وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بيان حكم الكفالة .
فصل : و أما بيان حكم الكفالة فنقول و بالله التوفيق : للكفالة حكمان : أحدهما : ثبوت ولاية مطالبة الكفيل بما على الأصيل عند عامة مشايخنا و يطرد هذا الحكم في سائر أنواع الكفالات لأن الكل في احتمال هذا الحكم على السواء و إنما يختلف محل الحكم من العين و الدين و الفعل فيطالب الكفيل بالدين بدين واجب على الأصيل لا عليه فالدين على واحد و المطالب به اثنان غير أن الكفيل إن كان واحدا يطالب بكل الدين .
و إن كان به كفيلان و الدين ألف يطالب كل واحد منهما بخمسمائة إذا لم يكفل كل واحد منهما عن صاحبه لأنهما استويا في الكفالة و المكفول به يحتمل الانقسام فينقسم عليهما في حق المطالبة كما في الشراء و يطالب الكفيل بالنفس بإحضار المكفول بنفسه إن لم يكن غائبا .
و إن كان غائبا يؤخذ الكفيل إلى مدة يمكنه إحضاره فيها فإن لم يحضر في المدة و لم يظهر عجزه للقاضي حبسه إلى أن يظهر عجزه له فإذا علم القاضي ذلك بشهادة الشهود أو غيرها أطلقه و انظره إلى حال القدرة على إحضاره لأنه بمنزلة المفلس لكن لا يحول بين الطالب و الكفيل بل يلازمه من الطالب و لا يحول الطالب أيضا بينه و بين أشغاله و لا يمنعه من الكسب و غيره و يطالب الكفيل بالعين بتسليم عينها إن كانت قائمة و مثلها أو قيمتها إن كانت هالكة و يطالب الكفيل بتسليم العين و بالفعل بهما .
و قال بعض مشايخنا إن حكم الكفالة بالدين وجوب أصل الدين على الكفيل و المطالبة مرتبة عليه فيطالب الكفيل بدين واجب عليه لا على الأصلي كما يطالب الأصيل بدين عليه لا على الكفيل فيتعدد الدين حسب تعدد المطالبة و به أخذ شيخه الإمام الشافعي C و زعم أن هذا يمنع من صحة الكفالة بالأعيان المضمونة و النفس و الفعل لأن هذا الحكم لا يتحقق في الكفالة بغير الدين و هذا غير سديد لأن الكفالات أنواع لكل نوع حكم على حدة فانعدام حكم نوع منها لا يدل على انعدام حكم نوع آخر فأما براءة الأصيل فليس حكم الكفالة عند عامة العلماء و الطالب بالخيار إن شاء طالب الأصيل و إن شاء طالب الكفيل إلا إذا كانت الكفالة براءة الأصيل لأنها حوالة معنى أو كانت مقيدة بما عليه من الدين لأنها في معنى الحوالة أيضا .
و قال ابن أبي ليلى إن الكفالة توجب براءة الأصيل و الصحيح قول العامة لأن الكفالة تنبىء عن الضم و هو ضم ذمة إلى ذمة في حق المطالبة بما على الأصيل أو في حق أصل الدين و البراءة تنافي الضم و لأن الكفالة لو كانت مبرئة لكانت حوالة و هما متغايران لأن تغاير الأسامي دليل تغاير المعاني في الأصل و أيهما اختار مطالبته لا يبرأ الآخر بل يملك مطالبته .
فرق بين هذا و بين غاصب الغاصب إن للمالك أن يضمن أيهما شاء فإذا اختار تضمين أحدهما لا يملك اختيار تضمين الآخر .
و وجه الفرق : أن المضمونات تملك عند اختيار الضمان فإذا اختار تضمين أحدهما فقد هلك المضمون فلا يملك الرجوع عنه و هذا المعنى هنا معدوم لأن اختيار الطالب مطالبة أحدهما بالمضمون لا يتضمن ملك المضمون فهو الفرق و كذا فرقوا بين هذا و بين العبد المشترك بين اثنين أعتقه أحدهما و هو موسر حتى يثبت للشريك الساكت اختيار تضمين المعتق واستسعاء العبد فاختيار أحدهما يبطل اختيار الآخر لأنه لما اختار الضمان صار نصيبه منقولا إلى المعتق عند اختياره لأن المضمونات تملك عند اختيار الضمان فلو اختار الاستسعاء يسعى و هو رقيق و إنما يعتق كله بأداء السعاية و بينهما تناف و لا تنافي ههنا لأن الطالب لا يملك المضمون باختيار المطالبة فيملك مطالبة الآخر و الثاني ثبوت ولاية مطالبة الكفيل الأصيل إذا كانت الكفالة بأمره في الأنواع كلها .
ثم إذا كانت الكفالة بالنفس فطالب الكفيل بتسليم نفسه إلى الطالب إذا طالبه و إن كانت بالعين المضمونة يطالب بتسليم عينها إذا كانت قائمة و تسليم مثلها أو قيمتها إذا كانت هالكة إذا طولب به و إن كانت بفعل التسليم و الحمل يطالب بهما و إن كانت بدين يطالبه بالخلاص إذا طولب فكما طولب الكفيل طالب هو المكفول عنه بالخلاص و إن حبس فله أن يحبس المكفول عنه لأنه هو الذي أوقعه في هذه العهدة فكان عليه تخليصه منها .
و إن كانت الكفالة بغير أمره فليس للكفيل حق ملازمة الأصيل إذا لوزم و لا حق الحبس إذا حبس و ليس له أن يطالب بالمال قبل أن يؤدي هو و إن كانت الكفالة بأمره لأن ولاية المطالبة إنما تثبت بحكم القرض و التمليك على ما نذكره و كل ذلك يقف على الأداء و لم يوجد بخلاف الوكيل بالشراء أن له ولاية مطالبة الموكل بالثمن بعد الشراء قبل أن يؤدي هو من مال نفسه لأن هناك الثمن يقابل المبيع و الملك المبيع كما وقع للموكل فكأن الثمن عليه فكان له أن يطالبه به و هنا المطالبة بسبب القرض أو التمليك و لم يوجد هنا و إذا أدى كان له ان يرجع عليه إذا كانت الكفالة بأمره لأن الكفالة بالأمر في حق المطلوب استقراض و هو طلب القرض من الكفيل و الكفيل بأداء المال مقرض من المطلوب و نائب عنه في الأداء إلى الطالب و في حق الطالب تمليك ما في ذمة المطلوب من الكفيل بما أخذ من المال و المقرض يرجع على المستقرض بما أقرضه و المشتري يملك الشراء بالبيع لا غير هذا