وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وعلى الوجهين فالفتنة من إطلاق المصدر على اسم المفعول . وتقدم في قوله تعالى ( ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ) في سورة يونس .
واللام في ( للذين كفروا ) على الوجهين للملك أي مفتونين مسخرين لهم .
ويجوز عندي أن تكون ( فتنة ) مصدرا بمعنى اسم الفاعل أي لا تجعلنا فاتنين أي سبب فتنة للذين كفروا فيكون كتابة عن معنى لا تغلب الذين كفروا علينا واصرف عنا ما يكون به اختلال أمرنا وسوء الأحوال كيلا يكون شيء من ذلك فاتنا الذين كفروا أي مقويا فتنتهم فيفتتنوا في دينهم أي يزدادوا كفرا وهو فتنة في الدين أي فيظنوا أنا على الباطل وأنهم على الحق وقد تطلق الفتنة على ما يفضي إلى غور في الدين كما في قوله تعالى ( بل هي فتنة ) في سورة الزمر وقوله ( وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) في سورة الأنبياء .
A E واللام على هذا الوجه لام التبليغ وهذه معان جمة أفادتها الآية .
( واغفر لنا ربنا ) أعقبوا دعواتهم التي تعود إلى إصلاح دينهم في الحياة الدنيا بطلب ما يصلح أمورهم في الحياة الآخرة وما يوجب رضى الله عنهم في الدنيا فإن رضاه يفضي إلى عنايته بهم بتيسير أمورهم في الحياتين . وللإشعار بالمغايرة بين الدعوتين عطفت هذه الواو ولم تعطف التي قبلها .
( إنك أنت العزيز الحكيم [ 5 ] ) تعليل للدعوات كلها فإن التوكل والإنابة والمصير تناسب صفة ( العزيز ) إذ مثله يعامل نمثل ذلك وطلب أن لا يجعلهم فتنة باختلاف معانيه يناسب صفة ( الحكيم ) وكذلك طلب المغفرة لأنهم لما ابتهلوا إليه أن لا يجعلهم فتنة الكافرين وأن يغفر لهم رأوا أن حكمته تناسبها إجابة دعائهم لما فيه من صلاحهم وقد جاؤوا سائلينه .
( لقد كان لكم فيهم إسوة حسنة لمن يرجوا الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله الغني الحميد [ 6 ] ) تكرير قوله آنفا ( قد كانت لكم إسوة حسنة في إبراهيم ) الخ أعيد لتأكيد التحريض والحث على عدم إضاعة الائتساء بهم وليبنى عليه قوله ( لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر ) الخ .
وقرن هذا التأكيد بلام القسم مبالغة في التأكيد . وإنما لم تتصل بفعل ( كان ) تاء تأنيث مع أن اسمها مؤنث اللفظ لأن تأنيث أسوة غير حقيقي ولوقوع الفصل بين الفعل ومرفوعه بالجار والمجرور .
والإسوة هي التي تقدم ذكرها واختلاف القراء في همزتها في قوله ( قد كانت لكم إسوة حسنة ) .
وقوله ( لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر ) بدل من ضمير الخطاب في قوله ( لكم ) وهو شامل لجميع المخاطبين لأن المخاطبين بضمير ( لكم ) المؤمنون في قوله تعالى ( يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) فليس ذكر ( لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر ) تخصيصا لبعض المؤمنين ولكنه ذكر للتذكير بأن الإيمان بالله واليوم الآخر يقتضي تأسيهم بالمؤمنين السابقين وهم إبراهيم والذين معه .
وأعيد حرف الجر العامل في المبدل منه لتأكيد أن الإيمان يستلزم ذلك .
والقصد هو زيادة الحث على الائساء بإبراهيم ومن معه وليترتب عليه قوله ( ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد ) وهذا تحذير من العود لما نهو عنه .
ففعل ( يتول ) مضارع تولى فيجوز أن يكون ماضيه بمعنى إعراض أي من لا يرجو الله واليوم الآخر ويعرض عن نهي الله فإن الله غني عن امتثاله . ويجوز عندي أن يكون ماضيه من التولي بمعنى اتخاذ الولي أي من يتخذ عدو الله أولياء فإن الله غني عن ولايته كما في قوله تعالى ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) في سورة العقود .
وضمير الفصل في قوله ( هو الغني ) توكيد للحصر الذي أفاده تعريف الجزأين وهو حصر ادعائي لعدم الاعتداد بغنى غيره ولا بحمده أي هو الغني عن المتولين لأن النهي عما نهوا عنه إنما لفائدتهم لا يفيد الله شيئا فهو الغني عن كل شيء .
واتباع ( الغني ) بوصف ( الحميد ) تتميم أي الحميد لمن يمتثل أمره ولا يعرض عنه أو الحميد لمن لا يتخذ عدوه وليا على نحو قوله تعالى ( إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ) .
( عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم [ 7 ] )