وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولم يكرر اسم الموصول في قوله ( وجعل لكم فيها سبلا ) لأن الصلتين تجتمعان في الجامع الخيالي إذ كلتاهما من أحوال الأرض فجعلهما كجعل واحد . وضمائر الخطاب الأحد عشر الواقعة في الآيات الأربع من قوله ( الذي جعل لكم الأرض مهادا ) إلى قوله ( مقرنين ) ليست من قبيل الالتفات بل هي جارية على مقتضى الظاهر .
A E والمهاد : اسم لشيء يمهد أي يوطأ ويسهل لما يحل فيه وتقدم في قوله ( لهم من جهنم مهاد ) في سورة الأعراف . ووجه الامتنان أنه جعل ظاهر الأرض منبسطا وذلك الانبساط لنفع البشر الساكنين عليها . وهذا لا ينافي أن جسم الأرض كروي كما هو ظاهر لأن كرويتها ليست منفعة للناس .
وقرأ عاصم ( مهدا ) بدون ألف بعد الهاء وهو مراد به المهاد .
والسبل : جمع سبيل وهو الطريق ويطلق السبيل على وسيلة الشيء كقوله ( يقولون هل إلى مرد من سبيل ) . ويصح إرادة المعنيين هنا لأن في الأرض طرقا يمكن سلوكها وهي السهول وسفوح الجبال وشعابها أي لم يجعل الأرض كلها جبالا فيعسر على الماشين سلوكها بل جعل فيها سبلا سهلة وجعل جبالا لحكمة أخرى ولأن الأرض صالحة لاتخاذ طرق مطروقة سابلة .
ومعنى جعل الله تلك الطرق بهذا المعنى : أنه جعل للناس معرفة السير في الأرض واتباع بعضهم آثار بعض حتى تتعبد الطرق لهم وتتسهل ويعلم السائر أي تلك السبل يوصله إلى مقصده .
وفي تيسير وسائل السير في الأرض لطف عظيم لأن به تيسير التجمع والتعارف واجتلاب المنافع والاستعانة على دفع الغوائل والأضرار والسير في الأرض قريبا أو بعيدا من أكبر مظاهر المدنية الإنسانية ولأن الله جعل في الأرض معايش الناس من النبات والثمر وورق الشجر والكمأة والفقع وهي وسائل العيش فهي سبل مجازية . وتقدم نظير هذه الآية في سورة طه .
والاهتداء : مطاوع هداه فاهتدى . والهداية حقيقتها : الدلالة على المكان المقصود ومنه سمي الدال على الطرائق هاديا وتطلق على تعريف الحقائق المطلوبة ومنه ( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ) . والمقصود هنا المعنى الثاني أي رجاء حصول علمكم بوحدانية الله وبما يجب له وتقدم في ( اهدنا الصراط المستقيم ) .
ومعنى الرجاء المستفاد من ( لعل ) استعارة تمثيلية تبعية مثل حال من كانت وسائل الشيء حاضرة لديه بحال من يرجى لحصول المتوسل إليه .
( والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون [ 11 ] ) انتقل من الاستدلال والامتنان بخلق الأرض إلى الاستدلال والامتنان بخلق وسائل العيش فيها وهو ماء المطر الذي به تنبت الأرض ما يصلح لاقتيات الناس .
وأعيد اسم الموصول للاهتمام بهذه الصلة اهتماما يجعلها مستقلة فلا يخطر حضورها بالبال عند حظور الصلتين اللتين قبلها فلا جامع بينها وبينهما في الجامع الخيالي . وتقدم الكلام على نظيره في سورة الرعد وغيرها فاعيد اسم الموصول لأن مصداقه هو فاعل جميعها .
والإنشاء : الإحياء كما في قوله ( ثم إذا شاء أنشره ) .
وعن ابن عباس أنه أنكر على من قرأ ( كيف ننشرها ) بفتح النون وضم الشين وتلا ( ثم إذا شاء أنشره ) فأصل الهمزة فيه للتعدية وفعله المجرد نشر بمعنى حيي يقال : نشر الميت برفع الميت قال الأعشى : .
حتى يقول الناس مما رأوا ... يا عجبا للميت الناشر وأصل النشر بسط ما كان مطويا وتفرعت من ذلك معاني الإعادة والانتشار .
والنشر هنا مجاز لأن الإحياء للأرض مجاز وزاده حسنا هنا أن يكون مقدمة لقوله ( كذلك تخرجون ) .
وضمير ( فأنشرنا ) التفات من الغيبة إلى التكلم . والميت ضد الحي .
ووصف البلدة به مجاز شائع قال تعالى ( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها ) .
وإنما وصفت البلدة وهي مؤنث بالميت وهو مذكر لكونه على زنة الوصف الذي أصله مصدر نحو : عدل وزور فحسن تجريده من علامة التأنيث على أن الموصوف مجازي التأنيث .
وجملة ( كذلك تخرجون ) معترضة بين المتعاطفين وهو استطراد بالاستدلال على ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من إثبات البعث بمناسبة الاستدلال على تفرد الله بالإلهية بدلائل في بعضها دلالة على إمكان البعث وإبطال إحالتهم إياه