وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

قال في الكشاف " وفي هذا الإنكار والتعجيب وكلمة الظن ووصف اليوم بالعظيم وقيام الناس فيه لله خاضعين ووصف ذاته ب ( رب العالمين ) بيان بليغ لعظيم الذنب وتفاقم الإثم في التطفيف وفيما كان مثل حاله من الحيف وترك القيام بالقسط والعمل على السوية " اه .
ولما كان الحامل على التطفيف احتقارهم أهل الجلب من أهل البوادي فلا يقيمون لهم ما هو شعار العدل والمساواة كان التطفيف لذلك منبئا عن إثم احتقار الحقوق وذلك قد صار خلقا لهم حتى تخلقوا بمكابرة دعاة الحق وقد أشار إلى هذا التنويه به قوله تعالى ( والسماء رفعها ووضع الميزان أن لا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان ) وقوله حكاية عن شعيب ( وزنوا بالقسطاس المستقيم المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) .
( كلا ) إبطال وردع لما تضمنته جملة ( ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ) من التعجيب من فعلهم التطفيف والمعنى : كلا بل هم مبعوثون لذلك اليوم العظيم ولتلقي قضاء رب العالمين فهي جواب عما تقدم .
( إن كتب الفجار لفي سجين [ 7 ] وما أدراك ما سجين [ 8 ] كتب مرقوم [ 9 ] ) استئناف ابتدائي بمناسبة ذكر يوم القيامة . وهو تعريض بالتهديد للمطففين بأن يكون عملهم موجبا كتبه في كتاب الفجار .
و ( الفجار ) غلب على المشركين ومن عسى أن يكون متلبسا بالتطفيف بعد سماع النهي عنه من المسلمين الذي ربما كان بعضهم يفعله في الجاهلية .
والتعريف في ( الفجار ) للجنس مراد به الاستغراق أي جميع المشركين فيعم المطففين وغير المطففين فوصف الفجار هنا نظير ما في قوله ( أولئك هم الكفرة الفجرة ) .
وشمول عموم الفجار لجميع المشركين المطففين منهم وغير المطففين يعنى به أن المطففين منهم والمقصود الأول من هذا العموم لأن ذكر هذا الوصف والوعيد عليه عقب كلمة الردع عن أعمال المطففين قرينة على أن الوعيد موجه إليهم .
و ( الكتاب ) المكتوب أي الصحيفة وهو هنا يحتمل شيئا تحصى فيه والأعمال ويحتمل أن يكون كناية عن إحصاء أعمالهم وتوقيفهم عليها وكذلك يجري على الوجهين قوله ( كتاب مرقوم ) وتقدمت نظائره غير مرة .
و ( سجين ) حروف مادته من حروف العربية وصيغته من الصيغ العربية فهو لفظ عربي ومن زعم أنه معرب فقد أغرب . روى عن الأصمعي : أن العرب استعملوا سجين عوضا عن سلتين وسلتين كلمة غير عربية .
A E ونون ( سجين ) أصلية وليست مبدلة عن اللام وقد اختلف في معناه على أقوال أشهرها وأولاها أنه علم لواد في جهنم صيغ بزنة فعيل من مادة السجن للمبالغة مثل : الملك الضليل ورجل سكير وطعام حريف " شديد الحرافة وهي لذع اللسان " سمي ذلك المكان سجينا لأنه أشد الحبس لمن فيه فلا يفارقه وهذا الاسم من مصطلحات القرآن لا يعرف في كلام العرب من قبل ولكنه مادته وصيغته موضوعتان في العربية وضعا نوعيا . وقد سمع العرب هذا الاسم ولم يطعنوا في عربيته .
ومحمل قوله ( لفي سجين ) إن كان على ظاهر الظرفية كان المعنى أن كتب أعمال الفجار مودعة في مكان اسمه ( سجين ) أو وصفه ( سجين ) وذلك يؤذن بتحقيره أي تحقير ما احتوى عليه من أعمالهم المكتوبة فيه وعلى هذا حمله كثير من المتقدمين وروى الطبري بسنده حديثا مرفوعا يؤيد ذلك لكنه حديث منكر لاشتمال سنده على مجاهيل .
وإن حملت الظرفية في قوله ( لفي سجين ) على غير ظاهرها فجعل كتاب الفجار مظروفا في ( سجين ) مجاز عن جعل الأعمال المحصاة فيه في سجين وذلك كناية رمزية عن كون الفجار في سجين .
وجملة ( وما أدراك ما سجين ) معترضة بين جملة ( إن كتاب الفجار لفي سجين ) وجملة ( كتاب مرقوم ) وهو تهويل لأمر السجين تهويل تفظيع لحال الواقعين فيه وتقدم ( ما أدراك ) في سورة الانفطار .
وقوله ( كتاب مرقوم ) خبر عن ضمير محذوف يعود إلى ( كتاب الفجار ) . والتقدير هو أي كتاب الفجار كتاب مرقوم هذا من حذف المسند إليه الذي اتبع في حذفه استعمال العرب إذا تحدثوا عن شيء ثم أرادوا الإخبار عنه بخير جديد .
والمرقوم : المكتوب كتابة بينة تشبه الرقم في الثوب المنسوج .
وهذا الوصف يفيد تأكيد ما يفيده لفظ ( كتاب ) سواء كان اللفظ حقيقة أو مجازا