فصل .
النوع الثاني : المضاربة من الضرب في الأرض وهو السفر للتجارة قال الله تعالى : { وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله } وتسمى قراضا ومعاملة وهي دفع مال معلوم لمتجر أي لمن يتجر به ببعض ربحه أي بجزء مشاع معلوم منه كما تقدم .
فلو قال : خذ هذا المال مضاربة ولم يذكر سهم العامل فالربح كله لرب المال ث الوضيعة عليه وللعامل أجرة مثله .
وإن شرط جزءا من الربح لعبد أحدهما أو لعبديهما صح وكان لسيده وإن شرطاه للعامل ولأجنبي معا - ولو ولد أحدهما أو امرأته - وشرطا عليه عملا مع العامل صح وكانا عاملين وإلا لم تصح المضاربة .
فإن قال رب المال للعامل : اتجر به والربح بيننا فنصفان لأنه أضافه إليهما إضافة واحدة ولا مرجح فاقتضى التسوية .
وإن قال : اتجر به ولي ثلاثة أرباعه أو ثلثه أو قال : اتجر به ولك ثلاثة أرباعه أو ثلثه صح لأنه متى علم نصيب أحدهما أخذه والباقي للآخر لأن الربح مستحق لهما فإذا قدر نصيب أحدهما منه فالباقي للآخر بمفهوم اللفظ .
وإن اختلفا لمن الجزء المشروط ف هو لعامل قليلا كان أو كثيرا لأنه يستحقه بالعمل وهو يقل ويكثر وإنما تتقدر حصته بالشرط بخلاف رب المال فإنه يستحقه بماله ويحلف مدعيه .
وإن اختلفا في قدر الجزء بعد الربح فقول مالك بيمينه .
وكذا مساقاة ومزارعة إذا اختلفا في الجزء المشروط أو قدره لما تقدم ومضاربة كشركة عنان فيما تقدم .
وإن فسدت فالربح لرب المال وللعامل أجرة مثله وتصح مؤقتة ومعلقة .
ولا يضارب العامل بمال لآخر ان أضر الأول ولم يرض لأنها تنعقد على الحظ والنماء فلم يجز له أن يفعل ما يمنعه وإن لم يكن فيها ضرر على الأول أو أذن جاز فإن فعل بأن ضارب لآخر مع ضرر الأول بغير إذنه رد حصته من ربح الثانية في الشركة الأولى لأنه استحق ذلك بالمنفعة التي استحقت بالعقد الأول ولا نفقة لعامل إلا بشرط .
ولا يقسم الربح مع بقاء العقد أي المضاربة إلا باتفاقهما لأن الحق لا يخرج عنهما والربح وقاية لرأس المال .
وإن تلف رأس المال أو تلف بعضه قبل التصرف انفسخت فيه المضاربة كالتالف قبل القبض وإن تلف بعد التصرف جبر من الربح لأنه دار في التجارة وشرع فيما قصد بالعقد من التصرفات المؤدية إلى الربح أو خسر في إحدى سلعتين أو سفرتين جبر ذلك من الربح أي وجب جبر الخسران من الربح ولم يستحق العامل شيئا إلا بعد كمال رأس المال لأنها مضاربة واحدة قبل قسمته ناضا أو تنضيضه مع محاسبته فإذا احتسبا وعلما ما لهما لم يجبر الخسران بعد ذلك مما قبله تنزيلا للتنضيض مع المحاسبة منزلة المقاسمة .
وإن انفسخ العقد والمال عرض أو دين فطلب رب المال تنضيضه لزم العامل وتبطل بموت أحدهما فإن مات عامل أو مودع أو وصي ونحوه وجهل بقاء ما بيدهم فهو دين في التركة لأن الإخفاء وعدم التعيين كالغصب .
ويقبل قول العامل فيما يدعيه من هلاك وخسران وما يذكر أنه اشتراه لنفسه أو للمضاربة لأنه أمين والقول قول رب المال في عدم رده إليه