وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

قال - C - الاستئجار للظئورة جائزة لقوله تعالى { فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن } ( الطلاق : 6 ) والمراد بعد الطلاق وقال الله تعالى { وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى } ( الطلاق : 6 ) يعني بأجر . وبعث رسول الله - A - والناس يتعاملونه فأقرهم عليه وكانوا عليه في الجاهلية وقد استؤجر لإرضاع رسول الله - A - حليمة وبالناس إليه حاجة لأن الصغار لا يتربون إلا بلبن الآدمية والأم قد تعجز عن الإرضاع لمرض أو موت أو تأبى الإرضاع فلا طريق إلى تحصيل المقصود سوى استئجار الظئر جوز ذلك للحاجة .
وزعم بعض المتأخرين - رحمهم الله - أن المعقود عليه المنفعة وهو القيام بخدمة الصبي وما يحتاج إليه وأما اللبن تبع فيه لأن اللبن عين والعين لا تستحق بعقد الإجارة كلبن الأنعام .
والأصح أن العقد يرد على اللبن لأنه هو المقصود وما سوى ذلك من القيام بمصالحه تبع والمعقود عليه هو منفعة الثدي فمنفعة كل عضو على حسب ما يليق به .
وهكذا ذكر ابن سماعة عن محمد - رحمهما الله - فإنه قال استحقاق لبن الآدمية بعقد الإجارة دليل على أنه لا يجوز بيعه وجواز بيع لبن الأنعام دليل على أنه لا يجوز استحقاقه بعقد الإجارة وقد ذكر في الكتاب أنها لو ربت الصغير بلبن الأنعام لا يستحق الأجر وقد قامت بمصالحه فلو كان اللبن تبعا ولم يكن الأجر بمقابلته لاستوجبت الأجر ثم بدأ الباب بحديث زيد بن علي قال رسول الله - A - ( لا ترضع لكم الحمقاء فإن اللبن يفسد ) وهو كما قال رسول الله - A - فإن اللبن في حكم جزء من عينها لأنه يتولد منها فتؤثر فيه حماقتها ويظهر أثر في ذلك الرضيع لما للغذاء من الأثر ونظيره ما روي عن النبي - A - أنه قال : ( لا ترضع لكم سيئة الخلق ) .
وإذا استأجر ظئرا ترضع صبيا له سنتين حتى تفطمه بأجر معلوم فهو جائز لأنه استأجرها بعمل معلوم ببدل معلوم وطعامها وكسوتها على نفسها لأنها شرطت عليهم الأجر المسمى بمقابلة عملها ففيما سوى ذلك حالها بعد العقد كما قبل العقد وترضعه في بيتها إن شاءت وليس عليها أن ترضعه في بيت أبيه لأنها بالعقد التزمت فعل الإرضاع وما التزمت المقام في بيتهم وهي تقدر على إيفاء ما التزمت في بيت نفسها .
فإن اشترطت كسوتها كل سنة ثلاثة أثواب زطية واشترطت عند الفطام دراهم مسماة وقطيفة ومسحا وفراشا فذلك جائز استحسانا عند أبي حنيفة - C - في هذا الموضع خاصة دون سائر الإجارات .
وفي قول أبي يوسف ومحمد والشافعي - رحمهم الله - لا يجوز وهو القياس وكذلك إن اشترطت عليهم طعاما فهو على هذا الخلاف .
وجه القياس أن هذا عقد إجارة فلا يصح إلا بإعلام الأجرة كما في سائر الإجارات والطعام مجهول الجنس والمقدار والصفة والكسوة كذلك وهذه الجهالة تمنع صحة التسمية كما في سائر الإجارات لأنها تفضي إلى المنازعة فكذلك هنا وهذا قياس يشده الأثر وهو قوله A ( من استأجر أجيرا فليعلمه أجره ) فإن أقامت العمل فلها أجر مثلها لأنها وفت المعقود عليه بحكم عقد فاسد إلا أن يسموا لها ثيابا معلومة الجنس والطول والعرض والرقعة ويضربوا لذلك أجلا ويسموا لها كل يوم كيلا من الدقيق معلوما فحينئذ يجوز كما في سائر الإجارات والبيوع .
وأبو حنيفة - C - استدل بقوله تعالى { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } ( البقرة : 233 ) يعني أجرا على الإرضاع بعد الطلاق .
