وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وتعريفهم بطريق الموصولية لما تؤذن به الصلة من تعليل كرامتهم عند الله لأنهم جمعوا حسن معاملتهم لربهم بتوحيده وخوفه وعبادته وهو ما دل عليه ( قالوا ربنا الله ) إلى حسن معاملتهم أنفسهم وهو معنى ( ثم استقاموا ) .
وجيء في صلة الموصول بفعل ( قالوا ) لإيجاز المقول وغنيته عن أن يقال : اعترفوا بالله وحده وأطاعوه . والمراد : أنهم قالوا ذلك واعتقدوا معناه إذ الشأن في الكلام الصدق وعملوا به لأن الشأن مطابقة العمل للاعتقاد .
( ثم ) للتراخي الرتبي : وهو الارتقاء والتدرج فإن مراعاة الاستقامة أشق من حصول الإيمان لاحتياجها إلى تكرر مراقبة النفس فأما الإيمان فالنظر يقتضيه واعتقاده يحصل دفعة لا يحتاج إلى تجديد ملاحظة . فهذا وجه التراخي الرتبي من جهة وإن كان الإيمان أرقى درجة من العمل من حيث إنه شرط في الاعتداد بالعمل ولذلك عطف ب ( ثم ) التي للتراخي في قوله تعالى ( وما أدراك ما العقبة فك رقبة ) إلى قوله ( ثم كان من الذين آمنوا ) فالاعتباران مختلفان باختلاف المقام المسوق فيه الكلام كما يظهر بالتأمل هنا وهناك وتقدم نظيره في سورة فصلت .
A E ودخول الفاء على خبر الموصول وهو ( فلا خوف عليهم ) لمعاملة الموصول معاملة الشرط كأنه قيل : إن قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ومثله كثير في القرآن فأفاد تسبب ذلك في أمنهم من الخوف والحزن .
و ( عليهم ) خبر عن خوف أي لا خوف يتمكن منهم ويصيبهم ويلحقهم .
وتقديم المسند إليه على المسند الفعلي في قوله ( ولا هم يحزنون ) لتخصيص المسند إليه بالخبر نحو : ما أنا قلت هذا أي أن الحزن منتف عنهم لا عن غيرهم والمراد بالغير : من لم يتصف بالإيمان والاستقامة في مراتب الكفر والعصيان فجنس الخوف ثابت لمن عداهم على مراتب توقع العقاب حتى في حالة الوجل من عدم قبول الشفاعة فيهم ومن توقع حرمانهم من نفحات الله تعالى .
واستحضارهم بطريق اسم الإشارة في قوله ( أولئك أصحاب الجنة ) للتنبيه على أنهم أحرياء بما يرد من الإخبار عنهم بما بعد الإشارة لأجل الأوصاف المذكورة قبل اسم الإشارة كما تقدم في قوله ( أولئك على هدى من ربهم ) في أول سورة البقرة .
( وأصحاب الجنة ) أدل على الاختصاص بالجنة من أن يقال : أولئك في الجنة وأولئك لهم الجنة لما في ( أصحاب ) من معنى الاختصاص وما في الإضافة أيضا .
وقوله ( جزاء بما كانوا يعملون ) تصريح بما استفيد من تعليل الصلة في الخبر ومن اقتضاء اسم الإشارة جدارتهم بما بعده وما أفاده وصف أصحاب وما أفادته الإضافة وهذا من تمام العناية بالتنويه بهم .
( ووصيننا الإنسان بوالديه حسنا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) تطلب بعض المفسرين وجه مناسبة وقوع هذه الآية عقب التي قبلها وذكر القرطبي عن القشيري أن وجه اتصال الكلام بعضه ببعض أن المقصود بيان أنه لا يبعد أن يستجيب بعض الناس للنبي صلى الله عليه وسلم ويكفر به بعضهم كما اختلف حال الناس مع الوالدين . وقال ابن عساكر : لما ذكر الله التوحيد والاستقامة عطف الوصية بالوالدين كما هو مقرون في غير ما أية من القرآن . وكلا هذين القولين غير مقنع في وجه الاتصال .
ووجه الاتصال عندي أن هذا الانتقال إلى قول آخر من أقوال المشركين وهو كلامهم في إنكار البعث وجدالهم فيه فإن ذلك من أصول كفرهم بمحل القصد من هذه الآيات قوله ( والذي قال لوالديه أف لكما ) إلى قوله ( خاسرين ) .
وصيغ هذا في أسلوب قصة جدال بين والدين مؤمنين وولد كافر وقصة جدال بين ولد مؤمن ووالدين كافرين لأن لذلك الأسلوب وقعا في أنفس السامعين مع ما روي إن ذلك إشارة إلى جدال جرى بين عبد الرحمان بن أبي بكر الصديق قبل إسلامه وبين والديه كما سيأتي . ولذلك تعين أن يكون ما قبله توطئة وتمهيدا لذكر هذا الجدال .
وقد روى الواحدي عن ابن عباس أن قوله ( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا ) إلى قوله ( يوعدون ) نزل في أبي بكر الصديق . وقال ابن عطية وغير واحد : نزلت في أبي بكر وأبيه " أبي قحافة " وأمه " أم الخير " أسلم أبواه جميعا