وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والكلام مقول قول محذوف تقديره : ويقال للذين كفروا يوم يعرضون على النار ( أذهبتهم طيباتكم ) ومناسبة ذكره هنا أنه تقرير لمعنى ( لا يظلمون ) أي لا يظلمون في جزاء الآخرة مع أننا أنعمنا عليهم في الدنيا ولو شئنا لعجلنا لهم الجزاء على كفرهم من الحياة الدنيا ولكن الله لم يحرمهم من النعمة في الحياة الدنيا فإن نعمة الكافر في الدنيا نعمة عند المحققين من المتكلمين . وعن الأشعري : أن الكافر غير منعم عليه في الدنيا وتؤول بأنه خلاف لفظي أي باعتبار أن عاقبتها سيئة . ونعمة الله في الدنيا معاملة بفضل الربوبية وجزاؤهم على أعمالهم في الآخرة معاملة بعدل الإلهية والحكمة .
وانتصب ( يوم يعرض ) على الظرفية لفعل القول المحذوف .
والعرض تقدم في قوله ( أولئك يعرضون على ربهم ) في سورة هود وقوله ( النار يعرضون عليها ) في سورة غافر وفي قوله ( وتراهم يعرضون عليها ) في سورة الشورى .
وإذهاب الطيبات مستعار لمفارقتها كما أن إذهاب المرء إبعاد له عن مكانه له . والذهاب : المبارحة .
والمعنى : استوفيتم ما لكم من الطيبات بما حصل لكم من نعيم الدنيا ومتعتها فلم تبق لكم طيبات بعدها لأنكم لم تعملوا لنوال طيبات الآخرة وهو إعذار لهم وتقرير لكونهم لا يظلمون فرتب عليه قوله ( فاليوم تجزون عذاب الهون ) .
فالفاء فصيحة . والتقدير : إن كان كذلك فاليوم لم يبق لكم إلا جزاء سيء أعمالكم وليست الفاء للتفريع ولا للتسبب . وليس في الآية ما يقتضي منع المسلم من تناول الطيبات في الدنيا إذا توخى حلالها وعمل بواجبه الديني فيما عدا ذلك وإن كان الزهد في الاعتناء بذلك أرفع درجة وهي درجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاصة من أصحابه .
وروى الحسن عن الأحنف بن قيس أنه سمع عمر بن الخطاب يقول : لأنا أعلم بخفض العيش ولو شئت لجعلت أكبادا وصلائق وصنابا وكراكر وأسنمة ولكني رأيت الله نعى على قوم فقال : ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها ) . وأنما أراد عمر بذلك الخشية من أن يشغله ذلك عن واجبه من تدبير أمور الأمة فيقع في التفريط ويؤاخذ عليه . وذكر ابن عطية : أن عمر حين دخل الشام قدم إليه خالد بن الوليد طعاما طيبا . فقال عمر : هذا لنا فما لفقراء المسلمين الذين ماتوا ولم يشبعوا من خبز الشعير ؟ فقال خالد : لهم الجنة فبكى عمر . وقال : لئن كان حظنا في المقام وذهبوا بالجنة لقد باينونا بونا بعيدا .
والهون : الهوان وهو الذل وإضافة ( عذاب ) إلى ( الهون ) مع إضافة الموصوف إلى الصفة .
والباء في قوله ( بما كنتم تستكبرون ) للسببية وهي متعلقة بفعل ( تجزون ) .
والمراد بالاستكبار الاستكبار على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى قبول التوحيد .
A E والفسوق : الخروج عن الدين وعن الحق وقد يأخذ المسلم بحظ من هذين الجرمين فيكون له حظ من جزائهما الذي لقيه الكافرون وذلك مبين في أحكام الدين .
والفسوق : هنا الشرك .
وقرأ الجمهور ( أذهبتم ) بهمزة واحدة على أنه خبر مستعمل في التوبيخ .
وقرأه ابن كثير ( أأذهبتم ) بهمزتين على الاستفهام التوبيخي .
( واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم [ 21 ] ) سيقت قصة هود وقومه مساق الموعظة للمشركين الذين كذبوا بالقرآن كما أخبر الله عنهم من أول هذه السورة في قوله ( والذين كفروا عما أنذروا معرضون ) مع ما أعقبت به من الحجج المتقدمة من قوله ( قل أرأيتم ما تدعون من دون الله ) الذي يقابله قول هود ( أن لا تعبدوا إلا الله ) ثم قوله ( قل ما كنت بدعا من الرسل ) الذي يقابله قوله ( وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ) ذلك كله بالموعظة بحال هود مع قومه . وسيقت أيضا مساق الحجة على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى عناد قومه بذكر مثال لحالهم مع رسولهم بحال عاد مع رسولهم . ولها أيضا موقع التسلية للرسول صلى الله عليه وسلم على ما تلقاه به قومه من العناد والبهتان لتكون موعظة وتسلية معا يأخذ كل منها ما يليق به