( ألا ترى ) أنه قال { وعلى الوارث مثل ذلك } ( البقرة : 233 ) وذلك أجر الرضاع لا نفقة النكاح ولأن الناس تعارفوا بهذا العقد بهذه الصفة وليس في عينه نص يبطله وفي النزوع عن هذه العادة حرج لأنهم لا يعدون الظئر من أهل بيتهم فالظاهر أنهم يستنكفون عن تقدير طعامها وكسوتها كما يستنكفون عن تقدير طعام الزوجات وكسوتهم ثم إنما لم يجوز هذا في سائر الإجارات لتمكن المنازعة في الثاني وذلك لا يوجد هنا لأنهم لا يمنعون الظئر كفايتها من الطعام لأن منفعة ذلك ترجع إلى ولدهم وربما يكفلونها أن تأكل فوق الشبع ليكثر لبنها وكذلك لا يمنعونها كفايتها من الكسوة لكون ولدهم في حجرها ثم أحد العوضين في هذا العقد يتوسع فيه ما لا يتوسع في سائر العقود حتى أن اللبن الذي هو عين حقيقة يستحق بهذه الإجارة دون غيرها فكذلك يتوسع في العوض الآخر في هذا العقد ما لا يتوسع في غيره وإذا جاز العقد عنده كان لها الوسط من المتاع والثياب المسماة لأنها لا تستحق ذلك بمطلق التسمية في عقد المعاوضة فينصرف إلى الوسط كما في الصداق إذا سمى لها عبدا أو ثوبا هرويا وهذا لأن في تعيين الوسط نظرا من الجانبين .
ولو اشترطوا عليها أن ترضع الصبي في منزلهم فهو جائز كما في سائر الإجارات إذا شرط المستأجر على الأجير إقامة العمل في بيته وهذا لأنهم ينتفعون بهذا الشرط فإنها تتعاهد الصبي في بيتهم ما لا تتعاهده في بيت نفسها وربما لا يحتمل قلبهما غيبة الولد عنهما والشرط المفيد في العقد معتبر .
فإن كان لها زوج فأجرت نفسها للظئرة بغير إذنه فللزوج أن يبطل عقد الإجارة قيل هذا إذا كان الزوج مما يشينه أن تكون زوجته ظئرا فلدفع الضرر عن نفسه يكون له أن يفسخ العقد فأما إذا كان ممن لا يشينه ذلك لا يكون له أن يفسخ .
والأصح أن له ذلك في الوجهين لأنها إن كانت ترضعه في بيت أبويه فللزوج أن يمنعها من الخروج من منزله وإن كانت ترضعه في بيت نفسها فللزوج أن يمنعها من إدخال صبي الغير منزله ولأنها في الإرضاع والسهر بالليل تتعب نفسها وذلك ينقص من جمالها وجمالها حق الزوج فكان له أن يمنعها من الإضرار به في حقه كما يمنعها من التطوعات .
وهذا إذا كان زوجها معروفا فإن كان مجهولا لا تعرف أنها امرأته إلا بقولها فليس له أن ينقض الإجارة لأن العقد قد لزمها وقولها غير مقبول في حق من استأجرها ولأنه تتمكن تهمة المراضعة مع هذا الرجل بأن يقر له بالنكاح ليفسخ الإجارة وهو نظير المنكوحة إذا كانت مجهولة الحال فأقرت بالرق على نفسها فإنها لا تصدق في إبطال النكاح .
فإن هلك الصبي بعد سنة فلها أجر ما مضى ولها مما اشترطت من الكسوة والدراهم عند الفطام بحساب ذلك لأنها أوفت المعقود عليه في المدة الماضية فتقرر حقها فيما يقابل ذلك من البدل ثم تتحقق فوات المقصود فيما بقي فلا يجب ما يخصه من البدل .
ولو ضاع الصبي من يدها أو وقع فمات أو سرق من حلي الصبي أو من ثيابه شيء لم تضمن الظئر شيئا لأنها بمنزلة الأجير الخاص فإن العقد ورد على منافعها في المدة .
( ألا ترى ) أنه ليس لها أن تشغل نفسها في المدة عن رضاع الصبي ولا أن تؤاجر نفسها من غيرهم لمثل ذلك العمل والأجير الخاص أمين فيما في يده بخلاف الأجير المشترك على قول من يضمنه .
وليس عليها من عمل أبوي الصبي شيء إن كلفوها عجنا أو طبخا أو خبزا لأنها التزمت بالعقد الظؤرة وهذه الأعمال لا تتصل بالظؤرة فلا يلزمها إلا أن تتطوع به فأما عمل الصبي وغسل ثيابه وما يصلحه مما يعالج به الصبيان من الدهن والريحان فهو على الظئر لأن هذا من عمل الظؤرة .
وإن كان الصبي يأكل الطعام فليس على الظئر أن تشتري له الطعام لأنها التزمت تربيته بلبنها دون الطعام ولكن ذلك كله على أهله وعليها أن تهيأه له لأن ذلك من عمل الظؤرة فقد جعل الدهن والريحان عليها بخلاف الطعام وهذا بناء على عادة أهل الكوفة والمرجع في ذلك إلى العرف في كل موضع وهو أصل كبير في الإجارة فإن ما يكون من التوابع غير مشروط في العقد يعتبر فيه العرف في كل بلدة حتى قال في استئجار اللبان أن الزنبيل والملبن على صاحب اللبن بناء على عرفهم والسلك والإبرة على الخياط باعتبار العرف والدقيق على صاحب الثوب دون الحائك فإن كان عرف أهل البلدة بخلاف ذلك فهو على ما يتعارفون .
