وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( والصلاة الوسطى ) لا شك أنها صلاة من جملة الصلوات المفروضة : لأن الأمر بالمحافظة عليها يدل على أنها من الفرائض وقد ذكرها الله تعالى في هذه الآية معرفة بلام التعريف وموصوفة بأنها وسطى فسمعها المسلمون وقرأوها فإما عرفوا المقصود منها في حياة الرسول A ثم طرأ عليهم الاحتمال بعده فاختلفوا وإما شغلتهم العناية بالسؤال عن مهمات الدين في حياة الرسول عن السؤال عن تعيينها : لأنهم كانوا عازمين على المحافظة على الجميع فلما تذاكروها بعد وفاته A اختلفوا في ذلك فنبع من ذلك خلاف شديد : أنهيت الأقوال فيه إلى نيف وعشرين قولا بالتفريق والجمع وقد سلكوا للكشف عنها مسالك ؛ مرجعها إلى أخذ ذلك من الوصف بالوسطى أو من الوصاية بالمحافظة عليها .
فأما الذين تعلقوا بالاستدلال بوصف الوسطى : فمنهم من حاول جعل الوصف من الوسط بمعنى الخيار والفضل فرجع إلى تتبع ما ورد في تفضيل بعض الصلوات على بعض مثل قوله تعالى : ( إن قرآن الفجر كان مشهودا ) وحديث عائشة ( أفضل الصلوات عند الله صلاة المغرب ) .
ومنهم من حاول جعل الوصف من الوسط : وهو الواقع بين جانبين متساويين من العدد فذهب يتطلب الصلاة التي هي بين صلاتين من كل جانب ولما كانت كل واحدة من الصلوات الخمس صالحة لأن تعتبر واقعة بين صلاتين لأن ابتداء الأوقات اعتباري ذهبوا يعينون المبدأ : فمنهم من جعل المبدأ ابتداء النهار فجعل مبدأ الصلوات الخمس صلاة الصبح فقضي بأن الوسطى : العصر ومنهم من جعل المبدأ الظهر لأنها أول صلاة فرضت ؛ كما في حديث جبريل في الموطأ فجعل الوسطى : المغرب .
وأما الذين تعقلوا بدليل الوصاية على المحافظة فذهبوا يتطلبون أشق صلاة على الناس : تكثر المتطلبات عنها فقال قوم : هي الظهر لأنها أشق صلاة عليهم بالمدينة كانوا أهل شغل وكانت تأتيهم الظهر وهم قد أتعبتهم أعمالهم وربما كانوا في إكمال أعمالهم وقال قوم : هي العشاء ؛ لما ورد أنها أثقل صلاة على المنافقين وقال بعضهم : هي العصر لأنها وقت شغل وعمل ؛ وقال قوم : هي الصبح لأنها وقت نوم في الصيف ووقت تطلب الدفء في الشتاء .
وأصح ما في هذا الخلاف : ما جاء من جهة الأثر وذلك قولان : أحدهما أنها الصبح . هذا قول جمهور فقهاء المدينة وهو قول عمر وابنه عبد الله وعلى وابن عباس وعائشة وحفصة وجابر بن عبد الله وبه قال مالك وهو عن الشافعي أيضا لأن الشائع عندهم أنها الصبح وهم أعلم الناس بما يروى عن رسول الله A : من قول أو فعل أو قرينة حال .
القول الثاني : أنها العصر وهذا قول جمهور من أهل الحديث وهو قول عبد الله بن مسعود وروى عن علي أيضا وهو الأصح عن ابن عباس أيضا وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري ونسب إلى عائشة وحفصة والحسن وبه قال أبو حنيفة والشافعي في رواية ومال إليه ابن حبيب من المالكية وحجتهم ما روى أن النبي A قال يوم الخندق حين نسى أن يصلي العصر من شدة الشغل في حفر الخندق حتى غربت الشمس فقال : " شغلونا " أي المشركين " عن الصلاة الوسطى أضرم الله قبورهم نارا " .
والأصح من هذين القولين أولهما : لما في الموطأ والصحيحين أن عائشة وحفصة أمرتا كاتبي مصحفيهما أن يكتبا قوله تعالى ( حافظوا على الصلوات الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين ) وأسندت عائشة ذلك إلى رسول الله A ولم تسنده حفصة فإذا بطل أن تكون الوسطى هي العصر بحكم عطفها على الوسطى تعين كونها الصبح هذا من جهة الأثر .
وأما من جهة مسالك الأدلة المتقدمة فأفضلية الصبح ثابتة بالقرآن قال تعالى مخصصا لها بالذكر ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) وفي الصحيح أن ملائكة الليل وملائكة النهار يجتمعون عند صلاة الصبح وتوسطها بالمعنى الحقيقي ظاهر لأن وقتها بين الليل والنهار فالظهر والعصر نهاريتان والمغرب والعشاء ليلتان والصبح وقت متردد بين الوقتين حتى إن الشرع عامل نافلته معاملة نوافل النهار : فشرع فيها الإسرار وفريضته معاملة فرائض الليل : فشرع فيها الجهر .
A E