باب ميراث أهل الملل .
لا توارث بين مختلفين في الدين لحديث أسامة بن زيد مرفوعا : [ لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر ] متفق عليه وذكره الموفق إجماعا قال الإمام أحمد : ليس بين الناس فيه خلاف .
إلا بالولاء فيرث به المسلم الكافر والكافر المسلم لحديث جابر مرفوعا : [ لا يرث المسلم النصراني إلا أن يكون عبده أو أمته ] رواه الدارقطني ولأن ولاءه له وهو شعبة من الرق وإختلاف الدين لا يمنع الرجل أخذ مال رقيقه إذا مات وعنه : لا يرثه مع إختلاف الدين لعموم الخبر قاله في الكافي .
وكذا يرث الكافر ولو مرتدا إذا أسلم قبل قسم ميراث مورثه المسلم .
وكذا زوجة أسلمت في عدة قبل القسم نص عليهما وروي عن عمر وعثمان والحسن بن علي وابن مسعود لحديث : [ من أسلم على شئ فهو له ] رواه سعيد من طريقين : عن عروة وابن أبي مليكة عن النبي A وعن ابن عباس مرفوعا : [ كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم وكل قسم أدركه الإسلام فإنه على قسم الاسلام ] رواه أبو داود وابن ماجه وحدث عبدالله بن أرقم عثمان : [ أن عمر قضى : أنه من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فله نصيبه فقضى به عثمان ] رواه ابن عبدالبر في التمهيد بإسناده والحكمة فيه الترغيب في الإسلام والحث عليه .
والكفار ملل شتى لا يتوارثون مع إختلافها روي عن علي Bه لحديث : [ لا يتوارث أهل ملتين شتى ] رواه أبو داود وهو مخصص للعمومات وقال القاضي : الكفر ثلاث ملل : اليهودية والنصرانية ودين من عداهم ورد بافتراق حكمهم فإن المجوس يقرون بالجزية وغيرهم لا يقر بها وهم مختلفون في معبوداتهم ومعتقداتهم وآرائهم يستحل بعضهم دماء بعض ويكفر بعضهم بعضا وعنه : أن الكفار يرث بعضهم بعضا وإن إختلفت أديانهم إختاره الخلال قال في الفروع وقدمه في الكافي قال : لأن مفهوم قوله A : [ لا يرث مسلم كافرا ولا كافر مسلما ] أن الكفار يتوارثون .
فإن إتفقت أديانهم .
ووجدت الأسباب أي : أسباب الإرث .
ورث بعضهم بعضا ولو أن أحدهما ذمي والآخر حربي أو مستأمن والآخر ذمي أو حربي لعموم النصوص ولم يرد بتخصيصهم نص ولا إجماع ولا يصح فيهم قياس فوجب العمل بعمومها ومفهوم حديث : [ لا يتوارث أهل ملتين شتى ] : أن أهل الملة الواحدة يتوارثون وإن إختلفت الدار .
ومن حكم بكفره من أهل البدع المضلة كالداعية إلى بدعة مكفرة ما له فيء نص عليه في الجهمي وغيره قاله في الفروع .
والمرتد والزنديق وهو : المنافق الذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر .
فما لهم فيء يصرف في المصالح .
لا يورثون ولا يرثون لأن المسلم لا يرث الكافر وكذا أقاربه الكفار من يهود أونصارى أو غيرهم لأنه يخالفهم في حكمهم : لا يقر على ردته ولا تؤكل ذبيحته ولا تحل مناكحته لو كان إمرأة ولا يرثون أحدا مسلما ولا كافرا لأنهم لا يقرون على ما هم عليه فلا يثبت لهم حكم دين من الأديان وعنه : يرثه وارثه المسلم إختاره الشيخ تقي الدين لأنه المعروف عن الصحابة : علي وابن مسعود قاله في الفروع وقال في المنافق : وعند شيخنا : يرث ويورث [ لأنه A لم يأخذ من تركة المنافقين شيئا ولاجعله فيئا ] فعلم أن الميراث مداره على النصرة الظاهرة قال : وإسم الإسلام يجري عليهم في الظاهر إجماعا إنتهى .
ويرث المجوسي ونحوه ممن يحل نكاح ذوات المحارم إذا أسلم أو حاكم إلينا .
بجميع قراباته إن أمكن نص عليه وهو قول : عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وزيد في الصحيح عنه وبه قال أبو حنيفة وأصحابه .
فلو خلف أمه - وهي : أخته من أبيه - ورثت الثلث بكونها أما والنصف بكونه أختا لأن الله تعالى فرض للأم : الثلث وللأخت : النصف فإذا كانت الأم أختا وجب إعطاؤها ما فرض الله لها في الآيتين كالشخصين ولأنهما قرابتان ترث بكل واحدة منهما منفردة لا تحجب إحداهما الأخرى ولا ترجح بها فترث بهما مجتمعتين كزوج هو ابن عم ولا إرث بنكاح ذات محرم ولا بنكاح لا يقر عليه كافر لو أسلم قاله في الفروع .
وإن أولد مسلم ذات محرم بشبهة نكاح أو ملك يمين ممن يكون ولدها ذات قرابتين ثبت نسبه للشبهة وورث بجميع قراباته لما تقدم