وحثي التراث على الحفار في القبر باعتبار العرف .
وإخراج الخبز من التنور على الخباز .
وغرف المرقة في القصاع على الطباخ إذا استأجر لطبخ عرس وإن استؤجر لطبخ قدر خاص فليس ذلك عليه لانعدام العرف فيه .
وإدخال الحمل المنزل على الحمال إذا حمله على ظهره وليس عليه أن يصعد به على السطح أو الغرفة للعرف .
وإذا استأجر دابة ليحمل عليها حملا إلى منزله فإنزال الحمل عن ظهر الدابة على المكاري وفي إدخاله المنزل يعتبر العرف .
والإكاف على صاحب الدابة .
وفي الجواليف والحبل يعتبر العرف وكذلك في السرج واللجام يعتبر العرف فهو الأصل أما التوابع التي لا تشترط عند العقد يعتبر العرف فيها وبه يفصل عند المنازعة .
وإذا أراد أهل الصبي أن يخرجوا الظئر قبل الأجل فليس لهم ذلك إلا من عذر لأن العقد لازم من الجانبين إلا أن الإجارة تنفسخ بالعذر عندنا على ما نبينه في بابه ثم العذر لهم في ذلك أن لا يأخذ الصبي من لبنها فيفوت به ما هو المقصود ولا عذر أبين من ذلك وكذلك إذا تقايأ لبنها لأن ذلك يضر بالصبي عادة فالحاجة إلى دفع الضرر عنه عذر في فسخ الإجارة .
وكذلك إذا حبلت لأن لبنها يفسد بذلك ويضر بالصبي فإذا خافوا على الصبي من ذلك كان لهم عذر .
وكذلك إن كانت سارقة فإنهم يخافون على متاعهم إن كانت في بيتهم وعلى متاع الصبي وحليته إذا كان معها .
وكذلك إن كانت فاجرة بينة فجورها فيخافون على أنفسهم فهذا عذر لأنها تشتغل بالفجور وبسببه ينقص من قيامها بمصالح الصبي وربما تحمل من الفجور فيفسد ذلك لبنها وهذا بخلاف ما إذا كانت كافرة لأن كفرها في اعتقادها ولا يضر ذلك بالصبي ولا يبعد أن يقال عيب الفجور في هذا فوق عيب الكفر .
( ألا ترى ) أنه قد كان في بعض نساء الرسل كافرة كامرأة نوح ولوط - عليهما السلام - وما بغت امرأة نبي قط هكذا قال رسول الله - A .
وكذلك إذا أرادوا سفرا فتأبى أن تخرج معهم فهذا عذر لأنه لا يتعذر الخروج للسفر عند الحاجة لما عليهم من ذلك من الضرر ولا تجبر هي على الخروج معهم لأنها ما التزمت تحمل ضرر السفر ولا يمكنهم ترك الصبي عندها لأن غيبتهم عن الولد توحشهم فلدفع الضرر يكون لهم أن يفسخوا الإجارة وليس للظئر أن تخرج من عندهم إلا من عذر وعذرها من مرض يصيبها لا تستطيع معه الرضاع لأنها تتضرر بذلك وربما يصيبها انضمام تعب الرضاع إلى المرض .
ولهم أن يخرجوها إذا مرضت لأنها تعجز بالمرض عما هو مقصودهم وهو الإرضاع فربما يقل بسببه لبنها أو يفسد وكذلك إن لم يكن زوجها سلم الإجارة فله أن يخرجها لما بينا .
وكذلك إن لم تكن معروفة بالظئورة فلها أن تفسخ لأنها ربما لا تعرف عند ابتداء العقد ما تبتلي به من المقاساة والسهر فإذا جربت ذلك تضررت ولأنها تغيرت من هذا العمل على ما قيل تجوع الحرة ولا تأكل بسدييها وما كانت تعرف ما يلحقها من الذل إذا لم تكن معروفة بذلك فإذا عملت كان لها أن تفسخ العقد .
وإن كان أهل الصبي يؤذونها بالسنتهم كفوا لأن ذلك ظلم منهم والكف عن الظلم واجب وإن ساؤا أخلاقهم معها كفوا عنها لأن سوء الخلق مذموم فإذا لم يكفوا عنها كان لها أن تخرج لأنها تتضرر بالصبر على الأذى وسوء الخلق .
