قال - C - ( دار في يد رجل ادعاها رجل جميعا وأقام البينة وادعى آخر نصفها وأقام البينة قال أبو حنيفة - C - يقسم بين المدعيين على طريق المنازعة أرباعا ثلاثة أرباعها لمدعي الجميع وربعها لمدعي النصف . وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - يقسم على طريق العول والمضاربة أثلاثا ) ولهذا نظائر وأضداد ومن نظائرها الموصي له بجمع المال وبنصفه عند إجازة الورثة والموصي له بعين مع الموصي له بنصف ذلك العين إذا لم يكن للميت سواه ومن أضدادها العبد المأذون المشترك إذا أدانه أحد الموليين مائة وأجنبي مائة ثم بيع بمائة فالقسمة بين المدين والأجنبي عند أبي حنيفة - C - بطريق العول أثلاثا وعندهما بطريق المنازعة أرباعا وكذلك المدبر إذا قتل رجلا خطأ وفقأ عين آخر وغرم المولى قيمته لهما .
وكذلك العبد إذا قتل رجلا عمدا وآخر خطأ وللمقتول عمدا ابنان فعفا أحدهما ثم دفع العبد بالجنايتين .
ومما اتفقوا على أن القسمة فيه بطريق العول التركة بين الورثة والغرماء وضاقت التركة عن إيفاء حقوقهم والموصي له بالثلث والموصي له بالسدس إذا لم تجز الورثة .
ومما اتفقوا على أن القسمة فيه بطريق المنازعة .
( فضولي باع عبد رجل بغير أمره وباع فضولي آخر نصفه فأجاز المولى البعين فالقسمة بين المشتريين بطريق المنازعة أرباعا ) وأصل أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - أن قسمة العين متى وجبت بسبب حق في العين كانت القسمة على طريق العول فالتركة بين الورثة ومتى وجبت بسبب حق كان في العين كالأصل فالقسمة على طريق المنازعة كما في بيع الفضولي فإن حق كل واحد من المشتريين كان في الثمن يتحول بالشراء إلى المبيع وفي مسألة الدعوى حق كل واحد من المدعيين في العين فكانت القسمة على طريق العول لمعنى أن حق كل واحد منهما شائع في العين فما من جزء منه إلا وصاحب القليل مزاحم فيه صاحب الكثير بنصيبه فلهذا كانت القسمة بطريق العول .
والأصل عند أبي حنيفة - C - أن كل واحد منهما إذا كان يدلي بسبب صحيح معلوم فالقسمة على طريق العول كالورثة في التركة وإذا كان يدلي لا بسبب صحيح ثابت فالقسمة على طريق المنازعة وما لا منازعة فيه لصاحب القليل يسلم لصاحب الكثير في بيع الفضولين فإن بيع كل واحد منهما غير صحيح قبل إجازة المالك وهذا لأن المضاربة إنما يصار إليها عند الضرورة وذلك عند قوة السبب واستواء السببين في صفة الصحة ففي مسألة الدعوى سبب استحقاق كل واحد منهما الشهادة وهي لا توجب شيئا قبل اتصال القضاء فلم يكن كل واحد من السببين معلوم الصحة فلهذا كانت القسمة على طريق المنازعة وما قال يبطل بحق الغرماء في التركة فإن قسمة العين بسبب حق كان في الذمة ومع ذلك كانت القسمة عوليا .
قال : ( فإن كان المدعون ثلاثة يدعي أحدهم جميعها والآخر نصفها والآخر ثلثها وأقاموا البينة فعند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - القسمة بطريق العول ) فتكون أصل المسألة من ستة يضرب مدعي الكل بسهام الدار ستة ومدعي الثلثين بسهام الثلثين أربعة ومدعي النصف بثلاثة فيقسم الدار بينهم على ثلاثة عشر سهما .
وعند أبي حنيفة - C - القسمة بطريق المنازعة ولا منازعة لصاحب النصف والثلثين فيما زاد على الثلثين وصاحب الجميع يدعي ذلك فيسلم له بلا منازعة وما زاد على النصف إلى تمام الثلثين لا منازعة فيه لصاحب النصف فيكون بين صاحب الجميع والثلثين نصفين يبقى ستة استوت منازعتهم فيه كان بينهم أثلاثا فيسلم لمدعي النصف سدس الدار ولمدعي الثلثين ربع الدار ولمدعي الجميع ما بقي وذلك سبعة أسهم من اثني عشر .
