وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فأصل ( لتبلون ) لتبلونن فلما توالى ثلاث نونات ثقل في النطق فحذفت نون الرفع فالتقى ساكنان : واو الرفع ونون التوكيد الشديدة فحذف واو الرفع لأنها ليست أصلا في الكلمة فصار لتبلون . وكذلك القول في تصريف قوله تعالى ( ولتسمعن ) وفي توكيده .
والابتلاء : الاختبار ويراد به هنا لازمة وهو المصيبة لأن في المصائب اختبارا لمقدار الثبات . والايتلاء في النفس هو القتل والجراح . وجمع مع ذلك سماع المكروه من أهل الكتاب والمشركين في يوم أحد وبعده .
والأذى هو الضر بالقول كقوله تعالى ( لن يضروكم إلا أذى ) كما تقدم آنفا ولذلك وصفه هنا بالكثير أي الخارج عن الحد الذي تحتمله النفوس غالبا وكل ذلك مما يفضي إلى الفشل فأمرهم الله بالصبر على ذلك حتى يحصل لهم النصر وأمرهم بالتقوى أي الدوام على أمور الإيمان والإقبال على بثه وتأييده فأما الصبر على الابتلاء في الأموال والنفس فيشمل الجهاد وأما الصبر على الأذى ففي وقتي الحرب والسلم فليست الآية مقتضية عدم الإذن بالقتال من حيث إنه أمرهم بالصبر على أذى الكفار حتى تكون منسوخة بآيات السيف لأن الظاهر أن الآية نزلت بعد وقعة أحد وهي بعد الأمر بالقتال . قاله القفال .
وقوله ( فإن ذلك ) الإشارة إلى ما تقدم من الصبر والتقوى بتأويل : فإن المذكور . و ( عزم الأمور ) من إضافة الصفة إلى الموصوف أي الأمور العزم ووصف الأمور وهو جمع بعزم وهو مفرد لأن أصل عزم أنه مصدر فيلزم لفظه حالة واحدة وهو هنا مصدر بمعنى المفعول أي من الأمور المعزوم عليها . والعزم إمضاء الرأي وعدم التردد تبيين السداد . قال تعالى وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ( والمراد هنا العزم في الخيرات قال تعالى ( فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ) وقال ( ولم تجد له عزما ) .
ووقع قوله ( فإن ذلك من عزم الأمور ) دليلا على جواب الشرط والتقدير : وإن تصبروا وتتقوا تنالوا ثواب أهل العزم فإن ذلك من عزم الأمور .
( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبس ما يشترون [ 187 ] ) معطوف على قوله ( ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) فإن تكذيب الرسول من أكبر الأذى للمسلمين . وإن الطعن في كلامه وأحكام شريعته من ذلك كقولهم ( إن الله فقير ونحن أغنياء ) والقول في معنى أخذ الله تقدم في قوله ( وإذ قلنا اسجدوا لآدم ) ونحوه .
و ( الذين أوتوا الكتاب ) هم اليهود وهذا الميثاق أخذ على سلفهم من عهد رسولهم وأنبيائهم وكان فيه ما يدل على عمومه لعلماء أمتهم في سائر أجيالهم إلى أن يجيء رسول .
A E وجملة ( لتبيننه للناس ) بيان الميثاق فهي حكاية اليمين حين اقترحت عليهم ولذلك جاءت بصيغة خطابهم بالمحلوف عليه كما قرأ بذلك الجمهور وقرأه ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم : ليبيننه بياء الغيبة على طريقة الحكاية بالمعنى حي كان المأخوذ عليهم هذا العهد غائبين في وقد الإخبار عنهم . وللعرب في مثل هذه الحكايات وجوه : باعتبار كلام الحاكي وكلام المحكي عنه فقد يكون فيه وجهان كالمحكي بالقول في نحو : أقسم زيد لا يفعل كذا وقد يكون فيه ثلاثة أوجه : كما في قوله تعالى ( قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ) قرئ بالنون والتاء الفوقية والياء التحتية لنبيتنه لتبيتنه إذا جعل تقاسموا فعلا ماضيا فإذا جعل أمرا جاز وجهان : في لنبيننه النون والتاء الفوقية . والقول في تصريف وإعراب ( لتبيننه ) كالقول في ( لتبلون ) المتقدم قريبا .
وقد أخذ عليهم الميثاق بأمرين : هما الكتاب أي عدم إجمالي معانيه أو تحريف تأوله وعدم كتمانه أي إخفاء شيء منه . فقوله ( ولا تكتمونه ) عطف على ( لتنيننه للناس ) ولم يقرن بنون التوكيد لأنها لا تقارن الفعل المنفي لتنافي مقتضاهما