وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( قال - C - ) : ( وإذا أكره الرجل بوعيد تلف أو غير تلف على أن يقر بعتق أو طلاق أو نكاح وهو يقول لم أفعله فأقر به مكرها فإقراره باطل والعبد عبده كما كان والمرأة زوجته كما كانت ) لأن الإقرار خبر متمثل بين الصدق والكذب والإكراه الظاهر دليل على أنه كاذب فيما يقر به قاصد إلى دفع الشر عن نفسه والمخبر عنه إذا كان كذبا فبالإخبار لا يصير صدقا .
( ألا ترى ) أن فرية المفترين وكفر الكافرين لا يصير حقا بإخبارهم به والدليل عليه أنه لو أقر به طائعا وهو يعلم أنه كاذب في ذلك فإنه يسعه إمساكها فيما بينه وبين الله تعالى إلا أن القاضي لا يصدقه على ذلك لأنه مأمور باتباع الظاهر والظاهر أن الإنسان لا يكذب فيما يلحق الضرر به فإذا كان مكرها وجب تصديقه في ذلك لوجود الإكراه فلهذا لا يقع به شيء والإكراه بالحبس والقتل في هذا سواء لأن الإقرار تصرف من حيث القول ويعتمد تمام الرضا وبسبب الإكراه بالحبس ينعدم ذلك وكذلك الإقرار بالرجعة أو الفيء في الإيلاء أو العفو عن دم العمد فإنه لا يصح مع الإكراه لما قلنا وكذلك الإقرار في عبده أنه ابنه أو جاريته أنها أم ولده لأن هذا إخبار عن أمر سابق خفي فالإكراه دليل على أنه كاذب فيما يخبر به .
فإن قيل : أليس عند أبي حنيفة - C - إذا قال لمن هو أكبر سنا منه هذا ابني يعتق عليه وهناك يتيقن بكذبه فيما قال فوق ما يتيقن بالكذب عند الإقرار مكرها فإذا نفذ العتق ثمة ينبغي أن ينفذ هنا بطريق الأولى .
قلنا : أبو حنيفة - C - يجعل ذلك الكلام مجازا عن الإقرار بالعتق كأنه قال : عتق على من حين ملكته وباعتبار هذا المجاز لا يظهر رجحان جانب الكذب في إقراره فأما عند الإكراه فأكثر ما فيه أن يجعل هذا مجازا عن الإقرار بالعتق ولكن الإكراه يمنع صحة الإقرار بالعتق كما يمنع صحة الإقرار بالنسب .
ولو أكره نصراني على الإسلام فأسلم كان مسلما لوجود حقيقة الإسلام مع الإكراه فإن ذلك بالتصديق بالقلب والإقرار باللسان وقد سمعنا إقراره بلسانه وإنما يعبر عما في قلبه لسانه فلهذا يحكم بإسلامه والأصل فيه قوله تعالى : { وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها } ( آل عمران : 83 ) وقال E : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ) وقد قبل من المنافقين ما أظهروا من الإسلام مع علمه أنهم أظهروا ذلك خوفا من السيف وهذا في أحكام الدنيا فأما فيما بينه وبين ربه إذا لم يكن يعتقد فيما يقول لا يكون مسلما .
والذمي في هذا والحربي سواء عندنا .
والشافعي - C - يفرق بينهما باعتبار أن إكراه الحربي على الإسلام إكراه بحق وقد قررناه فيما سبق وفرق بين الإكراه على الإسلام وبين الإكراه على الردة وقال : الردة إنما تحصل بتبديل الاعتقاد والإكراه دليل ظاهر على أنه غير مبدل لاعتقاده فأما الإسلام في أحكام الدنيا فإنما يثبت بالإقرار باللسان مع التصديق بالقلب ولا طريق لنا إلى الوقوف على ما في قلبه وقد سمعنا إقراره مع الإكراه فلذلك حكمنا بإسلامه .
فإن رجع عنه إلى النصرانية أجبر على الإسلام ولم يقتل استحسانا وفي القياس يقتل لأنه بدل الدين وقد قال E : ( من بدل دينه فاقتلوه ) وهذا لأن الإكراه لما لم يمنع صحة الإسلام كان المكره كالطائع فيه ولكنه استحسن إسقاط القتل عنه للشبهة التي فعلت لأنا لا نعلم سره حقيقة والأدلة قد تعارضت فيكون الإسلام مما يجب اعتقاده دليل على أنه معتقد والإكراه دليل على أنه غير معتقد بما يقول وتعارض الأدلة شبهة في درء ما يندرئ بالشبهات وهذا نظير القياس .
