وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

أتبع ضرب المثل بحال عاد مع رسولهم بأن ذلك المثل ليس وحيدا في بابه فقد أهلك الله أقواما آخرين من مجاوريهم تماثل أحوالهم أحوال المشركين وذكرهم بأن قراهم قريبة منهم يعرفها من يعرفونها ويسمع عنها الذين لم يروها وهي قرى ثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة وسبأ وقوم تبع والجملة معطوفة على جملة ( واذكر أخا عاد ) الخ وكني عن إهلاك الأقوام بإهلاك قراهم مبالغة في استئصالهم لأنه إذا أهلكت القرية لم يبق أحد من أهلها كما كنى عنترة بشك الثياب عن شك الجسد في قوله : فشككت بالرمح الأصم ثيابه ومنه قوله تعالى ( وثيابك فطهر ) .
وتصريف الآيات تنويعها باعتبار ما تدل عليه من الغرض المقصود منها وهو الإقلاع عن الشرك وتكذيب الرسل وأصل معنى التصريف التغيير والتبديل لأنه مشتق من الصرف وهو الإبعاد . وكني به هنا عن التبيين والتوضيح لأن تعدد أنواع الأدلة يزيد المقصود وضوحا .
ومعنى تنويع الآيات أنها تارة تكون بالحجة والمجادلة النظرية وتارة بالتهديد على الفعل وأخرى بالوعيد ومرة بالتذكير بالنعم وشكرها . وجملة ( لعلهم يرجعون ) مستأنفة لإنشاء الترجي وموقعها موقع المفعول لأجله أي رجاء رجوعهم .
والرجوع هنا مجاز عن الإقلاع عما هم فيه من الشرك والعناد والرجاء من الله تعالى يستعمل مجازا في الطلب أي توسعة لهم وإمهالا ليتدبروا ويتعظوا . وهذا تعريض بمشركي أهل مكة فهم سواء في تكوين ضروب تصريف الآيات زيادة على ما صرف لهم من آيات إعجاز القرآن والكلام على ( لعل ) في كلام الله تقدم في أوائل البقرة .
( فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة بل ضلوا عنهم وذلك إفكهم وما كانوا يفترون [ 28 ] ) تفريع على ما تقدم من الموعظة بعذاب عاد المفصل وبعذاب أهل القرى المجمل فرع عليه توبيخ موجه إلى آلهتهم إذ قعدوا عن نصرهم وتخليصهم قدرة الله عليهم والمقصود توجيه التوبيخ إلى الأمم المهلكة على طريقة توجيه النهي ونحوه لغير المنهي ليجتنب المنهي أسباب المنهي عنه كقولهم لا أعرفنك تفعل كذا ولا أرينك هنا .
والمقصود بهذا التوبيخ تخطئة الأمم الذين اتخذوا الأصنام للنصر والدفع وذلك مستعمل تعريضا بالسامعين المماثلين لهم في عبادة آلهة من دون الله استتماما للموعظة والتوبيخ بطريق التنظير وقياس التمثيل ولذلك عقب بقوله ( بل ضلوا عنهم ) لأن التوبيخ آل الى معنى نفي النصر .
وحرف ( لولا ) إذا دخل على جملة فعلية كان أصله الدلالة على التحضيض أي تحضيض فاعل الفعل الذي بعد ( لولا ) على تحصيل ذلك الفعل فإذا كان الفاعل غير المخاطب بالكلام كانت ( لولا ) دالة على التوبيخ ونحو إذ لا طائل في تحضيض المخاطب على فعل غيره .
A E والإتيان بالموصول لما في الصلة من التنبيه على الخطأ والغلط في عبادتهم الأصنام فلم تغن عنهم شيئا كقول عبدة بن الطبيب : .
إن الذين ترونهم إخوانكم ... يشفي غليل صدورهم أن تصرعوا وعوملت الأصنام معاملة العقلاء بإطلاق جميع العقلاء عليهم جريا على الغالب في استعمال العرب كما تقدم غير مرة .
و ( قربانا ) مصدر بوزن غفران منصوب على المفعول لأجله حكاية لزعمهم المعروف المحكي في قوله تعالى ( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) . وهذا المصدر معترض بين ( اتخذوا ) ومفعوله و ( من دون الله ) يتعلق ب ( اتخذوا ) . و ( دون ) بمعنى المباعدة أي متجاوزين الله في اتخاذ الأصنام آلهة وهو حكاية لحالهم لزيادة تشويهها وتشنيعها .
و ( بل ) بمعنى لكن إضرابا واستدراكا بعد التوبيخ لأنه في معنى النفي أي ما نصرهم الذين اتخذوهم آلهة ولا قربوهم إلى الله ليدفع عنهم العذاب بل ضلوا عنهم أي بل غابوا عنهم وقت حلول العذاب بهم .
والضلال أصله : عدم الاهتداء للطريق واستعير لعدم النفع بالحضور استعارة تهكمية أي غابوا عنهم ولو حضروا لنصروهم وهذا نظير التهكم في قوله تعالى ( وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ) في سورة القصص .
وأما قوله ( وذلك إفكهم ) فهو فذلكة لجملة ( فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله ) الخ وقرينة على الاستعارة التهكمية في قوله ( ضلوا عنهم )