا لمالك ونقل عن أحمد في الدعاة من الجهمية وقال في الخلوة بأجنبية واتخاذ الطواف بالهجرة دينا وقول الشيخ : انذروا لي لتقضى حاجتكم واستغيثوا بي : أن أصر ولم يتب - قتل وكذا من تكرر شربه للخمر : ما لم ينته بدونه ونص أحمد في المبتدع الداعية يحبس حتى يكف عنها ومن عرف بأذى الناس ومالهم حتى بعينه ولم يكف - حبس حتى يموت أو يتوب ونفقته مدة حبسه من بيت المال ليدفع ضرره ومن مات من التعزير لم يضمن