( تابع . . . 3 ) : أعلم أن الصلاة فرضت لأوقاتها قال الله تعالى : " أقم الصلاة لدلوك .
وقال " ابن مسعود " رضى الله تعالى عنه الوتر ثلاث ركعات كالمغرب وفي رواية وتر الليل كوتر النهار ثم وتر النهار عليه وسلم و كذلك الزيادة إنما تتحقق في الواجبات لأنها محصورة بعدد النوافل فإنها لا نهاية لها و قال " ابن مسعود " رضي الله تعالى عنه الوتر ثلاث ركعات كالمغرب و في رواية وتر الليل كوتر النهار ثم وتر النهار واجب فكذلك وتر لليل . و في اتفاق الصحابة رضوان الله عليهم على تقدير التراويح بعشرين ركعة دليل على أن الواجبات في اليوم و الليلة عشرون ركعة و ذلك لا يكون إلا إذا كان الوتر واجبا غير أن وجوب الوتر ثبت بدليل موجب للعمل غير موجب علم اليقين فلهذا لا بكفر جاحده و تحط رتبته بسائر المكتوبات فلا يسمى فرضا مطلقا أما الفرض خمس صلوات كما ذكروا من الآثار فيه و الفرق بين الفرض و الواجبات ظاهر عندنا قال فإن افتتح تطوعا ثم تذكر فائتة عليه لم يفسد تطوعه لأن وجوب مراعاة الترتيب مختص بالواجبات فإنها مؤقتة دون التطوعات و لو تذكر فائتة في خلال الفرض انقلبت صلاته تطوعا فإذا تذكر في التطوع لأن يبقى تطوعا كان أولى قال و التطوع قبل الظهر أربع ركعات لا فصل بينهن و بعدها ركعتان و مراده السنة و لكنه في الكتاب يسمى السنن تطوعات و الأصل في سنن الصلاة " حديث " عائشة " رضي الله تعالى عنها قال رسول A من ثابر على اثنتي عشرة ركعة في اليوم و الليلة بنى الله له بيتا في الجنة ركعتين قبل الفجر و أربعا قبل الظهر و ركعتين بعدها و ركعتين بعد المغرب و ركعتين بعد العشاء " و في حديث " أبي هريرة " رضي الله تعالى عنه ذكر عشر ركعات ركعتين قبل الظهر و في حديث " ابن عمر " ذكر ثنتي عشرة ركعة و لكن ذكر أربعا قبل الظهر بتسليمتين و به أخذ " الشافعي " C تعالى و نحن أخذنا بحديث " عائشة " رضي الله تعالى عنها و قلنا إلا ربع قبل الظهر بتسليمة واحدة " لحديث " أبي أيوب الأنصاري " قال كان النبي A يصلي بعد الزوال أربع ركعات فقلت ما هذه الصلاة التي تداوم عليها فقال هذه ساعة تفتح فيها أبواب السماء فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح فقلت أفي كلهن قراءة فقال نعم فقلت أبتسليمة واحدة أم بتسليمتين فقال بتسليمة واحدة " فأما قبل العصر فإن تطوع بأربع ركعات فهو حسن " لحديث " أم حبيبة " رضي الله تعالى عنه قالت قال A صلى بعد العصر في بيت " أم سلمة " رضي الله تعالى عنها ركعتين فسألته " أم سلمة " رضي الله تعالى عنها فقال ركعتان بعد الظهر شغلني الوفد عنهما فقضيتهما فقالت .
صفحة [ 157 ] أتقضيهما نحن فقال لا " و كذلك لا تطوع بعد غروب الشمس قبل المغرب و بعده ركعتان لما ذكرنا من الآثار و إن تطوع بعد المغرب بست ركعات فهو أفضل " لحديث " ابن عمر " رضي الله تعالى عنه قال قال النبي A من صلى بعد المغرب ست ركعات كتب من الأوابين و تلا قوله تعالى فإنه كان للأوابين غفورا " و لم يذكر التطوع قبل العشاء و إن تطوع بأربع ركعات فحسن لأن العشاء نظير الظهر من حيث أنه يجوز التطوع قبلها و بعدها فأما التطوع بعد العشاء فركعتان فيما روينا من الآثار و إن صلى أربعا فهو أفضل لحديث " ابن عمر " رضي الله تعالى عنه .
