اعلم بأن العلماء مختلفون في المتعة في فصول : .
( أحدها ) : أن المتعة واجبة عندنا وقال مالك - رضي الله تعالى عنه - هي مستحبة لظاهر قوله تعالى { حقا على المتقين } ( البقرة : 241 ) وفي موضع آخر { حقا على المحسنين } ( البقرة : 236 ) وفي هذا إشارة إلى أنها مستحبة فإن الواجب يكون حتما على المتقين وغير المتقين ولما أمر شريح - رضي الله تعالى عنه - المطلق بأن يمتعها قال ليس عندي ما أمتعها به فقال إن كنت من المحسنين أو من المتقين فمتعها ولم يجبره ولأن المتعة غير واجبة قبل الطلاق فلا تجب بالطلاق لأنه مسقط لا موجب ولو وجبت إنما تجب باعتبار ملك النكاح وبالطلاق قبل الدخول أزال الملك لا إلى أثر فكيف تجب المتعة باعتبار الملك .
( ولنا ) في ذلك قوله تعالى { وللمطلقات متاع بالمعروف } ( البقرة : 241 ) فإن الله سبحانه وتعالى أضاف المتعة إليهن بلام التمليك ثم قال { حقا } وذلك دليل وجوبه وقال { على المتقين } وكلمة على تفيد الوجوب والمراد بالمتقين والمحسنين المؤمنون والمؤمن هو الذي ينقاد لحكم الشرع وقال الله تعالى { ومتعوهن } ( البقرة : 236 ) أمر به والأمر للوجوب وقال الله تعالى { فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا } ( الأحزاب : 39 ) ولأن الفرقة وقعت بالطلاق بعد صحة النكاح فلا تنفك عن الواجب لها كما إذا كان في النكاح مسمى .
ثم عندنا لا تجب المتعة إلا لمطلقة واحدة وهي المطلقة قبل المسيس والفرض .
وعند الشافعي - C تعالى - لا تجب المتعة إلا لمطلقة واحدة وهي المطلقة بعد المسيس إذا كان مهرها مسمى .
فإنما يتحقق الاختلاف في المطلقة بعد الدخول عندنا لها المهر المسمى أو مهر المثل إذا لم يكن في النكاح تسمية وليس لها متعة واجبة ولكنها مستحبة وعند الشافعي - C تعالى - لها متعة واجبة لعموم قوله تعالى { وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المحسنين } ( البقرة : 236 ) إلا أنا خصصنا المطلقة قبل المسيس بعد الفرض من هذا العموم بالنص وهو قوله تعالى { فنصف ما فرضتم } فجعل كل الواجب نصف المسمى ولأن وجوب المتعة لمراعاة حق النكاح فأما المسمى أو مهر المثل فإنما يسلم لها بالدخول فتبقى المتعة لها بحق النكاح بخلاف المطلقة قبل المسيس بعد الفرض لأن نصف المفروض لها بحق النكاح إذا لم يكن بينهما سبب سوى النكاح وهنا بينهما سبب سوى النكاح وهو الدخول فلا حاجة إلى إيجاب المتعة هنا .
( ولنا ) أنها إنما استحقت جميع المهر على زوجها فلا تستحق المتعة مع ذلك كالمتوفى عنها زوجها وهذا لأن النكاح حق معاوضة وبعد تقرر الفرض لا حاجة إلى شيء آخر توضيحه أن المتعة لا تجامع نصف المسمى وهو ما إذا طلقها قبل المسيس بعد الفرض فلأن لا تجامع جميع المسمى أولى وتحقيق هذا أن المتعة تجب خلفا عن مهر المثل فإن أوان وجوبها بعد الطلاق ولا يمكن إيجابها أصلا بسبب الملك لأن ما يجب بالملك أصلا لا يتوقف وجوبه على زوال الملك فعرفنا أنها وجبت خلفا لأن بالخلف يبقى ما كان ثابتا من الحكم ولا يجمع بين الخلف والأصل بحال وإذا وجب لها المهر الذي هو الأصل كله أو بعضه لا تجب المتعة فأما المطلقة قبل المسيس والفرض فهي لا تستوجب شيئا من الأصل فتجب لها المتعة وإنما قلنا إنها مستحبة لقوله تعالى { فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا } ( الأحزاب : 28 ) وقد كان دخل بهن فدل أن المتعة مستحبة في هذه الحالة وهو مروي عن ابن عباس وشريح - رضي الله تعالى عنهما .
