وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

قال القرطبي : " قال أبو بكر ابن الأنباري سأل المبرد بحضرة إسماعيل القاضي عن ألف مسألة من جملتها قيل له : ما الفرق بين قوله تعالى ( ولسليمان الريح عاصفة ) و ( جاءتها ريح عاصف ) وقوله ( أعجاز نخل خاوية ) و ( أعجاز نخل منقعر ) ؟ فقال كل ما ورد عليك من هذا الباب فإن شأت رددته إلى اللفظ تذكيرا أو إلى المعنى تأنيثا " اه .
وكلمة ( كأنهم أعجاز نخل منقعر ) في موضع الحال من ( الناس ) ووجه الوصف ب ( منقعر ) الإشارة إلى أن الريح صرعتهم صرعا تفلقت منه بطونهم وتطايرت أمعاؤهم وأفئدتهم فصاروا جثثا فرغى . وهذا تفضيع لحالهم ومثلة لهم لتخويف من يراهم .
( فكيف كان عذابي ونذر [ 21 ] ) تكرير لنظيره السابق عقب قصة قوم نوح لأن مقام التهويل والتهديد يقتضي تكرير ما يفيدهما . و ( كيف ) هنا استفهام على حالة العذاب وهي الحالة الموصوفة في قوله ( إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا ) إلى ( منقعر ) والاستفهام مستعمل في التعجيب .
( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر [ 22 ] ) تكرير لنظيره السابق في خبر قوم نوح .
( كذبت ثمود بالنذر [ 23 ] فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذن لفي ضلال وسعر [ 24 ] أألقي الذكر عليه من بيننا بلهو كذاب أشر [ 25 ] ) القول في موقع جملة ( كذبت ثمود بالنذر ) كالقول في موقع جملة ( كذبت عاد ) . وكذلك القول في إسناد حكم التكذيب إلى ثمود وهو اسم القبيلة معتبر في الغالب الكثير . فإن صالحا قد آمن به نفر قليل كما حكاه الله عنهم في سورة الأعراف .
وثمود : ممنوع من الصرف باعتبار العلمية والتأنيث المعنوي أي على تأويل الاسم بالقبيلة .
والنذر : جمع نذير الذي هو اسم مصدر أنذر أي كذبوا بالإنذارات التي أنذرهم الله بها على لسان رسوله . وليس النذر هنا بصالح لحمله على جمع النذير بمعنى المنذر لأن فعل التكذيب إذا تعدى إلى الشخص المنسوب إلى الكذب تعدى إلى اسمه بدون حرف قال تعالى ( فكذبوا رسلي ) وقال ( لما كذبوا الرسل ) وقال ( وإن يكذبوك ) وإذا تعدى إلى الكلام المكذب تعدى إليه بالباء قال ( وكذبتم به ) وقال ( وكذب به قومك ) وقال ( إن الذين كذبوا بآياتنا ) وقال ( كذبوا بآياتنا ) . وهذا بخلاف قوله ( كذبت ثمود المرسلين ) في سورة الشعراء .
والمعنى : أنهم كذبوا إنذارات رسولهم أي جحدوها ثم كذبوا رسولهم فلذلك فرع على جملة ( كذبت ثمود بالنذر ) قوله ( فقالوا أبشرا منا واحد نتبعه ) إلى قوله ( بل هو كذاب أشر ) ولو كان المراد بالنذر جمع النذير وأطلق على نذيرهم لكان وجه النظم أن تقع جملة ( فقالوا أبشرا ) إلى آخرها غير معطوفة بالفاء لأنها تكون حينئذ بيانا لجملة ( كذبت ثمود بالنذر ) .
والمعنى : أن صالحا جاءهم بالإنذارات فجحدوا بها وكانت شبهتهم في التكذيب ما أعرب عنه قولهم ( أبشرا منا واحدا نتبعه ) إلى آخره فهذا القول يقتضي كونه جوابا عن دعوة وإنذار وإنما فصل تكذيب ثمود وأجمل تكذيب عاد لقصد بيان المشابهة بين تكذيبهم ثمود وتكذيب قريش إذ تشابهت أقوالهم .
والقول في انتظام الجملة ( فقالوا أبشرا ) الخ بعد جملة ( كذبت قبلهم قوم نوح ) .
به صالحا وهذا قول قالوه لرسولهم لما أنذرهم بالنذر لأن قوله ( كذبت ) يومئذ بمخبر إذ التكذيب يقتضي وجود مخبر . وهو كلام شافهوا وهو الذي عنوه بقولهم ( أبشرا منا ) الخ . وعدلوا عن الخطاب إلى الغيبة .
وانتصب ( أبشرا ) على المفعولية ل ( نتبعه ) على طريقة الاشتغال وقد لاتصاله بهمزة الاستفهام لأن حقها التصدير واتصلت به دون أن تدخل على نتبع لأن محل الاستفهام الإنكاري هو كون البشر متبوعا لا اتباعه له ومثله ( أبشر يهدوننا ) وهذا من دقائق مواقع أدوات الاستفهام كما بين في علم المعاني .
والاستفهام هنا الإنكاري أنكروا أن يرسل الله إلى الناس بشرا مثلهم أي لو شاء الله لأرسل ملائكة .
A E ووصف ( بشرا ) ب ( واحدة ) : إما بمعنى أنه منفرد في دعوته لا أتباع له ولا نصراء أي ليس ممن يخشى أي بعكس قول أهل مدين ( ولو رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز ) .
وأما بمعنى أنه أن من جملة آحاد الناس أي ليس من أفضلنا .
وإما بمعنى أنه منفرد في ادعاء الرسالة لا سلف له فيها كقول أبي محجن الثقفي :