موقوفا عليه و مرفوعا من صلى بعد العشاء أربع ركعات كن له كمثلهن من ليلة القدر فأما قبل الفجر فركعتان اتفقت الآثار عليهما و هو أقوى السنن " لحديث " عائشة " رضي الله تعالى عنها أن النبي A قال ركعتا الفجر خير من الدنيا و ما فيها " و عن " ابن عباس " رضي الله تعالى عنهما في تأويل قوله تعالى و أدبار السجود أنه الركعات بعد المغرب قال ويكره الكلام بعد انشقاق الفجر إلى أن يصلى الفجر إلا لخير لما " روى أن النبي A كان في سفر مع أصحابه و الحادي يحدو فلما طلع الفجر قال أمسك فإنها ساعة ذكر و كان الكلام عزيزا على " ابن مسعود " في هذا الوقت " أي شديدا و لأن هذه ساعة يشهدها ملائكة الليل و ملائكة النهار جاء في تأويل قوله تعالى إن قرآن الفجر كان مشهودا أنه يشهده ملائكة الليل و النهار فلا ينبغي أن يشهدوهم إلا على خير قال و التطوع بعد الجمعة أربع لا فصل بينهن إلا بتشهد و قبل الجمعة أربع أما قبل الجمعة فلأنها نظير الظهر و التطوع قبل الظهر أربع ركعات و في " حديث " ابن عمر " رضى الله عنهما أن النبي A كان يتطوع قبل الجمعة أربع ركعات " و اختلفوا بعدها قال " ابن مسعود " رضي الله تعالى عنه أربعا ثم ركعتين و به أخذ " أبو يوسف " C و قال " عمر " ركعتين ثم أربعا فمن الناس من رجح قول " عمر " بالقياس على التطوع بعد الظهر و " أبو يوسف " C أخذ بقول " على " Bه فقال يبدأ بالأربع لكيلا يكون متطوعا بعد الفرض مثلها و هذا ليس بقوى فإن الجمعة بمنزلة أربع ركعات لأن الخطبة شطر الصلاة قال و لا صلاة قبل صلاة العيد " فإن النبي A لم يتطوع قبل العيد مع حرصه على الصلاة .
صفحة [ 158 ] و لما قدم على " الكوفة " خرج يوم العيد فرأى بعض الناس في الصلاة ما لهم أيصلون العيد قبلنا قيل لا و لكنهم يتطوعون فقال ألا أحد ينهاهم قيل له أنهم أنت فقال أني أحتشم قوله تعالى " أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى " فنهاهم بعض الصحابة " و كان " محمد ابن مقاتل الرازي " يقول إنما يكره له ذلك في المصلى لكيلا يشبه على الناس فأما بيته و لا في المصلى فأول الصلاة بعد طلوع الشمس في هذا اليوم صلاة العيد قال و إن تطوع بعدها بأربع ركعات بتسليمة فحسن " لحديث " علي " رضي الله تعالى عنه قال A من صلى بعد العيد أربع ركعات كتب الله له بكل نبت و نبت و بكل ورقة حسنة " قال و طول القيام أحب إلي من كثرة لسجود لما " روى أن النبي A سئل عن أفضل الصلاة فقال طول القنوت و سئل عن أفضل الصلاة فقال طول الأعمال فقال أحمزها أي أشقها على البدن و طول القيام أشق و لأن فيه جمعا بين فرضين القيام و القراءة و كل واحد منهما فرض " و عن " أبي يوسف " C تعالى قال إن كان له ورد من القرآن يقرؤه فكثرة السجود أحب إلي و أفضل لأنه يقرأ فيه ورده ل محالة و إن لم يكن فطول القيام أحب قال و التطوع بالليل ركعتان ركعتان أو أربع أربع أو ست ست أو ثمان ثمان أي ذلك شئت لما " روى أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلي بالليل خمس ركعات سبع ركعات تسع ركعات إحدى عشرة ركعة ثلاث عشرة ركعة " . الذي قال خمس ركعات ركعتان صلاة الليل و ثلاث وتر الليل و الذي قال تسع ست صلاة الليل و ثلاث وتر و الذي قال ثلاث عشرة ركعة ثمان صلاة الليل و ثلاث وتر و ركعتان سنة الفجر و كان يصلي هذا كله في الإبتداء ثم فضل البعض عن البعض هكذا ذكره