وكذلك كل فرقة جاءت من قبل الزوج بأي سبب كانت وكل فرقة جاءت من قبل المرأة فلا شيء لها من المهر ولا من المتعة لأن المتعة بمنزلة نصف المسمى فكما أن في النكاح الذي فيه التسمية لا يجب من المسمى شيء إذا جاءت الفرقة من قبلها قبل الدخول بها فكذلك في النكاح الذي لا تسمية فيه لا تجب المتعة إذا جاءت الفرقة من قبلها قبل الدخول بها .
( قال ) ( وأدنى ما تكون المتعة ثلاثة أثواب درع وخمار وملحفة ) وللشافعي - C تعالى - قولان : .
( أحدهما ) : أنه شيء نفيس يعطيها الزوج تذكرة له وقد بينا هذا في كتاب النكاح .
( والثاني ) : أن المتعة ثلاثون درهما وهذا ليس بصحيح قال الله تعالى { وللمطلقات متاع بالمعروف } ( البقرة : 241 ) واسم المتاع لا يتناول الدراهم .
وتقدير المتعة بالثياب مروي عن سعيد بن المسيب وعطاء والحسن والشعبي - رحمهم الله تعالى .
وكان ابن عباس - Bه - يقول : أرفع المتعة الخادم وأوسط المتعة الكسوة وأدناها النفقة .
ثم المعتبر في المتعة حالة الرجل لقوله تعالى { على الموسع قدره وعلى المقتر قدره } ( البقرة : 236 ) .
وكان الكرخي - Bه - يقول هذا في المستحبة فأما في المتعة الواجبة يعتبر حالها لأنها خلف عن مهر المثل وفي مهر المثل يعتبر حالها كذلك في المتعة .
وهذا الذي قاله ليس بقوي لأن الاعتبار بحاله أو بحالها فيما يكون واجبا ويدخل تحت الحكم وفي المستحب هذا لا يكون ولأن الله تعالى قال على الموسع قدره وعلى المقتر قدره وكلمة على للوجوب فإذا طلقها قبل الدخول وقد سمى لها مهرا فلها نصف المسمى بالنص والقياس فيه أحد الشيئين إما وجوب جميع المسمى لأن الزوج هو الذي فوت الملك على نفسه باختياره فلا يسقط حقها في البدل كالمشتري إذا أتلف المبيع قبل القبض أو أن لا يجب شيء لأن المعقود عليه عاد إليها كما خرج عن ملكها وذلك مسقط للبدل كما إذا انفسخ البيع بخيار أو بإقالة ولكنا تركنا القياس بالنص وفيه طريقان لمشايخنا - رحمهم الله : .
( أحدهما ) : أن الطلاق يسقط جميع المسمى كما يسقط جميع مهر المثل وإنما لها نصف المسمى بطريق المتعة .
( والثاني ) : أن بالطلاق هنا لا يسقط إلا نصف المسمى لأنه متأكد بالعقد والتسمية جميعا بخلاف مهر المثل وهذا أصح فإنه لو تزوجها على إبل سائمة وحال الحول عليها ثم طلقها قبل الدخول بها فعليها نصف الزكاة ولو سقط جميع المسمى ثم وجب النصف بطريق المتعة لما لزمها شيء من الزكاة ثم المسمى وإن تنصف بالطلاق فكل واحد منهما مندوب إلى العفو قال الله تعالى { إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } ( البقرة : 237 ) .
والذي بيده عقدة النكاح عندنا هو الزوج وهو قول ابن عباس وشريح - رضي الله تعالى عنهما .
وقال مالك - C - الذي بيده عقدة النكاح وليها حتى أن على مذهبه إذا أبت المرأة أن تسقط نصيبها يندب الولي إلى إسقاط ذلك ويصح ذلك منه وهذا فاسد لأنه دين واجب لها أو عين مملوكة لها فلا يملك الولي إسقاط حقها عنه . ولكن المراد أنها تندب إلى العفو بأن تقول لم يتمتع بي شيئا فلا آخذ من ماله شيئا أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وهو الزوج بأن يقول اخترت فراقها فلا أمنعها شيئا من صداقها فيعطيها جميع المهر وظاهر الآية يدل على ذلك لأن الذي بيده عقدة النكاح من يتصرف بعقد النكاح وهو الزوج دون الولي .
