( قال - C - ) ( وإذا أقر الرجل أنه أخذ ثوبا من دار بينه وبين اخر فادعى عليه الشريك نصف الثوب وأنكر المقر فالقول قول المقر ) لأن الثوب في يده وإقراره بالأخذ من دار مشتركة لا يتضمن الإقرار بالثوب غير متولد من الدار بل موضوع فيها وكل واحد من الشريكين ساكن في الدار يضع أمتعته فيها ثم يأخذها منها فلا يكون مقرا باليد للشريك في الثوب .
ولو أقر أنه قبض من بيت فلان ألف درهم ثم قال هو لي فالمال لصاحب البيت لأنه أقر بالأخذ من بيته فهو كإقراره بالأخذ من يده لأن ما في ملك الإنسان يكون في يده حكما لو نازعه فيه غيره كان القول قوله فيؤمر بالرد عليه حتى يثبت ما يدعيه من الملك لنفسه .
وكذلك إن زعم أنه لآخر إلا أنه يضمن للثاني مثله لأن إقراره حجة في حق نفسه وقد أقر بأنه قبض ملكه وتعذر عليه رده فيضمن له مثله وكذلك لو قال قبضت من صندوق فلان مائة درهم أو من كيسه أو سفطه ثوبا هرويا أو من قريته كرا من حنطة أو من نخله كرا من تمر أو من زرعه كرا من حنطة فهذا كله إقرار بأنه أخذ ما كان في يد فلان فعليه رده .
ولو قال قبضت من أرض فلان عدل زطي ثم قال مررت فيها مارا فنزلتها لم يصدق إذا لم يعرف نزوله فيها ويقضي بالزطي لصاحب الأرض وقد بينا هذا إلا أن تكون الأرض طريقا معروفا للناس أو يكون له التصرف فيها فالقول قوله حينئذ وكذلك القرية إذا كان الطريق فيها لأنه متمكن من التصرف فيها بالنزول فيكون قياس الدار المشتركة التي يمكن كل شريك من السكنى فيها فلا يتضمن كلامه الإقرار بأنه خذ للعدل من صاحب الأرض .
ولو قال أخذت من دار فلان مائة درهم ثم قال كنت فيها ساكنا بأجرة فإن علم ذلك أو بينه بالبينة فهو بريء من المال وإلا لم يصدق وأمر برد المال لأنه إذا لم يثبت سبب يده على الدار في وقت ما يكون هذا إقرارا منه بأخذ المائة من صاحب الدار ولو شهد شاهدان أن فلانا أتى أرض فلان هذه فاحتفر فيها واستخرج منها ألف درهم وزن سبعة وادعاها رب الأرض وجحد الحافر أو أقر بذلك وادعى أن المال له فأني أقضي بها لرب الأرض لأن شهادتهم على أخذها من ملكه كشهادتهم على أخذها من يده .
أرأيت لو شهدوا أنه ضرب صاحب الأرض حتى أوقعه أو قاتله حتى غلبه ثم احتفر الأرض وأخرج المال أما كان يؤمر بالرد عليه فهذا مما لا يشكل على أحد أنه يؤمر برده .
وكذلك لو شهدوا أنه أخذ من منزله كذا أو من حانوته أو أخذ دهنا من قارورته أو سمنا من زقه فهذا وشهادتهم على الأخذ من يده سواء وكذلك لو أقر أنه أخذ سرجا كان على دابة فلان أو لجاما أو حملا من حنطة كانت على دابة فلان أو طعاما كان في جولق فلان قضي به له لإقراره بالأخذ من يده فإن دابة فلان وما عليها من يده .
وكذلك لو أقر أنه أخذ بطانة جبته أو ستر بابه فالإضافة لملكه بمنزلة الإضافة إليه في أنه إقرار بالملك له .
وكذلك لو أقر أنه ركب دابة فلان أو لبس ثوب فلان أو استخدم خادمه ثم أخذه فلان آخر منه فهذا كله إقرار على نفسه بفعل هو غصب من ملك الأول فيؤمر بالرد عليه وإن عجز عن الرد كان ضامنا .
ولو قال فلان حملني على دابته أو في سفينته لم يضمن شيئا لأنه ما فعل بنفسه في ملك الغير وإنما أقر بفعل صاحب الدابة وذلك غير موجب للضمان عليه وكذلك لو أقر أنه حمل على دابة فلان هذا فعل ما لم يسم فاعله فلا يصير به مضيفا للحمل على نفسه ولا مقرا على نفسه بسبب موجب للضمان .
ولو أقر أنه أخذ ثيابا من حمام فلان لا يضمن شيئا لأن الناس يدخلون الحمام فيضعون ثيابهم فيها ثم يأخذونها فلا يتضمن هذا اللفظ الإقرار بيد أصلية لصاحب الحمام في الثياب وكذلك المسجد الجامع والكعبة والخان والأرض ينزلها الناس ويضعون فيها الأمتعة .
ولو أقر أنه وضع ثوبه في بيت فلان لم يضمن عند أبي حنيفة - C - أن ادعاه رب البيت ويضمنه عندهما وهو نظير ما سبق إذا قال أسكنته داري ثم أخذتها منه .
ولو أقر أنه أخذ ثوبا من طريق فلان أو من فناء فلان لا ضمان عليه لأن الفناء أسم لسعة خارجة عن ملكه معدة لمنافعه من كسر الحطب وإلقاء الكناسة ونحوها فلا تكون تلك المنفعة في يد فلان على الخصوص بل للناس أن ينتفعوا بها وكذلك الطريق .
ولو قال أخذت ثوبا من أجير فلان فهو للأجير دون المستأجر من يده ويد الأجير في أمتعته يد نفسه حتى لو نازعه في شيء من ذلك فإن القول قول الأجير .
ولو أقر أنه أخذ ثوبا من مسجد فلان لم يكن عليه ضمان إلا أن يكون المسجد له خاصة في داره فيكون من جملة ملكه وما فيه يكون في يده فيضمنه .
ولو قال من هذه البيعة أو الكنيسة أو بيت النار أو القنطرة أو الجسر أو كل موضع للعامة مما لا يد عليه فيه لأحد لأن له حق وضع الأمتعة في هذه المواضع فلا يتضمن كلامه الإقرار بأخذه من يد إنسان والله أعلم