وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

هلال الثمر المبيع .
مسألة : قال : وإذا اشترى الثمرة دون الأصل فتلفت بجائحة من السماء رجع بها على البائع .
الكلام في هذه المسألة في فصول ثلاثة : .
الفصل الأول : أن ما تهلكه الجائحة من الثمار من ضمان البائع وبهذا قال أكثر أهل المدينة منهم يحيى بن سعيد بن الأنصاري و مالك و أبو عبيد وجماعة من أهل الحديث وبه قال الشافعي في القديم وقال أبو حنيفة و الشافعي في الجديد : هو من ضمان المشتري لما [ روي أن امرأة أتت النبي A فقالت : إن ابني اشترى ثمرة من فلان فأذهبتها الجائحة فسألته أن يضع عنه فتألى أن لا يفعل فقال النبي A : تألى فلان أن لا يفعل خيرا ] متفق عليه ولو كان واجبا لأجبره عليه لأن التخلية يتعلق بها جاوز التصرف فتعلق بها الضمان كالنقل والتحويل ولأنه لا يضمنه إذا أتلفه آدمي كذلك لا يضمنه بإتلاف غيره .
ولنا ما روى مسلم في صحيحه عن جابر [ أن النبي A أمر بوضع الجوائح ] وعنه قال [ قال رسول الله A : إن بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا لم تأخذ مال أخيك بغير حق ] ؟ ورواه مسلم و أبو داود ولفظه [ من باع ثمرا فأصابته جائحة فلا يأخذ من مال أخيه شيئا علام يأخذ أحدكم مال أخيه المسلم ؟ ] وهذا صريح في الحكم فلا يعدل عنه قال الشافعي : لم يثبت عندي أن رسول الله A أمر بوضع الجوائح ولو ثبت لم أعده ولو كنت قائلا بوضعها لوضعها في القليل والكثير قلنا : الحديث ثابت رواه الأئمة منهم الأمام أحمد و يحيى بن معين و علي بن جرب وغيرهم عن ابن عيينة عن حميد الأعرج عن سليمان بن عتيق عن جابر ورواه مسلم في صحيحة و أبو داود في سننه و ابن ماجة وغيرهم ولا حجة لهم في حديثهم فإن فعل الواجب خير فإذا تألى أن لا تفعل الواجب فقد تألى ألا يفعل خيرا فأما الإجبار فلا يفعله النبي A بمجرد قول المدعي من غير إقرار من البائع ولا حضور ولأن التخلية ليست بقبض تام بدليل ما لو تلفت بعطش عند بعضهم ولا يلزم من إباحة التصرف تمام القبض بدليل المنافع في الإجارة يباح التصرف فيها ولو تلفت كانت من ضمان المؤجر كذلك الثمرة فإنها في شجرها كالمنافع قبل استيفائها توجد حالا فحالا وقياسهم يبطل بالتخلية في الإجارة .
الفصل الثاني : أن الجائحة كل آفة لا صنع للآدمي فيها كالريح والبرد والجراد والعطش لما روى الساجي بإسناده عن جابر [ أن النبي A قضى في الجائحة تكون في البرد والجراد وفي الحبق والسيل وفي الريح ] وهذا تفسير من الراوي لكلام النبي A فيجب الرجوع إليه وأما ما كان بفعل آدمي فقال القاضي : المشتري بالخيار بن فسخ العقد ومطالبة البائع بالثمن وبين البقاء عليه ومطالبة الجاني بالقيمة لأنه أمكن الرجوع ببدله بخلاف التالف بالجائحة .
الفصل الثالث : أن ظاهر الذهب أن لا فرق بين قليل الجائحة وكثيرها إلا أن ما جرت العادة بتلف مثله كالشيء اليسير الذي لا ينضبط فلا يلتفت إليه قال أحمد : إني لا أقول في عشر ثمرات ولا عشرين ثمرة ولا أدري ما الثلث ولكن إذا كانت جائحة تعرف الثلث أو الربع أو الخمس توضع وفيه رواية أخرى أن ما كان يعد دون الثلث فهو من ضمان المشتري وهو مذهب مالك و الشافعي في القديم لأنه لا بد أن يأكل الطير منها وتنثر الريح ويسقط منها فلم يكن بد من ضابط واحد فاصل بين ذلك وبين الجائحة والثلث قد رأينا الشرع اعتبره في مواضع منها الوصية وعطايا المريض وتساوي جراح المرأة جراح الرجل إلى الثلث قال الأثرم قال أحمد : إنهم يستعملون الثلث في سبع عشرة مسألة ولأن الثلث في حد الكثرة وما دونه في حد القلة بدليل قول النبي A في الوصية : [ الثلث والثلث كثير ] فيدل هذا على أنه آخر حد الكثرة فلهذا قدر به ووجه الأول عموم الأحاديث فإن النبي A أمر بوضع الجوائح وما دون الثلث داخل فيه فيجب وضعه ولأن هذه الثمرة لم يتم قبضها فكان ما تلف منها من مال البائع وإن كان قليلا كالتي على وجه الأرض وما أكله الطير أو سقط لا يؤثر في العادة ولا يسمى جائحة فلا يدخل في الخبر ولا يمكن التحرز منه فهو معلوم الوجود بحكم العادة فكأنه مشروط إذا ثبت هذا فإنه إذا تلف شيء له قدر خارج عن العادة وضع من الثمن بقدر الذهب فإن تلف الجميع بطل العقد ويردع المشتري بجميع الثمن وأما على الرواية الأخرى فإنه يعتبر ثلث المبلغ وقيل ثلث القيمة فإن تلف الجميع أو أكثر من الثلث رجع بقيمة التالف كله من الثمن وإذا اختلفا في الجائحة أو قدر ما أتلف فالقول قول البائع لأن الأصل السلامة ولأنه غارم والقول في الأصول قول الغارم .
فصل : فإن بلغت الثمرة أوان الجزاز فلم يجزها حتى اجتيحت فقال القاضي : عندي لا يوضع عنه لأنه مفرط بترك النقل في وقته مع قدرته فكان الضمان عليه ولو اشترى ثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع فأمكنه قطعها فلم يقطعها حتى تلفت فهي من ضمانه لأن تلفها بتفريطه وإن تلفت قبل إمكان قطعها فهي من ضمان بائعها كالمسألة فيها .
فصل : إذا استأجر أرضا فزرعها فتلف الزرع فلا شيء على المؤجر نص عليه أحمد ولا نعلم فيه خلافا لأن المعقود عليه ومنافع الأرض ولم تتلف وإنما تلف مال المستأجر فيها فصار كدار استأجرها ليقصر فيها ثيابا فتلفت الثياب فيها