وإن طلقها قبل أن يدخل بها وقد تزوجها على مهر فاسد كالخمر والخنزير فلها المتعة عندنا .
ونصف مهر المثل عند الشافعي Bه لأن مهر المثل وجب بنفس العقد هنا بالاتفاق فيتنصف بالطلاق قبل الدخول كالمسمى ولكنا نقول تنصف المسمى ثبت بالنص بخلاف القياس والمخصوص من القياس بالنص لا يقاس عليه غيره وقد بينا أن مهر المثل ليس في معنى المسمى من كل وجه فإنما لها المتعة بالنص وفي النكاح الفاسد إذا فرق بينهما قبل الدخول والخلوة أو بعد الخلوة والزوج منكر للدخول فلا شيء عليه لها لأن وجوب المتعة إما لمراعاة حق النكاح أو ليكون خلفا عن مهر المثل وما هو الأصل لا يجب في النكاح الفاسد قبل الدخول فكذلك ما هو خلفه والعبد بمنزلة الحر في وجوب المهر والمتعة عليه إذا كان النكاح بإذن المولى لأنه مساو للحر في سبب وجوبهما وهو النكاح فكذلك في الواجب بالسبب .
( قال ) ( وإذا طلق الرجل إحدى امرأتيه ثم مات وقد فرض لإحداهما مهرا ولم يفرض للأخرى والتي سمى لها مهرا لا تعرف بعينها ومهر مثلهما سواء فلهما مهر وربع مهر بينهما سواء ) لأن أكثر ما يكون لهما مهر ونصف مهر وهو أن يكون الطلاق وقع على التي سمى لها المهر فيكون لها نصف المهر بالطلاق قبل الدخول وللأخرى مهر كامل لتقرر نكاحها بالموت وأقل ما يكون لهما مهر واحد وهو أن يكون الطلاق وقع على التي لم يفرض لها مهرا فيسقط جميع مهرها فمهر واحد لهما بيقين ونصف مهر يثبت في حال دون حال فيتنصف فكان الواجب مهرا وربع مهر وليست إحداهما بأولى من الأخرى فيكون بينهما نصفين ولا شيء لهما من المتعة لأن المتعة لا تجامع شيئا من المهر .
( قال ) ( فإن كانت التي سمى لها المهر معروفة فلها ثلاثة أرباع المهر ) لأن الطلاق إن كان وقع عليها فلها نصف المهر وإن كان وقع على صاحبتها فلها كل المهر فأعطيناها ثلاثة أرباع المهر باعتبار الأحوال وللأخرى نصف مهر مثلها لأن الطلاق إن وقع عليها لم يكن لها شيء وإن لم يقع عليها كان لها جميع مهر مثلها فأعطيناها نصف المهر باعتبار الأحوال وفي القياس لها نصف المتعة لأن الطلاق إن وقع عليها فلها جميع المتعة وإن لم يقع عليها فلا متعة لها فيكون لها نصف المتعة باعتبار الأحوال إلا أن في الاستحسان لا شيء لها من المتعة لما بينا أن المتعة لا تجامع مهر المثل لأنها خلف عنه وقد استحقت نصف مهر مثلها فلا يكون لها شيء من المتعة ولأن مهر المثل قيمة بضعها فلا يجامعها بدل آخر كقيمة المبيع إذا وجبت في ال بيع الفاسد لا يجب معه بدل آخر كذا هنا .
