فصل في مقادير ديات النفس .
دية الحر المسلم طفلا كان أو كبيرا مائة بعير لا خلاف في ذلك لما روى مالك والنسائي أن في كتاب عمرو بن حزم وفي النفس مائة من الإبل .
أو مائتا بقرة أو ألفا شاة أو ألف مثقال ذهبا أو اثنا عشر ألف درهم فضة قال القاضي : لا يختلف المذهب أن أصول الدية : الإبل والذهب والورق والبقر والغنم لما روى عطاء عن جابر قال : [ فرض رسول الله A في الدية على أهل الإبل مائة من الإبل وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاة ألفي شاة ] رواه أبو داود وعن عكرمة عن ابن عباس [ أن رجلا من بني عدي قتل فجعل النبي A ديته اثني عشر ألف درهم ] رواه أبو داود وفي كتاب عمرو بن حزم [ وعلى أهل الذهب ألف دينار ] وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [ أن عمر قام خطيبا فقال : إن الإبل قد غلت قال : فقوم على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثني عشر ألفا وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاة ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة ] رواه أبو داود وهذا كان بمحضر الصحابة فكان إجماعا قاله في الكافي فإذا أحضر من وجبت عليه دية أحدها لزم الولي قبوله وتعتبر السلامة من العيوب في هذه الأنواع لأن الإطلاق يقتضي السلامة ولا يعتبر أن تبلغ قيمتها دية نقد في ظاهر كلام الخرقي لعموم حديث [ في النفس المؤمنة مائة من الإبل ] وقول عمر Bه [ إن الإبل قد غلت ] إلخ دليل على أنها في حال رخصها أقل قيمة من ذلك وعنه : يعتبر أن تكون قيمة كل بعير مائة وعشرين درهما لأن عمر قومها باثني عشر ألف درهم قاله في الكافي .
ودية الحرة المسلمة على النصف من ذلك روي ذلك عن عمر وعثمان وعلي وزيد وابن عمر وابن عباس ولا مخالف لهم وحكاه ابن المنذر وابن عبد البر إجماعا وفي كتاب عمرو بن حزم : دية المرأة على النصف من دية الرجل وهو مخصص للخبر السابق .
ودية الكتابي الحر كدية الحرة المسلمة ودية الكتابية على النصف من ذلك لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا : [ دية المعاهد نصف دية المسلم ] وفي لفظ [ أن النبي A قضى بأن عقل أهل الكتاب نصف عقل المسلمين ] رواه أحمد قال الخطابي : ليس في دية أهل الكتاب شئ أبين من هذا ولا بأس بإسناده وفي كتاب عمرو بن حزم : [ دية المرأة على النصف من دية الرجل وكذا جراح الكتابي على نصف جراح المسلم ] .
ودية المجوسي الحر ثمانمائة درهم كسائر المشركين روي عن عمر وعثمان وابن مسعود في المجوسي ولا مخالف لهم في عصرهم وألحق به سائر المشركين لأنهم دونه وأما قوله A [ سنوا بهم سنة أهل الكتاب ] فالمراد في حقن دمائهم وأخذ الجزية منهم ولذلك لا تحل مناكحتهم ولا ذبائحهم وجراح من ذكر وأطرافه بالنسبة إلى ديته نص عليه كما أن جراح المسلم وأطرافه بالحساب من ديته .
والمجوسية على النصف لما تقدم قال في الشرح : ودية أنثاهم - يعني : الكفار - كنصف دية ذكرهم لا نعلم فيه خلافا وقال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل .
ويستوي الذكر والأنثى فيما يوجب دون ثلث الدية لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا : [ عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث من ديتها ] رواه النسائي والدارقطني فإذا زادت صارت على النصف روي هذا عن عمر وابنه وزيد بن ثابت Bهم .
فلو قطع ثلاث أصابع حرة مسلمة لزمه ثلاثون بعيرا فلو قطع رابعة قبل برء ردت إلى عشرين [ قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن : قلت لسعيد بن المسيب : كم في إصبع المرأة ؟ قال : عشر من الإبل قلت : فكم في إصبعين ؟ قال عشرون قلت : ففي ثلاث أصابع ؟ قال : ثلاثون قلت : ففي أربع ؟ قال : عشرون قال : فقلت : لما عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها ! ؟ قال سعيد : أعراقي أنت قلت : بل عالم متثبت أو جاهل متعلم قال : هي السنة يا بن أخي ] رواه مالك في الموطأ عنه وسعيد بن منصور في سننه وهذا يقتضي سنة رسول الله A وأما ما يوجب الثلث فما فوق : فهي فيه على النصف من الذكر لما سبق ولقوله في الحديث : [ حتى يبلغ الثلث ] وحتى للغاية فيجب أن يكون ما بعدها مخالفا لما قبلها ولأن الثلث في حد الكثرة لحديث [ والثلث كثير ] ولذلك حملته العاقلة .
وتغلظ دية قتل خطإ في كل من حرم مكة وإحرام وشهر حرام بالثلث نص عليه في رواية الجماعة وهو من المفردات ولا تغلظ لرحم محرم خلافا لأبي بكر .
ففي اجتماع الثلاثة يجب ديتان واحدة للقتل وواحدة لتكرر التغليظ ثلاث مرات لما روى ابن أبي نجيح [ أن امرأة وطئت في الطواف فقضى عثمان فيها بستة آلاف وألفين تغليظا للحرم ] وعن ابن عمر أنه قال : [ من قتل في الحرم أو ذا رحم أو في الشهر الحرام فعليه دية وثلث ] وعن ابن عباس [ أن رجلا قتل رجلا في الشهر الحرام وفي البلد الحرام فقال : ديته اثنا عشر ألفا وللشهر الحرام أربعة آلاف وللبلد الحرام أربعة آلاف ] ولم يظهر خلاف هذا فكان إجماعا قاله في الكافي .
وقال في الشرح : وظاهر كلام الخرقي : أن الدية لا تغلظ بشئ من ذلك وهو ظاهر الآية والأخبار انتهى أي : أنها عامة في كل قتيل مطلقة في الأمكنة والأزمنة والقرابة وقد قتلت خزاعة قتيلا من هذيل بمكة فقال النبي A [ وأنتم يا خزاعة : قد قتلتم هذا القتيل من هذيل وأنا والله عاقله ] الحديث ولم يذكر زيادة على الدية .
وإن قتل مسلم كافرا ذميا أو معاهدا .
عمدا : أضعف ديته لإزالة القود [ قضى به عثمان رضى الله عنه ] رواه أحمد عن ابن عمر [ أن رجلا قتل رجلا من أهل الذمة فرفع إلى عثمان فلم يقتله وغلظ عليه الدية ألف دينار ] فذهب إليه أحمد وظاهره : لا إضعاف في جراحه .
ودية الرقيق : قيمته قلت أو كثرت لأنه مال متقوم فضمن بكمال قيمته كالفرس وفي جراحه إن قدر من حر بقسطه من قيمته لأن ذلك يروى عن علي Bه وعنه : تضمن جناية عليه بما نقص من قيمته سواء كانت مقدرة من الحر أو لم تكن لأن ضمانه ضمان الأموال فيجب فيه ما نقص كالبهائم ذكره في الكافي