قال : Bه اعلم بأن بلوغ المرأة قد يكون بالسن وقد يكون بالعلامة والعلامة إما الحيض وإما الحبل فنبتدئ بالحيض فنقول : .
إذا رأت المبتدأة دما صحيحا وطهرا صحيحا مرة واحدة ثم ابتليت بالاستمرار يصير ذلك عادة لها في زمان الاستمرار بخلاف ما يقوله " أبو حنيفة " و " محمد " رحمهما الله تعالى في صاحبة العادة أنها لا تنتقل عادتها برؤية المخالف مرة واحدة . لأن هنا الانتقال عن حالة الصغر وذلك عادة في النساء فيحصل بالمرة فأما في صاحبة العادة الانتقال عن العادة الثابتة إلى ما ليس بعادة فلا يحصل بالمرة حتى يتأكد بالتكرار .
يوضح الفرق : أن الحاجة هناك إلى نسخ العادة الأولى وإثبات الثانية فلا يحصل بالمرة فأما هنا الحاجة إلى إثبات العادة دون النسخ فيحصل بالمرة .
وبيان هذا مبتدأة رأت خمسة دما وخمسة عشر طهرا ثم استمر بها الدم : فإنها تترك من أول الاستمرار خمسة وتصلي خمسة عشر يوما وذلك دأبها .
ثم تفسير الدم الصحيح أنه لا ينتقص عن ثلاثة أيام ولا يزاد على عشرة أيام ولا يصير مغلوبا بالطهر .
وتفسير الطهر الصحيح أن لايكون دون خمسة عشر يوما ولا تصلي المرأة في شيء منه بدم من أوله أو وسطه أو آخره وكان بين الحيضتين .
صفحة [ 162 ] ثم بعد هذا أربعة فصول : .
إما أن يفسد الدم والطهر جميعا أو يفسد الدم ويصح الطهر أو يصح الدم ويفسد الطهر أو يكون الدم صحيحا والطهر صحيحا في الظاهر ولكنه يفسد بطريق الضرورة فلا يصلح لنصب العادة .
أما بيان الفصل الأول : مبتدأة رأت أربعة عشر يوما دما وأربعة عشر يوما طهرا ثم استمر بها الدم فهنا الدم والطهر فهنا الدم والطهر فاسدان فكأنها ابتليت بالاستمرار ابتداء فكان حيضها من أول ما رأت عشرة وطهرها بقية الشهر عشرون ومعنا ثمانية وعشرون فمن أول الاستمرار تصلي يومين ثم تدع عشرة وتصلي عشرين .
فإن كان الدم خمسة عشر والطهر أربعة عشر فكذلك الجواب تصلي من أول الاستمرار يوما واحدا تمام عشرين .
وإن كان الدم ستة عشر فأول الاستمرار يوافق ابتداء حيضها فتدع عشرة وتصلي عشرين .
ثم نسوق المسألة هكذا إلى أن يكون الدم ثلاثة وعشرين والطهر أربعة عشر ثم استمر بها الدم فالعشرة من أول ما رأت حيض وقد صلت ثلاثة عشر يوما بالدم ثم طهرت أربعة عشر ثم من أربعة عشر طهر سبعة تمام الطهر وسبعة من موضع حيضها الثاني لم تر فيه ثم جاء الاستمرار وقد بقي من موضع حيضها الثاني ثلاثة : فالثلاثة حيض كامل فتدع من أول الاستمرار ثلاثة ثم تصلي عشرين ثم تدع عشرة وتصلي عشرين وذلك دأبها .
فإن كان الدم أربعة وعشرين والمسألة بحالها فنقول ستة من طهر أربعة عشر بقية طهرها بقي ثمانية أيام من موضع حيضها الثاني لم تر فيه ثم جاء الاستمرار وقد بقي من موضع حيضها يومان ويومان لا يكون حيضا فهذه لم تر مرة فتصلي إلى موضع حيضها الثاني وذلك اثنان وعشرون يوما من أول الاستمرار ثم تدع عشرة وتصلي عشرين وهذا قول " أبي حنيفة " C تعالى فأما قول " أبي يوسف " C تعالى بخلاف هذا فإنه ينقل العادة بعد الرؤية مرة .
وكذلك قول " محمد " C تعالى بخلاف هذا : فإنه يرى الإبدال على ما نذكره في باب الانتقال .