( قال ) ( وإذا وهبت المرأة لزوجها مهرها ثم طلقها قبل الدخول بها ولم تكن قبضت منه شيئا لم يكن لواحد منهما على صاحبه شيء وفي القياس يرجع عليها زوجها بنصفه ) وهو قول زفر - C تعالى - ووجه القياس أنها بالهبة استهلكت الصداق فكأنها قبضته ثم استهلكته فللزوج أن يرجع عليها بنصفه وجه الاستحسان أن مقصود الزوج سلامة نصف الصداق له عند الطلاق من غير عوض وقد حصل له هذا المقصود قبل الطلاق فلا يستوجب شيئا آخر عند الطلاق كمن عليه الدين المؤجل إذا عجله لم يجب لصاحب الدين عند حلول الأجل شيء وهذا لأن الأسباب غير مطلوبة لأعيانها بل لمقاصدها فإذا كان ما هو المقصود واجبا حاصلا فلا عبرة باختلاف السبب وعلى هذا لو كان الصداق عينا فقبضته ثم وهبته من الزوج القياس أن هذا وهبتها من الأجنبي سواء فعند الطلاق يرجع الزوج عليها بنصفه وفي الاستحسان مقصود الزوج قد حصل بعود الصداق إليه بعينه من غير عوض .
( قال ) ( ولو كان الصداق دينا فقبضته ثم وهبته من الزوج رجع الزوج عليها بنصفه عند الطلاق ) لأن حق الزوج عند الطلاق هنا ليس في عين المقبوض ولكن الخيار إليها تعطيه من أي موضع شاءت فهبتها هذا المقبوض منه كهبتها مالا آخر وفي الأول حق الزوج عند الطلاق في نصف المقبوض بعينه وقد عادت إليه بالهبة .
وحكي عن زفر - C تعالى - أنه قال : إذا تزوجها على ألف درهم بعينها فقبضتها ثم وهبتها منه ثم طلقها قبل الدخول بها لم يرجع عليها بشيء بناء على أصله أن النفوذ في العقود يتعين ولكن هذا لا يستقيم إلا أن يكون في المسألة روايتان عن زفر إحداهما مثل جواب الاستحسان فيخرج هذا على تلك الرواية .
( قال ) ( ولو قبضت منه النصف ووهبت له النصف ثم طلقها لم يرجع واحد منهما على صاحبه في قول أبي حنيفة - C تعالى - وعندهما يرجع عليها بنصف المقبوض ) وجه قولهما : أن هبة نصف الصداق قبل القبض حط منه والحط يلتحق بأصل العقد ويخرج به المحطوط من أن يكون عوضا فكأنه تزوجها على ما بقي وقبضت منه ثم طلقها والجزء معتبر بالكل فيما وهبت وفيما قبضت .
وأبو حنيفة - C تعالى - يقول : لو قبضت النصف ولم تهب منه الباقي حتى طلقها لم يرجع عليها بشيء فلو رجع عليها بعد الهبة إنما يرجع بسبب الهبة والهبة تبرع فلا توجب الضمان على المتبرع فيما تبرع به ولأن ملكها في نصف الصداق قبل الدخول قوي وفي النصف ضعيف يسقط بالطلاق فيجعل المقبوض مما قوي ملكها فيه لأن القبض مقرر للملك وإنما يتقرر ملكها في المقبوض إذا تعين فيه النصف الذي سلم لها بعد الطلاق فتبين أنها وهبت النصف الذي كان للزوج بالطلاق وقد سلم له قبل الطلاق مجانا وعلى هذا لو قبضت ستمائة ووهبت له أربعمائة ثم طلقها قبل الدخول عند أبي حنيفة - C - يرجع عليها بمائة لأن الموهوب من النصف الذي كان يسلم للزوج بالطلاق وقد سلم له قبل الطلاق مجانا لأن الموهوب من النصف الذي هو حق الزوج بعد الطلاق فإنما بقي إلى تمام حقه مائة درهم وعندهما يرجع عليها بثلثمائة درهم لأن المحطوط صار كأن لم يكن وإنما يرجع عليها بنصف المقبوض .
( قال ) ( ولو قبضت الصداق كله ووهبته لأجنبي ثم وهبه الأجنبي من الزوج ثم طلقها قبل الدخول بها رجع عليها بنصفه العين والدين سواء في ذلك ) لأن مقصود الزوج سلامة نصف الصداق له من جهتها عند الطلاق ولم يسلم له ذلك وإنما سلم له مال من أجنبي آخر بالهبة وتبدل المالك بمنزلة تبدل العين فكانت مستهلكة للصداق وكذلك لو كانت باعت الصداق من زوجها ثم طلقها رجع عليها بنصفه فإن مقصوده لم يحصل فإن العين إنما وصلت إليه ببدل عقد ضمان .
