فصل .
وتوبة المرتد وكل كافر : إتيانه بالشهادتين لحديث ابن مسعود [ أن النبي A دخل الكنيسة فإذا هو بيهودي يقرأ عليهم التوراة فقرأ حتى إذا أتى على صفة النبي A وأمته فقال : هذه صفتك وصفة أمتك أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال A : لوا أخاكم ] رواه أحمد وعن أنس [ أن يهوديا قال للنبي A : أشهد أنك رسول الله ثم مات فقال رسول الله A : صلوا على صاحبكم ] احتج به أحمد في رواية مهنا .
مع رجوعه عما كفر به لأنه كذب الله ورسوله بما اعتقد فلا بد من إتيانه بما يدل على رجوعه عنه .
ولا يغني قوله : محمد رسول الله عن كلمة التوحيد لأنه غير موحد فلا يحكم بإسلامه حتى يوحد الله ويقر بما كان يجحده .
وقوله : أنا مسلم توبة لأنه يتضمن الشهادتين وعن المقداد [ أنه قال : يا رسول الله : أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بصخرة فقال : أسلمت أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها ؟ قال : لا تقتله فإن قتلتة فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قالها ] وعن عمران بن حسين قال : [ أصاب المسلمون رجلا من بني عقيل فأتوا به النبي A فقال : يا محمد : إني مسلم فقال رسول الله A : لو كنت قلت وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح ] رواهما مسلم قال في المغني : ويحتمل أن هذا في الكافر الأصلي أو من جحد الوحدانية وأما من كفر بجحد نبي أو كتاب أو فريضة ونحو هذا : فلا يصير مسلما بذلك لأنه ربما اعتقد أن الإسلام ما هو عليه فإن أهل البدع كلهم يعتقدون أنهم هم المسلمون ومنهم من هو كافر .
وإن كتب كافر الشهادتين صار مسلما لأن الخط كاللفظ .
وإن قال : أسلمت أو : أنا مسلم أو : أنا مؤمن : صار مسلما بذلك وإن لم يتلفظ بالشهادتين لما تقدم .
ولا يقبل في الدنيا بحسب الظاهر توبة زنديق وهو : المنافق الذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر لقوله تعالى : { إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا } [ البقرة : 160 ] والزنديق : لا يعلم تبيين رجوعه وتوبته لأنه لا يظهر منه بالتوبة خلاف ما كان عليه فإنه كان ينفي الكفرعن نفسه قبل ذلك وقلبه لا يطلع عليه .
ولا من تكررت ردته لقوله تعالى : { إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا } [ النساء : 137 ] وقوله تعالى : { إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم } [ آل عمران : 90 ] ولأن تكرار ردته يدل على فساد عقيدته وقلة مبالاته بالإسلام .
أو سب الله تعالى أو رسوله أو ملكا له لعظم ذنبه جدا فيدل على فساد عقيدته قال أحمد : لا تقبل توبة من سب النبي A .
وكذا من قذف نبيا أو أمه لما في ذلك من التعرض للقدح في النبوة الموجب للكفر .
ويقتل حتى ولو كان كافرا فأسلم لأن قتله حد قذفه فلا يسقط بالتوبة كقذف غيرهما ومن قذف عاثشة بما برأها الله منه كفر بلا خلاف