وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

قال : ومن وجب عليه حق فذكر أنه معسر .
مسألة : قال : ومن وجب عليه حق فذكر أنه معسر به حبس إلى أن يأتي ببينة تشهد بعسرته .
وجملته أن من وجب عليه دين حال فطولب به ولم يؤده الحاكم فإن كان في ديه مال ظاهر أمره بالقضاء فإن ذكر أه لغيره فقد ذكرنا حكمنه في الفصل الذي قبل هذا وإن لم يجد له مالا ظاهرا فادعى الاعسار فصدقه غريمة لم يحبس ووجب انظاره ولم تجز ملازمته لقول الله تعالى : { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } ولقول النبي A لغرماء الذي كثر دينه [ خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك ] ولأن الحبس إما أن يكون لإثبات عسرته أو لقضاء دينه وعسرته ثابتة والقضاء متعذر فلا فائدة في الحبس وإن كذبه غريمه فلا يخلو إما أن يكون عرف له مال أو لم يعرف فإن عرف له مال لكون الدين ثبت عن معاوضة كالقرض والبيع أو عرف له أصل مال سوى هذا فالقول قول غريمه فإذا حلف أنه ذو مال حبس حتى تشهد البينة بإعساره قال ابن المنذر : أكثر من نحفظ عنه من علماء الأمصار وقضاتهم يرون الحبس في الدين منهم مالك و الشافعي و أبو عبيد و النعمان و سوار و عبيد الله بن الحسن وروي عن شريح و الشعبي وكان عمر بن عبد العزيز يقول : يقسم ماله بين الغرماء ولا يحبس وبه قال عبدالله بن جعفر و الليث بن سعد ولنا أن الظاهر قول الغريم فكان القول قوله كسائر الدعاوى فإن شهدت البينة بتلف ماله قبلت شهادتهم سواء كانت من أهل الخبرة الباطنة أو لم تكن لأن التلف يطلع عليه أهل الخبرة وغيرهم وإن طلب الغريم احلافه على ذلك لم يجب إليه ذلك تكذيب للبينة وإن شهدت مع ذلك بالاعسار اكتفي بشهادتها وثبتت عسرته وإن لم تشهد بعسرته وإنما شهدت بالتلف لا غير وطلب الغريم يمينه على عسره وأنه ليس له مال آخر استحلف على ذلك لأن غير ما شهدت به البينة وإن لم تشهد بالتلف وإنما شهدت بالإعسار لم تقبل بالتلف وإنما شهدت بالاعسار لم تقبل الشهادة إلا من ذي خبرة باطنه ومعرفة متقادمة لأن هذا من الأمور الباطنة لا يطلع عليه في الغالب إلا أهل الخبرة والمخالطة وهذا مذهب الشافعي وحكي عن مالك أنه قال : لا يستمع البينة على الاعسار لأنها شهادة على النفي فلم تسمع كالشهادة على أنه لا دين عليه .
ولنا ما [ روى قبيصة بن المخارق أن النبي A قال له : يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال - سدادا من عيش ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من سدادا الحجى من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال - سدادا من عيش ] رواه مسلم و أبو داود وقولهم إن الشهادة على النفي لا تقبل قلنا لا ترد مطلقا فإنه لو شهدت البينة أن هذا وارث الميت لا وارث له سواه قبلت ولأن هذه وإن كانت تتضمن النفي فهي تثبت حالة تظهر ويوقف عليها بالمشاهدة بخلاف ما إذا شهدت أنه لا حق له فإن هذا مما لا يوقف عليه ولا يشهد به حال يتوصل بها إلى معرفته به بخلاف مسألتنا وتسمع البينة في الحال وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا تسمع في الحال ويحبس شهرا وروي ثلاثة أشره وروي أربعة أشهر حتى يغلب على ظن الحاكم الذي لو كان له مال لأظهره ولنا أن كل بينة جاز سماعها بعد مدة جاز سماعها في الحال كسائر البينات وما ذكروه لو كان صحيحا لأغنى عن البينة فإن قال الغريم احلفوه لي مع يمينه أنه لا مال له لم يستحلف في ظاهر كلام أحمد لأنه قال في رواية إسحاق بن إبراهيم في رجل جاء بشهود على حق فال الغريم استحلفوه لا يستحلف لأن ظاهر الحديث البينة على المدعي واليمين على من أنكر قال القاضي : سواء شهدت البينة بتلف المال أو بالاعسار وهذا أحد قولي الشافعي لأنها بينة مقبولة فلم يستحلف معها كما لو شهدت بأن هذا عبده أو هذه داره ويحتمل أن يستحلف وهذا القول الثاني للشافعي لأنه يحتمل أن له مالا خفي على البينة ويصح عندي الزامه اليمين على الاعسار فيما إذا شهدت البينة بتلف المال وسقوطها عنه فيما إذا شهدت بالاعسار لأنها إذا شهدت بالتلف صار كمن لم يثبت له أصل مال أو بمنزلة من أقر له غريمة بتلف ذلك المال وادعى أن له مالا سواه أو أنه أستحق مالا بعد تلفه ولو لم تقم البينة وأقر له غريمة بتلف ماله وادعى أن له مالا سواه لزمته اليمين فكذلك إذا قامت به البينة فإنها لا تزيد على الإقرار وإن كان الحق يثبت عليه في غير مقابلة مال أخذه كأرش جناية وقيمة متلف ومهر أو ضمان أو كفالة أو عوض خلع إن كان امرأة وإن لم يعرف له مال حلف أنه لا مال له وخلي سبيله ولم يحبس هذا قول الشافعي و ابن المنذر فإن شهدت البينة باعساره قبلت ولم يستحلف معها لما تقدم وإن شهدت أنه كان له مال فتلف لم يستغن بذلك عن يمينه لما ذكرناه وكذلك لو أقر له به غريمه وإنما اكتفينا بيمينهن لأن الأصل عدم المال لما [ روي أن النبي A قال لحبة وسواء ابني خلد بن سواء لا تيئسا من الرزق ما اهتزت رؤوسكما فإن ابن آدم يخلق وليس له إلا قشرتاه ثم يرزقه الله تعالى ] قال ابن المنذر : الحبس عقوبة ولا نعلم له ذنبا يعاقب به والأصل عدم ماله بخلاف المسألة الأولى فإن الأصل ثبوت مال فيحبس حتى يعلم ذهابه و الخرقي لم يفرق بين الحالين لكنه يحمل كلامه على ما ذكرنا لقيام الدليل على الفرق