وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( قال يا قوم إني لكم نذير مبين [ 2 ] أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون [ 3 ] يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى [ 3 ] ) لم تعطف جملة ( قال يا قوم ) بالفاء التفريعية على جملة ( أرسلنا نوحا إلى قومه ) لأنها في معنى البيان لجملة ( أنذر قومك ) لدلالتها على أنه أنذر قومه بما أمره الله أن يقوله لهم وإنما أدمج فيه فعل قول نوح للدلالة على أنه أمر أن يقول فقال تنبيها على مبادرة نوح لإنذار قومه في حين بلوغ الوحي إليه من الله بأن ينذر قومه .
ولك أن تجعلها استئنافا بيانيا لجواب سؤال السامع أن يسأل ماذا فعل نوح حين أرسل الله إليه ( أن أنذر قومك ) وهما متقاربان .
وافتتاح دعوته قومه بالنداء لطلب إقبال أذهانهم ونداؤهم بعنوان : أنهم قومه تمهيد لقبول نصحه إذ لا يريد الرجل لقومه إلا ما يريد لنفسه . وتصدير دعوته بحرف التوكيد لأن المخاطبين يترددون في الخبر .
A E والنذير : المنذر غير جار على القياس وهو مثل بشير ومثل حكيم بمعنى محكم وأليم بمعنى مؤلم وسميع بمعنى مسمع في قول عمرو بن معد يكرب : .
" أمن ريحانة الداعي السميع وقد تقدم في أول سورة البقرة عند قوله ( ولم عذاب أليم ) . وحذف متعلق ( نذير ) لدلالة قوله ( أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون ) عليه . والتقدير : إني لكم نذير بعذاب أليم إن لم تعبدوا الله ولم تتقوه ولم تطيعوني .
والمبين : يجوز أن يكون من أبان المتعدي الذي مجرده بان أي موضح أو من أبان القاصر الذي هو مرادف بان المجرد أي نذير واضح لكم أني نذير لأني لا أجتني من دعوتكم فائدة من متاع لدنيا وإنما فائدة ذلك لكم وهذا مثل قوله في سورة الشعراء ( وما أسألكم عليه من أجر إن أجرس إلا على رب العامين فاتقوا الله وأطيعون ) .
وتقديم ( لكم ) على عامله وهو ( نذير ) للاهتمام بتقديم ما دلت عليه اللام من كون النذارة لفائدتهم لا لفائدته .
فجمع في صدر دعوته خمسة مؤكدات وهي : النداء وجعل المنادى لفظ ( يا قوم ) المضاف إلى ضميره وافتتاح كلامه بحرف التأكيد واجتلاب لام التعليل وتقديم مجرورها .
و ( أن ) في ( أن اعبدوا ) تفسيرية لأن وصف ( نذير ) فيه معنى القول دون حروفه وأمرهم بعبادة الله لأنهم أعرضوا عنها ونسوها بالتمحض لأصنامهم وكان قوم نوح مشركين كما دل عليه قوله تعالى في سورة يونس ( فأجمعوا أمركم وشركاءكم ) . وبذلك كان تمثيل حال المشركين من العرب بحال قوم نوح تمثيلا تاما .
واتقاء الله اتقاء غضبه فهذا من تعليق الحكم باسم الذات . والمراد : حال من أحوال الذات من باب ( حرمت عليكم الميتة ) أي أكلها أي بأن يعلموا أنه لا يرضى لعباده الكفر به . وطاعتهم لنوح هي امتثالهم لما دعاهم إليه من التوحيد وقد قال المفسرون : لم يكن في شريعة نوح إلا الدعوة إلى التوحيد فليس في شريعته أعمال تطلب الطاعة فيها لكن لم تخل شريعة إلهية من تحريم الفواحش مثل قتل الأنفس وسلب الأموال فقوله ( يغفر لكم من ذنوبكم ) ينصرف بادئ ذي بدء إلى ذنوب الإشراك اعتقادا وسجودا .
وجزم ( يغفر لكم من ذنوبكم ) في جواب الأوامر الثلاثة ( اعبدوا الله واتقوه وأطيعون ) أي إن تفعلوا ذلك يغفر الله لكم من ذنوبكم . وهذا وعد بخير الآخرة .
وحرف ( من ) زائد للتوكيد ) وهذا من زيادة ( من ) في الإيجاب على رأي كثير من أيمة النحو مثل الخفش وأبي علي الفارسي وابن جني من البصريين وهو قول الكسائي وجميع نحاة الكوفة . فيفيد أن الإيمان يجب ما قبله في شريعة نوح مثل شريعة الإسلام .
ويجوز أن تكون ( من ) للتبعيض عند من أثبت ذلك وهو اختيار التفتزاني أي يغفر لكم بعض ذنوبكم أي ذنوب الإشراك وما معه فيكون الإيمان في شرع نوح لا يقتضي مغفرة جميع الذنوب السابقة وليس يلزم تماثل الشرائع في جميع الأحكام الفرعية ومغفرة الذنوب من تفاريع الدين وليست من أصوله . وقال ابن عطية : معنى التبعيض : مغفرة الذنوب السابقة دون ما يذنبون من بعد . وهذا يتم ويحسن إذا قدرنا أن شريعة نوح تشمل على أوامر ومنهيات عملية فيكون ذكر ( من ) التبعيضية اقتصادا في الكلام بالقدر المحقق