وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأحسب أن الفكر الذي أملى صيغة الظهار على أول من نطق بها كان مليئا بالغضب الذي يبعث على بذيء الكلام مثل قولهم : امصص بظر أمك في المشاتمة وهو أيضا قول زور لأنه كذب إذ لم يحرمها الله . وقد قال تعالى في سورة الأحزاب ( وما جعل زواجكم اللاء تظهرون مهن أمهاتكم ) .
وتأكيد الخبر ب ( إن ) واللام للاهتمام بأيقاظ الناس لشناعته إذ كانوا قد اعتادوه فنزلوا منزلة من يتردد في كونه منكرا أو زورا وفي هذا دلالة على أن الظهار لم يكن مشروعا في شرع قديم ولا في شريعة الإسلام وأنه شيء وضعه أهل الجاهلية كما نبه عليه عدة مع تكذيب أكاذيب الجاهلية في قوله تعالى ( ما جعل الله لرجلا من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللاء تظهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ) . وقد تقدم في سورة الأحزاب .
وبعد هذا التوبيخ عطف عليه جملة ( وإن الله لعفو ) كناية عن عدم مؤاخذتهم بما صدر منهم من الظهار قبل هذه الآية إذ كان عذرهم أن ذلك قول تابعوا فيه أسلافهم وجرى على ألسنتهم دون تفكر في مدلولاته . وأما بعد نزول هذه الآية فمذهب المالكية : أن حكم إيقاعه الحرمة كما صرح به ابن راشد القفصي في اللبلاب لقوله بعده ( وتلك حدود الله ) إن إيقاع الظهار معصيته ولكونه معصية فسر ابن عطية قوله تعالى ( وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا ) . وبذلك فسر القرطبي قوله تعالى ( وتلك حدود الله ) . وقال ابن الفرس : هو حرام لا يحل إيقاعه . ودل على تحريمه ثلاثة أشياء : أحدها : تكذيب الله تعالى من فعل ذلك .
A E الثاني : أنه سماه منكرا وزورا والزور الكذب وهو محرم بإجماع .
الثالث : إخباره تعالى عنه بأنه يعفو عمه ويغفر ولا يعفى ويغفر لا على المذنبين .
وأقوال فقهاء الحنفية تدل على أن الظهار معصية ولم يصفه أحد من المالكية ولا الحنفية بأنه كبيرة . ولا حجة في وصفه في الآية بزور لأن الكذب لا يكون كبيرة إلا إذا أفضى إلى مضرة .
وعد السبكي في جمع الجوامع الظهار من جملة الكبائر وسلمه المحلي . والكاتبون قالوا بأن الله سماه زورا والزور كبيرة فكون الظهار كبيرة قول الشافعية وفيه نظر فإنهم يعدوا الكذب على الإطلاق كبيرة . وإنما عدوا شهادة الزور كبيرة .
وأعقب ( لعفو ) بقوله ( غفور ) فقوله ( وإن الله لعفو غفور ) في معنى : إن الله عفا عنها وغفر لهم لأنه عفو غفور يغفر هذا وما هو أشد .
والعفو : الكثير العفو والعفو عدم المؤاخذة بالفعل أي عفو عن قولهم : الذي هو منكر وزور .
والغفور : الكثير الغفران والغفران الصفح عن فاعل فعل من شأنه أن يعاقبه عليه فذكر وصف ( غفور ) بعد وصف ( عفو ) تتميم لتمجيد الله إذ لا ذنب في المظاهرة حيث لم يسبق فيها نهي ومع ما فيه من مقابلة شيئين وهما ( منكرا ) و ( زورا ) بشيئين هما ( عفو غفور ) .
وتأكيد الخبر في قوله تعالى ( وإن الله لعفو غفور ) لمشاكلة تأكيد مقابله في قوله ( وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا ) .
وقوله ( وإن الله لعفو غفور ) يدل على أن المظاهرة بعد نزول هذه الآية منهي عنها وسنذكر ذلك .
وقد أومأ قوله تعالى ( وأن الله لغفور رحيم ) إلى أن مراد الله في هذا الحكم التوسعة عل الناس فعلمنا أن مقصد الشريعة الإسلامية أن تدور أحكام الظهار على محور التخفيف والتوسعة فعلى هذا الاعتبار يجب أن يجري الفقهاء فيما يفتون . ولذلك لا ينبغي أن تلاحظ فيه قاعدة الأخذ بالأحوط ولا قاعدة سد الذريعة بل يجب أن نسير وراء ما أضاء لنا قوله تعالى ( وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور ) .
وقد قال مالك في المدونة : لا يقبل المظاهر ولا يباشر ولا ينظر إلى صدر ولا إلى شعر وقال الباجي في المنتقى : فمن أصابنا من حمل ذلك على التحريم ومنهم من حمله على الكراهية لئلا يدعوه إلى الجماع . وبه قال الشافعي وعبد الملك .
قلت : وهذا هو الوجه لأن القرآن ذكر المسيس وهو حقيقة شرعية في الجماع . وقال ما لك لو تظاهر على أربع نسوة بلفظ واحد في مجلس واحد لم تجب عليه إلا كفارة واحدة عند مالك قولا واحدا . وعند أبي حنيفة والشافعي في أحد قوليهما .
والمقصود من هذه الآية إبطال تحريم المرأة التي يظاهر منها زوجها . وتحميق أهل الجاهلية الذين جعلوا الظهار محرما على المظاهر زوجه التي ظاهر منها