والاستحسان في المولود بين المسلمين إذا بلغ مرتدا يجبر على الإسلام ولا يقتل استحسانا والذي أسلم بنفسه في صغره إذا بلغ مرتدا يجبر على الإسلام ولا يقتل للشبهة المتمكنة فيه بسبب اختلاف العلماء - رحمهم الله - ولو كان أكرهه على الإقرار بإسلام ماض منه فالإقرار باطل لأن الإكراه دليل على أنه كاذب فيما أخبر به من الإقرار بالإسلام ماضيا وكذلك لو أكره بوعيد تلف أو غير تلف على أن يقر بأنه لا قود له قبل هذا الرجل ولا بينة له عليه به فالإقرار باطل لأن الإكراه دليل على أنه كاذب فيما يقر به بخلاف ما إذا أكره على إنشاء العفو .
فإن أعاده بعد ذلك وأقام البينة عليه به حكم له بالقود لأن ما سبق منه من الإقرار بالعفو قد بطل فكان وجوده كعدمه .
وكذلك لو أكرهه على أن يقر بأنه لم يتزوج هذه المرأة وأنه لا بينة له عليها بذلك أو على أن هذا ليس بعبده وأنه حر الأصل فإقراره بذلك باطل لأن الإكراه دليل على أنه كاذب فيما أقر به فلا يمنع ذلك قبول بينته على ما يدعيه من النكاح والرق بعد ذلك .
( ألا ترى ) أنه لو أقر بشيء من هذا هازلا لا يلزمه شيء فيما بينه وبين ربه ولو أقر به طائعا وهو يعلم أنه كاذب فيما قال وسعه إمساك المرأة والعبد فيما بينه وبين ربه بخلاف الإنشاء فمن هذا الوجه يقع الفرق بين هذه الفصول والله أعلم بالصواب .
باب من الإكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد .
( قال - C - ) : ( ولو أن رجلا أكره بوعيد تلف حتى خلع امرأته على ألف درهم ومهرها الذي تزوجها عليه أربعة آلاف وقد دخل بها والمرأة غير مكرهة فالخلع واقع ) لأن الخلع من جانب الزوج طلاق والإكراه لا يمنع وقوع الطلاق بغير جعل فكذلك بالجعل وللزوج على امرأته ألف درهم لأنها قد التزمت الألف طائعة بإزاء ما سلم لها من البينونة ولا شيء على المكره للزوج لأنه أتلف عليه ملك النكاح وقد بينا أنه لا قيمة لملك النكاح عند الخروج من ملك الزوج وأنه ليس بمال فلا يكون مضمونا بالمال أصلا بل عند الحاجة إلى الصيانة والمضمون المحل المملوك لا الملك الوارد عليه ولهذا جاز إزالة الملك بغير شهود ولا عوض .
وكذلك لو أكره ولي العمد على أن يصالح منه على ألف درهم فالإكراه لا يمنع إسقاط القود بالعفو فكذلك لا يمنع إسقاطه بالصلح ولا شيء له سوى الألف على الذي كان قبله الدم ولا شيء لصاحب الدم على الذي أكرهه لأن القاتل ما التزم الزيادة على الألف والمكره أتلف عليه ما ليس بمال متقوم وهو ملك استيفاء القود وهذا ملك غير مضمون بالعفو مندوب إليه شرعا وبه فارق النفس فإنها مضمونة بالمال عند الإتلاف خطأ صيانة لها عن الإهدار .
ولو أكره على أن يعتق عبده على مائة درهم وقبله العبد وقيمته ألف والعبد غير مكره فالعتق جائز على المائة لأن الإكراه لا يمنع صحة إسقاط الرق بالعتق والعبد التزم المائة طوعا ثم يتخير مولى العبد فإن شاء ضمن الذي أكرهه قيمة العبد لأنه أتلف عليه ملكه في العبد بالإكراه الملجئ وملكه في العبد ملك مال متقوم فيكون مضمونا على المتلف بخلاف ما سبق ثم يرجع المكره على العبد بمائة لأن المولى أقامه مقام نفسه حين ضمنه القيمة في الرجوع على العبد بالمسمى .
وإن شاء المولى أخذ العبد بالمائة ورجع على المكره بتسعمائة تمام القيمة لأن ما زاد على قدر المسمى من المالية أتلفه المكره عليه بغير عوض .
