{ باب من الديون والغصوب وغيرها من الأحكام } .
قوله : بشيء لأنه لا ولاية لنا على الحربي إلا في ما التزم وإنما التزم لقضاء الحوائج في المستقبل لا في ما مضى فلم يكن لنا عليه ولاية الحال .
قوله : ففعلا ذلك أي أدان أحدهما صاحبه ثم خرجا من دار الحرب مستأمنين .
قوله : بالدين إلخ لأن تلك المداينة كانت صحيحة إلا أنا لا نتعرض لهما لانقطاع الولاية فإذا أسلما وجب القضاء لقيام الولاية للحال مطلقا ولو اغتصب أحدهما من صاحبه في المسئلتين يعني في مسئلة الحربي مع المسلم اغتصب أحدهما من صاحبه أو الحربيين ثم خرجا إلى دار الإسلام مسلمين لم يقض بشئ لأن الغصب صادف ملكا مباحا فصار ملكا له .
قوله : ولم أقض عليه لأن الملك ثبت له لما قلنا لكنه فاسد لما فيه من نقض العهد فأشبه المشتري بشراء فاسد .
قوله : إلا الكفارة في الخطأ أما وجوب الكفارة فلإطلاق قوله ( تعالى ) : { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة } الآية وأما عدم وجوب القصاص فلأنه لا يمكن استيفاءه إلا بمنعه وإمام وهو مفقود في دار الحرب وأما عدم وجوب للدية في الخطأ فلعدم ثبوت العصمة للحربي بخلاف ما إذا دخل مسلمان في دار الحرب بأمان فقتل أحدهما صاحبه خطأ حيث يجب الدية على القاتل لأن العصمة الثابتة بدار الإسلام لا تبطل بدخولهما في دار الحرب .
قوله : فالدية على عاقلته إلخ أما الوجوب فللعصمة والوضع في بيت المال لعدم الورثة وإن كان عمدا يجب القصاص لأن المقتول معصوم والولي معلوم وهم العامة .
قوله : وإذا قتل اللقيط هو لغة ما يلقط أي يرفع من الأرض فعيل بمعنى مفعول سمي به الولد المطروح في الطريق خوفا من العيلة وتهمة الزنا به باعتبار مآله إليه .
قوله : لا قصاص إلخ لأنه احتمل وجود الولي وهي الأم وغيرها فلو أوجبنا للعامة لأوجبنا لغير من وجب له الحق من حيث الشبهة وهي كالحقيقة في ما يسقط بالشبهات ولهما أن المجهول لا يصلح وليا حقيقة فلا يصلح وليا من حيث الشبهة لأن الشبهة إنما تعتبر في موضع يتصور فيه الحقيقة فإذا لم يتصور الإيجاب للمجهول صار المجهول كالمعدوم ولو انعدم الولي أصلا كان القود للعامة فكذا .
هذا .
قوله : الدية في العمد والخطأ لأن هذا أمر عارضي وليس بأصلي فلا يبطل به العصمة كالدخول لأمان ولا قصاص في العمد لأن القتل وجد في دار الحرب ودار الحرب يورث الشبهة ولأبي حنيفة أن الأسير مقهور في دار الحرب فصار تابعا لهم فبطل الإحراز عنهم بخلاف المستأمن لأنه يمكنه القود إلى دار الإسلام فصار محرزا حكما فصار معصوما ثم في المسائل كلها وجب الدية على القاتل دون العاقلة أما إذا كان عمدا فلأن العاقلة لا تعقل العمد وإن كان خطأ فلأن الوجوب على العامة إنما كان لتركهم الصيانة عن الجناية فإن الصيانة عن الجناية كانت واجبة عليهم فإذا لم يفعلوا صاروا كالشركاء في الجناية وههنا .
لا يجب على عاقلته صيانته لأنهم لا يقدرون على ذلك فلا يثبت الشركة .
قوله : فالوديعة فيء لأنها في يده التقدير لقيام يد المودع مقامه فإذا صار هو مغنوما صار ماله الذي هو في يده مغنوما أيضا ضرورة .
قوله : وبطل القرض لأنه لا يحتمل إثبات اليد على القرض إلا بواسطة المطالبة وقد بطلت مطالبته ههنا فاختص من عليه الدين بإثبات اليد عليه فيملكه .
قوله : لورثته لأنه لم يصر مغنوما فكذلك ماله .
قوله : فهو فيء كله أما الأولاد الكبار والمرأة فلا شك لأنهم في أيد أنفسهم وهم كفار وكذلك الأولاد الصغار لأنهم لم يصيروا مسلمين بإسلام أبيهم لأن الولد إنما يصير مسلما بإسلام أبيه إذا كان تحت ولاية أبيه والأولاد الذين في دار الحرب ليسوا تحت ولاية أبيهم ليصيروا في معنى نفسه وأما الأموال فلأنها ليست بمعصومة وإن صارت نفسه معصومة فإن قيل : يد المودع كيد المودع أيضا فكان تلك الأموال في يده تقديرا فيجب أن يكون معصوما قيل له : نعم لكن في موضع الإمكان إذا كان بحال لو أراد إثبات اليد أمكنه ذلك قلنا له ذلك .
