وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والاستثناء في قوله ( إلا من اغترف غرفة بيده ) من قوله " فمن شرب منه " لأنه من الشاربين وإنما أخره عن هذه الجملة وأتى به بعد جملة ( ومن لم يطعمه ) ليقع بعد الجملة التي فيها المستثنى منه مع الجملة المؤكدة لها ؛ لأن التأكيد شديد الاتصال بالمؤكد وقد علم أن الاستثناء راجع إلى منطوق الأول ومفهوم الثانية فإن مفهوم من لم يطعمه فإنه مني أن من طعمه ليس منه ليعلم السامعون أن المغترف غرفة بيده هو كمن لم يشرب منه شيئا وأنه ليس دون من لم يشرب في الولاء والقرب وليس هو قسما واسطة . والمقصود من هذا الاستثناء الرخصة للمضطر في بلال ريقه ولم تذكر كتب اليهود هذا الأمر بترك شرب الماء من النهر حين مرور الجيش في قصة شاول وإنما ذكرت قريبا منه قال في سفر صمويل : لما ذكر أشد وقعة بين اليهود وأهل فلسطين " وظنك رجال إسرائيل في ذلك اليوم ؛ لأن شاول حلف القوم قائلا ملعون من يأكل خبزا إلى المساء حتى انتقم من أعدائي " وذكر في سفر القضاة في الإصحاح السابع مثل واقعة النهر في حرب جدعون قاضي إسرائيل للمديانيين والظاهر أن الواقعة تكررت لأن مثلها يتكرر فأهملتها كتبهم في أخبار شاول .
A E وقوله ( لم يطعمه ) بمعنى لم يذقه فهو من الطعم بفتح الطاء وهو الذوق أي اختبار المطعوم وكان أصله اختبار طعم الطعام أي ملوحته أو ضدها أو حلاوته أو ضدها ثم توسع فيه فأطلق على اختبار المشروب ويعرف ذلك بالقرينة قال الحارث بن خالد المخزومي . وقيل العرجي : .
فإن شئت حرمت النساء سواكم ... وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا فالمعنى لم أذق . فأما أن يطلق الطعم على الشرب أي ابتلاع الماء فلا لأن الطعم الأكل ولذلك جاء في الآية والبيت منفيا لأن المراد أنه لم يحصل أقل ما يطلق عليه اسم الذوق ومن أجل هذا عيروا خالد بن عبد الله القسري لما أخبر وهو على المنبر بخروج المغيرة بن سعيد عليه فقال " أطعموني ماء " إذ لم يعرف في كلام العرب من الإطعام إلا بمعنى الأكل وأما من يطلب الشراب فإنما يقول اسقوني لأنه لا يقال طعم بمعنى شرب وإنما هو بمعنى أكل .
والغرفة بفتح الغين في قراءة نافع وابن كثير وابن عامر وأبي جعفر المرة من الغرف وهو أخذ الماء باليد وقرأه حمزة وعاصم والكسائي ويعقوب وخلف بضم الغين وهو المقدار المغروف من الماء ووجه تقييده بقوله ( بيده ) مع أن الغرف لا يكون إلا باليد لدفع توهم أن يكون المراد تقدير مقدار الماء المشروب فيتناوله بعضهم كرها فربما زاد على المقدار فجعلت الرخصة الأخذ باليد . وقد دل قوله ( فشربوا منه ) على قلة صبرهم وأنهم ليسوا بأهل لمزاولة الحروب ولذلك لم يلبثوا أن صرحوا بعد مجاوزة النهر فقالوا ( لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده ) فيحتمل أن ذلك قالوه لما رأوا جنود الأعداء ويحتمل أنهم كانوا يعلمون قوة العدو وكانوا يسرون الخوف فلما اقترب الجيشان لم يستطيعوا كتمان ما بهم .
وفي الآية انتقال بديع إلى ذكر جند جالوت والتصريح باسمه وهو قائد من قواد الفلسطينيين اسمه في كتب اليهود جليات كان طوله ستة أذرع وشبرا وكان مسلحا مدرعا وكان لا يستطيع أن يبارزه أحد من بني إسرائيل فكان إذا خرج للصف عرض عليهم مبارزته وعيرهم بجبنهم .
وقوله ( قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله ) الآية أي الذين لا يحبون الحياة ويرجون الشهادة في سبيل الله فلقاء الله هنا كناية عن الموت في مرضاة الله شهادة وفي الحديث " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه " فالظن على بابه . وكم في قوله ( كم من فئة ) خبرية لا محالة إذ لا موقع للاستفهام فإنهم قصدوا بقولهم هذا تثبيت أنفسهم وأنفس رفاقهم ولذلك دعوا إلى ما به النصر وهو الصبر والمتوكل فقالوا ( والله مع الصابرين ) .
والفئة الجماعة من الناس مشتقة من الفيء وهو الرجوع لأن بعضهم يرجع إلى بعض ومنه سميت مؤخرة الجيش فئة لأن الجيش يفيء إليها . وقوله ( ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرنا ) وهذا دعاؤهم حين اللقاء بطلب الصبر من الله وعبروا عن إلهامهم إلى الصبر بالإفراغ استعارة لقوة الصبر والكثرة يتعاوران الألفاظ الدالة عليهما كقول أبي كبير الهذلي : .
" كثير الهوى شتى النوى والمسالك