ولو كان زوجها قد سلم الإجارة فأرادوا منعه من غشيانها مخافة الحبل وأن يضر ذلك بالصبي فلهم أن يمنعوه ذلك في منزلهم لأن المنزل لهم فلا يكون له أن يدخله إلا بإذنهم وان لقيها في منزله فله أن يغشاها لأن ذلك مستحق له بالنكاح وبتسليم الإجارة لا يسقط حقه عما كان مستحقا له فلا تستطيع الظئر أن تمنع نفسها ولا يسع أهل الصبي أن يمنعوها عن ذلك ولا يسع الظئر أن تطعم أحدا من طعامهم بغير أمرهم لأنها في ذلك كغيرها من الأجنبيات .
فإن زارها أحد من ولدها فلهم أن يمنعوه من الكينوة عندها لأن المنزل لهم ولهم أن يمنعوها من الزيارة إذا كانت تضر بالصبي دفعا للضرر عنه لأنها قد التزمت ما يرجع إلى إصلاح الصبي ودفع الضرر عنه وما كان من ذلك لا يضر بالصبي فليس لهم منعها لأنها حرة مالكة أمر نفسها فيما وراء ما التزمت لهم .
ويجوز للأمة التاجرة أن تؤاجر نفسها ظئرا كما أن لها أن تؤاجر نفسها لعمل آخر لأن رأس مالها بتجارتها منافعها وكذلك المكاتبة وكذلك العبد التاجر أو المكاتب يؤاجر أمته ظئرا أو يستأجر ظئرا لصبي له لأن الإجارة من عقود التجارة ولأن التدبير فيما يرجع إلى إصلاح كسبه إليه فكما يشتري لصبي له طعاما فكذلك يستأجر له الظئر لترضعه وكما يبيع أمته فكذلك له أن يؤاجرها .
فإن رد في الرق بعد الاستئجار انتقضت الإجارة .
فإن كان هو أجر أمته لم تنتقض الإجارة في قول أبي يوسف - C - وقال محمد تنتقض .
وجه قول محمد - C - : أن المنافع بالإجارة استحقت على المكاتب وبعجزه بطل حقه وصار الحق في المنافع للمولى فتبطل الإجارة كما لو مات وهذا لأن المكاتب صار بمنزلة الحر في ملك التصرف والكسب حتى يختص هو بالتصرف دون المولى فعجزه يكون ناقلا الحق منه إلى المولى بمنزلة موت الحر وبهذا الطريق يبطل استئجاره وبه فارق العبد المأذون فإن الكسب كان مملوكا للمولى وكان متمكنا من التصرف فيه فالحجر عليه لا يكون ناقلا الحق إلى مولاه .
( ألا ترى ) أن استئجاره لا يبطل فكذلك إجارته وهذا بخلاف ما إذا أعتق المكاتب لأن بالعتق يتقرر حقه في ملك الكسب والتصرف .
والدليل على الفرق : أن المكاتب إذا استبرأ أمته ثم عتق فليس عليه استبراء جديد .
ولو عجز كان على المولى فيها استبراء جديد وأن المكاتب لو اشترى قريب نفسه من والد أو ولد امتنع بيعه ولو اشترى قريب المولى لا يمتنع عليه بيعه وأنه يجوز دفع الزكاة إلى المكاتب .
وإن كان مولاه غنيا فعرفنا أن الكسب له ما دام مكاتبا فبالعجز ينتقل إلى مولاه والدليل عليه أنه لو مات عاجزا بطلت الإجارة فكذلك إذا عجز .
وأبو يوسف - C - يقول : بعجزه انقلب حق الملك حقيقة الملك فلا تبطل الإجارة كما إذا عتق .
وتقريره أن الكسب دائر بين المكاتب والمولى لكل واحد منهما فيه حق الملك لا حقيقة الملك ولهذا لو اشترى المكاتب امرأة مولاه أو امرأة نفسه لا يفسد النكاح .
ولو تزوج المولى أمة من كسب مكاتبه لم يجز كما لو تزوج المكاتب أمة من كسبه فعرفنا أن لكل واحد منهما حق الملك وجانب المولى في حقيقة الملك يترجح على جانب المكاتب لأنه أهل لذلك والمكاتب ليس بأهل .
ولو أدى مكاتب المكاتب البدل كان الولاء لمولى الأول ولو أعتق المولى من يكاتب على المكاتب من أقربائه نفذ عتقه فيه ولا ينفذ عتق المكاتب فعرفنا أن في حقيقة الملك يترجح جانب المولى ثم إذا تحقق الملك للمكاتب بالعتق لا تبطل الإجارة فإذا تحقق للمولى بالعجز أولى وهذا لأنه لم يتبدل من استحق عليه المنفعة بعقد الإجارة بخلاف ما إذا مات الحر وقد قبل الاستئجار على الخلاف أيضا .
والأصح أن أبا يوسف - C - يفرق بينهما فيقول : استئجار المكاتب كان لحاجته دون حاجة مولاه وقد سقطت حاجته بعجزه فأما إجارته كانت لتحصيل الأجرة وفيه حق للمولى كما للمكاتب فبعجزه لا ينعدم ما لأجله لزمت الإجارة ثم يسلم أن المكاتب منفرد بالتصرف لأن المولى حجر على نفسه من التصرف في كسبه ولكن بطلان الإجارة باعتبار انتقال الملك دون تبدل المنصرف .