فإن قيل : لماذا كان له أن يرجع بجميع الألف على المكره وقد أتلف عليه مقدار المائة بعوض .
قلنا : لأن هذا العوض في ذمة مفلسه فإن العبد يخرج من ملك المولى ولا شيء له فهو كالتاوي .
فإن قيل : لماذا لم يجعل اختياره للمسمى إبراء منه للمكره .
قلنا : في مقدار المائة يجعل هكذا لأن له أن يرجع بها على أيهما شاء فأما في الزيادة على ذلك فحقه متعين في ذمة المكره ولو كان أكرهه على العتق بألفي درهم إلى سنة وقيمته ألف فالمولى بالخيار : إن شاء ضمن المكره قيمة عبده لأنه أتلف عليه ماليته ببدل لا يصل إليه إلا بعد مضي الأجل .
وإن شاء اتبع العبد بالألفين بعد مضي السنة لأنه التزم ذلك طوعا فإن اختار تضمين المكره قام المكره مقام المولى في الرجوع على العبد بالمسمى عند حلول الأجل فإذا أخذ ذلك منه أمسك ألفا مقدار ما غرم وتصدق بالفضل لأنه حصل له بكسب خبيث .
وإن اختار اتباع العبد فلا شيء له على المكره بعد ذلك لأنه صار راضيا بما صنع حين اختار اتباع العبد فإن كان الألفان نجوما فحل نجم منها فطلب المولى العبد بذلك النجم بغير إكراه فهذا منه اختيار لاتباع العبد ولا ضمان له على المكره بعد ذلك لأن مطالبته إياه بذلك النجم دليل الرضا منه بما سبق فيكون كالتصريح بالرضا وذلك يسقط حقه في تضمين المكره .
ولو أكرهت امرأة بوعيد تلف أو حبس حتى تقبل من زوجها تطليقة على ألف درهم فقبلت ذلك منه وقد دخل بها ومهرها الذي تزوجها عليه أربعة آلاف أو خمسمائة فالطلاق رجعي ولا شيء عليه من المال لأن التزام البدل يعتمد تمام الرضا وبالإكراه ينعدم الرضا سواء كان الإكراه بحبس أو بقتل ولكن وقوع الطلاق يعتمد وجود القبول لا وجود المقبول .
( ألا ترى ) أنه لو طلق امرأته الصغيرة على مال فقبلت وقع الطلاق ولم يجب المال وبسبب الإكراه لا ينعدم القبول فلهذا كان الطلاق واقعا ثم الواقع بصريح اللفظ يكون رجعيا إذا لم يجب العوض بمقابلته وهنا لا عوض عليه فكان الطلاق رجعيا .
وقد ذكر في الجامع الصغير إذا شرطت الخيار لنفسها ثلاثة أيام في الطلاق بمال عند أبي حنيفة لا يقع الطلاق ما لم يسقط الخيار .
وعندهما : الطلاق واقع والمال لازم .
وكذلك لو هزلت بقبول الطلاق بمال واتفقا على ذلك عند أبي حنيفة لا يقع الطلاق ما لم يرض بالتزام المال .
وعندهما الطلاق واقع والمال واجب فبالكل حاجة إلى الفرق بين مسألة الإكراه ومسألة الخيار والهزل .
فأما أبو حنيفة - C - فقال : الإكراه لا يعدم الاختيار في السبب والحكم وإنما يعدم الرضا بالحكم فلوجود الاختيار في السبب والحكم تم القبول ووقع الطلاق ولانعدام الرضا لا يجب المال فكان المال لم يذكر أصلا فأما خيار الشرط فلانعدام الاختيار والرضا بالسبب وبعدم الاختيار والرضا بالحكم يتوقف الحكم وهو وقوع الطلاق ووجوب المال على وجود الاختيار والرضا به .
وكذلك الهزل لا ينافي الاختيار والرضا بالسبب وإنما يعدم الرضا والاختيار بالحكم فتوقف الحكم لانعدام الاختيار في حقه وصح التزام المال به موقوفا على أن يلزمه عند تمام الرضا به .
وهما يقولان : الإكراه يعدم الرضا بالحكم ولا يعدم الاختيار في السبب والحكم جميعا فيثبت الحكم وهو الطلاق ولا يجب المال لانعدام الرضا به فكأنه لم يذكر فأما الهزل وشرط الخيار فلا يعدم الرضا بالسبب والحكم لا ينفصل عن السبب فالرضا بالسبب فيهما يكون رضا بالحكم فيقع الطلاق ويجب المال لأن المال صار تبعا للطلاق في الحكم وفي الإكراه انعدم الرضا بالسبب فلا يثبت ما يعتمد ثبوته الرضا وهو المال ويثبت من المال ما لا يعتمد ثبوته الرضا وهو الطلاق .
