باب اختلاف السيد ومكاتبه .
إذا اختلفا في أصل العقد فالقول قول السيد مع يمينه لأن الأصل عدمه وإن اختلفا في قدر مال الكاتبة أو أجله ففيه ثلاث روايات : .
إحداهن : القول قول السيد لأنهما اختلفا في الكاتبة فأشبه ما لو اختلفا في عقدها .
والثانية : القول قول المكاتب لأن الأصل عدم الزيادة المختلف فيها .
والثالثة : يتحالفان لأنهما اختلفا في قدر العوض فيتحالفان كما لو اختلفا في ثمن المبيع : فإذا تحالفا قبل العتق فسخنا العقد إلا أن يرضى أحدهما بما قال صاحبه وإن كان التحالف بعد العتق رجع السيد على العبد بقيمته ورجع العبد بما أداه على سيده .
فصل : .
وإن وضع السيد عن العبد بعض نجومه أو أبرأه منه واختلفا في أي النجوم هو فالقول قول السيد لأنهما اختلفا في فعله وإن وضع عنه دراهم والكتابة على دنانير لم يصح لأنه وضع عنه غير ما عليه فإن قال العبد إنما أردت دنانير بقيمة الدراهم فأنكره السيد لأن الظاهر معه وهو أعلم بما عنى وإن أدى كتابه فقال السيد : أنت حر ثم بان مستحقا لم يعتق لأن الظاهر أنه قصد إلى الخبر بناء على ظنه وقد بان خلافه فإن قال العبد : أردت عتقي فأنكر السيد فالقول قوله لأنه أعلم بقصده وإن ادعى العبد وفاء الكاتبة فأنكره السيد فالقول قول السيد لأن الأصل عدم الوفاء وإن قال السيد : استوفيت فادعى المكاتب أنه وفاه الجميع وقال السيد : إنما وفيتني البعض فالقول قول السيد لأن الاستيفاء لا يقتضي الجميع .
فصل : .
فإن كان للمكاتبة ولد فقالت : ولدته في الكتابة فقال السيد : بل قبلها فالقول قول السيد : لأنه إختلاف في وقت الكتابة والأصل عدمها قبل الولادة وإن زوج السيد مكاتبه أمته فولدت منه : واشترى زوجته فقال السيد : ولدته قبل الشراء وقال المكاتب : بل بعده احتمل أن تكون كالتي قبلها واحتمل أن يكون القول قول العبد لأن هذا اختلاف في الملك والظاهر مع العبد لأنه في يده بخلاف التي قبلها لأنهما لم يختلفا في المللك إنما اختلفا في وقت العقد .
فصل : .
فإذا أدى أحد المكاتبين إلى السيد أو أبرأه فادعى كل واحد من المكاتبين أنه المؤدي أو المبرأ فالقول قول السيد في التعيين لأنه لو أنكرهما كان القول قوله فإذا أنكر أحدهما قبل قوله وعليه اليمن له فإن نكل قضي عليه وعتقا جميعا فإن قال : لا أعلم أيكما المؤدي فعليه اليمين أنه لا يعلم فيقرع بينهما فمن قرع صاحبه حلف وعتق وبقي الآخر على الكاتبة وكذلك إن مات السيد قبل التعيين قرع بينهما لأنهما تساويا في احتمال الحرية فأشبه ما لو أعتق أحدهما وأنسيه .
فصل : .
إذا كاتب عبيدا كتابة واحدة فأدوا عتقوا فقال من كثرت قيمته : أدينا على قدر قيمنا وقال الآخر : بل أدينا على السواء فبقيت لنا على الأكثر بقية فمن جعل العوض بينهم على عدد رؤوسهم قال : القول قول من ادعى التسوية ومن جعل على كل واحد قدر حصته فعنده فيه وجهان : .
أحدهما : القول قول من يدعي التسوية لأن أيديهم على المال فيتساوون فيه .
والثاني : القول قول الآخر لأن الظاهر أن الإنسان لا يؤدي إلا ما عليه .
فصل : .
وإذا كاتب رجلان عبدا بينهما فادعى أنه أدى إليهما فصدقه أحدهما وأنكر الآخر عتق نصيب المقر وحلف الآخر وبقيت حصته على الكتابة وله مطالبة المقر بنصف ما قبض لحصول حقه في يده ومطالبة المكاتب بالباقي وله مطالبة المكاتب بالجميع لأنه لم يدفع إليه حقه ولا إلى وكيله فإذا قبض عتق المكاتب ومن أيهما أخذ لم يرجع به المقبوض منه على الآخر لأنه يقر ببراءة صاحبه ويدعي أن المنكر ظلمه فلا يرجع بما ظلمه به على غيره فإن عجز المكاتب عجزه ورق نصفه ولم يسر عتق الآخر لأنه لا يعترف بعتقه ولا العبد أيضا ولا يعترف المنكر بعتق شيء منه وإن شهد المصدق له فقال الخرقي : تقبل شهادته له في العتق لأنه لا نفع له فيه ولا تقبل شهادته فيما يرجع إلى براءته من مشاركة صاحبه وقياس المذهب أنه لا تقبل شهادته في العتق أيضا لأن من شهد بشهادة يجر إلى نفسه نفعا بطلت شهادته في الكل وإن ادعى المكاتب ودفع جميع المال إلى أحدهما ليأخذ نصيبه منه ويدفع باقيه إلى شريكه وقال المدعى عليه : بل دفعت إلى كل واحد منا حقه فهي كالتي قبلها إلا أن المنكر يأخذ حصته بلا يمين لأنه لا يدعي واحد منهما دفع المال إليه وإن قال المدعى عليه : قبضت المال ودفعت إلى شريكي حصته فأنكر شريكه فعليه اليمين ها هنا لأنه يدعي التسليم إليه فإذا حلف فله مطالبة من شاء منهما بجميع حقه فإن أخذ من المكاتب رجع على المقر لأنه قبض منه سواء صدقه المكاتب في الدفع إلى شريكه أو كذبه لتفريطه في ترك الإشهاد فإن حصل للمنكر ماله من أحدهما عتق وإن عجز المكاتب فللمنكر استرقاق نصفه والرجوع على المقر بنصف ما قبض لأنه استحق نصف كسبه ويقوم على المقر لأنه رقه كان بسبب منه وهو التفريط .
فصل .
وإذا خلف رجل ابنين وعبدا فادعى العبد أن سيده كاتبه فأنكراه فالقول قولهما مع أيمانهما لأن الأصل عدم الكتابة ويحلفان على نفي العلم لأنها يمين على فعل الغير وإن صدقه أحدهما أو نكل عن اليمين وحلف الآخر ثبتت الكتابة لنصفه ومتى أدى إلى المقر عتق نصيبه ولم يسر إلى نصيب شريكه لأنه لم يباشر العتق ولم يتسبب إليه إنما هو مقر بما فعل أبوه وولاء نصفه الذي عتق للمقر لأته لا يدعيه غيره وإن شهد المقر على المنكر فشهادته مقبولة إن كان عدلا لأن لا يجر إلى نفسه نفعا ولا يدفع ضررا والله أعلم