حماد بن سلمة و لم يذكر كراهة الزيادة على ثمان ركعات بتسليمة و الأصح أنه لا يكره لأن فيه و صلا بالعبادة و ذلك أفضل ثم قال و الأربع أحب إلي و هذا قول " أبي حنيفة " C تعالى فأما عندهما و " الشافعي " فالأفضل ركعتان " لحديث " ابن عمر " رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة الليل مثنى مثنى ففي كل ركعتين فسلم " و استدلالا بالتراويح فإن الصحابة اتفقوا على أن كل ركعتين منها بتسليمة فدل أن ذلك أفضل و لنا ما " روي عن " عائشة " رضي الله تعالى عنها أنها سئلت عن قيام رسول الله صلى الله عليه و سلم في ليالي رمضان فقالت كان قيامه في رمضان و غيره .
صفحة [ 159 ] سواء كان يصلي بعد العشاء أربع ركعات لا تسل عن حسنهن و طولهن ثم أربعا لا تسل عن حسنهن و طولهن ثم كان يوتر بثلاث " و لأن في الأربع بتسليمة معنى الوصل و التتابع في العبادة فهو أفضل و التطوع نظير الفرائض و الفرض في صلاة الليل العشاء و هي أربع بتسليمة فكذلك النفل و أما قوله ففي كل ركعة فسلم معناه فتشهد و التشهد يسمى سلاما لما فيه من السلام و صلاة التراويح إنما جعلوها ركعتين بتسليمة واحدة ليكون أروح على البدن و ما يشترك فيه العامة يبنى على اليسر فأما الأفضل فهو أشق على البدن و أما نطوع النهار فالأفضل أربع ركعات بتسلية عندنا على قياس الفرائض في صلاة النهار و " لحديث " ابن عمر " رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يواظب في صلاة الضحى على أربع ركعات " و عند " الشافعي " C تعالى الأفضل ركعتان بتسليمة لما فيها من زيادة التكبير و التسليم و " لحديث " عمارة بن رؤبيه " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يفتتح صلاة الضحى بركعتين " و إنما بدأ بما هو الأفضل و تأويل الأثر الذي جاء لا يصلى بعد صلاة الضحى بركعتين و إنما بدأ بما هو الأفضل و تأويل الأثر الذي جاء لا يصلى بعد صلاة الضحى بركعتين و إنما بدأ بما هو الأفضل و تأويل الأثر الذي جاء لا يصلى بعد صلاة مثلها في ترك القراءة في الأخريين و هذا الأثر مروى عن " عمر " و " علي " و " ابن مسعود " رضي الله تعالى عنهم و بظاهرة " الشافعي " فقال الأربع قبل الظهر بتسليمتين لكيلا يكون مصليا بعد صلاة مثلها و كذلك بعد العشاء يتطوع لهذا و نحن نقول المراد صفة القراءة لا عدد الركعات فإن في الفرض القراءة في ركعتين بفاتحة الكتاب و سورة و في النفل و في كل ركعة ألا ترى أن التطوع قبل الفجر ركعتان و المخالفة في صفة القراءة بالتطويل في الفرض دون السنة لا في عدد الركعات قال رجل افتتح التطوع ينوي أربع ركعات ثم تكلم فعليه قضاء ركعتين في قول " أبي حنيفة " و " محمد " رحمهما الله تعالى لأن كل شفع من التطوع صلاة على حدة ألا ترى أن فساد الشفع الثاني لا يوجب فساد لشفع الأول فلا يصير شارعا في الشفع الثاني ما لم يفرغ من الأول و بدون الشروع أو النذر لا يلزمه أكثر من أربع ركعات و إن نواها و في رواية " بشر بن أبي الأزهر " يلزمه ما نوى و إن نوى مائة ركعة . و وجهه أن الشروع ملزم كالنذر فنيته عند الشروع كتسميته عند النذر فيلزمه ما نوى . و وجه الرواية الأخرى أن التطوع نظير الفرائض و أربع بالتسليمة مشروع في الفرائض فيلزمه بالشروع في التطوع بخلاف ما زاد عليه و بعض المتأخرين من أصحابنا اختاروا قوله فيما يؤدي من الأربع بتسليمة كالأربع قبل .