( قال ) ( ولو وهبت الصداق لأجنبي قبل القبض فقبض الأجنبي ثم طلقها الزوج قبل الدخول رجع عليها بنصفه ) لأن قبض الأجنبي بتسليطها كقبضها بنفسها .
( قال ) ( ولو تزوجها على عبد ودفعه إليها ثم طلقها قبل أن يدخل بها فقضي للزوج بنصفه عليها فلم يقبضه حتى أعور أخذ نصفه وضمنها نصف العور ) لأن بقضاء القاضي عاد الملك في النصف إليه وهو ملك مضمون له في يدها فكان كالمغصوب وإن كان العبد في يد الزوج فطلقها فلم تقبض نصفه حتى حدث به عيب فاحش فهي بالخيار إن شاءت أخذت نصفه ناقصا وإن شاءت ضمنت الزوج نصف قيمته صحيحا لأن ملكها بعد الطلاق في نصف العبد كملكها في جميعه قبل الطلاق ولو لم يطلقها حتى تعيب في يد الزوج كان لها الخيار إن شاءت أخذت الكل ناقصا وإن شاءت ضمنته قيمته صحيحا فكذلك في النصف بعد الطلاق وإن أعتقه الزوج بعد الطلاق جاز عتقه في نصفه لأن بنفس الطلاق عاد الملك في نصفه إلى الزوج إذا لم تكن قبضته فهو كعبد بين اثنين يعتقه أحدهما .
( قال ) ( وإذا تزوج الرجل ثلاث نسوة في عقدة واثنتين في عقدة وواحدة في عقدة ثم طلق إحدى نسائه قبل أن يدخل منهن بواحدة ثم مات فلهن ثلاثة مهور ) لأن أكثر مالهن ثلاثة مهور ونصف بأن يصح نكاح الواحدة مع الثلاث فيجب أربعة مهور ثم يسقط بالطلاق قبل الدخول نصف مهر وأقل مالهن مهران ونصف بأن صح نكاح الواحدة مع الثنتين فيجب ثلاثة مهور ثم يسقط نصف مهر بالطلاق فقدر مهرين ونصف لهن بيقين ومهر واحد يثبت في حال دون حال فيتنصف فيكون لهن ثلاثة مهور للواحدة من ذلك سبعة أثمان مهر إلا سدس ثمن مهر ؟ لأن نكاح الواحدة صحيح بيقين فإن صح مع الثلاث فلها سبعة أثمان مهر لأن الساقط بالطلاق نصف مهر حصتها ربع ذلك وهو ثمن المهر وإن صح نكاحها مع الثنتين فلها خمسة أسداس المهر لأن الساقط بالطلاق نصف مهر حصتها من ذلك ثلث ذلك النصف وهو سدس مهر انكسر المهر بالأسداس والأثمان فالسبيل أن تضرب الستة في ثمانية فتكون ثمانية وأربعين لها في الحالة الأولى سبعة أثمان وهو اثنان وأربعون وفي الحالة الثانية خمسة أسداس وهو أربعون فمقدار أربعين لها بيقين والسهمان تثبت في حال دون حال فتتنصف فيكون لها واحد وأربعون من ثمانية وأربعين وذلك سبعة أثمان مهر إلا سدس ثمن مهر وللثلاث مهر وثمنا مهر ونصف ثمن مهر لأن نكاحهن إن صح فلهن ثلاثة مهور أصابهن بالطلاق من الحرمان بقدر ثلاثة أرباع النصف وهو ثلاثة أثمان فيبقى لهن مهران وخمسة أثمان وإن لم يصح نكاحهن فلا شيء لهن فلهن نصف ذلك وهو مهر وثمنا مهر ونصف ثمن مهر وللثنتين خمسة أسداس مهر لأنه إن صح نكاحهما فقد كان لهما مهران وأصابهما حرمان ثلثي النصف بالطلاق فيبقى لهما مهر وثلثان وإن لم يصح نكاحهما فلا شيء لهما فكان لهما خمسة أسداس مهر بينهما نصفان .
