وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفي الآية إشارة عظيمة إلى أن أمور الجزاء في الأخرى تجري على ما رتبه الله وأعلم به عباده . وأن نظام أمور الدنيا وترتيب مسبباته على أسبابه أمر قد وضعه الله تعالى وأمر بالحفاظ عليه وأرشد وهدى فمن فرط في شيء من ذلك فقد استحق ما تسبب فيه .
( فأنذرتكم نارا تلظى [ 14 ] لا يصليها إلا الأشقى [ 15 ] الذي كذب وتولى [ 16 ] وسيجنبها الأتقى [ 17 ] الذي يؤتي ماله يتزكى [ 18 ] وما لأحد عنده من نعمة تجزى [ 19 ] إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى [ 20 ] ولسوف يرضى [ 21 ] ) يجوز أن تكون الفاء لمجرد التفريع الذكري إذا كان فعل ( أنذرتكم ) مستعملا في ماضيه حقيقة وكان المراد الإنذار الذي اشتمل عليه قوله ( وأما من بخل واستغى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ) إلى قوله تعالى ( تردى ) . وهذه الفاء يشبه معناها معنى فاء الفصيحة لأنها تدل على مراعاة مضمون الكلام الذي قبلها وهو تفريع إنذار مفصل على إنذار مجمل .
ويجوز أن تكون الفاء للتفريع المعنوي فيكون فعل ( أنذرتكم ) مرادا به الحال وإنما صيغة في صيغة المضي لتقريب زمان الماضي من الحال كما في : قد قامت الصلاة وقولهم : عزمت عليكم إلا ما فعلت كذا أي أعزم عليك ومثل ما في صيغ العقود : كبعت وهو تعريف على جملة ( إن علينا للهدي ) والمعنى : هديكم فأنذرتكم إبلاغا في الهدى .
وتنكير ( نارا ) للتهويل وجملة ( تلظى ) نعت . وتطلى : تلتهب من شدة الاشتعال . وهو مشتق من اللظى مصدر : لظيت إذا التهبت وأصل ( تلظى ) تتلظى بتاءين حذفت إحداهما للاختصار .
وجملة ( لا يصلاها إلا الأشقى ) صفة ثانية أو حال من ( نارا ) بعد أن وصفت . وهذه نار خاصة أعدت للكافرين فهي التي في قوله ( فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين ) والقرينة على ذلك قوله ( وسيجنبها الأتقى ) الآية .
وذكر القرطبي أن أبا إسحاق الزجاج قال هذه الآية التي من أجلها قال أهل الإرجاء بالإرجاء فزعموا : أن لا يدخل النار إلا كافر وليس الأمر كما ضنوا : هذه نار موصوفة بعينها لا يصلى هذه النار إلا الذي كذب وتولى ولأهل النار منازل فمنها أن المنافقين في الدرك الأسفل من النار اه .
والمعنى : لا يصلاها إلا أنتم .
وقد أتبع ( الأشقى ) بصفة ( الذي كذب وتولى ) لزيادة التنصيص على أنهم المقصود بذلك فإنهم يعلمون أنهم كذبوا الرسول A وتولوا أي أعرضوا عن القرآن وقد انحصر ذلك الوصف فيهم يومئذ فقد كان الناس في زمن ظهور الإسلام أحد فريقين : إما كافر وإما مؤمن تقي ولم يكن الذين أسلموا يغشون الكبائر لأنهم أقبلوا على الإسلام بشراشرهم ولذلك عطف ( وسيجبنها الأتقى ) الخ تصريحا بمفهوم القصر وتكميلا للمقابلة .
والأشقى والأتقى مراد بهما : الشديد الشقاء والشديد التقوى ومثله كثير في الكلام .
وذكر القرطبي : أن مالكا قال : صلى بنا عمر بن عبد العزيز فقرأ ( والليل إذا يغشى ) فلما بلغ ( فأنذرتكم نارا تلظى ) وقع عليه البكاء فلم يقدر يتعداها من البكاء فتركها وقرأ سورة أخرى .
ووصف ( الأشقى ) بصلة ( الذي كذب وتولى ) ووصف ( الأتقى ) بصلة ( الذي يؤتي ماله يتزكى ) للإيذان بأن للصلة تسببا في الحكم .
وبين ( الأشقى ) و ( الأتقى ) محسن الجناس المضارع .
وجملة ( يتزكى ) حال من ضمير ( يؤتي ) وفائدة الحال التنبيه على أنه يوتي ماله بقصد النفع والزيادة من الثواب تعريضا بالمشركين اللذين يؤتون المال للفخر والرياء والمفسد والفجور .
والتزكي : تكلف الزكاء وهو النماء من الخير .
والمال : اسم جنس لما يختص به أحد الناس من أشياء ينتفع بذاتها أو بخراجها وغلتها مثل الأنعام والأرضيين والآبار الخاصة والأشجار المختص به أربابها .
ويطلق عند بعض العرب مثل أهل يثرب على النخيل .
وليس في إضافة اسم الجنس ما يفيد العموم فلا تدل الآية على أنه آتى جميع ماله .
A E