قوله : أحرار مسلمون لأنهم صاروا مسلمين تبعا لأبيهم لأن الدار واحدة فلا يملكون بالاستيلاء وأما الأولاد الكبار والمرأة تكونون فيئا لأنهم كفار بين أهل الحرب فكانوا محلا للإستيلاء وكذلك الأموال التي أودع أهل الحرب لأنها لم تصر معصومة لما قلنا وما كان وديعة عند مسلم أو ذمي فهو له لأنه فى يد من يده كيده فيصبر كأنه في يد صاحب المال .
قوله : فهو له لأن يده سبقت على أيدي المسلمين فيكون له .
قوله : فإنه فيء لأنه تابع لدار الحرب محفوظ ليد سلطانهم والتابع لا يوازي الأصل وما ليس في يده إن كان في يد المسلم أو الذمي وديعة فهو له أيضا لأن يدهما كيده فيكون ما في أيديهما كأنه في يده وإن كان في يد الحربي يكون فيئا لما قلنا وإن كان في يد المسلم غصبا أو في يد الذمي فهو فيء عند أبي حنيفة وعندهما لا يكون فيئا لأنه مال المسلم في يد المسلم أو الذمي فلا يكون فيئا كما لو كانت وديعة عندهما ولأبي حنيفة أن يد الغاصب يد مانعة متعدية فلا يكون يد المالك فصارت كأنها ليست في يد أحد .
قوله : وما في بطنها فيء أما أولاده الكبار فلأنه كافر حربي وأما المرأة فلأنها كافرة حربية وأما الجنين ففي مذهبنا فيء وقال الشافعي : لا يكون فيئا لأن الولد مسلم تبعا لأبيه قلنا : بلى لكنه رقيق تبعا لأمه والمسلم محل التمليك في الجملة إذا كانت أمه رقيقا .
قوله : ومن قاتل من عبيده فيء لأنه لما تمرد على مولاه صار تبعا لهم .
قوله : فليس عليه شئ لأنه حين قتل لم يكونوا تحت يد إمام أهل العدل .
قوله : وإن غلبوا إلخ يريد به أنهم غلبوا على مدينة ولم يجر فيها أحكامهم حتى أزعجهم إمام عدل وإذا كان الأمر بهذه الصفة لم تنقطع ولاية الإمام لأهل العدل عنهم .
قوله : فإنه يرثه لأنه قتله بحق كالقصاص بحق فلا يثبت منه الحرمان .
قوله : لا يرث الباغي لأن تأويله فاسد والتأويل الفاسد لا ينزل منزلة الصحيح في حق الاستحقاق ولهما أن هذا القتل يساوي القتل بحق في حق أحكام الدنيا حتى لا يجب به الضمان فلا يجب به الحرمان أيضا .
قوله : بأس لأنه محمول على الجهاد لأن الظاهر من حال المدني شراء السلاح للجهاد .
قوله : ويكره أن يبتدي لأنه أمر بالمعروف في مصاحبته بنص الكتاب قال الله ( تعالى ) : { وصاحبهما في الدنيا معروفا } .
قوله : أباه وكذلك جده من قبل أبيه أو أمه وإن بعد إلا أن يضطره إلى ذلك لقوله ( تعالى ) : { وصاحبهما في الدنيا معروفا } والمراد الأبوان وإن كانا مشركين وليس من المصاحبة بالمعروف البداية بالقتل وأما إذا اضطره إلى ذلك فهو يدفع عن نفسه ثم الأب كان سببا لإيجاد الولد ولا يجوز للولد أن يجعل نفسه سببا لإعدامه بالقصد إلى قتله إلا أن يضطره إلى ذلك فحينئذ يكون الأب هو المكتسب لذلك السبب بمنزلة الجاني على نفسه .
قوله : حتى يقتله غيره استدل محمد في الكتاب أي السير الكبير بما روى : أن حنظلة بن عامر وعبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول استأذنا رسول الله ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) في قتل أبويهما فلم يأذنهما وعن عمر بن مالك قال : قال رجل لرسول الله ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) : [ إني لقيت أبي في العدو فسمعت منه مقالة لك سيئة فقتلته فسكت رسول الله ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) ] وفي هذا دليل على أنه لا يستوجب بقتله شيئا إذا قتله لأن النبي A لم يأمره بشئ والسكوت بعد تحقق الحاجة إليه لا يجوز وأولى الوجوه أن لا يقصده بالقتل ولا يمكنه من الرجوع إذا تمكن منه في الصف ولكنه يلجئه إلى .
موضع ويتمسك به حتى يجيء غيره فيقتله روى محمد في الكتاب حديثا بهذه الصفة قال : فهو أحب إلينا فأما إباحة قتل غير الوالدين والمولودين من ذي الرحم المحرم من المشركين فقد بيناه في الجامع الصغير .
قوله : ولا بأس إلخ قال الطحاوي : نهى النبي A عن ذلك في ابتداء الإسلام إنما كان عند قلة المصاحف وفي زماننا كثرت المصاحف