قال : ( ولو كانت الدار في يد رجلين فادعى أحدهما نصفها والآخر جميعها فالبينة على مدعي الجميع ) لأن دعوى كل واحد منهما منصرف إلى ما في يده أولا ليكون يده محقة في حقه وهذا لأن حمل أمور المسلمين على الصحة واجب فصاحب النصف لا يدعي شيئا مما في يد صاحب الجميع وصاحب الجميع يدعي شيئا مما في يد صاحب النصف فعليه إثباته بالبينة فإن أقاما البينة فالدار كلها لصاحب الجميع لأنه إن اجتمع بينة الخارج وبينة ذي اليد فيما في يد صاحب النصف فبينة الخارج أولى بالقبول .
قال : ( ولو كانت الدار في يد ثلاثة نفر فادعى أحدهم جميعها والآخر ثلثيها والآخر نصفها وأقاموا البينة واستحلف كل واحد منهم ونكل فعلى قول أبي حنيفة - C - القسمة على طريق المنازعة بينهم فتكون من أربعة وعشرين سهما ) لأن في يد كل واحد منهم ثلث الدار ودعوى كل واحد منهم ينصرف إلى ما في يده ثم فيما فضل في ذلك إلى ما في يد صاحبه لأنه ليس أحدهما بأولى به من الآخر ولا بينة لكل واحد منهم فيما في يده فأما الثلث الذي في يد صاحب النصف لا بينة له في ذلك وصاحب الجميع يدعي الجميع وصاحب النصف يدعي الثلثين لأنه يدعي الثلثين ثلث في يده وثلث في يد صاحبه فيكون دعواه فيما في يد كل واحد منهما نصف الثلث فيسلم نصف هذا الثلث لصاحب الجميع فلا منازعة والنصف الآخر بينهما نصفان لاستواء منازعتهما فيه فصار هذا الثلث على أربعة والثلث الذي في يد صاحب الثلثين صاحب الجميع يدعي جميعه وصاحب النصف يدعي ربعه لأنه يدعي النصف والثلث في يده فإنما بقي الثلث في يد صاحبه فكان دعواه في يد كل واحد منهما نصف السدس وذلك ربع ما في يديه فثلاثة أرباع ما في يده سالم لصاحب الجميع واستوت منازعتهما في الربع فكان بينهما نصفين وما في يد صاحب الجميع يدعي صاحب الثلثين نصفه وصاحب النصف ربعه وفي اليد سبعة فيأخذ كل واحد منهما بقدر ما ادعاه فإن جعلت سهام الدار على أربعة وعشرين كان في يد كل واحد منهما ثمانية والسالم لصاحب الجميع مما في يد صاحب النصف ستة ثلاثة أرباع ما في يده وله مما في يد صاحب الثلثين سبعة ويبقى له مما كان في يده سهمان فجملة ما سلم له خمسة عشر وصاحب الثلثين أخذ مما في يد صاحب الجميع أربعة ومما يد صاحب النصف سهمين وذلك ستة فهو له وصاحب النصف أخذ مما في يد صاحب الجميع سهمين ومما في يد صاحب الثلثين سهما فإذا جمعت بين هذه السهام كانت أربعة وعشرين وعندهما القسمة على طريق العول فصاحب الجميع يضرب فيما في يد صاحب النصف بالجميع وصاحب الثلثين بالنصف فصار هذا الثلث أثلاثا وصاحب الجميع فيما في يد صاحب الثلثين بالجميع وصاحب النصف بالربع فصار هذا الثلث أخماسا . وصاحب النصف يأخذ مما في يد صاحب الجميع الربع وصاحب الثلثين يأخذ النصف فصار هذا الثلث أرباعا فقد وقع الكسر بالأثلاث والأرباع والأخماس فاضرب خمسة في ثلاثة فيكون خمسة عشر ثم في أربعة فيكون ستين فصار كل ثلث من الدار على ستين سهما فيكون جميعها مائة وثمانين فما في يد صاحب النصف وذلك ستون سهما لصاحب الجميع ثلثاه أربعون وصاحب الثلثين عشرون وما في يد صاحب الثلثين لصاحب النصف خمسة وذلك اثنا عشر ولصاحب الثلث أربعة أخماسه ثمانية وأربعون ويأخذ صاحب النصف مما في يد صاحب الجميع ربعه خمسة عشر وصاحب الثلثين النصف ثلاثين فيبقى في يد صاحب الجميع خمسة عشر وقد وصل إليه من يد الآخرين ثمانية وثمانون وذلك مائة وثلاثة أسهم فذلك نصيبه وصاحب الثلاثين أخذ من يد صاحب الجميع ثلاثين ومن يد صاحب النصف عشرين وذلك خمسون وصاحب النصف أخذ من يد صاحب الثلثين اثني عشر ومن يد صاحب الجميع خمسة عشر فيكون سبعة وعشرون فإذا جمعت بين هذه السهام كانت مائة وثمانين مثل سهام الدار فاستقام .
قال : ( دار في يد رجل منها منزل وفي يد آخر منها منزل فادعى أحدهما الدار بينهما نصفين وقال الآخر هي كلها لي وأقام البينة فلمدعي الكل المنزل الذي في يده ونصف المنزل الذي في يد الآخر ) لأن دعوى الآخر في نصف شائع فإنما يدعي هو نصف ما في يده ولا دعوى له في النصف الآخر ومدعي الجميع يدعي ذلك لنفسه فيأخذه لأنه لا منازع له ومدعي النصف يدعي نصف المنزل الذي في يد مدعي الجميع وهو ينازعه في ذلك فلا يستحقه إلا بحجة .
قال : ( ولو كانت الدار كلها في أيديهما ولم يعرف شيء منها في يد واحد منهما فهي بينهما نصفان ) لأن مدعي النصف تنصرف دعواه إلا ما في يده فلا يستحق الآخر عليه شيئا من ذلك إلا بحجة وإن كان سفلها في يد رجل وعلوها في يد آخر وطريق العلو في الساحة فادعى كل واحد منهما أن الدار له فالدار لصاحب السفل إلا العلو وطريقه فإنه لصاحب العلو لأن العلو في يد صاحب العلو وكذلك طريقه في السفل فإنه مستعمل له بالتطرق فيه إلى علوه فأما السفل والساحة ففي يد صاحب السفل لأن هو المستعمل للساحة بوضع أمتعته وصب وضوئه وكسر حطبه فيه فالقول فيه قوله وإن أقاما البينة فلكل واحد منهما ما في يد صاحبه ترجيحا لبينة الخارج على بينة ذي اليد في دعوى الملك .
قال : ( ولو كانت الدار في يد ثلاثة فادعي أحدهم النصف والآخر الثلث والثالث السدس وجحد بعضهم دعوى البعض فإن في يد كل واحد منهم الثلث فالثلث في يد مدعي السدس له نصفه ) لأنه لا يدعي أكثر من ذلك والصنف الآخر موقوف عنده فإن قامت البينة لصاحب النصف أخذ من يد كل واحد من صاحبيه نصف سدس الدار لأنه يدعي النصف وفي يده الثلث فما زاد عليه إلى تمام النصف وهو السدس يدعيه وفي يد صاحبيه إذ ليس أحدهما يصرف دعواه إلى ما في يده بأولى من الآخر .
فإذا أثبت ذلك بالبينة أخذ من يد كل واحد منهما نصف السدس ولا يقال أن نصف ما في يد مدعي السدس هو لا يدعيه فينبغي أن ينصرف دعوى مدعي النصف إليه حتى يأخذ كل ذلك السدس من غير إقامة البينة عليه لوجهين أحدهما أنه يدعي بعض ذلك في يد صاحب الثلث فكيف يأخذه من يد مدعي السدس وهو إنما يدعيه في يد غيره والثاني أن باعتبار دعواه شيئا مما في يد صاحب الثلث كان صاحب الثلث منازعا له في هذا السدس الذي في يد صاحب السدس وهو لا يدعيه ومع تمكن المنازعة لا يتمكن من أخذه إلا بحجة والله أعلم بالصواب