المقدار المعفو عنه من النجاسة .
و قال الشعبي : لا يمنع حتى يكون أكثر من قدر الدرهم الكبير و هو قول عامة العلماء و هو الصحيح لما روينا عن عمر Bه أنه عد مقدار ظفره من النجاسة قليلا حيث لم يجعله مانعا من جواز الصلاة و ظفره كان قريبا من كفنا فعلم أن قدر الدرهم عفو و لأن أثر النجاسة في موضع الاستنجاء عفو و ذلك يبلغ قدر الدرهم خصوصا في حق المبطون و لأن في ديننا سعة و ما قلناه أوسع فكان أليق بالحنيفية السمحة .
ثم لم يذكر في ظاهر الرواية صريحا أن المراد من الدرهم الكبير من حيث العرض و المساحة أو من حيث الوزن و ذكر في النوادر الدرهم الكبير ما يكون عرض الكف و هذا موافق لما روينا من حديث عمر Bه لأن ظفره كان كعرض كف أحدنا .
و ذكر الكرخي مقدار مساحة الدرهم الكبير و ذكر في كتاب الصلاة الدرهم الكبير المثقال فهذا يشير إلى الوزن .
و قال الفقيه أبو جعفر الهندواني : لما اختلفت عبارات محمد في هذا فنوفق و نقول : أراد بذكر العرض تقدير المائع كالبول و الخمر و نحوهما و بذكر الوزن تقدير المستجسد كالعذرة و نحوها فإن كانت أكثر من مثقال ذهب وزنا تمنع و إلا فلا و هو المختار عند مشايخنا بما وراء النهر و أما حد الكثير من النجاسة الخفيفة فهو الكثير الفاحش في ظاهر الرواية .
و روي عن أبي يوسف أنه قال : سألت أبا حنيفة عن الكثير الفاحش فكره أن يحد له حدا و قال : الكثير الفاحش ما يستفحشه الناس و يستكثرونه .
و روى الحسن عنه أنه قال : شبر في شبر و هو المروي عن أبي يوسف أيضا و روي عنه ذراع في ذراع .
و روى أكثر من نصف الثوب و روي نصف الثوب ثم في رواية : نصف كل الثوب و في رواية : نصف طرف منه .
أما التقدير بأكثر من النصف فلأن الكثرة و القلة من الأسماء الإضافية لا يكون الشيء قليلا إلا أن يكون .
بمقابلته كثير و كذا لا يكون كثيرا إلا و أن يكون بمقابلته قليل و النصف ليس بكثير لأنه ليس في مقابلته قليل فكان الكثير أكثر من النصف لأن بمقابلته ما هو أقل منه .
و أما التقدير بالنصف فلأن العفو هو القليل و النصف ليس بقليل إذ ليس بمقابلته ما هو أقل منه و أما التقدير بالشبر فلأن أكثر الضرورة تقع لباطن الخفاف و باطن الخفين شبر في شبر و أما التقدير بالذراع فلأن الضرورة في ظاهر الخفين و باطنهما و ذلك ذراع في ذراع .
و ذكر الحاكم في مخنصره عن أبي حنيفة و محمد الربع و هو الأصح لأن للربع حكم الكل في أحكام .
الشرع في موضع الاحتياط و لا عبرة بالكثرة و القلة حقيقة ألا ترى أن الدرهم جعل حدا فاصلا بين القليل و الكثير شرعا مع انعدام ما ذكر إلا أنه لا يمكن التقدير بالدرهم في بعض النجاسات لانحطاط رتبتها عن المنصوص عليها فقدر بما هو كثير في الشرع في موضع الاحتياط و هو الربع و اختلف المشايخ في تفسير الربع قيل ربع جميع الثوب لأنهما قدراه بربع الثوب و الثوب اسم للكل ( ا ) و قيل : ربع كل عضو و طرف إصابته النجاسة من اليد و الرجل و الذيل و الكم و الدخريص ( 2 ) لأن كل قطعة منها قبل الخياطة كان ثوبا على .
حدة فكذا بعد الخياطه و هو الأصح .
ثم لم يذكر في ظاهر الرواية تفسير النجاسة الغليظة و الخفيفة و ذكر الكرخي أن النجاسة الغليظة عند .
أبي حنيفة ما ورد نص على نجاسته ولم يرد نص على طهارته معارضا له و إن اختلف العلماء فيه و الخفيفة : .
ما تعارض نصان في طهارته و نجاسته .
و عند أبي يوسف و محمد : الغليظة ما وقع الاتفاق على نجاسته و الخفيفة : ما اختلف العلماء في نجاسته و طهارته