صفحة [ 160 ] الظهر و نحوها قال فإن صلى أربع ركعات بغير قراءة فعليه قضاء ركعتين في قول " أبي حنيفة " و " محمد " رحمهما الله تعالى و في قول " أبي يوسف " C تعالى عليه قضاءالأربع قال لأن ترك القراءة لا يفسد التحريمة ألا ترى أن ابتداء التحريمة صحيح قبل مجيء أوان القراءة فصح قيامه إلى الشفع الثاني و قد أفسد كل واحد منهما بترك ما هو ركن و هو القراءة فيلزمه قضاء الكل و أما عند " محمد " C فالتحريمة تنحل بترك القراءة في الأوليين لأن مع صفة الفساد لابقاء لتحريمة الصلاة فلا يصح قيامه إلى الشفع الثاني حصل بصفة الفساد و الضعف فلا يكون ملزما إياه ما لم يؤكده كما قال في الشروع في صوم يوم النحر و هذه على ثمانية أوجه أحدها ما بينا و الثاني إذا قرأ في الأوليين و لم يقرأ في الأخريين فعليه قضاء الأخريين لأن شروعه في الشفع الثاني بعد إتمام الأول صحيح و قد أفسده بترك القراءة و الثالث إذا قرأ في الأخريين دون الأوليين فعليه قضاء ركعتين أما عند " أبي حنيفة " و " أبي يوسف " رحمهما الله تعالى فالتحريمة لم تنحل فصار شارعا في الشفع الثاني و قد أتمها فعليه قضاء ما أفسد و هو الشفع الأول و عند " محمد " C تعالى التحريمة انحلت بترك القراءة في الأوليين فعليه قضاؤها فقط و الأخريان لا يكونان قضاء عن الأوليين لأنه بناهما على تلك التحريمة و التحريمة الواحدة لا يتسع فيها القضاء و الأداء و الرابع إذا قرأ في إحدى الأوليين و إحدى الأخريين فعند " أبي حنيفة " و " أبي يوسف " رحمهما الله تعالى يلزمه قضاء أربع ركعات و عند " محمد " C تعالى يلزمه قضاء ركعتين و " محمد " مر على أصله أن التحريمة باقية فصح شروعه في الشفع الثاني و قد أفسده فأما " أبو حنيفة " C تعالى فقد جرت محاورة بين " أبي يوسف " و " محمد " رحمهما الله تعالى في مذهبه حتى عرض الجامع الصغير فقال " أبو يوسف " رويت لك عنه أن عليه قضاء ركعتين و قال " محمد " C تعالى بل رويت لي أن عليه قضاء أربع ركعات و قيل ما حفظه " أبو يوسف " C تعالى هو قياس مذهبه لأن التحريمة ضعفت بالفساد بترك القراءة في ركعة فلا يلزمه الشفع الثاني بالشروع فيه بهذه التحريمة و الإستحسان ما حفظه " محمد " C تعالى لأن الشروع و إن حصل بصفة الفساد فقد أكده بوجود القراءة في ركعة فصار ذلك ملزما إياه لتأكده . و الدليل على أن التأكد .
( يتبع . . . )