وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فإهمالهم سلوك ذلك جعلهم سواء مع من لا عقول لهم فكانت هذه الحالة شقوة لهم حصلت منها سعادة للمسلمين .
وقد تقدم غير مرة أن إسناد الحكم إلى عنوان قوم يؤذن بأن ذلك الحكم كالجبلة المقومة للقومية وقد ذكرته آنفا .
( كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم [ 15 ] ) خبر مبتدأ محذوف دل عليه هذا الخبر فالتقدير : مثلهم كمثل الذين من قبلهم قريبا أي حال أهل الكتاب الموعود بنصر المنافقين كحال الذين من قبلهم قريبا .
والمراد : أن حالهم المركبة من التظاهر بالبأس مع إضمار الخوف من المسلمين ومن التفرق بينهم وبين إخوانهم من أهل الكتاب ومن خذلان المنافقين إياهم عند الحاجة ومن أنهم لا يقاتلون المسلمين إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر كجال الذين كانوا من قبلهم في زمن قريب وهم بنو النضير فإنهم أظهروا الاستعداد للحرب وأبوا الجلاء فلم يحاربوا إلا في قريتهم إذ حصنوها وقبعوا فيها حتى أعياهم الحصار فاضطروا إلى الجلاء ولم ينفعهم المنافقون ولا إخوانهم من أهل الكتاب .
وعن مجاهد أن ( الذين من قبلهم ) المشركون يوم بدر .
و ( من ) زائدة لتأكيد ارتباط الظرف بعامله .
وانتصب ( قريبا ) على الظرفية متعلقا بالكون المضمر في قوله ( كمثل ) أي كحال كائن قريب أو انتصب على الحال من ( الذين ) أي القوم القريب منهم كقوله ( وما قوم لوط منكم ببعيد ) .
والوبال أصله : وخامة المرعى المستلذ به للماشية يقال : كلأ وبيل إذا كان مرعى خضرا ( حلوا ) تهش إليه الإبل فيحبطها ويمرضها أو يقتلها فشبهوا في إقدامهم على حرب المسلمين مع الجهل بعاقبة تلك الحرب بإبل ترامت على مرعى وبيل فهلكت وأثبت الذوق على طريقة المكنية وتخييلها فكان ذكر ( ذاقوا ) مع ( وبال ) إشارة إلى هذه الاستعارة .
و ( أمرهم ) شأنهم وما دبروه وحسبوا له حسابه وذلك أنهم أوقعوا أنفسهم في الجلاء وترك الديار وما فيها أي ذاقوا سوء أعمالهم في الدنيا .
وضمير ( ولهم عذاب أليم ) عائد إلى ( الذين من قبلهم ) أي زيادة على ما ذاقوه من عذاب الدنيا بالجلاء وما فيه من مشقة على الانفس والأجساد لهم عذاب أليم في الآخرة على الكفر .
( كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين [ 16 ] فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين [ 17 ] ) هذا مثل آخر لممثل آخر وليس مثلا منضما إلى المثل الذي قبله لأنه لو كان ذلك لكان معطوفا عليه بالواو أو ب ( أو ) كقوله تعالى ( أو كصيب من السماء ) .
والوجه : أن هذا المثل متصل بقوله ( ولهم عذاب أليم ) كما يفصح عنه قوله في آخره ( فكان عاقبتهما أنهما في النار ) الآية أي مقلهم في تسبيبهم لأنفسهم عذاب الآخرة كمثل الشيطان إذ يوسوس للإنسان بأن يكفر ثم يتركه ويترأ منه فلا ينتفع أحدهما بصاحبه ويقعان معا في النار .
فجملة ( كمثل الشيطان ) حال من ضمير ( ولهم عذاب أليم ) أي في الآخرة .
والتعريف في ( الشيطان ) تعريف الجنس وكذلك تعريف ( الإنسان ) . والمراد به الإنسان الكافر .
A E ولم ترد في الآخرة حادثة معينة من وسوسة الشيطان لإنسان معين في الدنيا وكيف يكون ذلك والله تعالى يقول : ( فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين ) وهل يتكلم الشيطان مع الناس في الدنيا فإن ظاهرة قوله ( قال إني بريء منك ) أنه يقوله للإنسان وإما احتمال أن يقوله في نفسه فهو احتمال بعيد . فالحق : أن قول الشيطان هذا هو ما في آية ( وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتون من قبل ) في سورة إبراهيم .
وقد حكى ابن عباس وغيرهما من السلف في هذه الآية قصة راهب بحكاية مختلفة جعلت كأنها المراد من الإنسان في هذه الآية . ذكرها ابن جرير والقرطبي وضعف ابن عطية أسانيدها فلئن كانوا ذكروا القصة فإنما أرادوا أنها تصلح مثالا لما يقع من الشيطان للإنسان كما مال إليه ابن كثير