ألا ترى أن العبد المأذون المديون يتصرف في كسبه دون المولى ثم بالحجر وسقوط الدين يتبدل المتصرف ولا تبطل به الإجارة لانعدام انتقال الملك وكذلك لا يبطل الاستئجار هناك لأنها وقعت لحاجة المولى فهو أحق بكسبه إذا قضى الدين من موضع آخر فيما يرجع إلى إصلاح ملكه يكون من حاجته والصحيح أنه إذا مات المكاتب عاجزا فالإجارة لا تنفسخ عند أبي يوسف - C - كما لو عجز في حياته فأما فصل الاستبراء فذلك ينبني على ملك اليد والتصرف دون حقيقة الملك .
( ألا ترى ) أن المبيعة إذا حاضت قبل القبض فليس للمشتري أن يجتزئ بتلك الحيضة ونحن نسلم أن ملك اليد والتصرف للمكاتب وكذلك امتناع البيع ينبني على ملك اليد والتصرف للمكاتب فإن المكاتب لما كان بملك الكتابة في كسبه يتكاتب عليه قريبه ولما كان لا يملك العتق في كسبه لا يعتق عليه قريبه فأما المولى لا يملك الكتابة في كسبه ولا العتق فلهذا لا يتكاتب قريب المولى إذا اشتراه المكاتب وكذلك حل الصدقة ينبني على انعدام ملك اليد والتصرف .
( ألا ترى ) أن ابن السبيل يحل له أخذ الصدقة والمولى وإن كان غنيا فلا يد له في كسب المكاتب فهذا جاز صرف الزكاة إلى مكاتب الغني فأما بطلان الإجارة ينبني على انتقال ملك العين من المؤاجر إلى غيره كما قررنا فإن مات أب الصبي الحر لم تنتقض إجارة الظئر لأنها وقعت لحاجة الصبي والأب فيه كالنائب عنه ولهذا يؤدي الأجر من مال الصبي إذا كان له مال وأجر الظئر بعد موت الأب في ميراث الصبي لأنه ماله ولو كان له في حياة أبيه مال كان للأب أن يؤدي أجر الظئر منه فكذلك يؤدي معنى ميراثه بعده ولو استأجروها أن ترضع صبيين لهم كل شهر بكذا فمات أحدهما رفع عنهم نصف الأجر لأن جميع الأجر بمقابلة إرضاع الصبيين فيتوزع عليهما نصفين لأن التفاوت يقل في عمل الإرضاع أو ينعدم وقد بطل العقد في حق الميت منهما فلهذا يرفع عنهم نصف الأجر .
ولو استأجروا ظئرين يرضعان صبيا واحدا فذلك جائز ويتوزع الأجر بينهما على لبنهما فإن كان لبنهما واحدا فالأجر بينهما نصفان وإن كان متفاوتا فبحسب ذلك وبهذا تبين أن المعقود عليه اللبن وأن البدل بمقابلته فإن ماتت إحداهما بطل العقد في حقها لفوات المعقود عليه وللأخرى حصتها من الأجر .
ولا يجوز بيع لبن بني آدم على وجه من الوجوه عندنا ولا يضمن متلفه أيضا .
وقال الشافعي - C - يجوز بيعه ويضمن متلفه لأن هذا لبن طاهر أو مشروب طاهر كلبن الأنعام لأنه غذاء للعالم فيجوز بيعه كسائر الأغذية وبهذا يتبين أنه مال متقوم فإن المالية والتقوم بكون العين منتفعا به شرعا وعرفا .
والدليل عليه أنه عين يجوز استحقاقه بعقد الإجارة فيجوز بيعه ويكون مالا متقوما كالصبغ في عمل الصباغة والحبر في الوراقة والحرض والصابون في غسيل الثياب بل أولى لأن العين للبيع أقبل منه للإجارة .
وحجتنا في ذلك : أن لبن الآدمية ليس بمال متقوم فلا يجوز بيعه ولا يضمن متلفه كالبزاق والمخاط والعرق وبيان الوصف أن المال اسم لما هو مخلوق لإقامة مصالحنا به مما هو غيرنا فأما الآدمي خلق مالكا للمال وبين كونه مالا وبين كونه مالكا للمال منافاة وإليه أشار الله تعالى في قوله { وهو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا } ( البقرة : 29 ) ثم لا جزاء الآدمي من الحكم ما لعينه .
( ألا ترى ) أن شعر الآدمي لا ينتفع به إكراما للآدمي بخلاف سائر الحيوانات وأن غائط الآدمي يدفن وما ينفصل من سائر الحيوانات ينتفع به واللبن جزء متولد من عين الآدمي .
( ألا ترى ) أن الحرمة تثبت باعتباره وهي حرمة الرضاع كما تثبت حرمة المصاهرة بالماء الذي هو أصل الآدمي والمتولد من الأصل يكون بصفة الأصل فإذا لم يكن الآدمي مالا في الأصل فكذلك ما يتولد منه من اللبن بمنزلة الولد .
( ألا ترى ) أن ولد الأضحية يثبت فيه الحكم تبعا وأن لبن الأضحية إذا حلبت يتصدق به .
ولهذا روي عن أبي يوسف - C - قال يجوز بيع لبن الأمة دون لبن الحرة اعتبارا للبن بالولد ولكن هذا ليس بقوي لأن جواز بيع الولد بصفة الرق فأما الآدمي بدون هذا الوصف لا يكون محلا للبيع ولا رق في اللبن لأن الرق فيما تحله الحياة فإنه عبارة عن الضعف ولا حياة في اللبن .
والدليل عليه : أن الصحابة - رضوان الله عليهم - في المغرور لم يوجبوا قيمة اللبن فلو كان اللبن مالا متقوما كان ذلك للمستحق وكان له القيمة للإتلاف في يد المغرور ولا يدخل على شيء مما ذكرنا المنافع فإنها تقبل العقد من الحر لأن المنافع لا تتولد من العين ولكنها أعراض تحدث في العين شيئا فشيئا فكانت غير الآدمي .
ثم نحن نجعل اللبن كالمنفعة إلا أن عندنا المنفعة لا تضمن بالإتلاف وتستحق بالإجارة دون البيع فكذلك لبن الآدمي وبهذا تبين أن اللبن ليس بمال متقوم مقصود لأنه عين والعين الذي هو مال مقصود لا يستحق بالإجارة كلبن الأنعام بخلاف الصبغ فصاحب الثوب هناك لا يستحق بالإجارة عين الصبغ بل ما يحدث في الثوب من اللون .
وكذلك الخبز وكذلك الحرض والصابون المستحق لصاحب الثوب إزالة الدرن والوسخ عن الثوب حتى أن القصار بأي أزال ذلك استحق الأجر وهنا المستحق بالإجارة عين اللبن حتى لو ربت الصبي بلبن الأنعام لا تستحق الأجر ولا نسلم أن اللبن غذاء على الإطلاق وإنما هو غداء في تربية الصبيان لأجل الضرورة فهم لا يتربون إلا بلبن الجنس عادة كالميتة تكون غذاء عند الضرورة ولا يدل على أنها مال متقوم وهذا نظير النكاح فإن البضع يتملك بالعقد للحاجة إلى اقتضاء الشهوة وإقامة النسل ولا يحصل ذلك إلا بالجنس ثم ذلك لا يدل على أنه مال متقوم مع أن الغذاء ما في الثدي من اللبن وذلك لا يحتمل البيع بالإتفاق فأما ما يحلب القوارير قل ما يحصل به غذاء الصبي وفي تجويز ذلك فساد لأنه يؤجر به الصبيان فتثبت به حرمة الرضاع بينهم وبين من كان اللبن منها ولا يعلم ذلك .
فإن قيل : سائر أجزاء الآدمي متقوم حتى يضمن بإتلاف فكذلك هذا الجزء قلنا قد بينا أن الآدمي في الأصل ليس بمال متقوم ولا نقول يضمن بالإتلاف أجزاء الآدمي بل يجب الضمان بالنقصان المتمكن في الأصل حتى لو اندملت الجراحة بالبرء ونبتت السن بعد القلع لا يجب شيء لأنه لا نقصان في الأصل فكذلك الإتلاف في اللبن لا يتمكن نقصان في الأصل ولهذا لا يجب الضمان فإن قيل لا كذلك فالمستوفى بالوطئ في حكم جزء لم يضمن بالإتلاف عند الشبهة وإن لم يتمكن نقصان في الأصل قلنا المستوفي بالوطئ في حكم النفس من وجه ولهذا لا يعجل البدل في إسقاط الواجب بإتلافه واللبن ليس نظيره .
ألا ترى : أنه لا يضمن بالإتلاف بعد البدل ومثله لا يضمن إذا لم يكن متقوما وقد بينا أنه ليس بمال متقوم ولا بأس بأن يستعط الرجل بلبن المرأة ويشربه للدواء لأنه موضع الحاجة والضرورة ولو أصاب ثوبا لم ينجسه لأن الآدمي طاهر في الأصل فما تولد منه يكون طاهرا إلا ما قام الدليل الشرعي على نجاسته .
ألا ترى : أن عرقه وبزاقه يكون طاهرا ولأن المنفصل من أجزاء الحي إنما يتنجس باعتبار الموت ولا حياة في اللبن ولا يحله الموت ولأن المستحيل من الغذاء إلى فساد ونتن رائحة يكون نجسا واللبن ليس بهذه الصفة فلهذا كان طاهرا .