فإن قالت بعد ذلك قد رضيت بتلك التطليقة بذلك المال جاز ولزمها المال وتكون التطليقة بائنة في قول أبي حنيفة وقال محمد : إجازتها باطلة وهي تطليقة رجعية ولم يذكر قول أبي يوسف فقيل : .
قوله كقول محمد - رحمهما الله .
والأصح أن قوله كقول أبي حنيفة - C - فمن جعل قوله كقول محمد قال : المسألة فرع لما بينا في كتاب الطلاق فإذا قال لامرأته أنت طالق كيف شئت عند أبي حنيفة تقع تطليقة رجعية ولها الخيار في جعلها بائنة .
وعندهما لا يقع عليها شيء ما لم تشأ فمن أصله أنه يقع أصل الطلاق ويبقى لها المشيئة في الصفة فهنا أيضا وقع أصل الطلاق بقبولها وبقي لها المشيئة في صفته فإذا التزمت المال طوعا صارت تطليقة بائنة .
وعندهما لا يجوز أن يبقى لها مشيئة بعد وقوع أصل الطلاق بقبولها فلا رأى لها بعد ذلك في التزام المال لتغير صفة تلك التطليقة .
ومن قال : إن قول أبي يوسف كقول أبي حنيفة جعل المسألة فرعا لما بيناه في كتاب الدعوى أن من طلق امرأته تطليقة رجعية ثم قال : جعلتها بائنة عند أبي حنيفة وأبي يوسف : تصير بائنا .
وعند محمد : لا تصير بائنا فلما كان من أصلهما أن للزوج أن يجعل الواقع بصفة الرجعية بائنا فكذلك للمرأة ذلك بالتزام المال .
وعند محمد لما لم يكن للزوج ولاية جعل التطليقة الرجعية بائنة فكذلك لا يكون لها ذلك بالتزام المال ولو كان مكان التطليقة خلع بألف درهم كان الطلاق بائنا ولا شيء عليها لأن الواقع بلفظ الخلع بائن من غير اعتبار وجوب المال فإن الخلع مشتق من الخلع والانتزاع ففي اللفظ ما يوجب البينونة .
ولهذا لو خلع الصغيرة على مال وقبلت كان الواقع بائنا بخلاف لفظ صريح الطلاق .
وكذلك الصلح عن دم العمد إذا أكره القاتل بقتل أو حبس على أن يصالح الولي على أكثر من الدية أو أقل منها فصالحه بطل الدم لوجود القبول مع الإكراه وليس على القاتل من المال شيء لأن التزام المال يعتمد تمام الرضا وينعدم بالإكراه .
ولو خلع امرأته قبل أن يبلغ وقد دخل بها على ألف درهم فقبلت وقع الخلع لوجود القبول منها ولم يجب المال لأن الصغر لا ينافي التكلم بالقبول ولكن ينافي صحة التزام المال .
( ألا ترى ) أن التزام المال منه عوضا عن مال لا يكون صحيحا فعن غير مال أولى ولذلك لو كان لرجل على رجل دم عمد فصالحه عنه غلام لم يبلغ على مال ضمنه له الغلام على أن عفا جاز العفو لوجود القبول ممن شرط عليه الضمان ولا شيء عليه لأن الصغر ينافي التزام المال بجهة الضمان وإنما أورد هذا لإيضاح مسألة الإكراه وكذلك لو أكره العبد على أن يقبل العتق من مولاه بمال قليل أو كثير عتق لوجود القبول ولا شيء عليه من المال لانعدام الرضا من العبد بالتزام المال .
ولو أكره الزوج على أن يطلق امرأته بألف درهم وأكرهت المرأة على أن تقبل ذلك ففعلا وقع الطلاق بغير مال لأن الإكراه لا ينافي الاختيار في الإيجاب والقبول وإنما يعدم الرضا به والمال لا يجب بدون الرضا به وكذلك هذا في الصلح من القود والعتق على مال لأن للمولى أن يضمن المكره قيمة عبده إن كان أكرهه بوعيد قتل .
وإن كان أكرهه بحبس لم يضمن شيئا لما بينا أن الإتلاف إنما يصير منسوبا إلى المكره عند الإلجاء التام وذلك الإكراه بالقتل دون الإكراه بالحبس