وحكم الميراث قد بيناه في كتاب النكاح أن للواحدة سبعة أسهم من أربعة وعشرين سهما من ميراث النساء والباقي بين الفريقين الآخرين نصفان في قول أبي حنيفة - C تعالى - وفي قولهما للثلاث من الباقي تسعة أسهم وللثنتين ثمانية أسهم وعلى كل واحدة منهن عدة المتوفى عنها زوجها احتياطا .
( قال ) ( وإذا تزوج ثلاثا في عقدة واثنتين في عقدة وأربعا في عقدة ثم طلق إحدى نسائه قبل الدخول ثم مات فلهن مهران ونصف مهر ) لأن أكثر مالهن ثلاثة مهور ونصف بأن كان السابق نكاح الأربع فوجب أربعة مهور ثم سقط بالطلاق نصف مهر وأقل مالهن مهر ونصف بأن كان السابق نكاح الثنتين فوجب مهران ثم سقط بالطلاق نصف مهر فمهر ونصف لهن بيقين وما زاد على ذلك إلى تمام ثلاثة مهور ونصف وذلك مهران يجب في حال دون حال فيتنصف فلهن مهران ونصف فأما مهر من ذلك لا دعوى فيه للثنتين والفريقان الآخران يدعيانه فيكون بين الفريقين نصفين وقد استوت منازعة الفرق الثلاثة في مهر ونصف فكان بينهن أثلاثا فيسلم للثنتين نصف مهر وللثلاث مهر وللأربع مهر وهذا قول أبي يوسف - C تعالى - ولم يذكر قول محمد - C تعالى - وتخريجه على الأصل الذي بيناه في كتاب النكاح أنه يعتبر حال كل فريق على حدة فإن صح نكاح الأربع فلهن ثلاثة مهور ونصف وإن لم يصح فلا شيء لهن ونكاحهن يصح في حال دون حالين فلهن ثلث ذلك وهو مهر وسدس مهر والثلاث إن صح نكاحهن فلهن مهران ونصف ونكاحهن يصح في حال دون حالين فلهن ثلث ذلك وهو خمسة أسداس مهر والثنتان إن صح نكاحهما فلهما مهر ونصف ونكاحهما صحيح في حال دون حالين فلهما ثلث ذلك وهو نصف مهر والميراث بين الفرق الثلاث أثلاثا لكل فريق ثلثه ربعا كان أو ثمنا لأن حالهن في استحقاق الميراث سواء وعلى كل واحدة منهن عدة الوفاة .
( قال ) ( ولو كان دخل بامرأتين لا يعرفان بأعيانهما ثم طلق إحدى نسائه واحدة وطلق الأخرى منهن ثلاثا ثم تزوج واحدة بعد انقضاء العدة معناه بعد انقضاء مدة العدة فإن ابتداء العدة في الطلاق المبهم من وقت البيان ثم مات كان للمرأة الأخيرة التي تزوجها المهر كاملا ) لأن نكاحها صحيح وإقدامه على النكاح يكون إقرارا منه بفساد نكاح الأربع لأن المسلم إنما يباشر العقد الصحيح وبعد ما صح نكاح الأربع لا يصح نكاح هذه الواحدة فكان هذا بيانا منه أن نكاح الأربع فاسد والبيان يكون تارة بالنص وتارة يكون بالدليل فلا مهر للأربع ولا ميراث ولا عدة عليهن وللواحدة جميع مهرها لأنه ما أنشأ طلاقها بعد صحة نكاحها وعليها عدة المتوفى عنها زوجها ولها من الميراث خمسة أسهم من اثني عشر سهما لأنه إن صح نكاحها مع الثلاث كان لها أربعة وإن صح نكاحها مع الثنتين كان لها ستة فلهذا أعطيناها خمسة من اثني عشر .
وللثلاث أربعة من اثني عشر لأنه إن صح نكاحهن فلهن ثلثا المهر ثمانية وإن لم يصح فلا شيء لهن وللثنتين ثلاثة أسهم من اثني عشر لأنه إن صح نكاحهما فلهما ستة من اثني عشر نصف الميراث وإن لم يصح فلا شيء لهما .