وإن أجرت الظئر نفسها من قوم آخرين ترضع لهم صبيا ولا يعلم أهلها الأولون بذلك فأرضعت حتى فرغت فإنها قد أثمت وهذه جناية منها لأن منافعها صارت مستحقة للأولين فإنها بمنزلة الأجير الخاص فصرف تلك المنافع إلى الآخرين يكون جناية منها ولها الأجر كاملا على الفريقين لأنها حصلت مقصود الفريقين ولا تتصدق بشيء منه لأن ما أخذت من كل فريق إنما أخذته عوضا عن ملكها فإن منافعها مملوكة لها .
ولا بأس بأن يستأجر المسلم الظئر الكافرة أو التي قد ولدت من الفجور لأن خبث الكفر في اعتقادها دون لبنها والأنبياء عليهم السلام والرسل صلوات الله عليهم فيهم من أرضع بلبن الكوافر وكذلك فجورها لا يؤثر في لبنها فإن استأجرها ترضع صبيا له في بيتها فدفعته إلى خادمها فأرضعته حتى انقضى الأجل ولم ترضعه بنفسها فلها أجرها لأنها التزمت فعل الإرضاع فلا يتعين عليها مباشرته بنفسها فسواء أقامت بنفسها أو بخادمها فقد حصل مقصود أهل الصبي .
وكذلك لو أرضعته حولا ثم يبس لبنها فأرضعت خادمها حولا آخر فلها الأجر كاملا .
وكذلك لو كانت ترضعه هي وخادمها فلها الأجر تاما ولا شيء لخادمها لأن المنافع لا تتقوم إلا بالتسيمة ففيما زاد على المشروط لا تسميه في حقها ولا في حق خادمها ولو يبس لبنها فاستأجرت له ظئرا كان عليه الأجر المشروط ولها الأجر كاملا استحسانا .
وفي القياس : لا أجر لها لأنها بمنزلة أجير الخاص وليس للأجير الخاص أن يستأجر غيره لإقامة العمل .
وفي الاستحسان : لها الأجر لأن المقصود تربية الصبي بلبن الجنس وقد حصل ولأن مدة الرضاع تطول فلما استأجروها مع علمهم أنها قد تمرض أو يبس لبنها في بعض المدة فقد رضوا منها بالاستئجار لتحصيل مقصودهم وتتصدق بالفضل لأن هذا ربح حصل لا على ضمانها ونهى رسول الله - A - عن ربح ما لم يضمن .
وإذا استأجر امرأته على إرضاع ولده منها فلا أجر لها عندنا وقال الشافعي - C تعالى - لها الأجر لأنه استأجرها لعمل غير مستحق عليها بالنكاح حتى لا تطالب به ولا تجبر عليه إذا امتنعت فيصح الاستئجار كالخياطة وغيرها من الأعمال والنفقة مستحقة لها بالنكاح لا بمقابلة الإرضاع بدليل أنها وإن أبت الإرضاع كان لها النفقة فهو نظير نفقة الأقارب لا تكون مانعة من صحة الاستئجار على الإرضاع .
وحجتنا في ذلك قوله تعالى { والولدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } ( البقرة : 233 ) معناه ليرضعن فهو أمر بصيغة الخبر والأمر يفيد الوجوب فظاهره يقتضي أن يكون الإرضاع واجبا عليها شرعا والاستئجار على مثل هذا العمل لا يجوز وإليه أشار النبي A بقوله ( مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون الأجر كمثل أم موسى عليه السلام كانت ترضع ولدها وتأخذ الأجر من فرعون ) ثم قال الله تعالى { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } ( البقرة : 233 ) والمراد النفقة ففي هذا العطف إشارة إلى أن النفقة لها بمقابلة الإرضاع وقد دل عليه قوله تعالى { وعلى الوارث مثل ذلك } ( البقرة : 233 ) والمراد ما يكون بمقابلة الإرضاع فإذا استوجب عوضا بمقابلة الإرضاع لا يستوجب عوضا آخر بالشرط .
والمعنى فيه أن هذا العمل مستحق عليها دينا وإن لم يكن مستحقا عليها دينا فإنها تطالب به فتوى ولا تجبر عليه كرها والاستئجار على مثله لا يجوز كالاستئجار على كنس البيت والتقبيل واللمس وما أشبه ذلك وهذا لأن بعقد النكاح يثبت الاتحاد بينهما فيما هو المقصود من النكاح والولد مقصود بالنكاح فكانت هي في الإرضاع عاملة لنفسها معنى فلا تستوجب الأجر على الزوج بالشرط كما في التقبيل واللمس والمجامعة .
وهكذا نقول في سائر أعمال البيت من الطبخ والخبز والغسل وما يرجع منفعته إليهما فهو لا يستوجب عليه الأجر بالشرط وما يكون لتجارة الزوج فهو ليس بمستحق عليها دينا ولا يرجع منفعته إليها .
