( قال - C - ) ( وإذا أوصى لرجل بسهم من ماله فله أحسن سهام ورثته سهام يزاد ذلك على الفريضة إلا أن يكون أحسن السهام أكثر من السدس فلا يزاد عليه في قول أبي حنيفة - C - ) وفي موضع آخر قال : ( له السدس فيتناوله فيما إذا لم يكن في سهام ورثته أقل من ذلك ) وعلى قول أبي يوسف ومحمد - رحمهم الله - يزاد على الفريضة للموصى له بسهم كسهم أحدهم قل ذلك أو كثر إلا أنه إذا زاد على الثلث رد إلى الثلث إن لم يجز الورثة لا لأن السهم لا يتناول ذلك بل لأن الوصية لا تنفذ فيما زاد على الثلث بدون الإجازة .
وجه قولهما : أن التركة بموته تصير سهاما بين ورثته لكل واحد منهم سهم فتسميه السهم للموصي له في هذه الحالة إنما تتناول أحد تلك السهام ولا يثبت إلا أقلها لأن في كون الأقل مرادا تيقن وفيما زاد على ذلك شك وأبو حنيفة اعتبر السدس لحديث ابن مسعود - Bه - حين سئل عمن أوصى لرجل بسهم من ماله فقال له : السدس وهكذا نقل عن إياس بن معوية وجماعة من أهل اللغة قالوا : السهم السدس .
والدليل عليه أن لفظة السهم إنما تتناول سهم من يكون من جملة ورثته باعتبار الأصل لا باعتبار سبب عارض وذلك القرابة دون الزوجية فما يكون عارضا في مزاحمة ما هو أصلى كالمعدوم وسهام من يستحق بالقرابة السدس أو الثلث أو النصف فأما الربع والثمن إنما يستحق بالزوجية فيتناول اللفظ أدنى ما يستحق من السهام بالقرابة وهو السدس حتى لا يزاد على ذلك ولكن ينقص عنه إذا كان في سهم ورثته أقل من ذلك لأنه إنما يوجب له مثل سهم أحد ورثته فلا يستحق إلا المتيقن به وهو الأقل وهذا لأنه لما ذكر السهم دون الثلث عرفنا أنه مالك أداء الثلث لا النصف لأنه ليس له أن يوصي بالنصف فيتعين السدس مرادا له .
يوضحه : أن أعدل الأعداد في خروج سهام الفرائض منه الستة فإنها تشتمل على ما يستحق من السهام بالقرابة الأصلية كالسدس والنصف والثلث والثلثين .
( ألا ترى ) أن الدراهم تجرى على الأسداس فيجعل للسدس سبيلا على حدة ولا يجعل ذلك للثمن ولا للربع فعرفنا أن السدس عدل في هذا الباب فيستحق ذلك بالتسمية إلا أن يكون أحسن سهام ورثته دون ذلك ثم يزاد ذلك القدر على سهام الفريضة لأنه يجعل الموصي له شريك ورثته بسهم وقد علمنا أنه لم يرد تحويل سهم أحد ورثته إليه لأنه لا سبيل إلى ذلك فعرفنا أن المراد إيجاب مثل أحد السهام له ومثل الشيء غيره ولو أوصى له بجزء من ماله أو بنصيب من ماله أو بطائفة من ماله أو ببعض ماله أو بشقص من ماله أعطاه الورثة ما شاؤا لأنه سمى له شيئا مجهولا وليس لنا عبارة من جنس ما سمي ليصرف مقدار المسمى بالرجوع إلى عبارة وجهالة الموصى به لا تمنع صحة الوصية والوارث في البيان يقام مقام المورث بخلاف السهم فقد وجدنا هناك عيارا من جنس ما سمى عند وجوب الوصية يمكن أن يعلم به مقدار الوصية وذلك سهام ورثته بعد موته .
ولو أوصى له بالثلث إلا شيئا أو إلا قليلا أو إلا يسيرا أو بزهاء ألف أو بعامة هذه الألف أو جل هذه الألف أو بعظم هذه الألف وذلك يخرج من الثلث فله النصف من ذلك وما زاد على النصف فهو إلى الورثة يعطون منه ما شاؤا لأنه ليس فيه أكثر من مستثنى مجهول وأن جهالته توجب جهالة المستثنى منه ولكن الوصية في المجهول صحيحة ثم في العادة المستثني بهذه الألفاظ يكون دون المستثنى منه والكلام المقيد بالاستثناء يكون عبارة عما وراء ذل المستثني فيجعل كأنه أوصى بنصف الألف وزيادة فيكون القول في مقدار بيان الزيادة إلى الورثة ثم عاد إلى بيان قوله أبي حنيفة .
( قال ) ( إذا أوصى بسهم من ماله وله ابنتان وامرأة وأبوان فله ثلاثة من ثلاثين سهما عندهم جميعا ) لأن هذه الفريضة من سبعة وعشرين بعد العول وأخس السهام نصيب المرأة فيزداد للموصى له مثل نصيبها فيكون له ثلاثة من ثلاثين وكان له عشرة بنين وعشرة بنات فله سهم من أحد وثلاثين لأن المال بين أولاده على ثلاثين سهما وأخس السهام سهم بنت فيزاد ذلك على سهام الفريضة للموصى له .
ولو كانت امرأة لها أبوان وابنتان وزوج فللموصى له سهم من ثمانية أسهم ونصف لأن أصل هذه الفريضة من بعد العول من سبعة ونصف للابنتين الثلثان أربعة وللزوج الربع سهم ونصف وللأبوين السدسان فزدنا على ذلك مثل أخس السهام وذلك سهم .
ولو تركت المرأة أختين لأب وأم وأختين لأم وأما وزوجا جعلت له سهما من أحد عشر سهما لأن هذه الفريضة بعد العول من عشرة للأختين لأب وأم أربعة وللأختين لأم سهمان وللأم سهم وللزوج ثلاثة فيزداد على ذلك سهم للموصى له .
ولو تركت زوجا وأخوين وأوصت بسهم من مالها ففي قول أبي حنيفة له السدس لأن سهم أحد الورثة زائد على السدس فله السدس ولأنه ليس للأخوين فريضة معلومة وإنما الفريضة من ستة باعتبار أنها أعدل الأعداد كما بينا وفي قولهما له الخمس لأن أخس الأنصباء الربع وهو نصيب أحد الأخوين فيزاد على أربعة للموصى له سهم وهو الخمس .
ولو ترك الرجل امرأة وأما وأختين لأب وأم وأختين لأم فأوصى بسهم من ماله جعلت لصاحب الوصية سهما من تسعة أسهم ونصف لأن أصل الفريضة من ثمانية ونصف بعد العول للأختين لأب . وأم : أربعة وللأختين لأم سهمان وللأم سهم وللمرأة سهم ونصف فذلك ثمانية ونصف ثم يزاد للموصى له مثل أخس السهام سهما فلهذا كان له سهم من تسعة ونصف والله أعلم بالصواب