وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وإنما جاء هذا الرد عليهم بأسلوب الخطاب للنبي A لأن ذلك أقوى في الاعتناء بتلقينه جواب تكذيبهم لأن المقام مقام تفظيع لبهتانهم وهذا وجه التخالف بين أسلوب هذه الآية وأسلوب قوله تعالى ( قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به ) لأن ذلك لم يكن مسوقا لإبطال كلام صدر منهم .
وجملة ( إنه عليم بذات الصدور ) تعليل لمجموع جملتي ( فإن يشإ الله ) إلى قوله ( بكلماته ) أي لأنه لا يخفى عليه افتراء مفتر ولا صدق محق . و ( ذات الصدور ) : النوايا والمقاصد التي يضمرها الناس في عقولهم . والصدور : العقول أطلق عليها الصدور على الاستعمال العربي وقد تقدم عند قوله تعالى ( إنه عليم بذات الصدور ) في سورة الأنفال .
( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما يفعلون [ 25 ] ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد [ 26 ] ) لما جرى وعيد الذين يحاجون في الله لتأييد باطلهم من قوله تعالى ( والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد ) . ثم اتبع بوصف سوء حالهم يوم الجزاء بقوله ( ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا ) وقوبل بوصف نعيم الذين آمنوا بقوله ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات ) وكان ذلك مظنة أن يكسر نفوس أهل العناد والضلالة أعقب بإعلامهم أن الله من شأنه قبول توبة من يتوب من عباده وعفوه بذلك عما سلف من سيئاتهم .
وهذا الإخبار تعريض بالتحريض على مبادرة التوبة ولذلك جيء فيه بالفعل المضارع الصالح للاستقبال . وهو أيضا بشارة للمؤمنين بأنه قبل توبتهم مما كانوا فيه من الشرك والجاهلية فإن الذي من شأنه أن يقبل التوبة في المستقبل يكون قد قبل توبة التائبين من قبل بدلالة لحن الخطاب أو فحواه وأن من شأنه الاستجابة للذين أمنوا وعملوا الصالحات من عباده . وكل ذلك جري على عادة القرآن في تعقيب الترهيب بالترغيب وعكسه . وهذا كله يتضمن وعدا للمؤمنين بقبول إيمانهم وللعصاة بقبول توبتهم .
فجملة : ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ) معطوفة على جملة ( وإن الظالمين لهم عذاب أليم ) وما اتصل بها مما تقدم ذكره وخاصة جملة : ( ويمح الله الباطل ) .
وابتناء الإخبار بهذه الجملة على أسلوب الجملة الاسمية لإفادتها ثبات حكمها ودوامه .
ومجيء المسند اسم موصول لإفادة اتصاف الله تعالى بمضمون صلته وأنها شأن من شؤون الله تعالى عرف به ثابت له لا يتخلف لأنه المناسب لحكمته وعظمة شأنه وغناه عن خلقه .
وإيثار جملة الصلة بصيغة المضارع لإفادة تجدد مضمونه وتكرره ليعلموا أن ذلك وعد لا يتخلف ولا يختلف .
وفعل ( قبل ) يتعدى ب ( من ) الابتدائية تارة كما في قوله ( وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم ) وقوله ( فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ) فيفيد معنى الأخذ للشيء المقبول صادرا من المأخوذ منه ويعدى ب ( عن ) فيفيد معنى مجاوزة الشيء المقبول أو انفصاله عن معطيه وباذله وهو أشد مبالغة في معنى الفعل من تعديته بحرف ( من ) لأن فيه كناية عن احتباس الشيء المبذول عند المبذول إليه بحيث لا يرد على باذله .
فحصلت في جملة ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ) أربع مبالغات : بناء الجملة على الاسمية وعلى الموصولية وعلى المضارعية وعلى تعدية فعل الصلة ب ( عن ) دون ( من ) .
والتوبة : الإقلاع عن فعل المعصية امتثالا لطاعة الله وتقدم الكلام عليها عند قوله تعالى ( فتلقى أدم من ربه كلمات فتاب عليه ) في سورة البقرة . وقبول التوبة منة من الله تعالى لأنه لو شاء لما رضي عن الذي اقترف الجريمة ولكنه جعلها مقبولة لحكمته وفضله .
وفي ذكر اسم العباد دون نحو : الناس أو التائبين أو غير ذلك إيماء إلى أن الله رفيق بعباده لمقام العبودية فإن الخالق والصانع يحب صلاح مصنوعه .
A E