وكذلك لو استأجرها بعد الطلاق الرجعي لأن النكاح باق بينهما ببقاء العدة فمعنى الاتحاد قائم فأما بعد انقضاء العدة الاستئجار صحيح لأنها صارت أجنبية منه وإرضاع الولد على الأب كنفقته بعد الفطام .
وكذلك في العدة من طلاق بائن لو استأجرها جاز عندنا .
وعند الحسن بن زياد - C تعالى - لا يجوز لأنها في نفقته فكانت هذه الحال كما قبل الطلاق .
ولكنا نقول : معنى الاتحاد الذي كان بالنكاح قد زال بالطلاق البائن والإرضاع بعد هذا لا يكون مستحقا عليها دينا بمنزلة سائر أعمال البيت فيجوز استئجارها عليه .
وذكر ابن رستم عن محمد - رحمهما الله تعالى - : أنه كان للرضيع مال استأجرها في حال قيام النكاح بمال الرضيع يجوز لأن نفقتها ليس في مال الرضيع فيجوز أن يستوجب الأجر في ماله بمقابلة الإرضاع بالشرط بخلاف مال الزوج فإن نفقتها عليه وهو إنما التزم نفقتها لهذه الأعمال فلا تستوجب عليه عوضا آخر .
وكذلك إذا استأجر خادمها لذلك لأن منفعة خادمها ملكها وبدلها كمنفعة نفسها .
وإن استأجر مكاتبها كان لها الأجر لأن المكاتبة كالحرة في منافعها ومكاسبها يوضحه أنه كما تجب على الزوج نفقتها تجب نفقة خادمها ولا تجب عليه نفقة مكاتبتها .
ولو استأجرها ترضع صبيا له من غيرها جاز وعليه الأجر لأن هذا العمل غير مستحق عليها دينا حتى لا تؤمر به فتوى وهو ليس من مقاصد النكاح القائم بينهما بخلاف ولده منها .
ولو استأجر أمه أو ابنته أو أخته ترضع صبيا له كان جائزا وعليه الأجر وكذلك كل ذات رحم محرم منه لأن الإرضاع غير مستحق على واحدة دينا حتى لا تؤمر به فتوى فيجوز استئجارها عليه .
فإن استأجرها ثم أبت بعد ذلك وقد ألفها الصبي لا يأخذ إلا منها فإن كانت معروفة بذلك لم يكن لها أن تترك الإجارة إلا من عذر .
وإن كانت لا تعرف بذلك فلها أن تأبى وقد بينا هذا في الأجنبيات أنها إذا لم تعرف بذلك العمل فإنما تأبى لدفع الضرر عن نفسها فيكون ذلك عذرا لها فكذلك في المحارم .
ولو استأجر ظئرا لترضع له صبيا في بيتها فجعلت تؤجر لبن الغنم وتغدوه بكل ما يصلحه حتى استكمل الحولين ولها لبن أو ليس لها لبن فلا أجر لها لأن البدل بمقابلة الإرضاع وهي لم ترضعه إلا بما سقته لبن الغنم ولأن مقصودهم عمل مصلح للصبي وما أتت به مفسد فالآدمي لا يتربى تربية صالحة إلا بلبن الجنس وإن جحدت ذلك وقالت قد أرضعته فالقول قولها مع يمينها لأن الظاهر شاهد لها فصلاح الولد دليل على أنها أرضعته لبن الآدمية .
وإن أقام أهل الصبي البينة على ما أدعو فلا أجر لها لأن الثابت بالبينة كالثابت بإقرار الخصم وإن أقاموا جميعا البينة أخذت بينتها لأنها تثبت الأجر دينا في ذمة من استأجرها ويثبت إيفاء العمل المشروط والمثبت من البينتين يترجح على الباقي .
وإذا التقط الرجل لقيطا فاستأجر له ظئرا فهو جائز لأنه هو الذي يقوم بإصلاحه واستئجار الظئر من إصلاحه وعليه الأجر لأنه التزمه بالعقد وهو متطوع في ذلك لأنه لا ولاية له عليه في إلزام الدين في ذمة اللقيط وكل يتيم ليس له أم لترضعه فعلى أوليائه كل ذي رحم محرم أن يستأجروا له ظئرا على قدر مواريثهم لأن أجر الظئر كالنفقة بعد الفطام والنفقة عليهم بقدر الميراث كما قال الله تعالى { وعلى الوارث مثل ذلك } ( البقرة : 233 ) وفي قوله وليس له أم ترضعه إشارة إلى أن الإرضاع عليها إذا كانت حية ولها لبن دون سائر الأقارب لأنها مؤسرة في حكم الإرضاع وسائر القرابات بمنزلة المعسر في ذلك فكان عليها دونهم بخلاف النفقة فإن كان لا ولي له فأجرة الظئر على بيت المال بمنزلة نفقته بعد الفطام والله أعلم