وبيان الفصل الثاني : مبتدأة رأت أحد عشر يوما دما وخمسة عشر يوما طهرا ثم استمر بها الدم فنقول : الدم هنا فاسد لأنه زاد على العشرة وبفساده يفسد الطهر لأنها صلت في أول يوم منه بالدم .
فأما على قول " محمد بن إبراهيم الميداني " رحمهما الله تعالى : حيضها عشرة أيام وطهرها عشرون فجاء الاستمرار وقد بقي من طهرها أربعة فتصلي أربعة أيام ثم تدع عشرة وتصلي عشرين .
وعلى قول " أبي علي الدقاق " طهرها ستة عشر فتدع من أول الاستمرار عشرة وتصلي ستة عشر لأن فساد الدم في اليوم الحادي عشر لما لم يؤثر في الدم حتى كانت .
صفحة [ 163 ] العشرة حيضا فلأن لا يؤثر في الطهر أولى .
والأصح ما قاله " محمد بن إبراهيم الميداني " C تعالى لأن اليوم الحادي عشر من الطهر لا من الحيض فرؤية الدم الفاسد فيه تؤثر في الطهر .
وبيان الفصل الثالث : وهو أن يكون الدم صحيحا والطهر فاسدا بأن نقول مبتدأة رأت خمسة أيام دما وأربعة عشر طهرا ثم استمر بها الدم فحيضها خمسة وطهرها بقية الشهر وذلك خمسة وعشرون يوما فجاء الاستمرار وقد بقي من طهرها أحد عشر يوما فتصلي أحد عشر يوما ثم تدع خمسة وتصلي خمسة وعشرين وكذلك دأبها .
وبيان الفصل الرابع : مبتدأة رأت ثلاثة دما وخمسة عشر طهرا ويوما دما ويومين طهرا ثم استمر بها الدم : فهنا الدم في الثلاثة صحيح والطهر خمسة عشر صحيح في الظاهر ولكنها لما رأت بعده يوما دما ويومين طهرا فهذه الثلاثة لا يمكن أن تجعل حيضا لأن ختمها بالطهر ولا وجه إلى الإبدال فتصلي في هذه الأيام ضرورة فيفسد به ذلك الطهر ويخرج من أن يكون صالحا لنصب العادة فيكون حيضها ثلاثة وطهرها بقية الشهر سبعة وعشرون يوما وقد مضى ثمانية عشر فتصلي تسعة من أول الاستمرار ثم تترك ثلاثة أيام وتصلي سبعة وعشرين يوما .
ولو رأت في الابتداء أربعة دما وخمسة عشر طهرا ثم يوما دما ويومين طهرا ثم استمر بها الدم فهنا الطهر صحيح صالح لنصب العادة . لأن بعده دم يوم وطهر يومين ثم يوم من أول الاستمرار تمام الأربعة فابتداء الحيض الثاني وختمه بالدم فلهذا كان الطهر خمسة عشر خالصا فتدع من أول الاستمرار يوما وتصلي خمسة عشر ثم تدع أربعة وتصلي خمسة عشر وذلك دأبها .
فإن رأت الدم عشرة والطهر خمسة عشر ثم الدم يوما والطهر ثلاثة أيام والدم يوما والطهر ثلاثة ثم استمر الدم : فعلى قول " أبي زيد " C تعالى الطهر خالص هنا صالح لنصب العادة لأنه يجر من أول الاستمرار يومين إلى ما رأت بعد خمسة عشر فتجعل العشرة كلها حيضا فكان الطهر خمسة عشر خالصا .
فأما على قول " أبي سهل " C تعالى : اليوم والثلاثة بعد الخمسة عشر لا يكون حيضا وإنما حيضها سبعة أيام بعد ذلك فيفسد طهر خمسة عشر لأنها صلت في شيء منه بدم فكان حيضها عشرة وطهرها عشرون وقد مضى خمسة عشر يوما ثم يوم دم وثلاثة طهر قد صلت فيه فذلك تسعة عشر ثم يوم دم صلت فيه وذلك عشرون ثم ثلاثة أيام طهر ولا يبتدئ الحيض بالطهر فقد جاء الاستمرار والباقي من أيام حيضها سبعة فتدع سبعة وتصلي عشرين وعلى هذا فقس ما يكون من هذا النوع من المسائل