وللثلاث مهر ونصف لأنه إن صح نكاحهن فلهن ثلاثة مهور وإن لم يصح فلا شيء لهن وللثنتين مهر ونصف وعلى الثلاث والثنتين عدة النساء أربعة أشهر وعشر فيها ثلاث حيض لتوهم الدخول والطلاق بعده في حق كل واحدة منهن وهذا الجواب كله غلط غير صحيح أما في حق الواحدة فجوابه في الميراث غلط لأن نكاحها إن صح مع الثنتين فقد وقع الطلاقان على الثنتين وهما متعينتان وقد انقضت عدتهما فالميراث كله للواحدة وإن كان الصحيح نكاح الثلاث فلها ثلث الميراث فمقدار الثلاث لها بيقين والثلثان ثابتان في حال دون حال فيتنصفان فينبغي أن يكون لها ثلثا الميراث وفي الثلاث جوابه كذلك في الميراث صحيح وفي المهر غلط لأنه إن صح نكاحهن فلهن ثلثا الميراث وإن لم يصح فلا شيء لهن فلهن ثلث الميراث أربعة من اثني عشر وأما في حق المهر فإن صح نكاحهن فقد تقرر مهران بالدخول لاثنتين منهن والثالثة إن وقع الطلاق عليها فلها نصف وإن لم يقع فلها مهر كامل فيكون لها ثلاثة أرباع مهر فجملة ما لهن إن صح نكاحهن مهران وثلاثة أرباع مهر وإن لم يصح فيكون لهن مهر وثلاثة أثمان مهر لا مهر ونصف وفي حق الثنتين جوابه في الميراث والمهر جميعا غلط لأنا نتيقن أنه لا ميراث لهما فإنه إن صح نكاحهما فقد وقع الطلاق عليهما وانقضت عدتهما وإن لم يصح نكاحهما فلا شيء لهما وفي المهر إن صح نكاحهما فلهما مهران وإن لم يصح فلا شيء فينبغي أن يكون لهما مهر واحد لا مهر ونصف فعرفنا أن جواب الكتاب غير سديد .
( قال ) ( ولو لم يدخل بشيء منهن ولم يتزوج شيئا وكانت إحدى الثلاث أم إحدى الأربع والحال على ما وصفت لك فإن الأم والبنت لا ينقصان من مهر ولا ميراث ) من قبل أن الفريق الذي معها نكاحهن ونكاحها جائز أو فاسد إذ لا تصور لجواز نكاح الفريقين فلا يتحقق الجمع بين الأم والبنت فلهذا كان هذا والفصل الأول سواء .
( قال ) ( ولو طلق إحدى الثلاث كان ذلك إقرارا منه بأن الثلاث هن الأول ) لأن تصرفه بإيقاع الطلاق محمول على الصحة ما أمكن وذلك لا يكون إلا بعد صحة النكاح وكذلك لو ظاهر من إحداهن أو دخل بإحداهن كان ذلك بيانا منه أن نكاحهن صحيح فهذا والتصريح بالبيان سواء ثم تخريج المسألة في المهر والميراث قد بيناه في كتاب النكاح .
( قال ) ( ولو كانت إحدى الأربع أمة لم يكن لها من الميراث ولا من المهر شيء ) لأنا تيقنا بفساد نكاحها إما بتأخر العقد أو بالضم إلى الحرائر فإذا فسد نكاحها بقي ثلاث وثلاث واثنتان .
فإن طلق إحدى نسائه ثم مات فلهن مهران لأن أكثر مالهن مهران ونصف بأن صح نكاح الثلاث ووجب ثلاثة مهور ثم سقط نصف مهر بالطلاق وأقل مالهن مهر ونصف بأن صح نكاح الثنتين فقدر مهر ونصف يقين ومهر واحد يثبت في حال دون حال فيتنصف فلهن مهران فأما نصف مهر من ذلك لا منازعة للثنتين فيه ليكون بين الفريقين الآخرين نصفين وقد استوت منازعة الفرق الثلاث في مهر ونصف فيكون بينهن أثلاثا وهو قول أبي يوسف - C تعالى - فأما تخريج محمد - C تعالى - على ما أشرنا إليه في اعتبار حال كل فريق على حدة ويتضح عند التأمل والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب