وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( لتدخلن المسجد الحرام ) إلى آخرها يجوز أن يكون بيانا لجملة ( صدق الله ) لأن معنى ( لتدخلن ) تحقيق دخول المسجد الحرام في المستقبل فيعلم منه أن الرؤيا إخبار بدخول لم يعين زمنه فهي صادقة فيما يتحقق في المستقبل . وهذا تنبيه للذين لم يتفطنوا لذلك فجزموا بأن رؤيا دخول المسجد تقتضي دخولهم إليه أيامئذ وما ذلك بمفهوم من الرؤيا وكان حقهم أن يعلموا أنها وعد لم يعين إبان موعوده وقد فهم ذلك أبو بكر إذ قال لهم : إن المنام لم يكن موقتا بوقت وأنه سيدخل . وقد جاء في سورة يوسف ( وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل ) .
A E وليست هذه الجملة بيانا للرؤيا لأن صيغة القسم لا تلائم ذلك .
والأحسن أن تكون جملة ( لتدخلن المسجد الحرام ) استئنافا بيانيا عن جملة ( صدق الله رسوله ) أي سيكون ذلك في المستقبل لا محالة فينبغي الوقف عند قوله ( بالحق ) ليظهر معنى الاستئناف .
وقوله ( إن شاء الله ) من شأنه أن يذيل به الخبر المستقبل إذا كان حصوله متراخيا ألا ترى أن الذي يقال له : افعل كذا فيقول : أفعل إن شاء الله لا يفهم من كلامه أنه يفعل في الحال أو في المستقبل القريب بل يفعله بعد زمن ولكن مع تحقيق أنه يفعله .
ولذلك تأولوا قوله تعالى في سورة يوسف ( وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) أن ( إن شاء الله ) للدخول مع تقدير الأمن لأنه قال ذلك حين قد دخلوا مصر . أما ما في هذه الآية فهو من كلام الله فلا يناسبه هذا المحمل . وليس المقصود منه التنصل من التزام الوعد وهذا من استعمالات كلمة ( إن شاء الله ) . فليس هو مثل استعمالها في اليمين فإنها حينئذ للثنيا لأنها في موضع قولهم : إلا أن يشاء الله لأن معنى : إلا أن يشاء الله : عدم الفعل وأما إن شاء الله التي تقع موقع : إلا أن يشاء الله فمعناه إن شاء الله الفعل . والموعود به صادق بدخولهم مكة بالعمرة سنة سبع وهي عمرة القضية فإنهم دخلوا المسجد الحرام آمنين وحلق بعضهم وقصر بعضهم غير خائفين إذ كان بينهم وبين المشركين عهد وذلك أقرب دخول بعد هذا الوعد وصادق بدخولهم المسجد الحرام عام حجة الوداع وعدم الخوف فيه أظهر . وأما دخولهم مكة يوم الفتح فلم يكونوا فيه محرمين . قال مالك في الموطأ بعد أن ساق حديث قتل ابن خطل يوم الفتح " ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ محرما والله أعلم " .
و ( محلقين رءوسكم ) حال من ضمير ( آمنين ) وعطف عليه ( ومقصرين ) والتحليق والتقصير كناية عن التمكن من إتمام الحج والعمرة وذلك من استمرار الأمن على أن هذه الحالة حكت ما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم في رؤياه أي يحلق من رام الحلق ويقصر من رام التقصير أي لا يعجلهم الخوف عن الحلق فيقتصروا على التقصير .
وجملة ( لا تخافون ) في موضع الحال فيجوز أن تكون مؤكدة ل ( آمنين ) تأكيدا بالمرادف للدلالة على أن الأمن كامل محقق ويجوز أن تكون حالا مؤسسة على أن ( آمنين ) معمول لفعل ( تدخلن ) وأن ( لا تخافون ) معمول ل ( آمنين ) أي آمنين أمن من لا يخاف أي لا تخافون غدرا . وذلك إيماء إلى أنهم يكونون أشد قوة من عدوهم الذي أمنهم وهذا يومئ إلى حكمة تأخير دخولهم مكة إلى عام قابل حيث يزدادون قوة واستعدادا وهو أظهر في دخولهم عام حجة الوداع .
والفاء في قوله ( فعلم ما لم تعلموا ) لتفريع الأخبار لا لتفريع المخبر به لأن علم الله سابق على دخولهم وعلى الرؤيا المؤذنة بدخولهم كما تقدم في قوله تعالى ( فعلم ما في قلوبهم ) .
وفي إيثار فعل ( جعل ) في هذا التركيب دون أن يقول : فتح لكم من دون ذلك فتحا قريبا أو نحوه إفادة أن هذا الفتح أمره عجيب ما كان ليحصل مثله لولا أن الله كونه وصيغة الماضي في ( جعل ) لتنزيل المستقبل المحقق منزلة الماضي أو لأن ( جعل ) بمعنى ( قدر ) . و ( دون ) هنا بمعنى ( غير ) و ( من ) ابتدائية أو بيانية . والمعنى : فجعل فتحا قريبا لكم زيادة على ما وعدكم من دخول مكة آمنين . وهذا الفتح أوله هو فتح خيبر الذي وقع قبل عمرة القضية وهذا القريب من وقت الصلح .
( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا [ 28 ] )